عبد العزيز إبراهيم على أبو ريدة
استمد موضوعات لوحاته من آلام الناس وأفراحهم
- لوحاته عن سيد درويش ملحمة فنية توج بها أعماله.
- يعد الفنان عزت ابراهيم من أهم فنانى الاسكندرية البارزين، الذين ينتمون إلى جيل الرواد، ولد وتربى فى حى كرموز أكثر أحياء الاسكندرية شعبية وحيوية، تلقى تعليمه اللابتدائى فى مدرسة كرموز الابتدائية، وكانت أناملة الرقيقة تعبث بالأقلام والألوان ليعبر عن كل ما يجول بخاطره فى أشكال عفوية وساذجة، ثم انتقل إلى المعهد الدينى بالقبارى حيث حفظ القرآن الكريم ونما نحو الدراسة الدينية، إلا أنه كان دائب الرسم على هوامش الكتب الدينية، فتحولت إلى لوحات فوضوية تعكس إنفعالاته المكبوتة بالخطوط، فتكون مزيجاً مضطرباً عامضاً، ولكنه فى النهاية يحكى عن شئ كامن فى نفسه يسيطر على مشاعره الذكية المتقدة بحب الفن والحياة، وكل ذلك كان يعد مخالفاً للتقاليد المدرسية وحدود التلاميذ، فتقرر فصله بحجة التعرض لرسم المشايخ والشخصيات البطولية.
** الدراسة الفنية:
- ثم التحق بالمعهد الايطالى `دون بوسكو` حتى ظهرت بوادر موهبته الفنية بقسم الرسم والزخرفة، وأظهر نبوغاً لفت إليه الانظار آنذاك، فأولوه أساتذته عناية خاصة، وبعد عامين من الدراسة فاز بميدالية `موسولينى` الفضية التذكارية ودبلوم التقدير فى مسابقة أجراها المعهد، وعمل مع استاذه فى كنيسة `سانت كاترين` بالاسكندرية أكثر من سنتين، ثم درس الفن على يد المصور `زنانيرى` ومن خلال الأرشيف الخاص للفنان الذى زودنى به ابنه أحمد عبد العزيز والأسرة أجده يذكر فى كتالوجات معارضة التى بلغت أكثر من تسعين معرضاً خاصاً - أنه تخرج من مدرسة الفنون الجميلة المصرية عام 1936، واستزاد من الدراسة فى أكاديمية الفنون الملكية بروما عام 1937، لكنه عاد قبل انتهاء الدراسة بسبب قيام الحرب العالمية الثانية!.
- ومن خلال البحث نكتشف أنه اقام معرضه الأول عام 1943 بجمعية مصر - أوربا بالاسكندرية، وفى نفس العام أقام معرضه الثانى بقاعة الغليون بالقاهرة، ثم توالت معارضه كل عام.. معرضاً فى الاسكندرية وآخر فى القاهرة، عدا المعارض الجماعية التى كان يشترك فيها، واشترك فى بينالى فينسيا عام 1951، وصمم علم الاسكندرية، وحاز على الميدالية الذهبية فى بينالى الاسكندرية الأول لدول حوض البحر المتوسط، وجائزة تقديرية ودبلوم عن تصميم اعلان البينالى الأول عام 1955.
- ومن معارضه التى اشتهر بها معارضه الملحمية عن الفنان الخالد سيد درويش، حيث قدم حياته الشخصية والفنية ولمسات عن بيئته، كما ترجم الحالة وأغانيه وموسيقاه إلى لوحات فنية تشكيلية منغمة ولعلها أهم انجازاته فى الفن التشكيلى.
- وعندما تأملت لوحاته، وقرأت ما أتيح لى من أرشيفه الخاص، وتفرست فى ملامح وجهه من صورة الشخصية كشف لى كل هذا عن انسان مفعم بالحيوية والحماس، مخلص لجذوره، متغلغل فى كل ما يحيط به من آصالة وتراث، لاحظت أن تلك الحيوية وذلك التنوع فى شخصيته وفنه لم يخل من ظهور مسحة من الحزن تكسو وجهه، وتمددت إلى معظم الوجوه التى رسمها تقريباً، وربما يكون ذلك بسبب اهمال صناع القرار حينئذ لفنه.
- من الثابت أنه قد اتيح له عرض لوحاته فى كل مكان، وكان من الأجدر أن يهتم به الاهتمام اللائق، وبأعماله الفنية التى خلدت سيد درويش وأبناء البلد وعمال السد العالى والبيئة السكندرية والنوبة وغيرها، وقد اقتحم أغوار الشعب السكندرى وعبر عنه بلوحات تنطق بأفراحه وأحزانه وآلامه، العربجية.. العوالم.. الحواه.. بنات بحرى.. الطلبه.. ذهب إلى النوبة وسجل حياة أهلنا هناك، ذهب إلى مشروع السد العالى.. عاش مع العمال والمهندسين وسط الصخور ليسجل بريشته عظمة الانجاز الذى جرى هناك، ولكن للأسف.. حذف اسمه من خريطة الفن التشكيلى المصرى بوفاته.. كما لو لم يكن موجوداً أصلاً، ولم يعتن من جاء بعده فى ارهاق أنفسهم بالتعرف على انتاج هذا الفنان!!
- ادرك منذ نعومة أظفاره أنه خلق رساماً متعبداً فى محراب الفن، كان يملك قلباً كبيراً وعينين مفتوحتين لكل ما هو جميل وأصيل من حوله.. عشق الاسكندرية فصور مبانيها.. شواطئها.. ناسها.. دروبها.. بيوتها القديمة.. يرسم ويصور بخطوط تكمن فيها أسرار الحيوية المتدفقة، وهى صفة لا يتمتع بها إلا العباقرة، وظل مصرياً وسكندرياً حتى النخاع.. استند إلى موهبته الفطرية وبراعته وابهاره وقدرته على مخاطبة الروح والعقل معاً.
- كان واقعياً فى حياته، فجاء فنه واقعياً دون أن يقصد، استمد موضوعاته من آلام الناس وأفراحهم، كان يلمح خلف البؤس الانسانى نبل المقاومة، لم يكن يصرفه الألم ولا الاهمال عن الابتهاج بالحياة ذاتها، أو على الأقل التنكر لقيم الجمال الأصلية لم تكن لوحاته مناحات على تعاسه الانسان، إنما كانت تنبه الجميع إلى أن الحياة أروع من اليأس والنضال فى سبيل السعادة هو السعادة ذاتها، كانت عقيدته الفنية هو أن الفن جزء من نسيج الحياة، وأن الحياة هى مادة الفنان وموضوعه، وأن الفن لا يمكن أن يكون فناً بغير موضوع، ولكن الموضوع وحده لا يكفى لصياغة فن، ولذلك لم يكن فنه واقعياً باختياره بل كان فطرته الشخصية، فالفنان ليس سوى انسان يتحدث إلى الناس بلغة يفهمها الجميع.
- بقراءة أعماله نستطيع تحديد جملة من العناصر التشكيلية والفكرية التى تؤلف عالم اللوحة عنده، نرى أسلوباً واقعياً متيناً يخضع لجميع القواعد الأكاديمية، يعتمد على الألوان القزحية وعلاقاتها ببعضها، وللوحاته مذاق خاص يرجع إلى طبيعة البيئة الشعبية والسكندرية على وجه الخصوص، تنبثق ابعادها ومدلولاتها من واقع الشعب وتاريخه وانتمائه واحلامه، ولكنه بقى ضمن إطار التصوير الرصين المتعقل.
- لوحات عزت ابراهيم تكشف عن درجة عالية من البراءة، وتقوم الفرشاة بأدوار مختلفة ومتكاملة، فهى تقوم بدور آلة العزف الوحيدة وأداة الكشف عن المجهول، لمساته تتسم بالاحكام والخبرة، تشارك بفاعلية فى تحليل الكتل، ويحوط شخوص لوحاته بالأمان والمداعبة الرقيقة، فخص كل بورتيريه رسمه موقف من المواقف، ومع ذلك تألقت باللمسات البارعة فى بحثها عن درجات اللون والظل.
- تبدو فرشاته قوية وجريئة فى الألوان الداكنة والفاتحة والظلال التى يؤدى كل منها دوره فى تأكيد حركة الأجسام وتجسيد الأشكال التى تدفع المشاهد إلى التأمل ومقارنة تفاصيل اللوحة بواقع الحياة.
- خاصة أن أسلوبه يعتمد على إظهار التعبيرات على الوجوه من معانى الحزن والألم والفرح والحب والرغبة والأمل والأحباط، وفى كل هذه المعانى تنطق اللوحات بالحركة بشكل رائع ومميز سواء على المستوى الفردى لكل شخصية أو على المستوى العام للوحة.
- توافرت فيه عوامل الابداع التى أجمع عليها علماء النفس ومن بينها الطلاقة والتقبل الاجتماعى لفنه والقدرة على مخاطبة مشاعر المتلقى وأحاسيسه، وفتح الباب أمام خيالاته وأفكاره، وكانت للمرأة المصرية وبنت البلد مكانه فى أعماله، تميزت بالحركة والاستقرار فى آن والرسوخ من خلال التكتيل، كما تميزت باستخدامه للخلفيات المعمارية التى تميز احياء الاسكندرية عن غيرها.
- فى لوحاته عن أنف ليلة وليلة حاول تسليط الضوء على التراث الذى يشكل عنده مساحة واسعة من الاختزال التصورى والفكرى، اعتمد على ما أوحى به السماع والتأمل.. شهر زاد وهى تروى لشهريار قصصها المتتابعة والاسطورية.. سجلها الفنان فى خيال وطلاقة لواقع القصص وايحاءاتها البعيدة، معتمداً على اختلاف الزوايا واستخدام الألوان فى تنويع مثير وجذاب جدير بالمشاهدة. وإذا جاز لى التعبير أن أطلق على هذه المجموعة.. رسوم توضيحية.. فهو لكثرة ما أدخل عليها من كتابات بخطوط عربية مختلفة، فأصبحت مجرد تسجيل انطباعات على الورق بالخطوط والألوان، لكنها تعبير عن شحنة انفعالات مباشرة تلقاها وجدانه اثناء سماع الحلقات المسلسلة الشهيرة دون الالتزام باتجاه فنى أو أسلوب بعينه ولم يحدد نفسه بقوالب فنية معينة.
- كان الفنان الراحل عزت ابراهيم لا يستلهم ولا يستعير ولا ينقل إلا ما يلمس فى نفسه عشقاً كامناً، وكان عشقه وحبه الوحيد هو الفن، وكان أجمل تعليق قرأته له عندما سئل عن بدايته الفنية نزلت من بطن أمى أرسم الداية.
بقلم/ جرجس بخيت بشاى
مجلة البحيرة
أدرك منذ نعومة أظفاره أنه خلق رساماً متعبدا في محراب الفن ، كان يملك قلباً كبيراً وعينين مفتوحتين لكل ما هو جميل وأصيل من حوله ، عشق الاسكندرية فصور مبانيها .. شواطئها .. ناسها .. دروبها .. أزقتها وبيوتها القديمة .. يرسم ويصور بخطوط تكمن فيها أسرار الحيوية المتدفقة ، وهي صفة لا يتمتع بها إلا العباقرة .. ظل مصرياً وسكندرياً حتى النخاع .. إستند إلى موهبته الفطرية وبراعته وإبهاره وقدرته على مخاطبة الروح والعقل معاً ..
بقراءة أعماله نستطيع تحديد جملة من العناصر التشكيلية والفكرية التي تؤلف عالم اللوحة عنده ، نرى أسلوباً واقعياً متيناً يخضع لجميع القواعد الأكاديمية ، يعتمد على الألوان القزحية وعلاقاتها ببعضها البعض ، بمذاق خاص يرجع إلى طبيعة البيئة الشعبية السكندرية ، تنبثق أبعادها ومدلولاتها من واقع الشعب وتاريخه وإنتمائه وأحلامه .
لوحات عزت إبراهيم تكشف عن درجة عالية من البراءة ، وتقوم الفرشاة بأدوار مختلفة ومتكاملة ، فهي تقوم بدور آلة العزف الوحيدة وأداة الكشف عن المجهول ، لمساته تتسم بالإحكام والخبرة ، تشارك بفاعلية في تحليل الكتل ، يحوط شخوصه لوحاته بالأمان والمداعبة الرقيقة ، فخص كل بورتريه رسمه موقف من المواقف ، ومع ذلك تألقت باللمسات البارعة في بحثها عن درجات اللون والظل .
تبدو لمسات فرشاته قوية وجريئة في وضع الألوان الداكنة والفاتحة والظلال التي يؤدي كل منها دوره في تأكيد حركة الأجسام وتجسيد الأشكال التي تدفع المشاهد إلى التأمل ومقارنة تفاصيل اللوحة بواقع الحياة . خاصة أن أسلوبه يعتمد على إظهار التعبيرات على الوجوه من معاني الحزن والفرح والحب والرغبة والأمل والإحباط ، وفي كل هذه المعاني تنطق اللوحات بالحركة بشكل رائع ومميز سواء على المستوى الفردي لكل شخصية أو على المستوى العام لكل لوحة .
في لوحاته عن ألف ليلة وليلة حاول تسليط الضوء على التراث الذي يشكل عنده مساحة واسعة من الإختزال التصوري والفكري ، إعتمد على ما أوحي به السماع والتأمل .. شهر زاد وهي تروي لشهر يار قصصها المتتابعة والأسطورية .. سجلها الفنان في خيال وطلاقة لواقع القصص وإيحاءاتها البعيدة ، معتمداً على إختلاف الزوايا وإستخدام الألوان في تنويع مثير وجذاب جدير بالمشاهدة ، تتميز بخطوطها القوية المعبرة والمتعددة المنسابة في رقة ويسر ، أدخل عليها الكتابات بخطوط عربية تزيدها تعبيراً عن المشاهد الخيالية ، فهي ليست مجرد إنطباعات على الورق بالخطوط والألوان ، لكنها تعبير عن شحنات إنفعالية مباشرة تلقاها وجدانه أثناء إستماعه للحلقات الإذاعية المسلسلة دون الإلتزام بإتجاه فني أو أسلوب بعينه ولم يحدد نفسه بقوالب فنية معينة ، إنما جائت بسمات شخصية تفرد بها ، بخطوط تزيدها جمالاً وقوة ، إستمدها من خياله الغني وموهبته الفذة
جرجس بخيت - الإسكندرية
عمق الواقعية والتعبيرية ..بين سيد درويش وجمال عبد الناصر
كان بينالى الاسكندرية الدولى الاول لفنون دول البحر المتوسط ..احداهم البيناليات فى العالم وهو الثالث بعد `بينالي ?ينسيا `???? وبينالي `ساو باولو` ????.. افتتحه الرئيس جمال عبد الناصر في ????..ونحن اذ نتمنى ان يسترد عافيته ويعود الى سابق مجده من جديد ..نتذكر الفنان السكندرى `عزت ابراهيم `الحاصل على الميدالية الذهبية فى دورة البينالى الاولى مع جائزتين فى الدورة الثانية 1957 والثالثة 1959 فى فن التصوير ..وكان من بين فنانينا الكبا ر مع المشاركين من الفنانين الاجانب ..واعماله تمتد من الواقعية الاكاديمية الى التعبيرية ..وقد تالقت بالروح الشعبية لمدينة الاسكندرية من تلك الوجوه والمناظر ..مع ديوانه المصور والفريد لخالد الذكر سيد درويش والزعيم جمال عبد الناصر .
الاسكندرية الشعبية
فى حى `كرموز` بالاسكندرية ولد عزت ابراهيم عام 1919 ..فى هذا الحى الشعبى الذى يعد يمثابة قلب المدينة واصلها فى البداية وهو حافل بالمعالم الاثرية من عمود السوارى ومقابر كوم الشقافة الاثرية التى ترجع للعصر الرومانى ..مع سوق `الساعة `الشعبى حيث تكثر محلات بيع المنى فاتورة من الاقمشة المفروشات والملابس ..ومن هنا امتلا الفنان ابراهيم بتك الصور الشعبية مع تاملاته للرموز الاثرية ..وكان يرسم كل هذا من بداية التحاقة بمدرسة كرموز الابتدائية مثل كل الاطفال الموهوبين فى تلك الفترة من الطفولة ..وانتقل بعد ذلك الى المعهد الدينى بالقبارى وحفظ القران ..واتجه الى تعميق الدراسة الدينية لكنه لم يترك ممارسة الرسم فكان يرسم على هوامش الكتب الدينية.. بتعبير الناقد جرجس بخيت والذى يضيف :`وكل ذلك كان يعد مخالفا للتقاليد المدرسية فتقرر فصله بحجة التعرض لرسم المشايخ والشخصيات البطولية .. ثم إلتحق بمعهد الدون بوسكو بالاسكندرية حتى ظهرت بوادر موهبته الفنية بقسم الرسم والزخرفة .. وأظهر نبوغاً لفت إليه الأنظار وبعد عامين من الدراسة فاز بميدالية موسوليني الفضية التذكارية.
ودرس الفن على يد المصور الايطالي `أرتورو زانييري `كما درس الخط العربي على يد صديقه محمد إبراهيم .. ويضيف الفنان بخيت :ومن خلال الأرشيف الخاص الذي زودني به إبنه الفنان أحمد عبد العزيز ..يذكر في كتالوجات معارضه التي بلغت أكثر من 90 معرضاً خاصاً انه تخرج في مدرسة الفنون الجميلة عام 1936 و في أكاديمية الفنون الملكية في روما عام 1937 `.
وبدءا من عام 1943 اقام الفنان عزت معرضا لاعماله بقاعة `الغليون` بالقاهرة واخر بجمعية مصر اوروبا بالاسكندرية ثم توالت معارضه كل عام .
هو وبينالى الاسكندرية
فى بينالى الاسكندرية الذى اقيم فى دورته الاولى عام 1955 ..وشارك فيه اكثر من 230 فنانا من دول البحر المتوسط واثنين وتسعين فنانا مصريا من بينهم :سيف وادهم وانلى وجمال السجينى ومحمود موسى وزينب عبد الحميد ومارجريت نخلة ويوسف سيدة وعبد الهادى الجزار وماهر رائف وعز الدين حمودة وفؤاد كامل وعفت ناجى وتحية حليم ..فاز الفنان عزت ابراهيم بالميدالية الذهبية فى التصوير والتى صممها المثال جمال السجينى ..وفى هذا تاكيد على قيمته التعبيريية وتتويج عالمه وطريقه الخاص فى الفن ..كما فاز بجائزة فى التصوير ايضا فى الدورة الثانية 1957 والدورة الثالثة للبينالى 1959.
واذاكان قد رحل عن عالمنا عام 1993 بعد ان قدم انتاجا غزيرا .. بعد انقطاع نظم له د. مجدى بلبع عاشق الفن وتاريخ الحركة الفنية فى مصر معرضا ..ضم منتخبات من اعماله عام 2006 بقاعة ديجا بسموحة بالاسكندرية .. التى توقف نشاطهاحاليا وفى حديث للناقد ابراهيم عبد الملاك قال وقتها :`تحية الى قاعة ديجا ود.مجدى بلبع على اعادة اكتشاف هذا الفنان الكبير.. والذى تطل علينا مائياته البليغة بالوجوه المصرية الصميمة لتعطينا زادا من الاخلاص والثقة `.
ومن هنا وفى الحقيقة يستحق فناننا تامل اعماله وقراءتها وهو الذى جمع بين الواقعية الاكاديمية وبين التعبيرية تبعا للحالة ومايمليه عليه احساسه فى التشكيل والتعبير.
و..عالمه
من البداية يعلن الفنان ابراهيم انتماءفرشاته الى عمق بيئة الاسكندرية .. من خلال الوجوه الشخصية لنساء وبنات الاحياء الشعبية .. من ابو قير والمكس والانفوشى والدخيلة ومن بينها لوحتى :`الام والابنة ` و ` الام والابن ` فى معالجة واقعية ولكن بحس تعبيرى يجسد الروح فى النظرة والجلسة .. مع العصبة والملابس التى تبدو فى بساطة الشعبيات ..وله لوحات مشاهد ومناظر من كل مكان هناك بالشارع وعلى الشاطىء والمقاهى .. وناس البلد من العمال والصنايعية بجراة فى التعبير وباسلوب يغلب عليه الاختزال والتلخيص ..ولعل من اجملها `سنان السكاكين `الذى يبدو متوحدا مع الاله كما نستشعر الحركة الدائرية بقوة فى التعبير ..وانتقل فى مناظر اخرى الى النوبة واسوان .
احب الفنان عزت ابراهيم جمال عبد الناصرالذى صفق له فى افتتاح البينالى .. وقد تالقت اعماله مع ثورة 1952 وكان مؤمنا بها لانتمائه الى البسطاء من الشعب المصرى ..ومن هنا له صورتين لزعيم الثورة : صورة نصفية او بورتريه شخصى.. فى بدلة من الكحلى وربطة عنق من الاحمر النارى مع المنديل بلمسة اكاديمية رصينة تنتمى الى الواقعية التعبيرية.. والجميل هذا الضوء الابيض بمثابة هالة حول الراس فى الخلفية من اجل اظهارالعقل المفكر مع نظرته المتاملة..وهو يتحرر اكثر فى لوحته `اليوم الحزين `لناصر ايضا فى يوم رحيله ..متنقلا من الواقعية الى التعبيرية التى تتحرر فيها اللمسة ..فتبدو فى مقدمة اللوحة ثلاث نساء من الطبقة الشعبة التى انحاز لها الرئيس ..صارخات رافعات الاذرع تعبيرا عن الحزن والالم احداهما ترفع منديلها ممتدا بشكل عرضى كاشارة للحزن .. بينما يبدو هو ساطعا شامخا فى الخلفية فى تعبير رمزى.. خارجا من كثافة الازرق .
سيد درويش ..الحان تشكيلية
ومن بين اعمال الفنان عزت الاكثر تالقا لوحاته لخالد الذكر سيد درويش رائد الموسيقى العربية `1892-1923` المولود مثله فى احد الاحياء الشعبية بالاسكندرية `حى كوم الدكة ` .. وهو الذى ترك دراسته لتكريس حياته للموسيقى والغناء وكان يعمل كبناء من اجل اعالة اسرته وسافر الى سوريا فى جولة استغرقت وقتا طويلا .. صاحب الالحان الشهيرة من بينها اوبريت `العشرة الطيبة `و`شهر زاد `ومئات الاغانى والطقاطيق والادوار مثل :`انا هويت `و`يا شادى الالحان` و`زورونى كل سنة مرة `و`سالمة ياسالامه` .. نسوق هذا الكلام لفرط اعجاب عزت ابراهيم به وقد بلغت اعماله حول شخصيته الفنية والاجتماعية اكثر من 300 عملا .. كما اقام معرضين بين الصورة الشخصية وذات الموضوع مع الالحان والانغام المصورة .
ومن بين تلك الاعمال التى خلدت اسطورة الموسيقى :` سيد درويش فى مقهى شعبى ` `سيد درويش فى سوريا ``سيد درويش عامل البناء `وصور شخصية عديدة لسيد درويش `بورتريه ` مع الانغام والالحان والات الموسيقى ..كما صور جانب من حى كوم الدكة و`زقاق كوم الدكة ` ..وقد تنوعت طرق الاداء بالالوان المائية والزيت مع الرسوم بالابيض والاسود ..كما امتدت بالاختزال والتلخيص والتجسيم والتلوين ..من الواقعية والتعبيرية .
فى لوحة` سيد درويش فى جبال سوريا`يختزل ابراهيم الزمان والمكان ..ولايبقى الا روح منظر.. يجسد فيه سيد درويش على العود مع مجموعة من الموسيقيين.. تحت تعريشة خضراء.. كل هذا فى حضن الجبل الرمادى الحافل بالدرج وزوايا الدخول والخروج ..الى ان يتلامس مع جدار احمر والافق الازرق فى تعبير يخرج على التسجيل تتميز به اعماله فى هذا المعنى ..والجميل هنا هذا الترديد اللونى بهيئة الانغام والالحان .. اما سيد درويش عامل البناء فقد صوره بالابيض والاسود على السقالة مع مجموعة من العمال ..وهى لوحة حافلة بالحركة وحيوية الخطوط .
وفى صورة شخصية لخالد الذكرصوره حزينا غارقا فى الضوء الازرق محفوفا بالات موسيقية ..من الدف والعود والكمان فى تعبير درامى ولمسة واقعية .
وبحس تكعيبى يجمع بين الهندسى والعضوى ..صور عزت ابراهيم سيد درويش مطوقا برموز من الانغام الموسيقية تمتزج بعناصرلشخوص مع ابو الهول والفنار وعمود السوارى .. ومن خلال السطوح الهندسية تنساب بؤر الضوء واللون فى ايقاع هادىء ومتناغم وتظل لوحته الغنائية درويش وسط اهله وناسه بالمقهى متوقدة باللون والنور .
سلام على عزت ابراهيم فنان من الاسكندرية.. بعمق الالحان والانغام المصورة بروح الاسكندرية.
صلاح بيصار
صحيفة القاهرة الثلاثاء 17/3/2021
|