الرائد أنطون حجار طاقة من الإبداع المدهش .. من ينقذها من عالم النساء ؟
- فى 26 نوفمبر سنة 1893 ولد المثال المصرى أنطون حجار الذى اشتهر بنحت تماثيل الملوك والمشاهير والوزراء وكبار الشخصيات مصرية وعالمية , وتربع على عرش فن البورتيريه والتامثيل النصفية التى لم يكن يباريه فيها أحد و ونظرا لنبوغه الشديد فقد التحق بمدرسة الفنون الجميلة عام 1908 وهو لم يزل فى الخامسة عشرة من عمره .
- زامل أنطون حجار : محمود مختار وراغب عياد ومحمد حسن يوسف كامل وعثمان مرتضى دسوقي وكانت علاقته بـ ( محمود مختار ) قوية للغاية أثناء الدراسة واستمرت هذه العلاقة حتى وفاة محمود مختار سنة 1934 .
- تتلمذ أنطون حجار على يد المثال (جيوم لابلانى) ناظر ومدير المدرسة ( مدرسة الفنون الجميلة ) وصاحب فكرة إنشائها الذى تم على يد الأمير يوسف كمال الرجل المستنير , وقد استعان به (لابلانى) فى تدريس النحت بعد تخرجه .
- في عام 1932 كان يعمل رساما بوزارة الأشغال العمومية , غير أنه لم يستمر إلا فترة قصيرة , فانتقل فى نفس العام للعمل فى التدريس بمدرسة الفنون التطبيقة , حتى أصبح رئيسا لقسم النحت بها , وفى خلال تلك الفترة تتلمذ على يديه : حسن العجاتى وسعيد الصدر ومنصور فرج وأجيال أخر من الفنانين .
- وفى عام 1953 احيل إلى المعاش ولكنه لم يتوقف عن الإنتاج والإبداع حتى وفاته , فقد رحل فى هدوء عام 1962 .
قصة تمثال سعد زغلول
- كان أنطون حجار رغم الهدوء الظاهرى مشحونا بالوطنية ومملوءا بشعلة متأججة بداخله نحو الوطن ونحو الإبداع فصور ونحت الكثير من تماثيل الشخصيات الوطنية وعلى رأسها الزعيم سعد زغلول وقد نفذ له تمثالا نصفيا وأهداه إلى زرجته السيدة صفية زغلول أم المصريين عام 1927 وقد لفت هذا التمثال هو أقرب التماثيل إلى ملامح سعد باشا .
قصة تمثال الدمرداش
- كان لـ (أنطون) شخصية إنسانية تنشد العمق والتأمل والبساطة , وكان يتعاطف دائما مع المواقف الإنسانية النبيلة , فبمجرد أن علم بتبرع عبد الرحيم باشا الدمرداش بمبلغ 135 ألفا من الجنيهات ( وهو مبلغ ضخم للغاية فى ذلك الزمن ) لإنشاء مستشفي الدمرداش ( مقر كلية طب عين شمس الآن ) بالعباسية حتى قام (حجار) بعمل تمثال نصفى له غاية فى التعبير عن إنسانية هذا الرجل على الرغم من بساطة ملابسه فقد صوره بالعمامة والقفطان , وهو التمثال الموجود بمدخل كلية طب عين شمس , كان أن فاز هذا التمثال بالجائزة الأولى التى اعلنت لتخليد الدمرداش باشا بالإجماع , وقد أرسل التمثال الذى كان (حجار) قد نفذه من خامة الجص إلى فرنسا لصبه بخامة البرونز .
- كان أنطون حجار متأثرا بأستاذه (لابلانى) و (كلوزيل) الذى كان يلون تماثيله مثل (كلوزيل) فيختص الوجه بلون الملابس بلون آخر .
- لم يكن أنطون حجار بنفذ تماثيله كلها من خامة البرونز نظرا لارتفاع تكاليفه ما عدا التماثيل المطلوبة أو التماثيل المهمة , وقد احتفظت اسرته بعدد من هذه التماثيل , بينما تحطم عدد غير قليل منها بسبب هشاشة خامة الجص وتعرضها للتلف أثناء النقل , غير ان التماثيل التى احتفظ بها فى منزل الأسرة فهى بحالة جيدة , وهى مجموعة مهمة من التماثيل .
- من الأعمال المهمة لـ (حجار) تمثال (ست الكل) وهو تمثال يبلغ ارتفاعه ثلاثة أمتار ونصف المتر الذى تصور فيه فلاحة مصرية ممشوقة القوام واقفة فى اعتداد وقوة , حملت بين يديها أعوادا من النبات , وقد نفذ هذا التمثال عام 1936 بخامة الجص ولا نعرف مصير هذا العمل الكبير حاليا .
انطون حجار أستاذا بالفنون التطبيقية
- وجد (حجار) فى زميليه محمد حسن وراغب عياد فى الفنون التطبيقية امتدادا لصداقة وزمالة مدرسة الفنون الجميلة , ولقد كانت فترة عمله بالفنون التطبيقية من أخصب فترات حياته , فقد أنجز العديد من التماثيل المهمة منذ بداية التدريس فيها سنة 1932 , وكان من أهم أعماله فى تلك الفترة تمثال نصفى لـ (محمود مختار) وفى عام 1934 قام (حجار) بعمل الماسك على وجه المثال مختار صديق عمره بعد وفاته مباشرة , أيضا الماسك على يده وفى عام 1951 توجه بهذه الأعمال إلى متحف الفن الحديث بميدان التحرير, حيث سلم هذه الأعمال إلى صديقة الفنان راغب عياد الذى كان مديرا لمتحف الفن الحديث وقتئذ , وذلك بعد أن علم بمشروع وزراة المعارف العمومية لإنشاء متحف خاص بـ (مختار) وهو المتحف الذى تم افتتاحه سنة 1962 , ويضم المتحف هذه الأعمال .
- ومن الطريف أن الرسالة التى كتبها أنطون حجار بإهداء هذه الأعمال للمتحف كتب على ورقة من مطبوعات متحف الفن الحديث , فقد كتبها على مكتب الفنان الكبير راغب عياد مدير المتحف .
- أطلق على أنطون حجار مخلد الفنانين نظراً لاهتمامه بتخليد عدد كبير من معاصريه .
- تكشف أعمال أنطون حجار عن فنان مبدع كأحد الرواد الأول الذين لم يأخذوا نصبهم من إلقاء الضوء على إنتاجهم , على الرغم من انتشار أعماله فى العديد من الأماكن , سواء في : وزارة التربية والتعليم أو متحف مختار أو كنائس مصر الجديدة التى ابدع فيها الكثير من تماثيل السيدة العذراء والسيد المسيح والقديسين , بالأضافة إلى أستاذيته التى أمتدت بكلية الفنون التطبيقية , التى لم تقل كلمتها وفاء بهذا الرائد العظيم رائدا للنحت ورائدا للتماثيل الشخصية , ولو كان هذا الفنان فى أى بلد أورربية لاحتفلوا به كما يجب أن يقدر كفنان له مثل هذه القامة , هذا الاحتفاء بمعاصريه من الشخصيات والفنانين .
- هناك جانب آخر لـ (أنطون حجار) قام بتصيم قصر بطرس باشا غالى فى كفر عمار , وقد أظهر فى هذا القصر جانبا آخر هو براعته فى عمل وتصميم العناصر المعمارية المكملة من زخارف وحشوات وكوابيل إلى آخره من العناصر المعمارية التى ورثها لأبنائه فى قسم النحت فى الفنون التطبيقية .
مكرم حنين
القاهرة 13 /5/ 2003