جمال الدين أحمد عبد الله عبود
-فى مجال الآنية يميل الأسلوب الفنى فى مجال الآنية إلى البساطة فى التعبير عن طريق تشكيل الطين الى أوانى بسيطة فى أشكال على علاقة قوية بالتراث المصرى ` أسلامى ـ فرعونى` عليها بعض التأثيرات اللونية ومعالجة الأسطح بما يتناسب وكل شكل وما يتطلبة السطح من معالجة خاصة
الأشكال الخزفية ترتبط أرتباطاً قوياً بالوطن فهى مصرية تضرب فى أعماق التاريخ المتتابع فى مصر وتتناول أحياناً بعض الملامح الشعبية الشائعة
ـ معظم الأشكال مشكلة على الدولاب ـ عجلة الخزاف ـ وبعضها يشترك البناء اليدوى مع الدولاب فى إنهائها فنيا
ـ فى مجال الخزف المعمارى يرتبط ما يقدم من أعمال خزفية معمارية ارتباطاً قوياً بشخصية المبنى والبيئة المحيطة به وما يقدمه من طراز
ـ وقد يكون العمل داخل المبنى أو خارجه
ـ يميل أسلوب العمل إلى تبسيط العناصر طبيعية أو هندسية وإخراجها فى تصميم متكامل مع بقية العناصر المعمارية الأخرى
ويخضع اللون النهائى للعمل فى كل حالة بما يتناسب أيضاً مع نوعية التشكيل كذلك نوعية الطلاء الزجاجى ومظهره النهائى
جمال عبود .. والعطاء الكبير
من بين أفراد الجيل الذى تربع على عرش الخزف المصرى المعاصر بعد جيل الرائد سعيد الصدر ، يلمع اسم الفنان القدير الذى فقدناه فى الاسبوع الماضى ، الفنان الدكتور / جمال عبود .
وهو فنان بالغ التميز ، اثرى حركة التشكيل والتعبير الخزفى فى مصر المعاصرة بأيات فريدة من هذا الفن ، مواصلا رسالة الإبداع الخالصة والإبداع التطبيقى مع فريق محدود بين زملاء جيله ، ورفيقة حياته الفنانة المتميزة فى ذات الاتجاه الفنانة الدكتورة زينب سالم .
تجللت قدرات هذا الفنان كمبدع وكمعلم وكقيادة تعليمية رفيعة المستوى ، حين تقلد عمادة كلية الفنون التطبيقية فى جامعة 6 أكتوبر ، فضلا عن توليه مهام وكالة كلية الفنون التطبيقية الأم ، جامعة حلوان ، ودرجة الاستاذية وتبنية لعشرات النابهين من شباب هذا الفن وباحثية ومحبية .
شخصية تبادرك عند لقائها بملامح تجمع بين الأدب الرفيع والوقار والود الحميم ، فتدخل قلبك لأول وهلة وحتى قبل أن تتعامل أو تتخاطب معها .. شخصية نبيلة حقا على وجهه ابتسامة تجمع بين القلق والأمل والبشر فى آن واحد ، مسالما عنيدا فى الحق بغير مواربة كانت لى ذكريات جميلة معه فى مرسمه المطل على الهرم بمنطقة الحرانية أتأمل أعماله الناضجة والأخرى فى طور التسوية أو الجفاف بإعجاب بالغ فى مجال الاناء الخزفى كهيئة مبتكرة وطلاءاته الزجاجية الرصينة غير المسبوقة دائمة التجدد واستحضار الدهشة لمن يشاهدها فهى ثمار فريدة الواحدة تلو الاخرى والمجموعة بعد المجموعة ــ بحث دائب فى التجديد على نسق الشخصية المتبلورة ، وفى فن المعلقة : البلاطة الخزفية الزخرفية قدم جمال عبود بحوثا متعمقة فى التقنيات المبتكرة ومناهج التشكيل التى راعى فيها خلاصة التراث القنومى ` الارابيسك والحروفيات خاصة ` مع نزعة التشكيل الحداثى ، حيث توصل الى بلاطات كبيرة المساحة مثقبة فى استحياء معاصر تقدمى لتراث شباك القلة الذى ازدهر فى العصرين الفاطمى والمملوكى ببراعة وثراء فريد فى التراثث الإنسانى ، استخلص عبود من هذه المأثورات التاريخية الرائعة مايتلائم ومذهبة الحداثى ، والزائعة المعاصرة فأبدع شبكيات متسعة من البورسلين الابيض المطفىء من الطينة السائلة المصبوبة فى قوالب تنطوى على إيقاعات خطية لينة فيها من روح الارابيسك والحروفيات ومن ايحاءات شبابيك القلل الفخارية الاسلامية وفيها الكثير من الطرح الجديد الجسور فى التشكيل المعاصر بمنهج اسلوبى لم يشاركه فيه أحد قط .
وقد شاهدت الاعجاب الشديد من اعضاء لجنة التحكيم الدولية لبينالى القاهرة الدولى للخزف ـــ فى الدورات التى شاركت فيها كعضو فى لجان التحكيم ـ بأعمال جمال عبود واتفاقهم على منحة جائزة بعد اخرى وهذه شهادة على اللغة العالمية الممزوجة بملامح وجذور الاصالة فى فنة .
تخرج عبود فى كلية الفنون التطبيقية بالقاهرة عام 1963حيث تتلمذ على يد الرائد سعيد الصدر وحصل على منحة من الحكومة الهولندية حيث طور دراساته واقام عددا من المعارض .
وهو يرحل عن عالمنا تاركا فى قلوبنا زملاء الطريق وطلابه وأسرته العزيزة لوعة الفراق الاليم . يترك ملفا مضيئا من الانجازات التى خدم بها الفن تعليما وإدارة وإبداعا غزيرا وعميقا . ليسجل التاريخ له اسهامة القيم فى تراث هذا البلد العظيم.
أ.د مصطفى الرزاز
2005 - الوفد
|