إكرام محمد عمر
- قطع القماش تختلف هنا عن استخدام الفنان الشعبى لها تحقيقاً لزخارفه الإسلامية التى يوشى بها خيمه كما تختلف عن استخدام الفنانين التكعيبيين كى يطعموا صورهم بمواد مختلفة كما تختلف عن استخدامها فيما اصطلح عليه بالنسبة لما يطلق عليه لفظ `كولاج` من أعمال فنانى الدادا أو التجريديين أو السيرياليين.
- فهنا قطع القماش ليست وسيلة بقدر ما هى غاية فى حد ذاتها تعايشها الفنانة معايشة كاملة وتمضى عبر رحلة.. عبر حلم.
- نثرات القماش هنا كل منها تقول على حدة، فلها كيانها المستقل ثم تتحد مع بعضها متكاملة فى بناء العمل الفنى.
- نشعر بأعمال الفنانة التى نحن بصدد الحديث عنها - كالحلم يتلاحق - نشعر بها تشد خيوط قطع القماش، أو تثبتها ما بين هوادة أو عنف، بحساسية مرهفة تفرض وجودها عليك. فلكل قطعة قماش نبضها الخاص المتدفق، تمسكها بين أصابها، تشد من أطرافها، أو تسحب من خيوطها، ثم تحنو عليها متأملة إياها مع يجاورها من باقى القطع.
- وفى التسجيلات الأخيرة لعازف البيانو الكبير ميكائيل انجلى التى ترفض الكثير من شركات التأمين أن تؤمن على يده لتهوره فى قيادة سيارات السباق وتهوره فى انزلاقه على جليد سفوح الجبال - نجده يبعد عن التزامه بأدائه المحكم المنضبط للجملة الموسيقية مهما كانت صعبة أو معقدة وهو ذلك الأداء الذى اشتهر به - ويختار قطعاً بسيطة كتبها شوبان أو ديبوسى للأطفال .. وحينئذٍ نجد أن بساطة سقوط أصبعه هى كل شئ وهى تعنى الكثير .. إنه الصمت تقطعه وتمزقه أصابع ميكائيل انجلى ما بين هوادة وعنف ، إنها كذلك حساسية الإنسان الذى يعيش الخطر .. إنها حساسية مرهقة كالحلم يمضى عنك فتتذكره شاحباً، لكنك لا تنساه وترغب فى أن تستعيده ثانية.
- هذه بالضبط هى أعمال الفنانة إكرام عمر ولتكن شذرات قطع القماش وأشلائه دفء الحياة فهو جزء من انفعالها .. وجزء من حبها الكبير للإنسانية .. إنه تمرد اللاوعى على واقع حفاظاً على حلم لا تريد له فقداناً.
كلمة الفنان حسن سليمان
مطوية معرض الفنانة بالمركز المصرى للتعاون الثقافى الدولى بالزمالك - يناير 1979
- كان معرض الفنانة إكرام عمر من أكثر معارض الشهر الماضى - الفردية - تميزاً ، فقد نبذت الفنانة العجائن اللونية ، والفرش ، وغير ذلك من أدوات التصوير ، ولجأت إلى الخيوط ، والأقمشة الحريرية ، والشاش ، ، والقطن ، والأصباغ ، لتبدع بإبرة ، وبصبر عظيم ، غنائيات بصرية بالغة الرقة والعذوبة ، تجسد لوحاتها عالماً لا تصادم فيه بل مصافحة بين درجات الأقمشة ، والأصباغ المضافة إلى بعض اللوحات ، وتوافقاً بين العناصر المشخصة : بدت أكثر تقشفاً عن ذى قبل ، وقد اختارت الآية الكريمة ` وجعلنا من الماء كل شىء حى ` شعاراً لأعمالها التى أنجزت مابين نوفمبر 1982 حتى أكتوبر 1983
بقلم : محمود بقشيش
مجلة الهلال - ديسمبر 1983
عندما تغنى الطبيعة بروح البساطة وطفولة الكائنات
- اكرام عمر سيدة التصوير النسجى
- من قبل قال بيكاسو: ` ظللت ارسم بعقلية شيخ كبير اما الان فاننى ارسم باحساس طفل صغيروياله من احساس و يالها من متعة اشبه بالجنة العذراء `..قال هذا بعد ان تجاوز السبعين وهو هنا يعكس قيمة الابداع التلقائى الذى يقترب من عالم الطفولة .
- وهذا مايميز عالم الفنانة اكرام عمر سيدة التصوير النسجى ..ورغم دراستها بالفنون الجميلة وايطاليا وفرنسا وتمرسها بلوحة التصوير الا انها تركت الفرش والالوان وفضاء ات التصوير الزيتى واتجهت بكل طاقتها التعبيرية من اواخر السبعينيات ..الى دنيا الخيوط والقصاقيص حتى ان عالمها الذى تغنى فيه الطبيعة بروح البساطة والجمال والعذوبة روح التلقائية يمر من ثقب ابرة رفيعة .. واذاكانت الطبيعة تعد اما لنا نهفو اليها من تجهم الحياة المعاصرة وضغوطها فلاشك ان اعمالها انشودة بصرية للجمال والبساطة تنساب فى دنيا من الالوان بالزهور البرية والزنابق والورود والنخيل والاشجار ..وكل هذا من قصاقيص الاقمشة التى تتنوع فى ملامسها ونقوشها كما تتنوع فى الوانها التى تقوم احيانا بصبغها بما تريد من توليفات حتى تبدو اشبه بالاطياف وكما يقول الفنان الفيسوف حسن سليمان :`قطع القماش تختلف هنا عن استخدام الفنان الشعبى المصرى لها تحقيقا لزخارفه الاسلامية التى يوشى بها خيمة كما تختلف عن الفنانين التكعيبيين كى يطعموا صورهم بمواد مختلفة كما تختلف عن استخدامها فيما اصطلح عليه لفظ الكولاج من اعمال فنانى الدادا او التجريديين او السيرياليين ..هنا قطع القماش ليست وسيلة بقدر ماهى غاية فى حد ذاتها تعايشها الفنانةاكرام معايشة كاملة وتمضى عبر رحلة ..عبر حلم `.
- فى اعمالها نسمع ونرى من خلال هذا الحوار الصامت البليغ وباسلوب شديد الخصوصية عالما من روح الطبيعة مع مرح الطفولة فى تعبيرية يمتزج فيها النسيج بالنسيج ويلتئم اللون مع اللون اشبه بالالوان المائية وشفافيتها تاخذنا الى افاق متنوعة فى ملامسها من الليونة والنعومة والخشونة فى سطوح غاية فى الحيوية مليئة بالتناغم ..وحين اتجهت الى بيت الله الحرام فى رحلتها للحج صورت لوحة يتعانق فيها الابيض مع الابيض كل العناصر والبشر والكعبة فى حركة دائرية لاتتوقف ولاتنتهى فى براءة ونقاء الابيض ..كما اتسعت لوحات اخرى لها بايقاعات خطية تبتهل وتسبح بحمد الله من خلال اسماء الله الحسنى والصلاة على الرسول فى تسابيح وتراتيل مصورة بالنور والبهاء والسحر الصوفى وتجليات الايمان مع اوراق الشجر الطبيعية التى تهتف بقوة الحياة .
- واذا كان من بين فنانينا حاليا فى فن التصوير النسجى :` الفنان الفطرى ابراهيم البريدى والفنانة نعيمةالسنهورى `الا اننا نفتقد اعمال الفنانة اكرام بلمستها الخاصة فهل تعود فنانتنا الى الابداع من جديد ونرى اعمالها مرة اخرى بخيوط الحرير واطياف الدانتيلا وقصاقيص القماش ..نقول فى انتظار معرض لسيدة التصوير النسجى اكرام عمر .
بقلم : صلاح بيطار
2 -3 -2017
أغنية الطائر الذبيح
- للعصفور جناحان يحلق بهما فى الفضاء حذرا من جاذبية الأرض وكم تمنى الإنسان أن يكون له ما للعصفور من حرية الإنطلاق فلما عجز عن ذلك تولد فى قلبه ما يشبه الغيرة من هذا الكائن الصغير الطليق الذى يقدر على مالا يقدر عليه هو !!
- وقديما صنع ` إيكاروس ` لنفسه جناحين من الشمع ليسبح بهما فى الفضاء.. فذاب الشمع عندما اقترب كثيرا من الشمس ، وهوى ` إيكاروس ` إلى الأرض .. وفقد حياته لأنه لم يستمع إلى تحذيرات أبيه الحكيم ، بأن الفضاء ليس ميدان الذين تلتصق اقدامهم بالارض..
- وظل حنين الإنسان للفضاء أملا وحلما .. إلى أن تم له ما أراد واخترع الطائرة والصاروخ وسفينة الفضاء . التى حملته إلى أبعد مما كان يتصور .. فهل انتهى ما بين الإنسان والطائر من تنافس على غزو الفضاء !! وهل انتهى ما بينه وبين ذلك الكائن الصغير الذى لا يملك سوى جناحين ينقلانه من غصن إلى غصن ، وصوت يحيى به طلعة الشمس وخضرة الحقول ..
- إن هذا الطائر المغرد يمتلك أغلى ما فى الوجود ، يمتلك حريته .. وهى الشئ الذى لم يستطع عقل الإنسان بكل جبروته أن يحصل عليه ..
- ودفعته غيرته إلى أن ينصب الفخاخ للطيور ، وأن يطلق عليها البارود ، وأن يحنط أجسادها الصغيرة ، وأن يصنع من ريشها الملون أدوات للزينة ، ووسائد يريح عليها رأسه .. وأصبحت مطاردة هذه الكائنات الطليقة إحدى هواياته .. وحبسها فى الاقفاص.. لا ليستمتع بجمالها ، وإنما ليشعر بأنه ليس وحده سجين قضبان عجزه وأن هناك من يشاركه سجنه الذى وضعه فيه قدره !!
- وتولدت عند الإنسان عقدة الهرب من زنزانة نفسه ، والفكاك من الشباك التى نسج خيوطها بيده وكانت المرأة أكثر الجنسين تطلعا للهرب ، فهى التى ذاقت مرارة العبودية منذ أن هبطت من الجنة إلى الأرض .. كانت هى الطائر الحبيس فى القفص الذهبى الذى صنعه لها الرجل .. كانت العصفور المعلق من رجليه بخيط من حرير وكرهت هذا الخيط بقدر ما أحبته .. كرهته لأنه يذكرها بالقيود التى تقيدها .. وأحبته لأنها جعلت منه وسيلة للهروب من رتابة الحياة فى سجنها المحكم الجدران .. ونشأت بينها وبين الخيوط علاقة وثيقة .. أصبحت تسليتها المفضلة والوسيلة التى تنفس بها عن عقدها فجلست إلى منسجها لتصنع أجمل المطرزات التى صنعت منها جنات ملأتها بالأزهار والرياحين وعصافير الجنة .. وصار السجن الضيق ميدانا فسيحا تنطلق فى رحابه ، والخيوط المطرزة مهرجانا تسبح فى ألوانه . وكانت إبرتها هى السهم الذى تطعن به رتابة الحياة ..
- ومرة أخرى يدخل العصفور دنيا المرأة كرمز للحلم الملون المغرد المحلق الطليق .. وكان أيضا رمزا للغائب الذى تنتظره كل صباح ليدق بمنقاره على نافذتها ، ويوقظ بأغاريده قلبها النائم .. ويأخذها بعيدا بعيدا إلى عشهما الذهبى ..
- ولذلك ليس عجبا أن ترى العصفور يتحول إلى ` تيمة ` تدور حولها الفنانة ` إكرام عمر` فى أول معرض تقيمه لأعمالها بالمركز الثقافى للدبلوماسيين الأجانب ..
- وليس عجبا أيضا أن تتخذ من الخيوط الهامة وسيلة للتعبير عن الخواطر التى تتزاحم فى داخلها ولتحكى بلسانها عن الطائر الحبيس فى أعماقها .. فتمثله تارة مصلوبا فى جذع شجرة ، أو مشنوقا بخيط رفيع ، أو ملفوفا فى كفن من حرير أو جثة هامدة ، بين أعواد القمح!!!
- هل هى مرئيات حريرية وبكائيات تنعى بها طائرها الذى سكت عن التغريد لسبب لا تستطيع أن تبوح به الخيوط الخرساء ؟؟ هل هى صرخات مكتومة تعلن بها عن حق طائرها فى الحياة بمنأى عن الشباك والفخاخ والبارود ؟؟ وماذا يكون هذا الطائر الذى جعلته رمزا تنتزع به دموع المشاهدين ؟؟ لا أحد يعلم ولا الفنانة نفسها تعلم .. أنه أحد إفرازات اللاشعور تقنع بهذا القناع الرقيق ، وتسلل من ثقب إبرتها ، وتخلل من مسام الأنسجة الشفيفة ليحكى فى تعبير شاعرى هامس قصة العصفور الشهيد بأسلوب لا ينتمى إلى أى فرع من المطرزات المعروفة ..
- وتقف الفنانة ` إكرام عمر ` وراء خلفية عريضة من التجارب العملية والتربوية ، فقد عملت لسنين طوال مدرسة للتربية الفنية لأطفال المرحلة الابتدائية . وكانت لها تجارب رائدة فى استخدام الخامات المختلفة كوسائل للتعبير ..
- وترسبت تجارب العمر داخل الفنانة المربية ـ وتكدست الخواطر كذلك فى أعماقها حتى فاضت .. وعندما بحثت لها عن مخرج فى هذه الخامة المتواضعة . فى قصاصات القماش والخيوط الملونة ، ولكن هذه القصاصات لم تستقر فوق أرضياتها مثل زخارف ` الخيمية ` التى تزدحم بها سرادقات الأفراح والمياتم .. ولم تقم الخيوط بدور التطريز التطبيقى المعروف . وإنما تحولت إلى لغة تعبير تصويرى شديد الإيحاء والبلاغة استعانت بكثافاتها وشفافياتها ومسامها وأطرافها وزغبها وذؤاباتها وملامسها وألوانها فى إيجاد أجرومية جديدة للغة تشكيلية غير متداولة ..
- وعبرت الخيوط الرقيقة عما عجز عنه القلم والفرشاة .. وقالت قصاصات القماش ما لم تستطع أن تبوح به الشفاه .. قالت شعراً ناعماً صادقاً ساذجاً فيه براءة الطفل ونفاء الملائكة .. فأنت تسمع الأنات المكتومة تنبعث من بين طيات القماش .. وتكاد تحس بقسوة الألم مع كل وخزة إبرة تخترق مسام الغلالات الباكية .. ولا تملك إلا أن تمصمص شفتيك إشفاقا على الطائر الشهيد .
إنها صوصوة أنثوية ، وزقزقة حزينة لطائر ذبيح .
بقلم : حسين بيكار
من كتاب أفاق الفن التشكيلى
-` حين وافقت الأسرة على حلم إكرام عمر كان عليها أن تتقن ما تمنت ، وكانت طفولتها ما زالت تملك سحر الحواديت، فالشاطر حسن يوجد من بين أساتذة الكلية، وعليها أن تلعب دور ست الحسن التي يتقدم لها أستاذها طالبا يدها للزواج، فتفرح ولكن للفرح ثمنا ستدفعه من مطاردة الدراسة للمهارات في البلاد التي يسافر إليها الشاطر ` ممدوح عمار` لتكون أول بلد لها هي باريس، والثانية هي روما، ومدينة الإجازات هي مدريد، وفي باريس ترى كيف صار عليها أن تصل الليل بالنهار لتستوعب المهارات التي تركتها وراءها في كلية الفنون ولتنهي وهي هناك شهادة إتقان المهارات الفنية بامتياز من أكاديمية الفنون الجميلة بروما 1966.
- وحين تعود إلى القاهرة اختارت أن تكتشف ما في خيال الأطفال من فن لتصبح مدرسة متميزة لأجيال من أطفال في مدارس بورسعيد ومصر اللغات.
- وها هى تجلس من جديد أمام حلمها القديم في غرفة القصاقيص وهي التي لقبت منذ طفولتها بعشقها للقصاقيص لتسأل نفسها `ولماذا لا أرسم بتلك القصاقيص ما في خيالى؟ `
- وتبدأ رحلة لم يبدأها أحد من قبل مع القصاقيص، والخيوط والألوان والمقص ، رحلة قال عنها الفنان حسين بيكار ` ويبدأ الحوار اللمسي مع القصاقيص الملونة، والغلالات الرقيقة،تقلبها بأناملها بحنان دافق، وكل ما لديها من أدوات وإبرة هزيلة ومقص صغير ، وبعض الخيوط الملونة... تنتقي قصقوصة من هنا وقصقوصة من هناك... تهذب هذا الجزء وتثبت ذاك، تدب الحياة في خلايا النسيج الأخرس وفيها كل الصدق، العمق، الدفء والفن أيضا`.
- وما زالت ست الحسن تسافر مع قصاقيصها وتحمل بين ضلوعها ذكرى الشاطر ممدوح عمار لتروي لنا قصصا من قصص ألف ليلة وليلة.
بقلم : منير عامر
إكرام عمر و نجيب محفوظ ألف ليلة وليلة
- الذكرى 109 لميلاد نجيب محفوظ
- بعد غياب 18 سنة تعود إكرام عمر تروي بالنسيج والرسم حكايات ألف ليلة وليلة بمعرض بجاليري خان المغربي، الثلاثاء 15 ديسمبر الى الثلاثاء 29 ديسمبر
- تقول إكرام عمر إنها في مايو 2001 في اثناء معرض لها بدأت قراءة رواية نجيب محفوظ الجميلة ليالي الف ليلة وليلة ليكن للمرة الثالثة او الرابعة ليكن الخامسة وانبهرت بها جدا كمان مرة ولقيت خيالي بيسرح جامد وسألت نفسي يا ترى ليالي نجيب محفوظ علاقتها ازاي بالظبط من الف ليلة وليلة الاصلية؟ دة اول سؤال السؤال الثاني كان الصور البديعة الي موجودة في الرواية يمكن اعمل منها حاجة؟
- خفت جدا وقريت مرة كمان بإنتباه اكبر وبسرعة، بدأت في قراية الف ليلة وليلة الأصلية عشان أربط العملين ببعض وفي اثناء القراءة كنت أدون ملاحظاتي وأكتب اسماء الابطال وحكايتهم وخلقت وكتبت وهرجع اكتب تاني.
في شهر يوليو 2001 بدأت اعمل اسكتشات لاثنين من الموضوعات طائر الرخ الخرافي وغضبه الشديد من السندباد وتحطيم مركبه بعدما السندباد واصحابه وكمان جربت شواهي ام الدواهي وحاجات تانية.
بقلم : فهمى غالى
7 - 12 -2020
الفنانة `إكرام عمر` حواديت منسوجة من حرير وحكايا الجدات
- عن معرضها الأخير بمركز الجزيرة للفنون
- أبحر مع الفنانة `إكرام عمر` فى رحلتها الثرية ما بين نقاء وصفاء الطفولة، وتغريد هذا العصفور الكامن - فى فؤاد الفنانة - الرمز والدلالة، ما بين البيت فى حمامات القبة مهد الطفولة وبدايات الصبا والشباب وحكايا الجدات إلى منزلها بالمنصورية مع رفيق الرحلة الفنان `ممدوح عمار`.. رحلة حياة قوامها المعاني والأفكار التى امتلكت قلبها.. وأدعوكم لهذه الرحلة ما بين الزمان والمكان وكيفية تأثيره على الفنانة.
- القاهرة عام ???? وحى حمامات القبة مهد الميلاد حيث الطبيعة والأشجار العتيقة وحكايا الجدات والعمات التى ألهبت الخيال لدى الفنانة. إنه روح المكان الذى استحضرته فيما بعد - منذ الطفولة - فى أعمالها وأثره على إبداعها والتحاقها بكلية الفنون الجميلة وكان اللقاء مع رجل أقدارها الفنان `ممدوح عمار` وكما تقول لغة المسرح `قابلت الرجل الذى قدر على أن أحبه` وكيف تلاقى الروحان ليكملا معا رحلة الحياة التى بدأت إرهاصاتها الأولى فى البيت بحمامات القبة وكان السفر سويا عام 1961 إلى باريس للدراسة فى المدرسة العليا للفنون الزخرفية ثم أكاديمية الفنون الجميلة بروما، وكانت العودة إلى أرض الوطن عام 1966. إلا أن الرحلة قد أخذت منعطفا جديدا إذ ابتعدت الفنانة عن الإبداع، وبدأت التدريس للأطفال واستشعرت أن عليها مسولية إبداع جيل محب للفن.
- وهى رسالة مهمة قامت بها الفنانة باقتدار. ولكن روحها الثاثرة لا تهدأ ولا تستقر. وبدأت العودة إلى وطن الأحلام كإحياء وميلاد وبعث جديد. وتبدأ مسارها الفنى من ثنايا هذه الخيوط والأقمشة التى أدهشتها من سنين طوال مع الجدة والعمة. مسار مهم للفنانة وكان قارب النجاة لها فى لجة المحيط الثائر فى روحها. بدأت بحب وشغف ودأب، وكان أولى معارضها عام 1978.
وقد تفردت الفنانة `إكرام عمر` بصياغة جمالية خاصة بها بهذه الروح الكامنة فى عقل وقلب الفنانة حيث عالم سحرى تأخذنا فيه إلى مدائن وعوالم من الدهشة والاكتشاف اجتازته بمهارة. وتبدأ فى نسج مدائنها فى مدارات ومدارك متعددة تبعا لهذه الرؤى.
- تنطلق من شغف الطفولة والبهجة. وسحر المكان. قد حلقت الفنانة تبحث فى دوائر عديدة تنهل منها. فى البدايات طالبة فى كلية الفنون الجميلة بالقاهرة ثم باريس وروما نراها ترسم حسب التعاليم الأكاديمية ووفقا لها. إلى أن بدأت مسارها الفنى الخاص بها و بزوغ تفردها.
- كانت الأقمشة مثير بصرى وجمالي ألهم خيال الفنانة واكتنزته في قلبها ووجدانها منذ الطفولة لنطالعه فيما بعد فى أعمالها التى اتسمت بها فى معرضها بمركز الجزيرة للفنون.
- من عالم الخيوط والقطع المتناثرة من الأقمشة، نستحضر حكايا تحكيها هذه الخيوط والأقمشة لندخل فى عالم جديد من ثنايا قلب وروح الفنانة. هى دائمة البحث والتجريب فى خامات عديدة. من خلال رهافة الحس وأحكام التكوين وهذا الحوار الدائم ما بين الشكل والفراغ. فى لوحة `زهور القمر` بهجة فى اللون ذكرتني بمارك شاجال وبهجة رسومه على سقف أوبرا جارنييه بباريس وفى لوحة `بحر ظلماتى` بعد رحيل الفنان `ممدوح عمار` تتراءى لى الألوان القاتمة التى توحى بهذا الحزن النبيل الذى غشي روحها. وفى أعمالها عن الطواف والكعبة وهذا الدوران اللانهائى. إنها حالة من الروحانية تأخذنا إليها الفنانة فى رحلة صعود وسموق.
- لقد كانت الطبيعة الأم من أشجار ونباتات وزهور ملهمات الفنانة. التى احتفلت بالمنظر الطبيعى وأيضا بالأدب خاصة نص ليالى الف ليلة وليلة للأديب نجيب محفوظ.
- هذا المزج ما بين النص الادبى والنص البصرى فى أعمال الفنانة الذى نرى مرجعياته فى فن المنمنمات، أحد ذخائر فن التصوير الإسلامى. وكيف امتزجت الخيوط مع الأقمشة لنطالع هذا العالم السحرى من ثناياها. من خلال سمك الخيوط وملمس الأقمشة. لقد استخدمت الفنانة الخيوط كما الخط فى كثافته وقوته وخفوته كما فى لغة الموسيقى piano Forte التى تتبارى فيها الألحان مابين خافت وقوى لنصغى إلى أعمال فن التصوير لدى إكرام عمر.
- إحدى أهم الفنانات فى الحركة التشكيلية المصرية وفى النهاية نرى رسوم المحب عمار عن الحبيبة إكرام، هى سطور من حب كتبها الفنان ومازالت هذه السطور باقية حتى لو رحل المحبون.
بقلم: د./ ماجدة سعد الدين
جريدة : القاهرة ( 10-1-2024 )
|