فى انتظار الربيع
* لوحاتها ترصد لحظات المخاض فى وطن ينتظر ميلاد بداية جديدة يسترد من خلالها هويته ..
- تشعر الفنانة الشابة منة حافظ بالقلق الفائر فى أعماق مواطنيها، فتنقل هذا القلق إلى فضائها الخاص، أعمالها الفنية التى تحمل فى الوقت نفسه قدرا كبيرا من الأمل فى `ميلاد` اقترب..فالنساء فى لوحاتها، اللاتى نزلن الميدان أو فقدن أبناءهن أو أزواجهن فى الثورة، والنساء اللاتي خسرن مزيدا من حقوقهن أيدي خاطفي الثورة، هن أنفسهن النساء اللاتى يعشن لحظات تتراوح مشاعر `منة` إذن ككثير من المصريين بين القلق والخوف والحزن على الوطن والأمل واليقين والثقة بأن مصر حتما ستعبر الأزمة.
- هذا التركيز على المرأة فى أعمالها لم يأت انحيازا لها أو دفاعا عنها، ولكنه محاول لمواجهة خطف الوطن نفسة، تقول منة: `الربيع الحقيقى لم يأت بعد، البعض حاول أن يخطف ثورتنا،أن يسلبنا شخصيتنا، وما يحدث تجاه المرأة بعد الثورة وما يثار من آراء تتعلق بها يمس الوطن كله وليس هى فقط`.
- ربما لذلك عادت فى لوحات أخرى إلى أعماق الوطن وجذوره لنستكشف معها هويته الحقيقية،فأخذتنا إلى مشاهد مصرية أثيرة الريف المصرى لتجسد الحضور الطاغي للمرأة ووقوفها جنبا إلى جنب بقوة وثبات بجوار الرجل، كما نقلت الإحساس بالمشاركة على مراكب الصيادين، وفى الميادين المختلفة.
- وفى محاولة منها لتقديم الطريق إلى الخلاص نحو الميلاد الجديد، تذكرنا منة بطبيعتنا السمحة الرافضة للغلو والعنف، والتى تميل للتدين والاقتراب من الخالق، فتحلق- فى لحظات من السمو الروحانى - مع الصوفيين فى عالمهم الهادئ لنتابع رقصات الدراويش ونشاركهم حلقات الذكر، فى لوحات طعمتها بالخط العربى الذى ينطق بكلمات تتردد على ألسنة المصريين دائما مثل ` الله ` و`الرحمن ` و` الحمد لله `.
- لا تكاد تميز البشر فى كثير من لوحات منة إلا بعد قدر من الجهد، فهم جزء من المشهد ويذوبون فيه، ويظهرون ككتلة واحدة.. لم لا وهم ينتظرون معا لحظة الميلاد؟
- استخدمت الفنانة طبقات كثيرة من ألوان الزيت والإكريليك، واختارت ألوانا مبهجة تنتمى إلى عجينه قريبة الدرجات، كما استعانت بالرمال كثيرا مما ساعد على إظهار الاختلافات على السطح وإظهار المزيد من التفاصيل، وكان لإضافتها خطوطا رمزية وأشكالا تشبه الصور الاختزالية للبشر، دور فى إثراء لوحاتها بالحركة والصخب والحياة. تنتمى منة لأسرة فنية، مما ساعدها على الرسم منذ طفولتها، ثم درست الفن فى الجامعة الأمريكية.. تهوى المسرح وقامت ببطولة أعمال مسرحية عديدة فى الجامعة، وتراه من المؤثرات المهمة فى حياتها لأنه علمها كيف تعبر عن نفسها، أيضا تحب اليوجا وتراها تحقق حالة من الصفاء النفسي النادر الذى يساعد المرء على أن يرى الحياة بالشكل الصحيح.
نادية عبد الحليم
مجلة البيت - 1/ 6/ 2012