مها جورج ميخائيل جورجى
أحلام من الماضى
- فى أعمال الفنانة مها جورج انطلاقة نحو نظرة عالمية لمشكلات المراة المعاصرة . قد يبدو من الوهلة الاولى أن هناك عودة الى التراث لكن فى الحقيقة هو تقديم ابتكارى له ولهموم المرأة فى عالم ملىء بالصراعات .
- لقد حدثت تغيرات كثيرة فى أعمال الفنانة مها جورج فى الفترة وجيزة ، ويبدو أن التعمق الشديد فى رؤية التراث المصرى فى العصر اليونانى الرومانى والرحلات المتكررة للاماكن الاثرثة بالفيوم وأديره وكنائس الصحارى المصرية ، وبالاضافة الى ذلك فان البحوث النظرية فى فنون ما بعد الحداثة والفن السردى والافريقى المعاصر قد مهد لميلاد مفاهيم جديدة تطرحها مها جورج فى أعمالها الفنية .
- لقد تحررت أشخاصها من الجاذبية الارضية لتحلق فى فراغ تحده قيود المجتمع لتجعله حلماً يصعب تحقيقه . وجوه مليئة بالتعبير وشخصيات أتت من أديرة لراهبات يتحدثن عن المثالية . قصص وأحاديث وحوارات وكانها صور مرسومة فى ذاكرة التاريخ .
- تقسيمات العمل الفنى تذكرنا بشرائط النسيج القبطى وصرخات مونش فى وجوه مصرية . تكرار لضحايا القيود الحديدية ، نساء يبحثن عن الحرية لكن تبدو كسراب ، فالاطار القيمى لم يسمح بعد بأن يعطى الفرصة لامرأة بأن تحلق فى الفضاء وتحقق أحلامها .
- أن مها جورج تضم صوتها لاصوات عالمية لفن المرأة ……. هل تسمعها ؟
جمال لمعى
مها جورج و هياكل النور
- وأنا أشاهد تجربة الفنانة مها جورج في معرضها الأخير بأتيليه القاهرة رأيت كيف كنا و كيف تعلمناو تشربنا مصرنا، كنا نسير في شوارعها نعشقها ونغنى لها ونتغزل فيها كان أبي يسبح بنا في غرامها ويربينا ...ونطوف معه هائمين ولهين في مصر غرامي الحزين...هذا شارع المعز هذه بوابة المتولي هذه قلعة الجبل هذا المتحف المصري هذا المتحف القبطي والكنيسة المعلقة ..والله لكم تنفسنا في هذه الأماكن الطاهرة مسكاً وعنبراً وبخوراً مع الرهبان كانوا يقيمون الصلاة ونحن نرسم باب كنيسة الست بربارة وأقضي ساعات أرسم وحيدة في تلك القاعة ويترقرق إلى صوت الصلاة من نوافذ الزجاج المؤلف بالجص.. كيرياليسون.. كيرياليسون أمان واطمئنان وسلام أنا ارسم وهم يتبتلون ويطلقون الطيب يرقى بالضارعين يلفني فأرضى وأسكن ..أرفع بصري إلى أثر الشمس في الزجاج الملون و آنس إليها و أطمئن ...أتلمس زخرف الباب و أشم طيوب الصدق و العمق و المحبة في ثناياه التي أرسمها بولع و توق و أقرأ...الرب معي فلا يعوزني شيء. تذكرت وأنا في رحاب أعمال مها جورج ..ذلك الأنس الدافئ الآمن ..حين تأخذ بيدي مها لأدخل في قلب عالمها الكثيف،عبر بوابات من عمارة و بناء راسخ من قدراتها التشكيلية الرحبة.. أجتاز حجاباً تلو حجاب .. وأعبر حتى أصل إلى جوهرها الصداح الذي يتردد في الآفاق و يأتيك من بعيد.. من عميق ..ويدعوك للاقتراب والشهود ..إن مها تبني هياكلها البنائية و الفلسفية من النور فمهاراتها في مزج الألوان الزيتية والأكاسيد الأرضية قد ملكتها ناصية التعبير ويسرت لها تحميل أيقوناتها العذبة بكل تلك الغنائيات الشجية ،على الرغم من عتامة مادة الألوان و ثقل مزيجها، فيولد اللون من بين يديها مشمساً ذهبياً بهيجاً، أو مقمراً وسناناً شجيا ،فهي تفجر بحركة فرشاتها العفية تدفقات فوارة من الألوان الساخنة كالأحمر و البرتقالي والأصفر والذهبي و تعمل عليها فتصبغها بأثر الزمن وتقشرها و تنقشها بالأسود وتوشيها بقطع الدانتيلا وصور القديسين والأنبياء التي نقتنيها في الكنيسة للتبرك، فنحن نلج إلى عالم قد تم بناؤه من وجداننا وإدراكاتنا بلغتها الخلاقة، فنرى أنفسنا و نبتهج والمسألة كلها منبعها صدق ما تبث به مها ذاتها و نقاء ما تبوح به أنشودتها الثرية. إن التكوين الهندسي المعماري المتأثر بمعمار الكنيسة و الدير والمحتوى الاجتماعي الكثيف الذي ينضح بعبقرية المكان والبيت والأسرة و الروح المصرية يتجلى عندها بصورة تكاد تكون دائمة، بقوة إفصاح و بلاغة تعبير جلية و إلمام بصري و وجداني بكل تفاصيل الصورة و جمالياتها ، حتى في أدق اللمحات كأزياء النساء والزينات والحلي وطريقة تصفيف الشعر، والتخطيط العام للمشاهد المتلاحقة،فقد نثرت مها المكان في كل المعرض و سيطر على أذهاننا ورأيناه و انتقلت رسالتها عبر صروح كنسية و عمد و هياكل وممرات و أبهاء وعقود وقناديل تتدلى من سقف منقوشة بالتسابيح، أو هو مرج فردوسي مورق تركض فيه عروس تحمل بين يديها قبس وهاج وتنطلق والجداول حولها تترقرق والنجوم تشهد والطريق يمتد في مدى أزرق ثري موشى بالصليب، و نرنو إلى بقعة مقدسة تأوي إليها العذراء وشمعات واهنة تضيء اللوحة و مغارة وزهرات وأطياف تترى بالترانيم العلوية، أو تمزج بين بساتينها الغناء والتمر يساقط من النخيل وبين المعمار الكنسي، كما نلحظ المنظور المسرحي الذي يتردد في معظم إرسالاتها لنا ..و كأننا نختبئ تحت الستار في صندوق الدنيا و نشهد رقاقات من نور تتوالى و تتوالى في جمال . يضم معمار مها جورج الذي يستقي من البناء المسيحي للكنيسة ومن عمارة البيوت القاهرية القديمة في مطلع القرن المتأثرة بالروح الإسلامية يضم هذا المعمار حضور قوي للجسد البشرى .. الأنثوي على وجه الخصوص، نرى المرأة المصرية في تجليات عدة تفصح عن وجودها عند مها بوعي وقوة و توجه لافت لنقد الكثير من المكونات الاجتماعية المكرسة في الشرق وتدفع ثمنها المرأة في هذا الثوب المنمنم المذهب المزخرف الفياض بالدلالات والرموز العقائدية تقدم لنا مها جورج سخرية لاذعة وتفكيكاً رائعاً لمفاهيم ثارت عليها وطرحتها في بنائياتها الكنسية المنزلية .
- قدمت مها جورج المرأة وهي طفلة تتعلق بأثواب الكبار وتسعى للحاق بهم و هو ما يبدو في خطوطها وحلولها الفطرية الغليظة في بعض الأحيان حين تتمنى لو تعلن عن وجودها الأنثوي الفذ ولا يسمح لها لأنه عيب وممنوع ، وقدمتها وهي تتزوج زواجاً تقليدياً وقد انسحقت إرادتها وقدرتها على الاختيار تحت وطأة الكيانات الذكورية السلطوية المقدسة اجتماعياً و دينياً ،و قدمتها تلك السيدة السمينة التي تسعى وتلهث في سفه للحاق بقطار المجتمع الاستهلاكي المجنون، وتشتري وتقتني و تخزن، وتقتنص وتكاد تلقي بنفسها من شرفتها لهفاً على الطعام .. الطعام فقط، وكأنها تهفو لإحكام سيطرتها وتحقيق ذاتها و لو في مهارة تبديها في صنع الطعام، تسد بحشد الطعام فجوة الفقد الأليم، تستجدي لذة هاربة وتدس داخلها أكواماً من سكينة الشبع المزيف علها ترتق ما انخرق، علها تؤنس الوحشة الصارخة، و تشفي جوعاً لا يزول، و ذلك الموقد الذي صورته الفنانة مها جورج وهو يعمل ستة عشر ساعة متواصلة و كتبت عليه عبارة مفتوح من 11ص إلى 3 ص ، و رددت داخل عقودها الشرقية أيقونات منزلية تشكل عالماً أنثوياً يومياً ضاغطاً على الروح الخلاقة و آسراً إياها في إطار اليومي الرتيب الضروري المحتوم فرسمت إلى جوار موقدها منفضة التراب و السيد المبجل بسترة العريس و قميصها المزركش فيما يشبه السجن الجميل .وهذا المعمار في إطار البيت و الشارع المصري الصاخب الطيب بزحامه المحبب و أناسه الصادقين ،تتردد فيه الوجوه القبطية للرجال و القساوسة و النساء الصغيرات و تلك الأرملة التي جلست وحدها منبوذة في سرادق العزاء ،و هؤلاء الجدات الحكيمات ،و هي تلك الصغيرة التي تتطلع إليهم من طفولتها و براءتها و تقطع إليهم سبلاً من طموح و رجاء و ثورة و تساؤل و تفكر دائم ،هؤلاء الناس الذين صورتهم مها بتمكن لافت من تشريح الجسد البشري و تغيير النسب بحرية و موسيقى تعبيرية تخدم جوهر المعنى ، باستخدام تقنيات تحريف و ابتكارات تحوير الجسد البشري و نسبه ببراعة فطرية عفية ساطعة فصورتهم و هم بعيدون أيديهم ضخمة ، كالقبضة المسيطرة ، التي ترددها دائماً في كل شخوصها ، أجسادهم قوية كبيرة ننظر إليها من أسفل ، من منظور تلك الصغيرة تتشبث بأنامل أمها و تدخل من باب الكنيسة لتلقى الأب و يمنحها البركة ،يحجبها عنهم ظلال و غيام و بريق و تأتيها أصواتهم و صورهم الشاهقة و قد غيرتها أضواء القناديل و تشبعت برائحة الشمعات المحترقة عند المذبح و البخور المنطلق حتى السماء . وكما تقول كريستيفا إن للنساء طريقتهن الخاصة في إبداع رموز العالم –إبداع المجاز والكنايات الخاصة بهن-وأن أجسادهن هي أهم تلك الرموز في لا وعيهن وفي إبداعهن الأدبي والفني بالتالي،حيث ينشغلن غالبا –في اللاوعي والإبداع سويا-بإعادة تشكيل ذلك الجسد وإعادة صياغة علاقته بأصله –جسد الأم-؛وإعادة صياغة علاقته بالعالم .
إن مها تنتقد بهياكل من نور و عبق شجي كثيف كل بناء مسيطر و تفحصه و تفجر جوهر التناقض و الصراع الكامن بين تلك التركيبة الاجتماعية الراسخة و روحها الحرة الخلاقة ، بنيات اجتماعية (سطوة الرجل و قيد الانتماء الأنثوي )و روحية (سطوة المؤسسة الدينية و اللاوعي المقموع) ، إنها تتفحص تلك التكوينات و تثور عليها و هي في نفس الوقت منغمسة فيها ،و لا تستطيع أن ترسم إلا و تولد تصاويرها في ظل هذه التكوينات ، إن البناء هنا في معمار الكنيسة هو أيقونة مادية مجسدة للسلطة الدينية ،و معمار البيت الذي يتردد كثيراً هو معادل ملموس للسلطة الاجتماعية ،و هي تطوف في وعي حر بين الأوضاع المفارقة المخلخلة للأنثى بكل تجلياتها في المجتمع المصري و الشرقي عموماً و الدور القيادي السلطوي للرجل فلم ترسمه إلا بزي يحدد صفته كعلامة متعددة الدلالات : فهو يرتدي عباءة القسيس أو سترة العريس أو هو المنقذ المخلص الشافي المعلم في ظهور السيد المسيح أو لا يظهر مطلقاً في فضاء اللوحة التي تصرخ بوجوده و وجودها في معيته ،هي بنية تفصح عن نقيضها و قامعها ، إنها تحوم حول السطوة الذكورية و تتبعها و تبوح معها في امتناع شديد الحضور و انقطاع بالغ الصخب .
د . هبة الهواري
مها جورج عاشقة الأيقونة القبطية
- افتتح مؤخرا معرض الفنانة مها جورج بقاعه الحسينى فوزى بمركز الجزيرة للفنون وعنوان المعرض من وحى الكتب ومن خلال الأعمال المعروضة نلحظ تأثر الفنانة فى بناء لوحاتها بفن الأيقونة وكيفية توظيفا بشكل ناجح ومميز وقوى مستخدمه تقنيات لونية حديثة الى جانب استخدام الكولاج وتوظيفه على مسطح العمل بشكل محكم ومتقن بأسلوب فريد ومميز حيث أتبعت الأسلوب التعبيرى بشكل واضح فى لوحات معرضها وأحياناً الأسلوب التعبيرى الممتزج بالرمزى، وتعتبر لوحاتها انعكاس لرؤية بالغة الخصوصية أما عن مصادر الأعمال فقد تكون قصة ما فى الانجيل أو فكرة فلسفية، أو شعوراً نتج عن موقف فى الحياة اليومية ، وقد يكون لمصادر الأشكال علاقة بفنون التراث التى أهتمت بالاطلاع عليها وطرحها على مسطح لوحاتها بأسلوب السهل الممتنع كالفن القبطى والإسلامى الفارسى والهندى والصينى والمصرى القديم والأفريقى.
- تقنيات أعمال الفنانة مها جورج جاءت نتيجة تجريب الخامات والأشكال، لتوظف التجريب كمفهوم واسلوب خاص يساعد الفنانة على اكتشاف وإيجاد الصيغة المناسبة للتعبير عن كل عمل فنى، هذا بالإضافة لاكتشاف الجديد فى كل مرة ، كما أن الفنانة تستخدم الخامات والأدوات مثل الحبر والباستيل والشمع والأكوريل والجواش والتمبرا وأقلام الرصاص الملونة والسوداء وتقنية الكولاج كلصق الورق والقماش على مسطح لوحاتها بأسلوب متقن بالغ الخصوصية والتعبير صبغتها بأجواء مميزة استوحتها من الفنون التراثية والتى ساعدت الفنانة على اتقان وتنوع اسلوبها الفنى وتميزه وطرح موضوعات متنوعه و مختلفة مثل معرضها الاخير من وحى الكتب .
- فالأيقونة ما هى إلا امتداد للرسوم المصرية القديمة والتى تظهر فى بورتريهات الفنانة والتى تعد بمثابة حلقة الوصل بين القديم المستلهم من الحضارات القديمة والمستحدث فى اعمال الفنانة بأسلوب وتقنيات معاصرة وفق منظومه فلسفية وفنية مستحدثة من خلال رؤية الفنانة حيث تناولت الأيقونات التى برعت الفنانة فى صياغتها بأسلوب مختلف عن غيرها لتسعى الى تطور الأساليب الفنية والرموز الملحقة بتلك الأيقونات على مسطح لوحاتها بأسلوب بالغ الخصوصية والتفرد.
- والأيقونة كلمة يونانية الأصل Eikon وهى تعنى حرفياً التشابه والمماثلة، وتتناول الأيقونة فى تصويرها الأشخاص، وهو تأثير مشابه لما عهدناه فى استخدام المصرى القديم ، وترجع أهمية الأيقونة أيضاً إلى بعدها الرمزى ومـا له من دلالات أضفت بدورها على اعمال الفنانة بعدا فريدا من قوة تأمل وتفاعل المتلقى المطالع للوحات بالإضافة الى البعد الرمزى لأعمال المعرض ليحقق التضاد بين قتامة اللون فى خلفية الأيقونة ونصاعته فى الشخصيات المصورة يرمز إلى أن النور والتوهج لتصل بمعناها المراد توصيله للمتلقى، الى جانب الوظيفة الأساسية والروحانية التى من الممكن أن نراها فى الأيقونة و الذى تصوره الأيقونة هو شبه رمزى وليس واقعى، وهو ما يفسر تسمية عنوان معرض الفنانة المشار إليه بهذه الكيفية والدقة لتحقق همزة الوصل بين لوحات الفنانة والمتلقى مما يحدث استجابة شديدة وتفاعل قوى مع الأعمال وتأملها بمنتهى الدقة .
- وفى ظل هذا العالم الخاص فى معرض من وحى الكتب الذى تولد من رحم الفكر الجمعى للفنانة الذى يتسم بالخصوبة والتفرد نلحظ ان اسلوب الفنانة خاص للغاية يعكس بشكل ملحوظ ويظهر تأثر الفنانة بالفن القبطى وأيقوناته بشكل واضح وجلى حيث ظهرت تلك المؤثرات فى أعمالها ورؤيتها الفنية بشكل مباشر وواضح والذى دعمته الفنانة بأسلوبها الفريد من خلال ممارساتها الفنية حيث عبرت من خلالها عن صياغاتها وموتيفاتها التى بدت فيها مؤثرات قوية حيت استغلت الفنانة مظاهر الطبيعة والطاقة الروحية لعناصره كمصدر لتعدد وثراء صياغات أعمالها التى تعبر عن موضوعات تحمل قوى روحية ذات مستويات مختلفة الى جانب القوى المادية التى تشكلها عناصر وصياغات الفنانة والتى دعمت بشكل قوى القيم التشكيلية لديها وجاءت واضحة مثل التبسيط والاختزال والتحريف والتجريد والتى وظفتها ضمن بنائية صياغاتها الآدمية، الحيوانية، النباتية وغيرها من صياغات الفنانة التى جسدتها وفق تقنية الكولاج بتمكن من خلال لوحاتها والتى عكست سمات عديدة منها أيضا التحريف والتحوير وكلها سمات واضحة فى بناء الأعمال إلى جانب التسطيح والمبالغة وتغير زوايا الرؤية للصياغات على مسطح العمل لتدعم بناء حوار فنى بين الصياغات والرموز بجانب استخدام الفنانة لعنصر الحركة اللينة واستخدامه الخطوط لينشا عنها مساحات وأشكال متعددة ومتباينة تظهر بشكل متوافق ومترابط إلى جانب نجاح الفنانة فى دعم حركه الصياغات والعناصر على مسطح لوحاتها لتحقق تاكيد قوى على الترابط وعلاقة الاشكال بالأرضيات بجانب التأكيد على الاتزان إلى جانب براعة الفنانة وقدرتها على تجسيد رؤية فنية خاصة جدا للبيئة المحيطة بها وقد صاغت مفرداتها وتقنياتها بإحكام وبأسلوب تعبيرى احيانا ورمزى احيانا اخرى وفق منهج خاص من التجريد والتجريب لتنشئ عن هذا التجريب اعمال رمزية تجريدة وفق تقنية الكولاج لينتج عنها أعمال معاصرة صيغت بأحكام وبأسلوب مدروس ومتقن لنلحظ ان لوحات الفنانة خيم عليها الأسلوب الفلسفى والرصد الدقيق والمتعمق فى رصد وتصوير المناسبات المختلفة وبصورة شديدة الدقة والرقة والخصوصية ، كل هذا رصدته الفنانة بمنتهى الصدق على مسطح أعمالها لتصل بالمتلقى لحالة من التأمل والتدبر للمعانى والقيم والعادات والتقاليد وكيفه التعبير عن الواقع المحيط بالفنانة بأمانه وصدق وترتكز الفنانة على العمق والمنظور الى جانب التسطيح والتلقائية في تصويرها للواقع لتعكس جوا من الغموض حول العناصر والصياغات ،حيث أنها تصور معانى وقيم فلسفية خاصة، وتأتى اعمال الفنانة ايضا انعكاس مباشر وحقيقى بأسلوب مبسط وتلقائى تهدف به ان تبرز البيئة المصرية ومناسباتها وعاداتها وتقاليدها المختلفة وكذألك شخصياتها المختلفة والمتنوعة التى حرصت فيها الفنانة على توظيف العناصر الجمالية جنبا الى جنب مع الموضوعات الثقافية المتنوعة وكذألك التقنيات والمعالجات الخاصة بالفنانة والتى ترصد الأساليب التشكيلية الممهور بالثقافة التعبيرية بأسلوب مميز وفق بنية العمل الى جانب تنوع وتعدد رموزها وأيضا معالجتها للرموز والصياغات بأسلوب مباشر، كما برعت فى بناء صياغاتها ومفرداتها داخل أعمالها الفنية مستخدمتا الطابع التركيبى .
د. أمجد عبد السلام عيد
جريدة القاهرة ديسمبر 2023
|