دعاء العدل .. المرأة فى مصر ` سوبر مان `
- أعلم أنى أقل شخص يمكن أن يجعل واحدا من كتيبة رسامى الكاريكاتير فى مصر يضحك .
- فى حالة تخلى الرجل عن مسئوليته لا يعد تسلط المرأة إهانة لها .
- من أول وهلة تعرف أنها شخصية جادة جدا هى الفنانة دعاء العدل . رسّامة الكاريكاتير الشابة وُلِدت فى دمياط عام 1979 وتخرجت فى كلية الفنون الجميلة بالقاهرة قسم ديكور مسرح وسينما . نُشرت رسومها بالعديد من الجرائد والمجلات مثل ` الدستور` و` صباح الخير`، و` روز اليوسف` ، حتى التحقت بمؤسسة ` المصرى اليوم ` . حائزة على جائزة التفوق الصحفى فى مجال الكاريكاتير لعام 2009 .
- مجال الكاريكاتير لم تدخله المرأة منذ بدايته فكيف كانت بدايتك ؟
- ` كنت شاطرة فى مادة الرسم ` .. أحببت الرسم من والدى المهندس الزراعى الذى كان يهوى هذا الفن بشكل كبير فبدأت أرسم لنفسى وأرسل للصحف الكبرى ولكن ` ما حدش عبرنى` .. ولكننى واصلت وأصبحت عضوا فى جماعة كاريكاتير ` حسن الفداوى ` الفنان السكندرى وحققت شهرة معقولة عن طريقها .
- ومتى نشرت أولى رسوماتك ؟
- أول رسم نشر كان فى جريدة المعكوكة سنة 1999 التى كان يصدرها الفنان ` مصطفى حسين ` .. وبعد التخرج بدأت أرسم كتب الأطفال فى دار نشر صغيرة جدا ، وعملت كمصممة جرافيك وفى نفس الوقت كنت أرسم فى مدونة بنت مصرية والرسومات هناك لاقت تشجيعا جيدا وكذلك من صاحبة المدونة وهو ما شجعنى لأن أترك الجرافيك تماما وأتجه لرسم الكاريكاتير .. ثم ذهبت إلى مجلة ` قطر الندى ` ووقتها تعرفت على الفنان ` عمرو سليم ` .
- دور ` عمرو سليم ` فى حياة دعاء العدل ؟
- الفنان ` عمرو سليم ` هو صاحب أكبر فضل علىّ ، خاصة وأنه هو الذى فتح أمامى الباب للالتحاق بجريدة الدستور . وقد كان مهتما بشدة بفكرة وجود رسامات كاريكاتير فى مصر .
- المهتم بفنون الكاريكاتير فى مصر حتما سيلاحظ ندرة عدد الفنانات اللاتى يعملن فى هذا المجال الصعب .. السؤال الذى يطرح نفسه الآن هل هذه الصورة لأن أغلبية رسامى الكاريكاتير رجال ؟ أم هى ثقافة مجتمع تؤمن بها الرسامات أيضاً ؟
- لا شك أن الكاريكاتير فن ساخر والرسامين الرجال يرون المرأة من وجهة نظرهم وحدهم فمنهم من يجدها نكدية ومنهم من يراها قوية ومفترية ، ولكن وجود امرأة رسامة للكاريكاتير من المؤكد أنه يعكس مشاكلها الحقيقية ، لذلك لا نستطيع لوم الرسامين الرجال على أسلوب تناولهم للمرأة فى الكاريكاتير لأنهم فى النهاية رجال ، أما رسوماتى فأحاول أبراز المرأة فيها بصورتها الحقيقية دون اعتماد على مفاتنها وجعلها سلعة .
وتضيف دعاء : هذا ليس تمييز عنصرى وإنما لأننى امرأة أعلم تماما مشاكل المرأة وأعلم أيضاً أن لديها عقل يجب أن ينبه إليه الجميع لذا أحاول إبرازه والابتعاد عن مفاتنها التى يسعى غالبية الرسامين إلى إظهارها ، ولقد تعلمت على أن يكون لى اتجاهى الخاص بى كرسامة فلم أنتهك المرأة وأحاول التوازن والنظر إلى قضاياها بموضوعية ، فهى فى النهاية مواطن له حقوق وواجبات ، وينعكس عليها ضغوط الحياة مثل الرجل تماماً كما أنها تتلقى ضغوط الرجل أيضاً .
- هل تعتقدين أن سبب قلة البنات فى هذا المجال هو كما يقول البعض ` إن البنات دمهم تقيل ` ؟!
- ترد فى تلقائية : ` وهى رسومى دمها تقيل ؟! ` .. أعلم أنى أقل شخص يمكن أن يجعل واحدا من كتيبة رسامى الكاريكاتير فى مصر يضحك ، وأتفهم هذا بالطبع لأن رجال الكاريكاتير معجونون بخفة دم وشقاوة عفاريت من الصعب أن يجاريهم ، أعرف إن هناك بنات رسامات كتير لكنهم توقفن عن العمل .. ولا أعرف لماذا اختفين .. لكن عن نفسى أنوى الاستمرار .. رسم الكاريكاتير لا يتعارض مع أن يكون للرسامة أسرة وبيت تهتم به ، خاصة وأن كثيرا من رسامى الكاريكاتير لهم أسر .. ولو ظهرت أى واحدة واستمرت سيشجع ذلك أن يدخل للمجال فتيات كثيرات .. مثلا الفنانة الفلسطينية ` أمية جحا ` معجبة بها جدا كونها رسامة الظروف الصعبة التى صنعت منها فنانة من الصعب أن يتشابه معها أحد فهى موجودة فى حالة حرب دائمة ومع ذلك ترسم بدأب ولها هدف واضح فى كل رسوماتها .. باحترمها جدا ` ..
- هل قابلتك عقبات فى طريقك لكونك فتاة ؟
- فى بداية دخولى مجال الكاريكاتير لم أقابل صعوبات تمنعنى من الاستمرار أو تفرقة بين البنت والولد ، لكن كان هناك حالة من الاستغراب جاءت بسبب أن مهنة الكاريكايتر ليست مطروقة بالإضافة للسخرية والاستخفاف فى بعض الأحيان من قبل زملائى الرجال ولم تستمر طويلاً لأنه كان بداخلى حافز للاستمرار والنجاح وإثبات الذات وهذا ما جعلنى أحقق نجاحاً وأحصل على جائزة نقابة الصحفيين وإذا كان عددنا كرسامات كاريكاتير قليلاً أو نادراً فإن مجال الكاريكاتير يعانى قلة العدد به بصفة عامة والأسماء اللامعة فيه يتم حسابهم على أصابع اليد وهذه مرحلة سوف تمر ومع الوقت سوف يزيد عدد رسامى الكاريكاتير سواء من البنات أو الشباب ويرتبط هذا بزيادة عدد المطبوعات من الجرائد الخاصة والمعارضة التى سيكون فيها سقف الحرية أعلى من نظيرتها القومية .
- وعن إظهار الكاريكاتير للمرأة كشخصية متسلطة ، تقول دعاء : فى حالة تخلى الرجل عن مسئوليته لا يعد تسلط المرأة إهانة لها ، فمن وجهة نظرى عندما أظهر المرأة متسلطة فأنا أظهرها الطرف الأقوى لأن شخصية الرجل أصبحت ` مهزوزة ` لم يعد سى السيد صاحب الدور المسئول بل بات يتنصل من مسئولياته معتمداً على المرأة ، والإحصائيات خير دليل وتشير إلى أن 40% من الأسر الفقيرة تعيلها المرأة ، من هذا المنطلق تكون صاحبة اليد العليا والشخصية الأقوى من حقها أن تتسلط ، فهى ` سوبر مان ` موظفة وزوجة و أم ومربية ومديرة منزل فى آن واحد .
بقلم : سهى على رجب
مجلة الخيال: ( العدد الثامن و العشرون ) يوليو 2012