`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
إميل ولسلى محارب
الحياة الشعبية بالألوان
-.. تاريخ الحضارة الإنسانية حافل بالشخصيات التى مرت بالحياة مرور الكرام. تركت بصمتها على الثقافة الإنسانية، ومضت فى هدوء دون أن تدق لها الأجراس أو تعقد لها حفلات التأبين، القلة النادرة قد يسعفها الحظ بأن يكتشفها مؤرخ باحث ينفض الغبار عن مسيرتها ويضعها فى مكانها على صفحات التاريخ..
- نذكر فى هذا السياق مثلين: الأول هولندى من بناة عصر الرينسانس `النهضة` هو الرسام الملون: هارمنز رامبرانت (1506-1569). رحل عن دنيانا فى صمت محاط بكل أمارات الإنكار، ثم مر قرن من الزمان حتى ظهر ناقد مؤرخ ألقى ضوءا ساطعا على أعمال هذا العبقرى صاحب أسلوب الإضاءة فى الظلام، وأصبحت متاحف العالم الكبرى تفخر بأن بين مقتنياتها لوحة من إبداع هذا الهولندى الذى تعتبر أعماله نقطة تحول فى تاريخ فن الرسم والتلوين، أما المثل الثانى فعربى تزهو به الحضارة الإسلامية هو: يحيى بن محمود بن يحيى الواسطى المولود فى مدينة واسط بالقرب من البصرة بالعراق، مبدع اللوحات التسع والتسعين التى رسمها ولونها لمقامات الحريرى سنه 1237م، واضعا بها أسس الأسلوب وأبعاده التعبيرية فى الإبداع التصويرى، قبل ظهوره فى فرنسا بسبعة قرون، وقبل بداية عصر الرينسانس `النهضة` بقرن كامل من الزمان، لقد غفل العالم العربى عن اكتشاف هذا العبقرى، إلى أن أزاح الفرنسيون عنه الستار سنه 1938، وأرسلوا للدول العربية يدعونها إلى احتفالية كبرى بباريس، تحية وإجلالا لهذا الفنان العربى، الذى أصبح علما على طريق الحضارة الإنسانية.
- إميل محارب.. رسام ملون يعتبر بدوره معلما فى مسيرة الحركة التشكيلية المصرية المعاصرة، بعد حصوله على الثانوية العامة من القسم العلمى فى سن السابعة عشرة، رفض الالتحاق بأى من كليات الجامعة حتى كلية الطب أسوة بشقيقه الأكبر رشدى، الذى أصبح من أبرز أطباء الأمراض الجلدية فيما بعد، ومن العازفين المعروفين على آلة الكمان، أصر على الالتحاق بمدرسة الفنون الجميلة العليا سنه 1941، وقضى سنواتها الخمس فنانا عاشقا للرسم والتلوين وعازفا على آلة العود التى لم تفارقه يوما.
- فى حياته، جنبا إلى جنب مع الأقلام والأحبار والألوان والفراجين، اختار قسم الرسم والتلوين ولم يكن عدد طلبته فى الصف الأول يزيد على الثمانية، وكان طلاب المدرسة بأقسامها الخمسة: العمارة والنحت والتصوير والحفر والزخرفة، يناهزون المائة تقريبا جميعهم من الذكور.
- عاصر خلال سنوات الدراسة الخمس، كبار الرواد الأوائل بناة الحكومة التشكيلية الحديثة فى مصر، يوسف كامل (1891-1971) مصور الفلاحين ومؤسس مذهب الانطباعية المصرية، وأحمد صبرى (1889-1955) مصور الوجوه والزهور الأكاديمية الكلاسيكية الفائز بالجائزة الأولى والميدالية الذهبية فى صالون باريس فى فترة ما بين الحربين، وراغب عياد (1893-1982) صاحب الأسلوب التعبيرى المصرى المستلهم من الحياة الشعبية.. ومن جداريات الرسوم الفرعونية فى مصر القديمة، وديران جرابديان (1882-1963) الأرمنى الجنسية المصرى المولد والحياة والوفاة، صاحب نظرية التلوين فيما بعد الانطباعية `استكمالا للطريق الذى بدأه الفرنسى: بول سيزان (1839-1906) ومحمد ناجى (1888-1956) ومحمود سعيد (1897-1964).. إلى اخر جيل العمالقة فنان الآنية: سعيد الصدر (1909-1986) والرسام الملون الطبيعى: عبد العزيز درويش (1920-1982) الذى كانت لوحاته تطويرا للسيزانية والجرابديانية وكان طالبا فى مدرسة الفنون الجميلة فى نفس الوقت الذى كان فيه إميل محارب يبدأ مشواره فيها، هكذا عاصر الفنان الراحل جيل الكبار، مصداقا للمقولة الإنجليزية: كن عظيما وعش مع العظماء.
- لو أننا أمعنا النظر فى روائع أميل محارب فى السنوات الخمس الأخيرة قبل نزوحه إلى كندا قبيل رحيله عن دنيانا، لاحظنا لكل من هؤلاء الرواد العمالقة دورا من قريب أو بعيد، فى تشكيل شخصيته الفنية المتفردة، كان يتأمل بعمق مظاهر الحياة التى يمر بها فى الطريق العام: فى الشارع فى عربات الترام.. وسيارات الاتوبيس، فتنطبع الصور والحركات والعلاقات ذات المضمون الإنسانى فى ذاكرته الشاغرة المثقفة، التى تكمل الصور بالمعانى والأحاسيس الجياشة، المضطرمة فى صدر الفنان الإنسانى النزعة، ليس بالضرورة أن يسقط ما انطبع فى ذاكرته على أوراقه أو قماشه بمجرد عودته إلى مرسمه، الذى خصصت له زوجته إحدى حجرات المنزل، قد تطفو تلك الصور على ذاكرته بعد أيام أو شهور أو سنين، يجمع فى ذلك بين قدرات الكاتب القاص أو الشاعر الذى يضيف أو يختزل ليصل فى النهاية إلى ما يريد أن يقوله هو، تعبيرا عن نفسه وعن موقفه من الحياة.. يكاد يرى اللوحة مرسومة على قماشه قبل أن يخط بفرشاته لونا واحدا، ينكب عليها يرسمها كأنه يراها، لا يستخدم النماذج الحية (الموديلات) أو الصور الفوتوغرافية، بل يصور من الذاكرة على القماش رأسا، شأنه ذلك شأن مايكل انجلو بورناروتى (1475-1564) فنان عصر الرينسانس العبقرى، الذى طالما ردد أنه يرى بخياله تماثيله وكأنها سجينه كتل الرخام الضخمة، وما عليه إلا أن يحررها ويطلق سراحها، وهكذا كان إميل محارب يرى موضوعاته وشخوصه تفترش قماش لوحاته فى تكويناتها الراسخة، وعلاقتها الإنسانية ولفتاتها وسكناتها وحركات الأيدى والأرجل ونظرات العيون وإيماءات الرؤوس وتعبيرات الوجوه.. وطيات الملابس والبيئة المحيطة، والتكوين كله بما فيه من خلفية وأمامية، يستغرقه الرسم والتلوين والإبداع، فلا يشعر بما يدور حوله، ويمضى بين شخوصه التى يصورها من أطفال ونساء ورجال وحيوانات وزهور وأشجار ونخيل.
- كان إميل محارب يتمتع بقدرة نادرة تمكنه من تصوير الطبيعة بكل تفاصيلها ودقائقها وهو بين جدران مرسمه، لقد عرف أسس الرسم والتلوين كما يعرف الموسيقى مفرداته ومفاتيح أدواته، فتخرج أنغامه فى بساطة وعفوية، وحين تتوهج موهبة الفنان ويتمكن من أدواته إلى هذه الدرجة، يتجسد التعبير الفنى ويتحول اللامرئى إلى مرئى وتدب فيه الحياة، لقد تطور أسلوب أميل محارب طبيعيا ومنطقيا منذ اللحظة الأولى التى وطأت فيها قدماه عتبة قسم الرسم والتلوين بمدرسة الفنون الجميلة العليا، حتى وصل إلى منتهاه فى المعرض الذى شاهدناه فى قاعة اتيلية القاهرة فى شهر مارس سنة 1998.
- ولد إميل محارب بمدينة أسيوط فى صعيد مصر فى 24 نوفمبر 1924، ورحل عن دنيانا فى مدينة أدمنتون عاصمة ولاية ألبرتا بكندا فى الثانى من أغسطس سنة 1995، تخرج فى مدرسة الفنون الجميلة العليا سنة 1946 بترتيب الأول مع درجة الشرف، وتخرج فى معهد التربية للمعلمين سنه 1948 وكان ترتيبه الأول بامتياز - دراسات فوق جامعية لمدة عامين، كان يلتحق بها خريجو مدرستى الفنون الجميلة والتطبيقية لتأهليلهم تربويا، هكذا بدأ حياته العملية مدرسا بوزارة المعارف العمومية، وتقلب فى وظائفها حتى استقال فى ديسمبر 1979 حين بلغ الخامسة والخمسين من عمره ليتفرغ للرسم والتلوين، ومن الغريب أنه لم يقم عرضا شخصيا واحدا لإبداعه طوال حياته، مكتفيا بإسهامه فى الحركة التشكيلية بلوحة أو اثنين فى المعارض الجماعية، التى تنظمها الدولة أو الجمعيات الفنية، الأمر الذى ابتعد به عن الأضواء وأقلام النقاد، خاصة وان الحركة النقدية كانت مازالت تحبو، ولم تكن الصحف والمجلات تحفل بمتابعتها، كان الفن بالنسبة لوسائل الإعلام قاصرا على السينما بنوع خاص والمسرح أحيانا، إضافة إلى أن إميل محارب كان شديد التواضع، يكاد يخفى ما يضطرم بين جوانحه من إعصار إبداعى يتبلور فى لوحاته المثيرة، التى تستمد جاذبيتها وتأثيرها من فرط الصدق وقوة التعبير والقدرة غير المحدودة على استخدام الألوان الزيتية والمائية والأكريليك، وصياغة منظوماتها التى تراوغ عيون المتلقى وتشعره بالحيوية والحركة الكامنة.
- وهب إميل حياته لتحويل الألوان إلى أنغام والسكون إلى حركة والتغنى بالقيم الإنسانية التى تحلّى بها الشعب المصرى وعاشت معه آلاف السنين عثر على هذه القيم بين تجمعاته فى الطريق والأسواق ووسائل المواصلات والموالد والمناسبات التقليدية، إن الدرجات اللونية الرهيفة التى تتجاور فى دقة ورشاقة وبراعة، ليست سوى تصوير للهمسات الموسيقية التى كانت تصدر عن ريشة وهو يعزف التقاسيم المرتجلة على عوده، الذى كان يفزع إليه كلما حاصرته سخافات التخلف الاجتماعى، كان رقيقا مرهف الحس مستعد للتنازل فى ترفع فى مواجهة الإسفاف والجهالة.
- لم ينقطع إميل محارب فى أثناء عمله كمدرس عن الاشتراك السنوى المنتظم فى معرض خريجى كلية الفنون الجميلة، حتى أعير للعمل فى السودان سنة 1953، أقام فى بيئة مختلفة مثيرة بطبيعتها الاستوائية، ومواطنيها ذوى اللون الأسمر والملابس البيضاء الفضفاضة، والتربة بألوانها الفريدة - والأضواء المبهرة والشمس الساطعة، كان كل ذلك مسرحا لإبداع غزير خلال السنوات الخمس التى قضاها بعيدا عن مصر.. ترك الكثير من لوحاته فى السودان، لأن التعبير عن مشاعره وانفعالاته وأفكارة بالخطوط والمنظومات اللونية كان هدفه الأول والأخير، يذكرنا هذا السلوك بما كان يفعله العبقرى الفرنسى بول سيزان (1839-1906) حين كان يمضى بألوانه وفراجينه إلى المروج، ليرسمها فى لوحاته أصبحت تتباهى متاحف العالم باقتناء إحداها، إلا أنه كان يترك بعضها فى الخلاء ويعود أدراجه، ليلتقطها الفلاحون ويستخدمونها فى سد الفراغات بدل الزجاج فى نوافذهم المكسورة.
- توزعت موضوعات إميل فى السودان بين صور الوجوه (البورتريهات) وتجمعات المواطنين فى المقاهى والأسواق، وتكوينات الطبيعة الصامتة من أدوات الاستخدام اليومى ذات الطابع المحلى، كما أسهم فى الرسومات الصحفية للمجلات السودانية، وكثيرا ما كان يرسل بعضها إلى القاهرة لتنشر على أغلفة مجلة (صباح الخير). امتد هذا النشاط الصحفى بعد عودته إلى عدة مجلات وصحف قاهرية، مع المواظبة على الاشتراك فى المعارض الجماعية المحلية.
- لا يذكر أميل محارب من أصبح الرسم والتلوين من ممارسته اليومية كالطعام والشراب، رافقه حب الفن طوال سنوات التعليم الابتدائى والثانوى بالرغم من انه لم يشترك فى جماعات الرسم التى كان ينظمها المدرسون، بسبب عزوفه عن رسم الأوانى التى كانوا يضعونها امام تلاميذهم ليرسموها فوق أو تحت مستوى النظر، وما إلى ذلك من أوضاع بعيدة عن الابتكار والخيال، كان يعبر عن مشاعره وأحاسيسه الطفلة بتخطيطات حرة على هوامش الكتب المدرسية والكراسات والأوراق البيضاء أينما صادفها، وكثيرا ما انسحب هذا النشاط إلى جدران البيت متمثلا فى أشكال الوجوه والأشخاص والأشجار والحيوانات، مما كان يثير غضب الأسرة..
- ما كاد ينتظم بمدرسة الفنون الجميلة، حتى بدأت تتبلور شخصيته كفنان، وحين أصرت الأسرة على ان يلتحق بكلية التجارة، استجاب لبعض الوقت حتى فصل لتكرار الغياب، وما زال يخوض فى بحر الإبداع عاما بعد عام، حتى اشترك مع ثلاثة من زملائه فى استئجار مرسم، ليتفرغ للرسم والتلوين والإسهام فى المعارض الجماعية، وتطوير أسلوبه الإبداعى بعيدا عن التعاليم المدرسية، كانت باكورة جوائزه على لوحة `عازف الربابة` فى إحدى المسابقات التى كانت تنظمها السيدة هدى شعراوى: راعية الفن والفنانين فى ذلك الحين، واختياره لشخصية المطرب الشعبى الذى يروى حكايات أبى زيد الهلالى إنما ينم عن التوجه إلى أعماق الحياة المصرية فى القرى والأحياء البلدية.
- وفى عام 1967 نقل إميل محارب الى متحف التعليم فى مبناه الجديد بديوان الوزارة، حيث بدأ عمله كرسام ملون، وهى وظيفة فريدة فى نوعها، كانت السنوات التى قضاها هناك من أخصب مراحل حياته إنتاجا، كان عمله هو فنه وهوايته ورسالة حياته، الأمر الذى يذكرنا بفنانى عصر الرينسانس الذين اتفقت رغباتهم مع رغبات البابوات والملوك والأمراء والسادة، فجاءت أعمالهم فى الكنائس والقصور آيات من الإبداع مازال العالم يقف أمامها مبهورا - كلوحة العشاء الأخير لعبقرى العصر: ليونارد دافنشى (1452-1519) وتصاوير سقف كابيلا ستينا لمواطنه العظيم: ميكلانجلو بوناروتى (1475-1564) لا يظن إنسان عاقل أن أحد هذين العبقريين قد صور روائعه من أجل أى مبلغ من المال، هكذا كان إميل محارب يقضى الوقت فى متحف التعليم رساما ملونا معبرا عن الحياة الثقافية فى التراث العربى الإسلامى، عاكفا على عمله بلا كلل ولا ملل حتى ينصرف الموظفون، فيبقى هو مع لوحاته وشخوصه التى تكاد تتحرك على أديمها لتبعث قصص التاريخ إلى الحياة.
- من يتردد على متحف التعليم بالقاهرة تستقبله لوحة عملاقة تتسع إلى ثلاثة أمتار مربعة، تعيد إلى الأذهان صورة سوق عكاظ فى العصر الجاهلى، حيث كان البيع والشراء ومباريات الشعراء ومناظرات الخطباء وكل مظاهر الحياة الثقافية العربية فى ذلك الزمان الغابر، صور اميل ذلك العالم فى تكوينات مبتكرة وحركات معبرة، ومنظومات لونية تكمل المعانى والمضامين، مستندا الى ثقافته العريضة المستقاة من أمهات كتب التراث، ومن إتقانه للغة الإنجليزية وإلمامه الواسع بالفلسفة وعلم النفس والعلوم الإنسانية بوجه عام، ومن رحلاته السنوية إلى معظم بلدان أوروبا والولايات المتحدة وكندا، حيث زار كبريات متاحف العالم، وشاهد وتأمل الروائع الأصلية للرسامين الملونين عبر التاريخ، نستطيع أن نلمس عمق ثقافته وكثافة خبراته فى ثنايا خطوطه وألوانه ونظرات شخوصه وإيماءات رؤوسها وحركاتها وإشارات الأيدى وأوضاع الأجسام والتكوين المعمارى الراسخ، يستطيع الذواقة ان يجد ثمة علاقة بين التكوين التشكيلى فى لوحة سوق عكاظ وبين التأليف الموسيقى الذى تحدث عنه المفكر الروسى: فاسيلى كاندينسكى فى كتاب الروحانية فى الفن سنة 1911، يؤكد هذا المنحنى شغفه بالعزف على العود، والتقاسيم التى كان يرتجلها كلما خلا إلى نفسه، كأن يستلقى على الشاطئ بعد مشوار من السباحة فى بحر الخطوط والألوان والملامس، أربعون لوحة أبدعها خلال فترتى عمله بمتحف التعليم - قبل وبعد الإعارة إلى نيجيريا - تتضمن أعمالا صرحية أخرى بينهما لوحة تصوير أنشطة التعليم العام، وثالثة عن التعليم الصناعى، ورابعة عن جابر بن حيان مع تلاميذه يلقى درسا فى الكيمياء، إلى جانب العديد من البورتريهات التى تصور وجوه ائمة الشخصيات الثقافية العربية والإسلامية.
- يقول إميل محارب فى مذكراته إنه اكتشف أن تارخ تطور العملية التعليمية فى مختلف العصور منذ القدم، مصدر إلهام وإثارة وجاذبية، ساعده على تجسيد هذا التطور التاريخى، مخزونه المعرفى فى شتى الميادين العلمية والأدبية، لوحات زيتية ما زالت تتوزع جدران متحف التعليم، وصل فيها إلى قمم استطيقية ومداخل تعبيرية ما أحراها أن تضاف إلى مقتنيات متحف الفن المصرى الحديث، جنبا إلى جنب مع روائع: محمد ناجى ومحمود سعيد وحسن محمد حسن وعبد العزيز درويش الذى تكسو جدارياته حوائط مبنى مجمع المحاكم فى شارع الجلاء بالقاهرة.
- أربع سنوات كاملة غابها إميل محارب عن متحف التعليم، حين أعير سنة 1969 للعمل بتدريس الرسم فى نيجيريا، كانت البيئة الأفريقية التى نزح إليها، ينبوع إلهام متجدد بما تحفل به من مشاهد الطبيعة البكر، والحياة الاجتماعية الغربية، والملابس الوطنية وشخصية الشعب النيجيرى نساء ورجالا وأطفالا والملامح المميزة للناس والحيوانات والطيور والأشجار، لم يكن هناك ما يشغله طوال وقت الفراغ سوى الرسم والتلوين والتعبير عن الانبهار بالحياة الجديدة، خاصة وقد ترك زوجته وطفليه بالقاهرة، وحين عاد إلى أرض الوطن سنة 1973 لم يقم عرضا لحصاد إبداعه فى أواسط أفريقيا، مكتفيا بمتابعة الإسهام فى المعارض الجماعية خاصة معرض الطبيعة والتراث، مع مواصلة عمله فى متحف التعليم إلى أن قدّم استقالته سنة 1979، ليتفرغ للإبداع الفنى.
- تواتر إنتاجه بعد اتخاذه مرسما مستقلا سنة 1986، إلا أن المرض الخبيث أمسك بتلابيبه بعد عامين ولم يفلته رغم صراعه وإصراره على مواصلة الإبداع بعد هجرته إلى كندا سنة 1994، حيث فارق دنيانا بعد عام واحد تاركا تراثا معاصرا لا مثيل له بين إبداع فنانينا.
بقلم : مختار العطار
مجلة : إبداع (العدد 4) إبريل 1999
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث