حديث الأشجار

- ` الشجر يشبه البشر .. له ملامح ولغة ، وقدرة على التعبير ` هكذا يصف مجد الدين الحسامى الفنان التشكيلى ، والمهندس المعمارى ذلك الكائن الملقب بالشجرة ، والتى عاش فى رحابها أياماً وليالى محاولاً الاقتراب أكثر وأكثر وهو يقول أن للشجرة وجها يعبر عن شخصيتها ، ويدعوك لعلاقة من نوع ما معها ، تتنوع طبيعتها بتنوع شخصية كل واحدة . وتلك العلاقة بالذات هى ما ستعثر عليه بينما تتأمل لوحات معرضه الأخير ` سما الشجرة ` والتى وإن دارت جميعها حول الكائن نفسه ، إلا أن كل لوحة تمنحك انطباعا مختلف تماماً .
- مجد الحسامى يؤكد أنه لا يرسم الشجرة كجزء من منظر طبيعى ، وإنما بطل بورتريه ، وهو يقول : ` تمنيت لو استطعت تسمية كل شجرة باسم انثى ` ، فالشجرة انثى ، وربما لهذا السبب يميل اليها الناس اكثر من النخيل الذى يعتبره الحسامى نموذجاً للذكورة . والحسامى يبحث فى علاقة الشجرة بما حولها من عناصر الطبيعة كالشمس ، والماء ، والأرض ، والبشر . أما النور فهو العنصر الأبرز الذى طوعه فى لوحاته لإظهار ملامح الشجرة كما يراها ، مستخدماً فى ذلك حيلاً من الضوء والظل بالوان الماء والزيت والإكريليك على توال ، فالنور هو الحبل السرى الذى يربط الأشجار بالسماء .
- ومجد الحسامى يؤكد أن علاقته بالشجرة أشبه بالعشق الصوفى ، لكن الرسالة من وراء معرضه أكبر من مجرد التعبير عن هذه العلاقة على الملأ ، فالناس فى هذه الأيام ابتعدت عن الأشجار بعدها عن الطبيعة ، متجهة إلى قوالب الأسمنت ، والخرسانة المسلحة ، حتى باتت ترى الأشجار وكأنها جزء ثانوى من المشهد العام لا يكاد يشعر به أحد ، و ` سما الشجرة ` محاولة منه لأن يجعل الآخرين يقرأون الشجرة كما يقرأها هو ، عليهم يدركون أسرارها .
- المعرض على الجانب الآخر أيضاً محاولة مخلصة من مهندس قضى أغلب سنوات حياته فى مجال الهندسة المعمارية ، على حساب موهبة شديدة الحساسية فى مجال الفن التشكيلى ، وربما هذا هو السبب فى تركيز الحسامى على الطبيعة ليبتعد قليلا عن القوالب الجامدة ، إلى فضاء رحب ولين صحيح أن معرض ` سما الشجرة ` ليس الأول لمجد الحسامى إلا أن سر اختلافه عن معارضه السابقة أنه يجدد ذكرى معرضه الأول عام 91 والذى خصصه كله لدراسة الوردة ، التى كانت قد ملكت عليه خياله ، كما تفعل اليوم الأشجار.

ناهد نصر

مجلة البيت