السيد إبراهيم محمد قنديل
- نقدم اليوم فنانا شاباً اذا اصطلح على ان الشباب يمثل المرحلة السنية اليافعة حيث يغلب فيها الحماس وتسود فيها التطلعات والآمال على الدافع والانجاز .
- لكن الحقيقة ان هذا الفنان الشاب قد تجاوز هذه المرحلة السنية وخاص تجربة متميزة وضعته على الطريق الذى سلكه جيل الرواد الذين ارسوا دعائم المدرسة التعبيرية ، وكان لديه الاستعداد الفطرى والرغبة الجادة فى الاستيعاب .
- والفنان الذى نتحدث عنه اليوم هو ( السيد قنديل ) الذى يقدم لنا خلاصة خبراته الحديثة المدعمة بالموهبة والدراسة وعصارة فنه الذى يرتبط بتقنيات متنوعة فى مجال فنون الجرافيك من الرسم بالوان الباستيل بالالوان الزيتية ثم الحفر والطباعة بأشكاله الغائر والبارز والمسطح ، اتقن وأبدع فى كل هذه المجالات فى تجربة عمرها عشر سنوات تقريباً ، سافر خلالها الى ايطاليا مرتين للسياحة الفنية ثم لتعميق مفاهيم واصول فن من فنون الجرافيك الهامة وهو فن اليثوغراف واكاد اقول حقيقة مؤسفة وهى هجرة الفنانين المصريين عن هذا الفن هذه الايام ، ولكن فناننا الشاب تعمد خوض هذه التجربة على أيدى فنانين إيطاليين متخصصين لكى يسير على نهج اساتذة خاضوا نفس المجال من قبل .
- إن اللون عند قنديل يمثل ومضات من الضوء تعكس كل مقومات العمل الفنى ذو الحس التعبيرى الذى يميز هذه المرسمه ويبرز معالمها وسماتها التى ترسخت مفاهيمها فى تراث الفن التشكيلى وحملت رسالتها الاجيال المتعاقبة كل جيل يضيف اضافة ابداعية تنساب على الورق وتتخلل مسطحاته بحس درامى متميز وتقنية مختلطة .
أ.د / حسين الجبالى
لحظة اشراق .. بين الترقب والانتظار
- الفنان السيد قنديل فنان ينتمى لجيل التسعينيات ` 1990 ` .. يستلهم الطبيعة ويستعير مفرداتها من اجل البحث عن معنى للوجود .. فى عالم ينتمى للتعبيرية وقد يمتد الى افاق سيريالية .
- واعماله هنا تنتمى لفن الجرافيك ` الحفر اليدوى ` بالابيض والاسود والالوان ..مابين تكنيك الحفر على الخشب بلمساته العريضة المسكونة بدقة التهشيرات والتى تضفى المزيد من الحركة والحيوية على السطح ..وبين الليتوجراف بما يتميز من رهافة وشاعرية .. تبعا لاحساس الفنان ودرجة تمرسه ومساحة التعبير والتشكيل .
- جاءت اعمال قنديل فى بداية الالفية الثانية بعنوان ` انتظار وترقب ` .. وقد اختار هدا العنوان كاشارة .. من اجل اثارة الحوار بين العمل الفنى والمتذوق حول معنى الابداع فيما يتعلق بعالمه .. خاصة والمسافة بين ` الترقب والانتظار ` قد تكون لحظة .. وقد تستغرق زمنا .. لكن اعماله تهفو الى لحظة اشراق وتجلى .. لحظة انتظار يتغير فيها طقس الاشياء وتنقلب الموازين الى الافضل والاجمل .. والا فبماذا نفسر هذا العالم .. الذى ينتمى الى دنيا تمتد بمفردات وعناصر بحرية و نباتية وطيور .. والذى تتجمد فيه اللحظة من اجل لحظة اخرى مواتية ..كان نجد سمكه ذات ملامح قوسية تقف على اخرى على الشاطىء المتمثل فى هيكل خشبى بعد ان خرجتا من الماء وتبدو الاولى معطوبة من اعلى ويتناثر رزاز الماء فى الخلفية ..كما نجد سمكة اخرى وحيدة على نفس هذا التشكيل الذى يبدو بمثابة ساتر أو حاجز يفصل بين البر والماء .. والعجيب أن هذا المشهد يتكرر ولكن بصورة مختلفة كأن نجد طائر يقف نفس الوقفة يجمع بين السلام والضراوة ، وبين اليقظة والحرص ، والغفوزة والسكون ..أو سمكة نحيلة بالليثوجراف تقف بذيلها ورأسها إلى أعلى فى أناقة تعبيرية أشبه بصاروخ على وشك الانطلاق . إنها لحظة فى انتظار الخروج من هذا الأسر إلى أفاق أكثر رحابة تعود فيها الأسماك إلى محارتها الأولى .. إلى البحر المرفأ والسكن، والذى يسمح بحرية الغوص .. وتنطلق فيها الطيور محلقة بحرية فى زرقة السماء ..بدلاً من هذا القدر الجاثم والذى يخيم على الكائنات فى الطبيعة المفتوحة .ومع بداية العقد الثانى من الألفية الثالثة انشغل سيد قنديل بعمادة الفنون الجميلة .. وكان من المتوقع أن تشغله الإدارة ويتوقف ولو مؤقتاً عن الإبداع ..ولكن جاءت تجربته الجديدة فى أعماله المعروضة الآن والتى تمثل حالة بين الرسم والتصوير.
واذا كان فن الرسم يعد أحد التعبيرات البصرية الأساسية لتشكيل صورة ذات بعدين .. وهو إبداع على السطح ..يجسد من خلال الخطوط والمساحات بالقلم أو الفرشاة إيحاء مرئياً ويمتد من الرسوم والدراسات السريعة المسكونة بالانفعال اللحظى .. إلى اللوحات المكتملة التى تحفل بثراء التشكيل مثلما تألق فى أعمال عديدة بطول تاريخ الفن لدافنشى ورمبرانت وجويا وبيكاسو ومن مصر نتذكر رسوم الحسين فوزى والجزار وحامد ندا ذات الطابع الدرامى.
فقد جاءت أعمال سيد قنديل - 2014 يبدو البطل الأساسى فيها تلك الخطوط الرشيقة التى تنساب بلا توقف فى حركة لا تنتهى على فضاءات هامسة باللون .
وقد انتقل من مرحلة ` الترقب والانتظار ` إلى مرحلة أخرى جديدة توحد فيها الإنسان مع عناصر من دنيا الطبيعة .. وجوه شديدة المصرية من أبناء الوطن متوحدة مع طيور أو أسماك ..وقد جاء الجندى المصرى والذى يعد رمزاً للفداء والاستشهاد فى بعض اللوحات ..صوره وجعل منه أيقونة أعماله فى مواجهة قوى الغشم والتطرف وجحافل الظلام .. صورة فى إيقاع رمزى محفوف بطائرين فى معنى للتحليق والسمو والطيران بتعبيريته فى جلال ووقار ..إنه هنا رمز للوطن ورمز للمقاومة فى اللحظة الراهنة وكل لحظة تستدعى الاستبسال ..كما صورة محفوفاً بحمامة السلام من أجل الحق والعدل.
كما قدم وجوهاً أخرى من مصر .. وجوه قلقة حزينة وأخرى توحى بالتفاؤل . فى إحدى اللوحات جسد ثلاثية للوجه الإنسانى مع القط والسمكة ويبدو هنا الرمز الشعبى للقط من حيث أنه يحمل وجهى الضراوة والوداعة والسمكة كرمز لقوة الحياة والتكاثر والتوالد .. رمز للخير .ويتوحد وجه فى وضع جانبى مع آخر فى وضع أمامى فى صورة للتواصل الانسانى .وتنساب أعمال الفنان من حالة إلى أخرى تجسد روح الإنسان ونهر الحياة فى إيقاعات متنوعة بثراء الشخصيات وانفعالاتها الصامتة .
وخطوط الفنان سيد قنديل تبدو متشابكة فى انحناءات واستدارات تجسد تلك الحالات الدرامية من المشاعر والاحاسيس ..أما الالوان فيغلب عليها الأزرق الهادىء فى بعض الخلفيات ..مع تركيبات لونية هامسة من الأحمر والبرتقالى والرمادى.
صلاح بيصار
التصوير المنحوت فى معرض قنديل
- خطوط حادة ووجوه جادة وملامس حجرية وخشبية وروح فنان يزاوج بين الاختزال والارتجال ليحرر الوجوه والمساحات ليكشف عن أبجدية تحاول العبور من تقليدية الشكل إلى التأمل والبحث فى العلاقات اللونية والخطية والتشكيل المنحوت فى فضاء اللوحة ليستدرج المشاهد إلى التفكير فيما وراء العلاقات التى تجاوزت التشكيل اللونى لتدخلك فى تشكيلات نحتية التزم بها الفنان والعلاقات الضوئية والظلية التى حققها الفنان بحس عال .
- فى معرض الفنان سيد قنديل عميد كلية الفنون الجميلة المقام بقاعة بيكاسو بالزمالك تمثل الألوان فى لوحاته رؤية تشكيلية تكشف عن قيمة الضوء فى تأكيد الكتلة المكونة لرؤية تأملية شكلها الفنان فى محاولة للربط بين الحس التصويرى والنحتى بدلالات لها معنى فنى يحيلنا إلى الروابط الجمالية بين المسطحات والمجسمات بدلالات تنقلنا إلى عالم التشكيل المنفتح بين مجالين من مجالات الفن التشكيلى مما يعطيه قيمة جمالية بمضامين فنية لها قيمة ومن خلال استدعاء واستحضار العديد من الوجوه المعبرة عن الواقع واعتماده عليها كتيمة أساسية لتكون محركه التشكيلى الذى يحقق فيه صياغته الفنية ويضفى عليها أبعادا وعلاقات لونية وخطية وشكلية خاصة إنه يحاول أن ينقلنا من معطيات الواقع لملامح تعكس أفكارا متنوعة من خلال تركيزه على أجزاء بالوجه مثلا يراها تتناسب مع رؤيته الإبداعية فتكون هى محور اللوحة التى تدور حولها رؤيته.
- إن المتأمل فى تشكيلات قنديل يلاحظ تلك المضامين التى تعبر عن روح العمل بتلك الطاقة التعبيرية والروحانية القريبة من حسن المشاهد والتى تجمع بين الرمزية والواقعية والتعبيرية من خلال أسلوب الفنان فى تشكيلاته الخطية المتداخلة وتدريجاته اللونية التى تؤكد على شخوصه فتراها منحوتات مجسمة تحمل أفكار الفنان المتفلسفة بروح ثقافته وواقعه الاجتماعى فبرغم أنك ترى صورا شخصية إلا أنك ترى فيها البيئة الجمالية الخاصة بمبدعها وتنطلق منها إلى الرؤى الاجتماعية والقضايا الإنسانية وتنشأ الحركة والتجول فى فضاء نابض تؤكده خطوط وتهشيرات وخبطات لونية متواترة ليخرجه من السكون متفاعلا مع الشخوص واضحة الملامح هذه الحركة التفاعلية لا ترقى إلى الحركة القوية بالكتل ولكونها تحقق الوحدة والترابط والدينامية بل و تؤكد قيمة الشكل كأساس للإنطلاق إلى فضاءات رحبة فى حلقات زمانية ومكانية تأخذ دورتها وتعود إلى نقطة البداية .
- حصل سيد قنديل على عدد من الجوائز منها الجائزة الثانية فى الجرافيك - المعارض الجماعية بالجامعة عام 1988وجائزة التحكيم فى الرسم صالون الشباب 1995 وله مقتنيات بمتحف الفن الحديث ومتحف كليتى الفنون الجميلة بالزمالك والمنيا ومقتنيات لدى الأشخاص بالدول العربية والأجنبية .
د. سامى البلشى
الإذاعة والتليفزيون 3 - 1 -2015
|