حول رؤية الفنان - السيرة الذاتية - قطاع الفنون التشكيلية

طه عشماوى.. في عرضه بمركز مختار الثقافى ..
- تلقى الغربة بظلالها على الفنان المهاجر.. وهى ظلال كثيفة من الحنين والأشواق ووجع البعاد.. قد تصل أحيانا إلى حد الوحشة والاغتراب.. ولكن مع هذا تمثل حالة شعورية تمتزج بثقافة بصرية جديدة.. تتأكد بالوعى والتأمل فى صياغات غير مسبوقة.. قد يخطو من خلالها الفنان من الخصوصية المحلية إلى العالمية. وهناك العديد من طيور الفن المهاجرة.. ممن غادروا الوطن وحققوا إنجازات تضاف إلى الإبداع المصرى.. بدءاً من الراحلين حامد عبد الله وادم حنين وسمير رافع.. إلى بهجورى ووهيب نصار ويوسف ليمود وحمدى عطية وغيرهم.
- ويعد الفنان طه عشماوى من بين طيورنا المهاجرة.. بعد تخرجه من الفنون الجميلة بالقاهرة 1990.. وكان لسفره إلى أوروبا ما جعل تجربته اكثر انفتاحا على الحداثة خاصة مع متابعاته عن قرب لاتجاها الفن الحديث والمعاصر.. فأعماله عموما تمتد من التجريدية التعبيرية بملامح تشخيصية.. إلى الأعمال التعبيرية بلغته ولمسته الخاصة.. وهنا كانت مشاركاته بالمعارض الجماعية مع معارضه الخاصة داخل مصر وخارجها.
- وفى الحقيقة تمتد أعماله فى منافسة بين لوحة التصوير وفن الرسم وقد حقق عالما يمتزج فيه تلك الثنائية الحوارية.. من المنظومات اللونية والأبيض والأسود. كما تمثل إشراقات وتجليات بين التجريد اللاموضوعى أو اللاشكلى وبين ملامح تشخيصية هامسة.. تبوح بالروح والنبض الإنسانى فى حكمة تشكيلية.
- ويظل الإيقاع التجريدى للفنان حالة درامية بمنظوماته اللونية التى ما إن تخفت حتى تتوهج.. بين الأحمر والبرتقالى والأسود.. والأزرق والأحمر والأبيض.. لكن ينتقل إلى فضاءات أخرى فى التصوير تبوح فيها العناصر بملامح إنسانية.. بدءا من لوحته لرأس إنسانى فى تفاصيل مبهمة توحى بالغموض.. مع إشراق المساحات وحيوية الخطوط وحركة اللون فى موجات ومسطحات رأسية وأفقية.. وعلى الجانب الآخر.. تبدو أعماله التعبيرية بروح التشخيص.. حافلة بالمجاميع من الشخوص وسط أبعاد من المساحات من مقدمة اللوحة إلى الخلفية.. فى حالة من الترقب والانتظار.. وربما يبدو سيرياليا كما فى لوحته التى تخرج فيها سمكة تشق الفضاء محفوفة بشخوص إنسانية.. والجميل غنائيات الخطوط الرفيعة المنسابة بتوثب.. ما يوحى بالحركة والطاقة. كما جاءت لوحته للأمومة بالانحناءة القوسية للام مشحونة بالتعبير وجمال التشكيل.
- لكن تظل أعمال الفنان عشماوى بالأبيض والأسود.. مساحة أخرى تنافس أعماله الملونة لما تحمل من إيقاعات رصينة مع تنوع وثراء التكوين من لوحة إلى أخرى.. ومعظمها بهيئة مناظر يمتزج فيها البشر بعناصر الطبيعة من الأشجار والبيوت والجبال ما يوحى بالبيئة الطبيعية لبلاد الشمال.. كل هذا مع التجسيم والتنغيم والسطوح والمساحات الصريحة البيضاء والسوداء.