هالة عرفان شافعى
هالة شافعى.. من الأمم المتحدة إلى عشق الباستيل
- يعد فن الباستيل من الفنون القديمه، حيث كان يستخدم فى التخطيط المبدأى للوحة قبل أن يتم تلوينها ، ثم استخدام كألوان أساسية فى اللوحة بعد ذلك عند بعض الفنانين القدامى، خاصة وان خامة ألوان الباستيل صعبة نظرا لانها الوان ذات كثافة عالية تحتاج إلى تمرس شديد وتدريب متواصل .
ويرجع تاريخ التعامل معها إلى عصر النهضة ويعد الفنان ليوناردو دافنشى اول من استخدم فن الباستيل فى رسومة فكان يخط رسومه التحضيرية بألوان قريبة من الباستيل المعروف لدينا اليوم. فيخلط الأبيض والأسود والأحمر فى مزيج من الدرجات اللونية التى تساعد على وضع الألوان الزيتية بمعنى آخر استخدمها فى رسومه التحضيرية.
وقد تألقت تلك الخامة اللونية فى أعمال ديجا ورينوار واديلون ريدون وتولوز لوتريك من اشهر الرسامين الفرنسين، كما جاءت فى لوحات ويسللر وتونيك اشهر فنانى بريطانيا، أما فى أميركا فقد زاعت شهرة الفنانة مارى كاسات، كما كان الفنان يوسف كامل وأحمد صبرى رائدا هذا الفن فى مصر ولهما بصمة واضحة ومميزة.
وتعد الفنانة هالة شافعى احد اهم فنانى الباستيل فى مصر , ولدت فى اغسطس 1966 وحصلت على بكالوريوس الاقتصاد من الجامعة الامريكية بالقاهرة 1987و ماجستير من نفس الجامعة 1992وعملت فى مجال التنمية بالامم المتحدة ثم تركت البرنامج الانمائى وتعمل الان كمستشارة للهيئات الدولية وبعض الوزارات , وكان فن الباستيل هوايتها الاولى ورغم غيابها عنه اكثر من عشرون عاما الا انها عادت اكثر قوة واكثر تميزا وتنوعت موضوعاتها وهى ترسم باقلام الباستيل.
تتميز لوحات هالة بالحياة والمرح والتفاؤل وتبدو كما لو كانت تكتب يومياتها فى لوحات فنية.
وقد تحدثت هالة عن طفولتها ل `اكتوبر` فقالت: كنت طفلة تحب الرسم والالون وكانت اسرتى متذوقة للفن فكان والدى يشجعنى على ذلك ويشاركنى فى اعمالى الفنية الصغيرة، وكذلك والدتى كانت تحب اضفاء لمحة فنية على اثاث المنزل من مفارش واضواء والوان مبهجة تبعث للحياة والمرح وتعطى للمنزل دفئ ولمسة فنية تنعكس على شخصية كل من فى المنزل، الا اننى ابتعدت عن الفن قرابة عشرون عاما لانشغالى بالدراسة والعمل ثم الزواج الا فيما ندر فكنت مسئولة عن جمعية الفنون بالجامعة الامريكية وكنا نقوم بعمل معارض بسيطة وكان الفنانون يشاركون باعمالهم الفنية فيها.
و أضافت: بدات رحلة عودتى للفن منذ خمس سنوات تقريبا، حين قررت ان انمى موهبة الرسم مرة اخرى كنوع من انواع اشباع رغبتى التى شغلتنى عنها دراستى وعملى فالتحقت باتيليه الفنان القدير مجدى السجينى الذى علمنى فن الرسم منذ البدايات، كما التحقت بكورس فى الجامعة الأمريكية للتصوير الفوتوغرافى كما تعلمت الاعمال الخزفية، الامر الذى عاد بالنفع وكانت بداية الانطلاق فحضرت العديد من ورش العمل فى جمعية الباستيل فى انجلترا وهى جمعية خيرية مسجلة ومعترف بها ولها دور كبير ونشاط واسع لتشجيع استخدام فن الباستيل فى الفن المعاصر تقوم بعمل معارض لاعضائها كما تفتح الباب لمحبى الباستل فى العالم وتعرض اعمالهم على لجنة لتقييمها واختيار أفضل الأعمال وعن جماعة الباستيل تقول انها تكونت عام 1870 وأقام أعضاؤها فى لندن أول معرض للوحاتهم عام 1880و هى من اشهر الجمعيات الفنية فى العالم يوجد حاليا أكثر من 55 الأعضاء الذين هم الفنانين المحترفين الذين يعيشون ويعملون فى هذه البلاد وخارجها وتمنح عضوية من خلال تقييم صارمة من المهارة التقنية، والابتكار.
و قالت هالة: مشوار التعلم ليس سهلا فلابد من الصبر والاجتهاد الشخصى والقراءة فقد عملت على تنمية موهبتى بالتعرف على كل ما يخص فن الباستل، اشهر رساميه ومدارسهم ومنها تعلمت امور كثيرة ويرجع سبب اختيارى لفن الباستل تحديدا إلى انى رأيت فيه ألوان مليئة بالحياة والبهجة كما ان الباستل يتميز بأن لونه لا يتغير مع مرور الزمن.
وتقول شافعى عن فن الباستيل فن الباستيل يستهوى الكثير من الفنانين لتمتعة بخصائص رائعة هامة فتكويناتة اللونية رائعة وجذابة إذ يمكن أن ترى مختلف الألوان فى الرسومات التى ينتجها فنانو الباستيل وعن انواع الباستيل تقول هناك الباستيل الخفيف المريح للعين، والباستيل القوى، الباستيل الثقيل اللون وكل منهم له استخامة حسب رؤية الفنان وشخصيته.
كما تتميز ألوان الباستيل بطول عمرها فهى تعيش مئات السنين فلا تصفرّ مع الزمن ولا تتأكسد ولا تبهت وأدواته بسيطة جدا وفن الباستيل يعتمد فى أساسه أن مختلف الألوان المكوّنة للوحة يجب ألا تدمج بل تكون مكونة من طبقات عدّة، بدءاً بالألوان الأفتح وحتى الأغمق كما يعتمد على الورق المستخدم، فهناك خامات مختلفة للورق وقالت والباستيل لها إمكانات هائلة، ولكنها خامة مستقلة وحرة، والفنان يستطيع بلمسات الضوء أن يوجد المنظر الطبيعى فالباستيل هو فن الزمان والمكان.
وترى هالة ان الباستيل خامة سهلة ولكنها تستعصى على من لا يفهمها، وتقول ان الباستيل أعطانى قوة اللون ونصاعته وشفافيته وبريقه ولمعانه وتألقه وهذا امر صعب فى ألوان الزيت لأن خامة الزيت معتمدة بطبيعتها عكس خامة الباستيل الذى يتميز بخامة مشعة.
و تحدثت عن الاعداد للمعرض قالت هالة: بدأت فى رسم اللوحات منذ 2010 وحتى بداية 2012، ويتضمن المعرض 50 لوحة، جميعهم يتمتعوا نبنفس المكانة فى نفسى فلا توجد لوحة مقربة عن الاخرى فكل لوحة تعبر عن حالة شعرت بها وعشت معها ولم اقم بتسمية كل لوحة باسم، ولكن من الممكن ان اطلق اسم على مجموعة فمثلا مجموعة فوانيس رمضان والعيد، ومجموعة الصبار، ومجموعة الزجاج والتفكير والطيور البرية، وكذلك مجموعة لندن كل منها يعبر عن شئ بداخلى وتجربة شخصية مررت بها.
وأضافت هالة: اما عن المدرسة التى انتمى لها، فلا توجد مدرسة بعينها، ولكن بمرور الوقت، وبكثرة الانتاج الفنى يكون لكل فنان طابع يميزه، وشخصية تتحدث عنه فى اعماله الفنية، مشيرة انها ليست مع قول البعض ان زمن فن الطبيعة الصامتة انتهى والدليل ان هذا الفن لم ينته ولن ينتهى ان جمعيات الباستل فى امريكاوانجلترا، وبهما اعظم فنانى الباستل اعمالها الفنية معتمدة بشكل اساسى على الطبيعة الصامتة وان المدرسة الواقعية فى الفن التشكيلى هى مدرسة مازالت لها وجود فهى ترصد بعين الواقع ما يدور حول الانسان سواء احداث سياسية أو اجتماعية أو دينية ومن ثم فلها اهمية كبيرة ولها جمهورها والمدرسة الواقعية نفسها نوعان واقعية رمزية وواقعية تعبيرية ولكل منهما جمهورة وتضيف انة فى فترة من فترات التاريخ كانت المدرسة الواقعية هى التى وثقت لشخصيات لها وزنها سواء اجتماعيا أو سياسيا أو دينيا وهناك الكثير من الفنانين الذين كان لهم اعمال ثرية سواء فى البورترية أو رسم المزهريات أو الطبيعة الصامتة.
و عن احلامها، قالت هالة: أتمنى تقديم كل ما هو جديد وان يكون المعرض القادم مستواه الفنى أفضل، كما اتمنى الاهتمام الحكومى من خلال وزارة الثقافة بفن الباستل كفن عالمى، والحقيقة ان قطاع الفنون التشكيلية برئاسة د.صلاح المليجى يهتم بتقديم الفنانين التشكيليين تشجيعا للمواهب الشابة ونهوضا بالحركة الفنية فى مصر وترى هالة انة لابد بتعريف الجيل الجديد باهم الفنانين المصريين وعلى راسهم محمد صبرى الذى لة مكانه عالمية ومع ذلك لا يعرفة المصريين الا المتخصصين فمحمد صبرى استطاع ان يصل بفن الباستيل إلى نتائج مذهلة.
وطالبت هالة الاباء والامهات بضرورة تشجيع ابنائهم على الارتقاء بموهبتهم كما تنصح أى شخص مهما تقدم سنه ولديه حب أو موهبة أو رغبة فى الابداع فى اى فن من الفنون، ان ينمى هذه الموهبة ولا يتخيل ان قطار التعلم قد فات، مشيرة إلى انها وجدت فى انجلترا شيوخ تخطى سنهم السبعون عاما يذهبون لورش لتعلم الرسم والنحت والخزف.
و أخيرا قال هالة أنها تعتزم الاشتراك فى معارض جماعية كما يعرض لها بعض الاعمال فى جاليرى جارن سيتى، مشيرة إلى دور زوجها الايجابى فى تشجيعها على الاستمرار فى طريق الفن وتنمية موهبتها . وجدير بالذكر ان هالة استقبلت رحلات مدرسية لتعليم فن الباستيل وللاستفادة مما يقدم من فنون فى قاعة الباب والتى استضافت معرض هالة شافعى لمدة خمسة عشر يوما والذى حاذ على قبول واستحسان عدد كبير من النقاد ومحبى فن الباستيل.
أكتوبر - 2012/10/14
لوحات هالة شافعي... الباستيل بهجة الألوان
`عشق الباستيل` المعرض الشخصي الأول للفنانة هالة شافعي، استضافته قاعة الباب في متحف الفن المصري الحديث `ساحة دار الأوبرا` في القاهرة، وافتتحه أخيراً رئيس قطاع الفنون التشكيلية المصري د. صلاح المليجي، بحضور لفيف من النقاد والجمهور.
يضم معرض هالة شافعي `عشق الباستيل` 64 عملاً فنياً في مجال التصوير، استخدمت فيها الفنانة `الباستيل`، تلك الخامة والألوان المحببة لديها إلى درجة العشق، وقد جاءت اللوحات معبرة عن تلك الحالة الوجدانية التي ارتبطت بمخيلة وذاكرة الحنين إلى سنوات الطفولة والصبا.
في كلماتها عن معرضها، تؤكد شافعي: في `عشق الباستيل` يرفرف قلبي بحماسة غامرة، وتلمع عيني كالطفلة في متجر للحلوى كلما فاجأني زوجي بعلبة باستيل، فسحر الباستيل بألوانها الأخاذة وملمسها المخملي لا يقاوم، وهذا المعرض ليس له عنوان محدد، لكنه ببساطة احتفالية ببهجة اللون والضوء بتلك الخامة`.
ويعد التصوير المحور الرئيس للوحات شافعي، ويتناغم مع ألوان الباستيل بدرجاتها المختلفة، وشاعرية اللوحات التي تنطلق من أجواء حلمية، ورؤى نابعة من ذات الفنان، وقناعاته الخاصة بماهية الفن، وتطويع أدواته لتشكيل فضاء خاص، واستلهامه لفنون أخرى كالمشهد السينمائي، والمونتاج.
المتخيل والواقعي
تطالعنا لوحات شافعي بتكوينات جمالية صافية، تستمد طاقتها من لغة الباستيل كفن يميل إلى الفرح ونزق الطفولة، وتميزه عن بقية الفنون بطاقات متفجرة للألوان، وتدرج أنواعه بين الخفيف والقوي، وإمكان الخلط اللوني في فضاء اللوحة مباشرة، ذلك كله حسب مسارات رؤية الفنانة لفكرتها ودرجة إحساسها باللون، ورغبتها في تجسيد النسق الكلي للوحاتها.
يتشكل بعد اللوحات الزمني والمكاني خارج فضاء المحلية المباشرة، والبحث عن مفردات وثيقة الصلة بالبيئة المحيطة، لكن من دون اغتراب بالفكرة عن مسارها الإنساني والمشتبك مع خبرات الفنانة وميلها إلى الحنين إلى الطفولة، فضلاً عن التقاط لحظات احتفالية مفعمة بالحب للحياة والبشر، والتوثيق بين المتخيل والواقعي، والارتحال إلى أشد المناطق دفئاً في الذات الإنسانية.
تفسر شافعي عشقها لفن الباستيل وطقوسه التلقائية، حيث التدفق اللوني والشعوري في فضاء اللوحة، وانسيابية التشكيل الموحى بالبهجة، وانعكاس حالة الفنان المزاجية، ولا ننسى قدرته على التأثير في المتلقي والإبحار معه إلى ضفاف مشحونة بالأمل وطاقة العطاء، ومقاومة عثرات القلق والاغتراب، حتى الوصول معه إلى عالم لا يخجل فيه الإنسان من نفسه.
كذلك تؤكد لوحات شافعي على قيمة تأكيد الذات، والتمرد على ضغوط الحياة وآلامها، والبحث عن طاقة ضوء، واستعادة البهاء للمشاعر الإنسانية، والتخلي عن الكسل والانتظار والعزلة، والعودة بالنفس إلى اتزانها الانفعالي، والشوق للتحرر من الخوف والمرض، ووضع نهاية لسوء الفهم والتناحر والصراعات والحروب بين البشر.
طبيعة صامتة
تكرس اللوحات لإرادة إيجابية، وإطلاق مخزون الخبرات الجمالية، وتورط المتلقي في فضاء تشكيلي، كأنه شارك في إبداعه وتجاوز قيماً بالية في عالم مضطرب، ومغامرة الولوج إلى فضاء الأحلام وذكريات الطفولة والمشاهد الاحتفالية، وانفتاح الحواس نحو زرقة البحر ورائحة الزهور، والطبيعة الصامتة.
يجسد بعض اللوحات ميلاً جارفاً نحو الحركة واللعب والتمرد على السكون، وترجمة ضوئية لليل والنهار في مشاهد متفرقة، ومزج بين لغة التشكيل وفوتوغرافية الصورة، ومن بينها لوحات لأطفال يستمتعون بالبحر في أوقات المصيف، كذلك الزهور بمختلف أشكالها وألوانها الزاهية، ولوحات أخرى للطبيعة الصامتة جاءت جميعها بألوان تشع بالبهجة والتفاؤل، وتماهي المتلقي مع الحالة الوجدانية المسيطرة على الفنانة في هذا المعرض.
ولا تميل لوحات شافعي إلى الإغراق في التجريد، فهذا الليل هو ليل المحبين، وأغنية فرح بالوجود، والعابرون ليسوا أشباحاً، بل كائنات مضيئة تملك طاقة الحركة وعبور الشوارع المزدحمة، وفي النهار تتحول إلى أسراب تحلق كالنوارس، وأطفال يلهون فوق الرمال أمام زرقة البحر.
تسيطر أجواء المدينة على لوحات تصور الزحام وحركة العابرين في الشوارع، وعلى رغم ضبابية الوجوه وانعكاس الضوء على واجهات المتاجر والعربات، ثمة بهجة تطل من اللوحات، وعالم إنساني مفعم بمحبة الحياة وتشكيل غائم على نحو ما نراه في رؤانا وأحلامنا.
وتنطلق شافعي من فرضية أن الفنان صائد للأحلام واللحظات الاستثنائية، و{الباستيل` يستطيع تجسيد طاقة الفرح، فتبدو اللوحات بألوانها الطازجة كموجات شعورية تتدفق بأحاسيس تبدد وحشة واغتراب الإنسان في العالم الخارجي، وتصنع الألفة في زحام الشوارع، وجرأة التحرر من الخوف، وتكتشف أشد المناطق جسارة في النفس البشرية.
تستلهم شافعي لغة السينما في تدرج اللوحات من المشهد العام `الكلي` إلى `الجزئي`، حيث لوحة زحام العربات في الشوارع والعابرين فوق الأرصفة، وتحولها إلى مشاهد جزئية على طريقة عدسة `الزووم` في لوحات متعددة.
ويتناغم خط لوحات شافعي الرئيس لتشكيل فضاء ليلي بهيج برؤى حالمة موحية بلحظات احتفالية، كالخروج من المنازل في ليلة العيد، والتزاحم أمام واجهات المتاجر، وعبور الشارع بين السيارات، فالعالم لدى شافعي مكان جميل للحياة، إذا أردت العيش فيه في سلام.
يذكر أن `الباستيل` أحد الفنون التشكيلية القديمة، واستخدمه الفنانون الأسلاف كتلوين أولي للوحاتهم، لكن بعضهم اكتفى به كلون أساسي لتميزه بخصائص تشكيلية مهمة، كسطوع اللون بدرجاته الموحية بالبهجة وسطوة الفرح، وسلاسة تشكيل عناصر اللوحة، والوصول إلى نتائج تثير دهشة الفنان وتفجر داخله طاقة الخيال، وصفاء الفكرة وتأثيرها الذهني والوجداني في المتلقي.
الجريدة - 2012/9/16
هالة شافعى ..فنانة الباستيل التجريد ..فى تاملات كونية وتسابيح صوفية
الوان الباستيل ..خامة صعبة ذات كثافة عالية ..تحتاج الي تمرس شديد .. يرجع تاريخ التعامل معها الي عصر النهضة ..فقد كان الفنان `ليوناردو `دافنشي يخط رسومه التحضيرية بألوان قريبة من الباستيل المعروف لدينا حاليا .. و تالقت تلك الخامة اللونية في اعمال `ديجا `و`رينوار` و`اديلون ريدون `و`تولوز لوتريك` من فرنسا ومن انجلترا جاءت لوحات `ويسلر` و`تونيك `..اما في امريكا فقد زاعت شهرة الفنانة `ماري كاسات` كما تناولها من مصر الرائدان يوسف كامل واحمد صبري باقتدار ..و تعامل معها الفنان محمد صبري باقتدار .. وحقق من خلالها عالما شديد الخصوصية واصبحت من علامات فنه ..ومع تتابع الاجيال اصبح لها فنانيها مع اختلاف اللمسة والتعبير .. والفنانة هالة شافعى تمثل اعمالها مساحة خاصة ..فقد انتقلت بالباستيل من كلاسيكية اللمسة وواقعية الاداء الى افاق التجريد ..فى تاملات كونية وتسابح صوفية .
الفن والاقتصاد
منذ طفولتها عشقت هالة شافعى الفن ..وظلت ترسم فى مراحل التعليم المختلفة بداب وحب مع حرصها على حصص التربية الفنية التى كانت تنتظرها من اسبوع لاسبوع بشغف وحب ..الاان حبها للاقتصاد ولغة الارقام قادها الى الالتحاق بالجامعة الامريكية .. وتوازت الدراسة مع ممارسة الفن لكن بلا انتظام ..وبعد تخرجها من إقتصاد حصلت على الماجستير.. وعملت فى مجال التنمية لمدة 25 عاما مع منظمات دولية كالبنك الدولى والامم المتحدة ..وكان قرارها فى النهاية مع تلك الرحلة ..ان تدرس الفن وتتعلم اصول الرسم الكلاسيكى فالتحقت باتيليه الفنان مجد السجينى لمدة 5 سنوات من 2006- 2011..
تقول : `ولما تاسست فى الرسم الكلاسيكى عشقت السوفت باستيل ..وبدات تجاربى بهذه الخامة ..درستها وتعمقت وتمرست بها على انفراد بشكل ذاتى ..وقرات كتب فى هذا المجال واشتركت فى مجلات متخصصة ..كما حضرت بعض الورش لقامات تلك الخامة فى الخارج ..كان هدفى الاساسى التمكن من تلك الخامة الصعبة ..وان يكون لى طريق واسلوب بعد ان بحثت فى تاريخها وطبيعتها وانواعها فى العالم شرقا وغربا ..ومن خلال التجريب المستمر` .
هى والجوائز
وفى الحقيقة كان كل طموح هالة شافعى اخراج الباستيل كاداه رسم كلاسيكية الى فضاء التصوير المعاصر بلمسة جديدة
..حتى تدرجت تجربتها الفنية من اول معرض فردى لها عام 2012 بقاعة الباب` سليم ` وامتدت فى البداية من الواقعية ..الى `المفاهيمية` التى تعتمد على افكار ومفاهيم تسبق الابداع .. و الى التجريد الذى شكلت من خلاله عالما خاصا اضاف الى فضاءات الباستيل .. وكان ان توج كل هذا بالعديد من الجوائز الدولية فى الباستيل .
وفى الحقيقة جاء عالمها الخاص.. من فرط الداب من البداية من خلال عكوفها على الدراسات والاسكتشات ..وكان من بين اجملها مجموعة الدراسات التى رسمتها بالحبر واقلام الباستيل لمجموعة من الطيور رسمتها اثناء رحلة شتوية لبعض البحيرات بحدائق لندن ..ومع رصانة وغنائية التشكيل اضافت بعض العناصر الصغيرة لطيور البط ..نقلتها من واقعها الى حالة سيريالية فيها طرافة ومرح وحس ساخر.
فقد اضافت لراس احدى البطات `ايشارب `مع نظارة مثلما صورت اخرى بطرطور وجاءت احداها بسماعة ` هيد فون ` ..هذا مع اناقة وانسياب الخطوط وجمال التلوين بحساسية شديدة تبشر بما ستقدمه بعد ذلك .
وجاءت اعمالها المفاهيمية لاهتمامها بالقضايا الانسانية بحكم عملها لفترة طويلة بالامم المتحدة وانحيازها لقضايا المراة وهمومها وحقوقها ..قكانت لوحتها ` فتاة من الجنوب ` صورت بملامح دقيقة فتاة صغيرة سمراء ..تمتطى مرجيحة تاكيدا على حق الطفولة فى اللعب.. من بين بنود وثيقة حقوق الطفل التى اطلقتها الامم المتحدة ..اللوحة صورتها بملامح البراءة فى رداء من البنفسجى الذى يعكس للشفافية والحزن ..اشارة و ايماءة الى حق الطفولة فى الجنوب ..وجاء التكوين باختزال وتلخيص شديد مع ثلاث بالونات بالبنفسجى ايضا تتطاير فى الفضاء..وهى تصور الطفولة التى تعانى من نقصان الحقوق ..`حازت على الجائزة الاولى من جمعية الباستيل الانجليزية لغير اعضاء الجمعية `.
ومع بداية عامنا الحالى 2020جاءت لوحتها ` الفتاة العروسة `..حصلت على المركز الثانى فى المعرض الذى اقامته الجمعية .. تتناول الزواج المبكر لفتيات العالم النامى ..وهى لوحة غنائية جمعت فيها بين التجريد والتشخيص ..صورت من خلالها فتاة صغيرة متوجة باللولى والطرحة البيضاء ومحفوفة بالنقوش والتداعيات الزخرفية ..التى تبد فى بهجة لونية وملامس ناعمة ..ومع كل هذا تبدو بفم مخيط ..فهى تساق الى هذا الزواج دون اعتبار لكيانها الانثوى ..و مع براءة الوجه وجمال التشكيل والتكوين والتلوين ..تصدمنا فى النهاية من خلال الفم الصغير الذى لايستطيع ان يقول لا !!..
تاملات فى الكون
انتقلت الفنانة الى فضاء التجريد والذى امتد فى اعمالها ..من التاملات فى الكون بكل مايشمل من عناصر طبيعية.. من الارض وماعليها من جداول الماء والانهاروالوديان والجبال والزروع والاشجاروالحيوانات والطيور والورود .. والافق من تحولات الليل والنهار بما فيه من تشكيلات السحاب والاهلة والنجوم مع السطوع والغروب ..وتحولت الاعمال الى ايقاع صوفى نابع من الوجدان يخاطب القلب فى تناغم موسيقى وحركى ..فجاءت اقرب الى السيمفونيات فى تصاعد لونى ..ما ان يهدا حتى يتوقد ..انها حالات يتالق فيها السلم الموسيقى النغمى ياخذنا من العالم المادى وصخب وضجيج الحياة اليومية ..الى مرافىء من الصفاء والسلام تعيد للبشرية انسانيتها بالتفاؤل والاشراق .
تقول هالة الشافعى : انا مولعة باللون والخامة والفن التجريدي أصبح يتيح لي أكبر مساحة من التعبيرية ..مع صعوبتة و صعوبة تلقيه عند المشاهد في كثير من الأحيان . يهمني تقديم فن مبتكر نابع من الخيال مثلما يهمنى تقديم رؤية يلعب فيها البطولة التكوين و الألوان ` اللون بنسبة لي هو الأكسيجين الذي أتنفسه` و `التونات `و الخطوط و كذلك الملمس الذي أعيره إهتماماً كبيراً`.
وهنا تبدو الاعمال مابين التعبيرية التجريدية او الفن اللاموضوعى وبين التجريد الذى يحمل مايوحى باطياف تشخيصية ..فقد نرى فى فضاءاتها بين المسافات والمساحات والنقوش ..رموز لاسماك وشجيرات ونجوم ومن هنا اطلقت اسماء لاعمالها بمثابة مفاتيح او اشارات للتحاور معها بصريا ووجدانيا مثل :` رحلة عبر مصر ` و`البحر الاحمر ` و ` مدونة قرية و` الصحوة `وكلها تسمو بالشاعرية واناقة التشكيل ..و فى النهاية ومع تالق منظوماتها اللونية من الابيض البرىء والاخضر الطازج والازرق الصافى والروز نسعد باعمالها بما تعكس من عالم يشع بالبهجة والسحر الصوفى .
تحية الى هالة شافعى فنانة الباستل ..بعمق اعمال تعانق الروح والوجدان ومساحات من الصفاء .
صلاح بيصار
صحيفة القاهرة الثلاثاء 18 - 2 - 2020 `
|