حسن أحمد الأعصر
حسن الأعصر : التشكيل الإسلامى مصدر إلهام لا ينضب
- تأثر الفنان التشكيلى حسن الأعصر أحد رواد التصوير الجدارى بالشكل الجمالى للحروف العربية وما بها من حركة ديناميكية تساعد فى إعادة تشكيلها كعنصر فنى ذى جماليات خاصة ، منذ بعثته إلى إيطاليا فى السبعينيات من القرن الماضى .
- وقال إن الفنان المعاصر حينما يتأثر بالتراث وخصوصاً التراث الإسلامى يدخل مرحلة أساسية من دراسة السمات المختلفة للفن الإسلامى بشكل موضوعى ، ثم يبدأ تأمل تلك السمات والخصائص ويستوعبها جيداً حتى يخرج شكلاً مختلفاً كل الاختلاف عن الموتيفات الإسلامية ، ولا يقع فى حيز تكرار أو إعادة تصوير الفن الإسلامى بشكله الظاهرى .
الفن الإسلامى
- وأكد أنه استفاد كثيراً من الفن الإسلامى واستطاع أن ينتج أعمالاً تمزج وتستلهم الفنون الإسلامية والقبطية والمصرية القديمة معاً ، موضحاً أن الفن الإسلامى خاصة مهما عكفت على دراسته فستجد فيه كل يوم جديداً .
- وأضاف أن الكتابات والحروف العربية تم توظيفها فى تشكيلات رائعة الجمال من قبل الفنان المسلم وأثناء وجوده فى إيطاليا منذ عام 1970 بدأ العمل على تلك الرموز الخاصة بالخط العربى ، وأبدع أعمالاً كثيرة فى التصوير والحفر ولقيت الاستحسان الكبير من الفنانين والجمهور الإيطالى .
وأوضح أنه إذا كان قد بدأ الاستفادة من الفن الإسلامى ، والتجريب على تشكيلات من الحروف العربية ، فلم يكن فى مخيلته البحث عن معنى مقروء لتلك الحروف ، وأنما باعتبارها موتيفات فى شكل تجريدى بتنغيمات وألوان مختلفة ، ولكنها قريبة من ألوان التراث الإسلامى ، وربما هذا ما جعل الإيطاليين يتمعنون فى تلك الأشكال الموجودة فى أعماله الفنية المستمدة من الحرف العربى ، خاصة أن هناك فنانا إيطاليا شهيرا اسمه ` كابو جروسى ` استخدم أشكالاً قريبة من الموتيفات الإسلامية ، وقام بتجربة تشكيلية كاملة عليها بعد إعادة تشكيلها وتنظيمها ، ووضع القيم الرياضية على تلك الأعمال فلقى إبداعه من التقدير والإعجاب ، ولذلك عندما شاهدوا أعماله القائمة على البناء الجمالى للحرف العربى ، وجدوا رؤية تشكيلية مختلفة فى أعمال تجريدية تستلهم نفس التراث الإسلامى ، فى تكوينات مغايرة .
- وقال أنه ما زال يتذكر كتالوج هذا المعرض الذى حوى عدداً من أعمال الحفر اليدوى ، والتى جعلت الكثير من الجمهور الإيطالى يهتم أن يوقع لهم على الكتالوج ، وهى واقعة لا تكرر كثيراً ، وهذا يدل على إعجابهم بتلك الأعمال .
- وأشار إلى أن الفن الإسلامى من الفنون الناضجة ، وكل أعماله تعتبر من الفنون التجريدية بشكل له طابعه الخاص ، الذى يخدم الجانب الفكرى والدينى للعقيدة الإسلامية ، وأن الفن الإسلامى له فلسفته التى قامت على عدم التشخيص أو عدم الأخذ المباشر من الواقع كمفهوم دينى يواكب تلك الفترة للبعد عن الوثينة ، فلجأ الفنان المسلم إلى التجريد الزخرفى المستمد من الواقع بتصرف فنى وفكرى ، فعند النظر إلى أعمال الأرابيسك بتمعن تجدها عبارة عن أفرع أشجار ملتوية وملتفة مجمعة مع بعضها بطريقة تعطى الشكل العربى الأرابيسك ، وكان ذلك مقبولاً ومفضلاً لدى المتلقى آنذاك ، إلا أننا تربينا منذ القرن الـ 19 وحتى القرن الحالى على الثقافة الوصفية والشكلية والفنان لا يستطيع أن يقدم عملاً فنياً يتعامل مع الخيال والفكر ويجمع على تقبله الجميع .
ثقافة الغرب
- وأكد أن هناك اختلافاً كبيراً بين الثقافة الفنية للأوروبيين والعرب حيث إن ثقافة الغرب تريد دائماً أن تعرف المعنى وراء العمل الفنى وتسأل : ماذا تقول اللوحة ؟ وتحاول تفسير الأشكال الموجودة بها ، وهذا الأمر أيضاً ينطبق على الأعمال الحروفية أو اعمال الخط العربى ، حيث يسرع المتلقى فى البحث عن معنى الكلمة أو الجملة ويكون لدى المتلقى فكر مسبق ، ولا يرغب فى التجاوب المباشر مع العمل الفنى وانتظار ما يبثه من جماليات ، ولذلك نجد أن الفن التجريدى غير محبوب أو مقبول لدينا فى البلدان العربية .
- وقال إنه بالرجوع إلى الفنون الإسلامية نجد أن فكرة أن الفنان العربى يخش الفراغ فى العمل الفنى مفهوم خاطئ ، فالفنان المسلم كان يبتكر أشكاله التجريدية بعمل الوحدة الزخرفية والفراغ الخاص بها فى نفس الوقت ، وكانت الفراغات للوحدة رائعة الجمال ، ومثال ذلك ، العرائس الموجودة على جامع أحمد بن طولون والتى نجد أن الشكل موجود كفراغ ، والفراغ نفسه موجود كشكل ، فالفراغ شكل والشكل فراغ ، فى عملية بديعة ومعقدة فى آن واحد ، وهذا ليس هروباً من الفراغ كما يزعمون ، وانما هو توظيف جمالى له ، فأنت حينما تشاهد المشربيات تجد أن الفراغ الموجود بها شكل ، والشكل يؤدى معنى والفراغ يؤدى معنى ، وهذا يدل على أن الفنان المسلم كان يدرس ويحسب الوحدة التى تكمل الفراغ بشكل جيد ، لتكون الوحدة والفراغ مكملين لبعضهما البعض أو متزاوجين فى شكل جمالى بديع ، ويا ليتنا نتوصل إلى كيفية حساب الشكل والفراغ فى العمل الفنى ، فقد أمضى ليوناردو دافنشى سنوات فى دراسة الفنون الإسلامية ولم يستطع التوصل إلى نتائج توضح كيفية ابتكار الفنان المسلم لتلك الأشكال وكيف كان يستفيد من الشكل والفراغ فى آن واحد .
مجدى عثمان
مجلة الأتحاد - أغسطس 2010
أب ومعلم وإنسان وفنان وأستاذ ومبدع من طراز فريد
- تعلمت وتتلمذت على يديه أجيال كثيرة ، ولا زالت .. إنه الفنان الأستاذ الدكتور حسن الأعصر ، رائد فن الإعلان وفن الجرافيك بكلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان .
- له مدرسة فنية خاصة فى فن الجرافيك والحفر وفى فنون الإعلان والمطبوعات ، إنعكست ثقافته على أعماله الفنية فكانت إبداعات لها هوية مميزة ذات دلالات نفسية مؤثرة على كل من يشاهد أعماله الفنية.
- يتميز بشخصية فنية وأكاديمية واضحة ترتكز على حب الفن والإبداع والتفكير فى عمق وهدوء لتخرج أعمال فنية ذات هوية مختلفة تمام الاختلاف عما حولها من الأساتذة المميزين الذين وضعوا الأسس العلمية والفنية الأساسية لمجال الإعلان.
- سفره للخارج أكسبه خبرة انعكس صداها فى رحاب قاعات العلم بكلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان ، ظهر أسلوبه الخاص من ثقافته وفكره ومن رؤيته الخاصة للموضوع الذى يعبر عنه.
- تحية إجلال وتقدير لأستاذى العزيز الغالى أ. د/ حسن الأعصر ..دمت مبدعاً متألقاً دوماً يارب ، وعشنا دوماً فى رحاب علمك وفنك دوماً ماحيينا
بقلم: أ. د / ميسون قطب ( عميد كلية الفنون التطبيقية )
من كتالوج معرض إستعادى نوفمبر 2020
اشتهر حسن الأعصر بجرافيكياته الملونة على معدن الزنك وبالشاشة الحريرية
- درس الفنان حسن الأعصر فى كلية الفنون حتى عام 1959 ، وحصل على دبلوم أكاديمية أوربينو لفنون الكتاب والجرافيك عام 1973 ، وأقام معارض لأعماله الجرافيكية بين أعوام ( 1972 - 1978 ) فى مدن إيطالية متنوعة، وشارك فى معارض عامة فى مصر وإيطاليا منذ عام 1957 حتى عام 1982 فى الوقت الذى سلك فيه سلك التدريس بكلية الفنون التطبيقية بالقاهرة.
- وقد اشتهر حسن الأعصر بجرافيكياته الملونة على معدن الزنك وبالشاشة الحريرية ، فى فترة السبعينات كانت أعماله تعتمد على المفردات الشعبية والتراثية والحروفية فى مصفوفات إيقاعية ديناميكية ، يعتمد بعضها على التكرارات الإيقاعية لمفردات حروفية كحرف الواو أو السين ، وتحويل تلك الحروف إلى بصمة زخرفية فى أوضاع مختلفة ،كما قدم أعمالاً من التلصيق الكولاجى من عناصر مطبوعة على الزنك ، وفى مرحلة لاحقة أعطى الفنان لملامس السطوح جانباً مهماً من تجربته الفنية الجرافيكية ، ثم تمت تصفية العناصر المزدحمة فى تكويناته بالتجريد الخالص ، كما أن له تجارب فى التوليف بين أكثر من وسيط طباعى لعمل مطبوعات بأكثر من تقنية للحصول على إمكانات جمالية وتشكيلية ثرية كالجمع بين الطباعة الغائرة والبارزة لنفس القالب المعدنى ، وإضافة تأثيرات من الموناتايب والكولاجراف على مطبوعة واحدة.
بقلم : أ.د / مصطفى الرزاز
من كتالوج معرض إستعادى نوفمبر 2020
الفنان حسن الأعصر رائد الإعلان المعاصر فى مصر والعالم العربى
- الفنان الأستاذ الدكتور / حسن أحمد عبد الله الأعصر ولد ونشأ على ضفاف النيل بمحافظة الجيزة ، وملأ بصره وسمعه منذ الصغر التراث المادى والغير مادى للحضارة المصرية القديمة ، والحضارة القبطية ، الحضارة الإسلامية .. وعندما التحق بمدرسة الفنون التطبيقية فى مرحلة التعليم الجامعى شهد له أساتذته بالنبوغ والموهبة ، وكثيراً ما كنا نسمع منه حلو الكلام عن أستاذه الفنان سعيد الصدر رائد الخزف فى مصر والعالم العربى .. إنه أستاذى وأستاذ الأساتذة بقسم الإعلان - كلية الفنون التطبيقية - جامعة حلوان .. إنه بحق رائد فن الإعلان الأكاديمى بمصر والعالم العربى ، عرف عنه سمت الشخصية المبدعة القوية والجادة ، بل نستطيع أن نطلق عليه الفنان الشامل ولما لا !! إنه رسام أكاديمى ، ورائد من رواد الحفر فى مصر والعالم العربى ، بالإضافة إلى ملكة التصوير عنده التى جعلته يقترب من عالم فن الحروفيين العرب الذين يخاطبون خاصة الخاصة بحس جمالى تملية عليه المعاصرة أو الحداثة ،كما إنه يتميز بمهارة فائقة ذات بعد إبداعى فى مجال التصوير الجدارى مستخدماً تقنية الفسيسفاء التى يعد أيضاً أحد أهم روادها ، نراها فى بعض الأماكن المنتشرة فى مدينة القاهرة والجيزة ، بدأها فى شبابه بتنفيذ لوحة جدارية بمطار القاهرة الدولى القديم فهو صاحب مدرسة بحثية فى مجال جرافيكا الإعلان فمن لم يتعلم على يده فقد فاته الكثير ، طلابه كثر منتشرون فى البلدان العربية كالمملكة العربية السعودية وفلسطين والعراق وسوريا والمملكة الأردنية الهاشمية والبحرين .. ألخ بالإضافة إلى مصر.
- هذا وأستاذنا إبتعث إلى جامعة أوربينو - كارلوبو - التاريخية التى تشتهر بثروتها الثقافية والتاريخية والفنية وهى كنز رائع من عصر النهضة الإيطالية ، فيها قصر الدوق الذى يحوى جدرانه أعمال كبار الفنانين ، ومسقط رأس رسام عصر النهضة رفائيلو وسانزيو ، ومبنى الدمو ، الكنيسة الأكثر أهمية فى أوربينو هذا وبعد عودته من بعثته العلمية فى مدينة أوربينو الإيطالية مع رفيقه دربه الرائعة ` ماريا ` يملأ صدره أو قلبه وعقله طموحات لا حصر لها لأرض الوطن أذكر منها هذا التوجه :أنه حاول تحقيق مفهوم أيديولوجى فى قيادة القسم العلمى للإعلان تسمح بتطبيق نظام الاستوديو المفتوح الذى يحترم تخصص كل أعضاء هيئة التدريس وهو نمط من أحد أنماط طرق التدريس والتعليم التعاونى - كانت فاعليته توجيه طلبه المشروع أو الفرقة الرابعة بعد اختيار الموضوع الخاص بكل منهم على حدة أن يجمع كل طالب ` الداتا ` أو المعلومات اللازمة عن المؤسسة أو الشركة أو عن السلعة أو المنتج أو حتى الخدمة ، يليها مرحلة إعداد الدراسات والمعالجات الجرافيكية بالأبيض والأسود لعناصر الموضوع وفى هذه المرحلة وأثناء الحوار مع الأستاذ يتم لدى كل طالب تكوين الفكرة الأساسية لموضوعه ويتم اختيار الألوان ومعالجة الجملة الإعلانية وتصميم شعار أو براند المؤسسة - ومراجعة كل ذلك مع الأستاذ المتخصص حتى يكتمل العمل وترضى عنه هيئة التدريس والطالب - إننا نفتقد هذا ` السيستم ` أو النظام داخل القسم العلمى الآن .هذا وقد كان نتيجة هذا العمل إقامة معرض خارجى لأول مرة فى قاعة معهد جوتة الألمانى بوسط مدينة القاهرة العاصمة ، استعرض فيه الطلاب كل المهارات والقدرات الخاصة للفكرة والمعالجات الجرافيكية للصياغة البصرية للإعلان ثنائى البعد وثلاثى البعد ، تحدث عنه النقاد بشكل إيجابى يدعم هذا التوجه الإبداعى للدور الأكاديمى لريادة فن الإعلان الأكاديمى فى المنطقة العربية .فى معرضه السابق رأيت له تجارب رائعة ومتميزة فى استخدام الألوان المائية أيضاً مما يدعم رأيى بأنه فنان شامل نكن له كل الاحترام والتقدير .
- أما التوجه الثانى : أو الموقف الرائع الذى عايشناه معه داخل القسم العلمى دعوته الكريمة لمجموعة من رواد فن الحفر فى مصر - كلية الفنون الجميلة بالزمالك وكلية التربية الفنية وكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية بالإضافة إلى رواد كلية الفنون التطبيقية من الفنانين فى جميع التخصصات - أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر : الأستاذ الفنان / حسين الجبالى ، والأستاذ الفنان / أحمد ماهر رائف وحامد عبد الله ، وجاذبية سرة ، والفنان / فرغلى عبد الحفيظ ومن الداخل الأستاذ الدكتور الخزاف / صالح رضا ، والأستاذ الدكتور / أحمد عطا والأستاذ الدكتور / عمر النجدى رائد فن التصوير المعاصر ، والأستاذ الفنان الحفار / مجدى عبد العزيز ، والأستاذ الكبير الفنان / صبرى السيد من طباعة المنسوجات .
- وكانت المناسبة أو الحدث إقامة مهرجان الفنون التطبيقية الأول فى ظل عمادة الأستاذ الدكتور/ طه حسين - قام القسم تحت رعاية رئيسة الأستاذ الدكتور حسن الأعصر بتوفير قطعة من الزنك مقاس ` A 4 ` لكل فنان يرسم عليها ما يشاء وتقوم الهيئة المعاونة ، وكنت واحداً منها ، بحفر هذه القطعة وطباعتها بالأبيض والأسود عدة نسخ وتم عمل ` كالندر` نتيجة أو تقويم سنوى بهذه المجموعة الرائعة من الفنانين بتوجهاتهم المختلفة والتى تميزت بالإبداع . استثمرت تلك المحاولة أمانة المؤتمر وقامت بتسويقها خلال فاعليات المؤتمر أستاذنا الفنان الدكتور / حسن الأعصر عضو مؤسس لنقابة الفنانين التشكيليين وأحد أعضاء مجلس إداراتها فى دورة سابقة ، وأيضاً عضو مؤسس لنقابة مصممى الفنون التطبيقية ، بالإضافة إلى أنه عضو مجلس إدارة أتيلية الفنانين بالقاهرة ، ولا ننسى له دعوة طلاب قسم الإعلان لمشاهدة أفلام ` نورمان ماكلارين ` فنان الرسوم المتحركة الكندى المتميزة .أستاذنا أيضاً شارك فى تأسيس قسم الإعلان مع أستاذنا الدكتور / هيكل ، بعد عودته من بعثته بانجلترا ، وكانت المشاركة فى وضع لائحته وتوصيف مقرراته وإعداد برنامج الدراسات العليا به .. وما زال عطاؤه مستمراً لذا أوصى أن يرشحه القسم والكلية والجامعة لنيل جائزة الدولة التقديرية ، أو جائزة النيل الكبرى فهو قيمة وقامة ومعلم أجيال يستحق ذلك عن جدارة واستحقاق .. تمنياتى له بالصحة والسعادة ودوام عطائه.
بقلم : أ.د./ محمد شحاتة
من كتالوج معرض إستعادى نوفمبر 2020
يوجه الفنان حسن الأعصر اهتمامه نحو أعمال التصوير الجدارى
- تلك الفنون التى ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمنشآت المعمارية الهامة التى تحقق جانباً من احتياجات المجتمعات المتحضرة مثل دور العبادة أو المطارات ومحطات القطارات وغيرها.
- وقد اختار لنشاطه الفنى فى ذلك المجال إستخدام قطع صغيرة من الأحجار الملونة ` الموزاييك` لتنفيذ تصميماته الجدارية ليحقق بها الأهداف الجمالية التى تنشدها تلك المنشأة ، ومن جانب آخر توافقها والتزامها بالطابع المعمارى الذى يميز كل منها .ليتم عمله ويخطط بصورة تتفق مع ما يفرضه وسائطه ` الموزاييك` من أصول تطبيقية يتحتم الإلتزام بها سواء من حيث كيفية تشكيل رموزه أو كيفية تحقيق الصورة الفنية للعمل الفنى ، وتحقق المضمون الذى يستهدفه ليحقق وحدة الأسلوب ويؤكد عنصر التجانس لمفردات رموزه الشخصية فى تخطيط يتميز بالبساطة والإيجاز فى أوضاع تبرز حركة الأشخاص فى اتجاهات مختلفة بصورة تذكرنا بأعمال التصوير الجدارى بالفن المصرى القديم دون محاكاة لمفرداته وعناصره.
- إن أعمال التصوير الجدارى كثيراً ما تشغل وتنفذ على جدران متسعة المساحة أفقياً لتتباين فى تعدد لمقاسات الإرتفاع مما يعد إشكالاً يواجه المصمم ويحتم عليه التغلب عليه من خلال خبراته ومهاراته الفنية المتراكمة حتى تتحقق الصورة الفنية التى يرجوها الفنان لعمله ويبرز موضوع العمل الجدارى ومضمونه .لقد حقق الفنان الأعصر ذلك بذكاء وبساطة سواء فى كيفية تشكيل رموزه التى تفصح عن بساطة الفلاح المصرى فى خطوط موجزة تشكل فى مجملها مركز العمل ونقطته الرئيسية وتبرز رصانة البناء والتشكيل فى تكوينات أساسية تتعدد على التوالى فى أبعاد مختلفة فيما بينها لتؤكد وحدة التكوين وترابطه فى رصانة تذكرنا برصانة وتباعد الأعمدة فى العمائر المصرية القديمة وتحقق إيقاعاً بديعاً ، ويؤكد وضوحها ما تحققه كيفية تشكيلها فى بساطة وإيجاز وتناسق فى التخطيط يكسب الرموز رشاقة وغموض لتناقضها فى اختلاف يؤكد مع خلفية العمل التى تقوم على تخطيط هندسى لخطوط طولية تتعارض مع خطوط أفقية على أبعاد مختلفة لتبدو مستطيلات متباينة صغيرة المساحة خلف رموزه التى يحركها كثيراً فى مساحتها وبذلك يتحقق للمصمم التغلب على وسيطه وعلى انبساط المساحة أفقياً نجاحاً يدفع بالمتلقى للتنقل أمام العمل لمتابعة موضوعه من خلال المتابعة البصرية لمشاهد الموضوع.
- وفى أعمال الفنان الأعصر فى فن الرسم توضح رسومه الإنطباعية تميزاً برصانة البناء وترابط ووحدة التكوين بما يفصح عن مضمون العمل الفنى وبساطة التشكيل .إلا أن أعماله الجرافيكية المطبوعة تفصح عن منهج آخر مختلف كثيراً عن ما سبق افشارة إليه فى كل من أعمال التصوير الجدارى ` الموزاييك ` وأعمال الرسم الإنطباعية ، إنها تتضمن رموزاً تنبع من اللاوعى عن ذكريات الطفولة يرسمها فى طلاقة لتشكل فى مجملها شكلاً آخر ، مجملها تعبير عن أم وأطفالها فى وحدة متناسقة فى مجملها لتحيط بها رموز لكتابات عربية وخط أفقى يعلوها لؤكد الفراغ المحيط برموزه التلقائية .
أ.د / سيد خليفة
من كتالوج معرض إستعادى نوفمبر 2020
- أرى فى إبداع الصديق العزيز الفنان المبدع القدير الدكتور/ حسن الأعصر، كثافة العطاء والإبداع المتنوع المتجدد فى أنغامه وصداه، النابع من مخزون وجدانه الشخصى الإنسانى الذى إستقاه من تنوع الثقافات العلمية الفنية الأكاديمية المصرية والإجنبية، والمراحل الزمنية والتاريخية، والمتغيرات الإجتماعية وتطوراتها فى الوطن المصرى والعالم الخارجى الذى إستقى منها العلم والمعرفة والخبرة وأقام على أرضها والتى أسفرت في مجملها وتفاعلت فى تشكيل سماته وصفاته الشخصية الإنسانية الوطنية الجديرة بكل تقدير وإحترام. وكان فى عشقه للفن التشكيلي وطاقاته الإبداعية النابعة من صدى الأحداث المتنوعة وتفاعلها مع القيم والمبادىء الراسخة فى أعماقه، ما أثمر الإنسان العملاق أحد القادة المصريين الحاملين لشعلة الإبداع الفنى المصرى، التشكيلى التطبيقى الذى يشكل التكوين الفنى، بالخطوط الجرئية والمساحات المختلفة ويغمرها بضربات فرشاته التى تحمل الألوان الزيتية والمائية، وصدى أنغامها وألحانها المتناغمة التى تنال رضاء إحساسه وتلبي إحتياج المتلقي وتسعد حواسه لإستقبال سمفونية ممتعة مرئية ومسموعة وكأنها معزوفة على أوتار آلاته الموسيقية واللونية الروحانية التى تصب حمولتها لتعبر عن موضوع لوحاته على سطح التوال أو البناء الجدارى..
- أود أن أضيف إلى تفوق الفنان الكبير وإنفعاله مع العديد من المذاهب والمدارس الفنية المختلفة، وخاصة الواقعية الكلاسيكية وما تحتويه من القيم الجمالية وهى من عطاء سبحان الله المبدع القدير، وكذلك فن البورتريه بما يلزمه من الدقة والرقة بالإضافة إلى التعبيرية والرمزية، وغيرها التى تحقق توازن البناء التشكيلى المنشود..
- أسجل قليل من الكلمات من الكثير المتاح حول أحد عمالقة العطاء الفنى، الأستاذ الذى تخرج على يديه فى عالم الفنون التطبيقية الكثيرين من الفنانين اللامعين.
بقلم السفير: فخرى أحمد عثمان
من كتالوج معرض إستعادى نوفمبر 2020
عالم حسن الأعصر السحرى
- عن طريق أعماله يوصل السوريالية الثانية الأوروبية للفن الشرقى اللامع، والفن الفرعونى العريق..
- أعمال الجرافيك والتمبرا `LETEMPERE` يوضحا المستوى الفنى المتميز للفنان حسن الأعصر.
- وفى التمبرا بالأخص تظهر التقنية الفرعونية للتعبير عن طريق الكتل النحتية الهائلة، بإضافة شخصية الفنان التى تُعبر عن العالم العربى الساحر.
- وفى أعمال الكولاج يتميز الفنان فى إستخدام الأوراق الذهبية والفضية مع الألوان الزاهية، ما يُعطى قيمة مميزة لأعماله.
بقلم الناقد : جيوفانى نيسيو 1972
من كتالوج معرض إستعادى نوفمبر 2020
حسن الأعصر: التشكيل الإسلامى مصدر إلهام لا ينضب
- تأثر الفنان التشكيلى حسن الأعصر، أحد رواد التصوير الجدارى، بالشكل الجمالى للحروف العربية وما بها من حركة ديناميكية تساعد فى إعادة تشكيلها كعنصر فنى ذى جماليات خاصة، منذ بعثته إلى إيطاليا فى السبعينيات من القرن الماضى.
- وقال: إن الفنان المعاصر حينما يتأثر بالتراث وخصوصاً التراث الإسلامى يدخل مرحلة أساسية من دراسة السمات المختلفة للفن الإسلامى بشكل موضوعى، ثم يبدأ تأمل تلك السمات والخصائص ويستوعبها جيداً حتى يُخرج شكلاً مختلفاً كل الإختلاف عن الموتيفات الإسلامية، ولا يقع فى حيز تكرار أو إعادة تصوير الفن الإسلامي بشكله الظاهرى.
- وأكد أنه إستفاد كثيراً من الفن الإسلامي وإستطاع أن ينتج أعمالاً تمزج وتستلهم الفنون الإسلامية والقبطية والمصرية القديمة معاً، موضحاً أن الفن الإسلامى خاصة مهما عكفت على دراسته فستجد فيه كل يوم جديداً.
- وأضاف أن الكتابات والحروف العربية تم توظيفها فى تشكيلات رائعة الجمال من قبل الفنان المسلم، وأثناء وجوده فى إيطاليا منذ عام 1970 بدأ العمل على تلك الرموز الخاصة بالخط العربى، وأبدع أعمالاً كثيرة فى التصوير والحفر، لقيت الإستحسان الكبير من الفنانين والجمهور الإيطالى.
- وأوضح أنه إذا كان قد بدأ الإستفادة من الفن الإسلامى، والتجريب على تشكيلات من الحروف العربية، فلم يكن فى مخيلته البحث عن معنى مقروء لتلك الحروف، وإنما بإعتبارها موتيفات فى شكل تجريدى بتنغيمات وألوان مختلفة، ولكنها قريبة من ألوان التراث الإسلامي، وربما هذا ما جعل الإيطاليين يتمعنون فى تلك الأشكال الموجودة في أعماله الفنية المستمدة من الحرف العربى، خاصة أن هناك فناناً إيطالياً شهيراً إسمه `كابو جروسى` إستخدم أشكالاً قريبة من الموتيفات الإسلامية، وقام بتجربة تشكيلية كاملة عليها بعد إعادة تشكيلها وتنظيمها، ووضع القيم الرياضية على تلك الأعمال فلقى إبداعه من التقدير والإعجاب، ولذلك عندما شاهدوا أعماله القائمة على البناء الجمالى للحرف العربى، وجدوا رؤية تشكيلية مختلفة فى أعمال تجريدية تستلهم نفس التراث الإسلامى، فى تكوينات مغايرة.
- وقال أنه ما زال يتذكر كتالوج هذا المعرض الذي حوى عدداً من أعمال الحفر اليدوى، والتى جعلت الكثير من الجمهور الإيطالى يهتم أن يوقع لهم على الكتالوج، وهى واقعة لا تتكرر كثيراً، وهذا يدل على إعجابهم بتلك الأعمال المستنبطة من التراث.
- وأشار إلى أن الفن الإسلامى من الفنون الناضجة، وكل أعماله تعتبر من الفنون التجريدية بشكل له طابعه الخاص، الذي يخدم الجانب الفكرى والدينى للعقيدة الإسلامية، وأن الفن الإسلامى له فلسفته التى قامت على عدم التشخيص أو عدم الأخذ المباشر من الواقع كمفهوم دينى يواكب تلك الفترة للبعد عن الوثينة، فلجأ الفنان المسلم إلى التجريد الزخرفى المستمد من الواقع بتصرف فنى وفكرى، فعند النظر إلى أعمال الأرابيسك بتمعن تجدها عبارة عن أفرع أشجار ملتوية وملتفة مجمعة مع بعضها بطريقة تعطي الشكل العربى الأرابيسك، وكان ذلك مقبولاً ومفضلاً لدى المتلقى آنذاك، إلا أننا تربينا منذ القرن الـ 19 وحتى القرن الحالي على الثقافة الوصفية والشكلية، والفنان لا يستطيع أن يقدم عملاً فنياً يتعامل مع الخيال والفكر ويجمع على تقبله الجميع.
- وأكد الأعصر أن هناك إختلافاً كبيراً بين الثقافة الفنية للأوروبيين والعرب حيث إن ثقافة العرب تريد دائماً أن تعرف المعنى وراء العمل الفنى وتسأل: ماذا تقول اللوحة؟ وتحاول تفسير الأشكال الموجودة بها، وهذا الأمر أيضاً ينطبق على الأعمال الحروفية أو أعمال الخط العربى، حيث يسرع المتلقى فى البحث عن معنى الكلمة أو الجملة ويكون لدى المتلقى فكر مسبق، ولا يرغب فى التجاوب المباشر مع العمل الفني وإنتظار ما يبثه من جماليات، ولذلك نجد أن الفن التجريدى غير محبوب أو مقبول لدينا فى البلدان العربية.
- وقال إنه بالرجوع إلى الفنون الإسلامية نجد أن ما يقال أن الفنان العربي يخش الفراغ فى العمل الفني مفهوم خاطئ، فالفنان المسلم كان يبتكر أشكاله التجريدية بعمل الوحدة الزخرفية والفراغ الخاص بها فى نفس الوقت، وكانت الفراغات للوحدة رائعة الجمال، ومثال ذلك العرائس الموجودة على جامع أحمد بن طولون، والتى نجد أن الشكل موجود كفراغ، والفراغ نفسه موجود كشكل، فالفراغ شكل والشكل فراغ، فى عملية بديعة ومعقدة فى آن واحد، وهذا ليس هروباً من الفراغ كما يزعمون، وإنما هو توظيف جمالى له، فأنت حينما تشاهد المشربيات تجد أن الفراغ الموجود بها شكل، والشكل يؤدى معنى والفراغ يؤدى معنى آخر، وهذا يدل على أن الفنان المسلم كان يدرس ويحسب الوحدة التي تكمل الفراغ بشكل جيد، لتكون الوحدة والفراغ مكملين لبعضهما البعض أو متزاوجين في شكل جمالى بديع، ويا ليتنا نتوصل إلى كيفية حساب الشكل والفراغ فى العمل الفنى، فقد أمضى ليوناردو دافنشى سنوات فى دراسة الفنون الإسلامية ولم يستطع التوصل إلى نتائج توضح كيفية إبتكار الفنان المسلم لتلك الأشكال، وكيف كان يستفيد من الشكل والفراغ فى آن واحد.
بقلم: مجدى عثمان
جريدة الإتحاد الإماراتية- أغسطس 2010
حسن الأعصر يتذكر
- كانت البداية في معهد ليوناردو دافنشى، وكان هناك أستاذ إيطالى رسم لوحة في عشر دقائق وتركها لي لتميزى في الرسم، وكان هذا المدرس من المرممين الجبابرة في إيطاليا، وليوناردو دافنشي لم يكن المدرسة أو المعهد المعروف، وإنما كانت الدراسة به ليلية للموهوبين، والذين يحبوا الرسم والتصوير، وكنت أذهب إليه مرتين فى الأسبوع، وبدأت ألتزم فيه قبل الكلية بسنة، وإستمر ذلك حتى أثناء دراستى فى كلية الفنون التطبيقية.
- ما شجعنى على الدراسة حبى للرسم، وكنت أسكن فى الجيزة ، ومدرستى الثانوية بعيدة، ولدي أبونيه للتروماوى لجميع الخطوط، وبالمصادفة وجدت نفسى فى شارع 26 يوليو بعد إنقضاء اليوم الدراسي أمام ليوناردو دافنشى، وكنت أسمع عنه، فإلتحقت به وكانت المحاضرة ثلاث ساعات يومين إسبوعياً.
وأتذكر أن الأستاذ الإيطالي الذي تحدثت عنه كان من مشاهير الطلاينة وقتها، ورسام ماهر، وحينما سافرت إلى إيطاليا سألت عليه فوجدت أن له باع كبير فى التصوير والترميم هناك..
- وكانت الدراسة بدافنشى عامى 1952 و1953 مختلفة تماماً عن الكليات، وحينما إلتحقت بالكلية عام 1954، وجدت بها نفس المراسم ونفس الأشكال الجبسية، بل ربما تزيد عن الموجودة فى ليوناردو دافنشى، فإكتفيت بالدراسة فى الكلية، والتى كانت مكثفة تبدأ من الثامنة صباحاً وحتى الثانية بعد الظهر، ثم بعد ذلك نذهب إلى المرسم لرسم طبيعة حية حتى الخامسة مساءً، وكل رسوم العارى ترجع لتلك الفترة بالسنتين الأولى والثانية، وكانت أساتذتنا ترسم معنا وأمامنا، وكانوا من الفطاحل، منهم الأستاذ سعيد الصدر والأستاذ حسن العجاتى والأستاذ هيكل والأستاذ أحمد زكي أباظة والأستاذ أنطون حجار فى قسم النحت، كان من أساتذة كلية الفنون الجميلة، وكانت الأتيليهات مفتوحة على بعض، وكانت الكلية أربع أقسام وكل الأقسام يعمل بها أى طالب.
- والغريب أنى إلتحقت بكلية الفنون التطبيقية، لأنها الأقرب لبيتى، حيث المسافة لا تزيد عن الربع ساعة مشياً على الأقدام، وكان شارع الجامعة، صغير، فى حدود الرصيف الآن الموجود به.
- وكنت أخر دفعة تحصل على الدبلوم، حيث تحولت إلى بكالوريوس مع دفعة 1960، ولم تكن هناك وزارة التعليم العالي، وكنا نتبع وزارة المعارف مثل المدارس، وكان ذلك أفضل بكثير من ضمنا إلى الجامعات.
- وحينما سفرت إلى إيطاليا كانت الدراسة، مثل التي تعودت عليها في مصر في بداياتى، حيث المراسم المفتوحة والمواد الفنية والتثقيفية، أما الآن زادت المواد التثقيفية عن مواد التخصص، فما يحصله الطالب عملياً لايقارن بالماضى، وكان ذلك طلب المجلس الأعلى للجامعات، وأعتقد أنها خسارة كبيرة، بدأت في الستينات بعد تنفيذ قانون الجامعات وتغيير المحتوى العلمى، أما السابق قبل تخرجى كنت أدرس عمارة وتاريخ فن وثلاث أنواع أخرى من الفنون: الزجاج والزخرفة بكل أنواعها بما فيها الإعلان.. وقد أصبحت تلك المواد التى ندرسها أقسام بالكلية: قسم النحت وقسم الزخرفة وقسم الزجاج وقسم الخزف وقسم الإعلان والذى كان من قبل مادة ندرسها مع الزخرفة، وكان الزجاج ورشة، كل تلك الأقسام كانت في قسم الزخرفة فقط.. حيث كانت الكلية كما قلت أربعة أقسام: قسم الزخرفة، وقسم الأثاث والنحت وقسم طباعة المنسوجات والمنسوجات نفسها كالكليم والجوبلان وقسم الفوتوغرافيا والتصوير الميكانيكى والسينما.
- ومن أكثر الأساتذة تأثيراً على، الأستاذ سعيد الصدر، فقد علمنى الكثير وأدين له بالفضل، وكان من عادته أن يعطى المعلومة لمن يستحقها، وهى طريقتى التي أتبعتها في التدريس فيما بعد، وربما لذلك يقول عنه بعض المغرضين، أنه كان بخيل بالمعلومة.. رحمة الله عليه إهتم بى لمجرد أن شاهد أعمالى فى مسابقة كنت الأول فيها على 600 فنان، ومن وقتها يتابعنى حتى فى السنين التى لم يكن يدرس لى فيها، فقد وجدنى شغوف بالعلم، وأجده كل شهر يأخذنى إلى المخزن ويصرف لى 20 فرخ ورق واتمان ومجموعة ألوان ومجموعة فراش، وخلال أسبوعين أنتهى منهم وأعرض أعمالى عليه.
- كان الأستاذ الصدر يدرس لنا فى إعدادى، وكان مصور قوى، خاصة فى الرسم بالأكواريل، وهو وسيط ذو خصوصية، ومن الصعب التعامل معه فى إظهار الشكل والظل والنور، وكان يذهب بناء إلى خلف الكلية لرسم الخراف والماعز التى ترعى هناك.
- أرى أن الأستاذ سعيد الصدر من أحسن خزافين العالم، وما أوصله لتلك المقدرة، إلا لأنه كان مصور كويس جداً، وأيضاً نحات كويس جداً، فلديه تلك الشمولية. . لقد كنت من المقربين إليه كالأبن، أتأمله وهو يعمل، فعلاً كان ما يمكن أن نطلق عليه `الأرتيست`، كان بيطلع القطعة زى `حتة الذهب` ويجلس على الدولاب فى الفسطاط ويصنع الفورم بنفسه.. أستطيع أن أقول بأنه `من عمل` نبيل درويش وحسن حشمت، وسلوى رشدى، وغيرهم.
- لقد أكتسبت الكثير من خبرته بالإضافة إلى كثرة العمل والتجريب، حتى أني بعد أن إشتغلت فى الزجاج، كنت آخذ كمية من أكسيد الكوبلت بدون وزن، وبالخبرة أعرف النتيجة التى ستخرج من الفرن.
- زرت أهم معهد فى إيطاليا في فاينسا، وجدتهم يعملون كما كان يعمل الأستاذ الصدر، وفي مجال التدريس أيضاً، حيث أن الاساتذة في أوروبا- وعدد الطلبة هناك قليل- حينما يجدونك لا تعمل لا يعطونك أى معلومة، فالعلم لمن يستحقه.. ومن ضمن الطرائف، كان لى صديق من صقلية، يدرس `ميكروشيزيونى` أو تصميم الحفر على الصلب، وهو تخصص فى الإعلان وتصميم العملة وطوابع البريد، وتلك المادة لا يوجد في إيطاليا غير أستاذين فقط متخصصين فيها، وكان مع صديقى هذا الزميل إبراهيم التركى، وفى أحد الأيام حضر صديقي وهو في قمة الفرح وقال لى: الأستاذ رفتنى، على الرغم من أنه في العام الثالث لدراسته، لأنه وجده لا علاقة له بالتصميم والفن، وإنما كانت بعثته لأنه كان يعمل بالبوستة، فهكذا الدراسة هناك، لا مجال فيها إلا لمن يريدها ويجتهد فى تحصيلها.
- ومرد ذلك أن الأستاذ الغربى يعطيك جهد سنوات من خبرته وتجاربه فى دقائق، فإذا لم تكن تستحقها، فهى ليست لك.
- إن أعمال الأستاذ سعيد الصدر تتحدث إليك، فهى ليست الإناء أو الطبق، إنها شكل جمالي خالص، لا ينتفي عنه النفعية رغم ذلك، وموضوع أن شهرته لعمل البريق المعدنى، غير صحيحة، لقد بدأ الصينيون فى عمل البريق المعدنى قبلنا، وجاءت بالمصادفة، حيث كانت الأفران تتغذى بالوقود من أعلى، وفي واحدة من المرات، سقط أحد الوقادين فإحترق، ونتج عن ذلك كمية كبيرة من ثانى أكسيد الكربون، أثرت على كل الألوان، فلم يكن البريق المعدني من النحاس أو الفضة فقط.
- وإذا درست الخزف الإسلامى ستجد إبداعات الفنان المسلم فى العراق والمغرب العربى وتركيا وإيران أو بلاد فارس، مبهرة وكثيرة التنوع، ومن أسبابها أن الإسلام لم يكن يفرض أو يلغي الحضارة السابقة له وإنما يُضيف إليها، فهناك الفن الإسلامي الهندى، والإسلامى الصينى، حيث أن الإسلام كدولة جبارة لم تكن تمحى شخصية المكان وهو سبب نجاحها وإنتشارها بشكل كبير جداً.
- وعند إطلاعك على سجل العمارة الإسلامية الذى كونه الفنان علي الغزولى من خلال رحلاته الداخلية وسفراته المختلفة مثل الهند وإسبانيا، حينما ترى الخط العربى فى جامع الحسن، وكيف إستخدام الفنان شكل وطبيعة العنصر والجُمل أو الجداريات الكتابية، والعالى والواطى والشمال واليمين والعناصر التى جعلها تتآلف مع بعضها وتتزاوج لا نقول عنها خطوط، وإنما `آرت`، وهذا غير موجود لدينا الآن، فمن يقومون بذلك يصنعونه كالماكينة بلا روح.
- وكل له طابعه وشخصيته حيث تجد أن جامع السلطان حسن غير جامع قلاوون غير جامع برقوق، والمفروض في القرن الواحد والعشرين ندخل بفكر يوازى تلك الجوامع العظام مع الإختلاف في الإستحداث.
- أولاً الخط له إستخدام وظيفى يليه الإستخدام الجمالى للجدار، فلغته فى الجامع تختلف عن الكنيسة التي تزخرف بالتصوير، حيث أن الخط محصور فى إبجدية من الحروف، لكن متعدد التشكيل، على سبيل المثال حرف الـ `ه` منه 200 هيئة، وشكل حروف الـ ` ك،ق،و` تتنوع أشكالها، حتى أبسط الأشكال المتشابهة مثل ` ب،ت،ث،ن` تجد أن الفنان يلعب عليهم بطرق كثيرة، على الرغم من أن ما يفسرهم موقع النقاط، لكن المعالجة هى الإهم، فالحرف مثل الموديل له قيمه التي تأتي من إحساس الفنان به، وإلا أصبح كلقطة فوتوغرافية، وهذا ما يميز المدارس الفنية، بإختلاف المعالجة الجرافيكية للشكل، الذي يخاطب الإحساس والروح للمتلقي. إن الفكر هو كيفية معالجة مفردات التصميم نفسها، ولا أقول تصميم للتشكيل فى التصوير، ولكن للتكوين نفسه، وبدونه يصبح العمل الفنى جاف.
- فى فترة جمال عبد الناصر كان الكثير من الفنانين المصريين يمجدون الثورة، وهذا لا ينتج فن، فقد خدم أيضاً كثير من الفنانين الروس الحركة الشيوعية الجديدة، وعند بداية التأريخ الفنى سقطت تلك الحقبة، على الرغم من وجود فنانين جبابرة آنذاك، ولكنهم هربوا وتركوا روسيا، وهذا لا ينفى أن الحيز الزمنى يمكن أن يشارك فيه الفنان نظراً للتغيرات الكبيرة، مثل جويا وفلاسكويز، على الرغم أنهم كانوا فى رعاية القصر.. أنت تجد أن هناك الكثير من الشعراء المصريين لا يتذكرهم أحد، فى حين أن أمل دنقل ونجيب سرور مازالت ذكراهم مستمرة.
بقلم: مجدى عثمان
من كتالوج معرض إستعادى نوفمبر 2020
- إن أعمال الفنان حسن الأعصر توضح التواصل بين الثقافة الأوروبية والثقافة العربية، مثل ما يحدث في البحوث والنتائج الأوروبية الحالية.
- يستخدم الأعصر موتيفات مُحورة إلي رموز. روح الأعمال تُبرز بوضوح أصل الفنان، الأماكن التي نشأ فيها، وفنون الثقافة المصرية العريقة. التراث المُستخدم واضح في جميع أعماله.. والناقد الفني لويجى سالريرنو Luigi Salerno أيضاً فى حديثه عن الفنانين العرب ومنهم حسن الأعصر يؤكد أنهم يرجعون دائماً للتراث وبالأخص بالخط العربى ثم الزخرفة والفن القبطى والإسلامى والفرعونى.
بقلم الناقد: فرانشيسكو كارنيفالى
من كتالوج معرض إستعادى نوفمبر 2020
|