أصداء بلا أصوات - مجموعة قصصية كتبت بمنطق فنان تشكيلى فاستعصت على الفهم
فى مناقشة للمجموعة بورشة الزيتون
` أصداء بلا أصوات ` عنوان المجموعة القصصية الثانية للفنان التشكيلى والكاتب محمد عكاشة بعد مجموعتين الأولى ` وللقلب أوردة أخرى ` قد يبدو عنوانا رومانسياً لكنه يحمل العديد من الدلالات لدى الحضور فى ورشة الزيتون كما قالوا فى الندوة التى عقدت الأسبوع الماضى لمناقشتها . فالشاعر سمير درويش صبرى يرى أن العنوان يعبر فى دلالاته عن الصراع غير المسموع ، القاطن قاع المجتمع من المهمشين والناقد حسن بدار يرى أن العنوان والإهداء الذى هو ` إلى المكذبين ` يعطينا دلالة أن هذا العالم الذى نعيش فيه أصبح بلا فائدة بعدما أصبحنا فقط نتلقى ردود الفعل دون أن نشارك فى هذا الفعل .
والمجموعة القصصية ` أصداء بلا أصوات ` تضم قصة قصيرة طويلة ` فقه التصديق ` وتتكون من اربعة أجزاء ، إلى جانب اثنتى عشرة قصة أخرى يتناول فيها عالم الريف بالأساس إلى جانب عوالم أخرى ترتبط بعالمه الخاص مستخدماً بنية غير تقليدية تصل الى حد اللابنية بحيث لا يمكن الإمساك ببنية واحدة داخل المجموعة وبلغة تراوح بين الوضوح والغموض مما اعتبره حضور الورشة تعقيداً أصاب المجموعة بكثير من الغموض ، وفى ذلك يقول الروائى محمد إبراهيم طه أنه بداية من عنوان ` أصداء بلا أصوات ` يتضح أن الكاتب سيتجه إلى التلميح أكثر من التصريح ، فالجزء الأول من المجموعة يحيلنا إلى بداية التاريخ إلى أول قضية قتل فى التاريخ بين قابيل وهابيل ، والجزء الثانى يحيلنا إلى أسباب الصمت والبكم والخرس الذى يعانى منه الراوى ، أما الجزء الثالث فيحيلنا إلى غياب الأب المسئول الذى ترك أبناءه يواجهون مصائرهم وتفرغ لنفسه ويسلمنا الجزء الأخير إلى وجع وألم وعدم تواصل بين رجل وامرأة كلاهما لا يستمع لما يقول الآخر لان أحدهما يتوجع والآخر يتألم ، ويضيف طه أن الكتابة فى هذا القسم لمنطق الكاتب الواقع تحت تأثير الفكرة المسبقة ، وليس من قبيل المصادفة إذا أن تقع ثلاث قصص فى عشرة مقاطع وقصة واحدة فى عشرين مقطعاً ، كما أن القص فى هذا الجزء لا يستقر على أسلوب واحد ، فهو يستلهم الأسطورة الدينية فى الجزء الأول ويتوسل بالواقع العجائبى والغرائبى فى الثانى والرابع وبالفانتازيا فى الثالث وبالسخرية والتهكم فى قصة ` حرف ` .
أما القسم الثانى فيتسم بأن قصصه قصيرة تبدو فيها الفكرة متسقة مع الشكل وقد تبنى الكاتب فى بنائها منطق اللوحة التشكيلية بحيث تغمض العلاقات المباشرة بين العناصر ويسيطر على اللوحة أو القصة وضوح التفاصيل وغموض المفهوم الكلى أو تعدده فالكاتب يسرد إلينا عن أشخاص وعلاقات لا تحيط بمضمونها وكأننا تشاطره معرفته بها ، وهو سرد حميم غير مترابط كأنه سارد يسرد إلى أصدقائه وزملائه وشركائه عن ذاته وأصدقائه وأسرته والمحيطين به بطريقة تبدو للبعيدين عن عالمه كأشلاء بشرية بلا تفاصيل مكتملة ، وفى النهاية فإن ما يأخذه محمد إبراهيم طه على الكاتب هو التكرار والإلحاح على المعنى على حساب السرد مما أدى إلى الإطالة فى عدد فقرات القصص ، كما يؤخذ علية التوقف عن السرد بغرض التفسير أو التفلسف .
وحول الارتباك والغموض الذى يشمل قصص الجزء الثانى من المجموعة القصصية يقول الشاعر سيد درويش إن ذلك أحدث إشكالية كبيرة أمام القارئ لأن محمد عكاشة بعدما سلم مفاتيح القصة الأولى للقارئ قام بأخذها منه مرة أخرى فى الجزء الثانى من المجموعة .
ويضيف القاص محمد العون أن الكاتب قد انشغل بالتجريب والتعيقد على حساب المحتوى الأصلى للقصة وكأنه قد لجأ للصعب حتى لا يتهم بالسلاسة ورغم أن لتشيكوف ودستاويفسكى وكافكا ونجيب محفوظ عوالمهم الخاصة الصعبة إلا إنهم استطاعوا توصيل أفكارهم بسهولة للقارئ . والكتابة الجيدة هى ما يستطيع الكاتب من خلالها أن يعبر عن أصعب الأفكار بأسهل الألفاظ أما ` أصداء بلا أصوات ` فإن جزءها الثانى بالغ التعقيد والصعوبة إلى درجة أننا لم نعرف ما الذى يريد أن يقوله .
مى أبو زيد
روز اليوسف : 7-5-2007