جورج فكرى إبراهيم يوسف
- جورج فكرى هو نموذج للفنان الصادق والصدق فى الفن هوإضافة الذات فى نسيج العمل، بحيث نرى العمل اصيلا معبرا عن مبدعه، وليس منسوخا من ابداع غيره .
- ولا يكفى أن تكون اضافة الذات برهانا على هذا الصدق، بل سوف يتعين دائما على الفنان المبدع ان تكون ذاته الخاصة موازية لمنهجه فى العمل الفنى ، فذلك التوازى هو البرهان الاخر الذى سيظل جديرا بالتأمل لمن يبغى رؤية الاخر .
- وجورج فكرى يحمل فى رسومه تلك الذات الصافية بالصدق، وهو الذى انتقل من الكثرة الى التركيز، ومن الانتشار الى الاختصار، ثم ارتحل ارتحالا من الشكل الانسانى الذى يراه من فوق كعين طائر ، الى الذوبان بين البعدين ، حتى اننا نراه كما لو انه جزء من حائط قديم، استعار رطوبة اللون، ودلف بها الى عالمه الجديد الغامض، وقد فاض به الغيم وزاده عمقا .
- ان تجربته فى لوحاته الاخيرة هى رموزه التى ستفتح له عما قريب سلطة الاختيار، التى هى متعة الفنان المبدع .
الفنان الناقد / أحمد فؤاد سليم
- الفنان هو الشعلة الوهاجة فى أعماق الإنسان.. ولكل فنان مبدع فلسفته فى الحياة .. تنعكس على سطوح لوحاته كما يحب أن يراها .. معبراً بأدواته الفنية وبرؤيته فى أعماق الموضوعات الموروثة بأشكال جمالية جديدة للفن المعاصر .
- أننا نلمس تلك المشاعر والأحاسيس الأنسانية فى موضوعات الفنان جورج فكرى حيث تناول الفنان حكايات الإنسان المعلقة فى الذكرى للموروثات والعادات الإجتماعية من أفراح وطقوس دينية حتى الموت فى أشكال جديدة بأسلوبه التعبيرى السريالى حيث جعل من لوحاته معزوفات لونية لتكويناته الفنية .. تنبض مرتبطة بالحلم والطقوس والحياة وكأنها تصاحب المشاهد معها فى رحلة جمالية.. وتنطلق بأحساس الفنان الطفولى.. وتترجم كل ما يتأمله ويحس به. فبعض لوحاته تغلب عليها الألوان الداكنة مع أستعمال كتل لونية متناثرة فى اللوحة.. ولكن فى تناسق رائع غير ممل.. فهو فنان يستخدم اللون بقوة ونقاء.. ولكن بشئ من التراجيديا فى الخطوط بتكنيك سريالى وباسلوب يعتمد على خيال الأحلام والتطلع إلى أمال بعيدة.. مما يجعل المشاهد فى تسأل دائم من هذا الكون العجيب الذى تختلط فيه الرمزية بالتعبيرية .
الفنان والناقد/ وجدى حبشى
فنان يذهب إلى الأرض ..
- يشعل النار فى حالته اليها، ويبدأ من رماده ملامحها وتضاريسها، يتشكل ويشكل بلون العاكف المعتكف - الزاهد فى الرصد لأهم أخاديدها وأشرعتها الانسانية، من الرقص إلى حفار الفبور ومن شهيد الذاكرة إلى واقع مهن الحياة .
هاجسه وطن طفولته، فى الامتداد على ساحات الرصد واللعب، يتنقل فى الأشكال ويلامسها، ثم ينسحب ملحقاً ليرى وحدة الفعل فى الجزء والرمز ووحدة العين فى اشارات الحركة، ودلالاتها على كونية وحدة الأجزاء والعمل، ينغمس بها الشكل مع ظله، وتمتد الجهات، وتتحد الأصباغ تحت قوس قزح رماديات محترقة، يحيلها الورق تارة، وامتداد الشاقولى وأفق الخيال تارة أخرى .
أعمال أمتدت لتكون أسطورة من فعل، لجدار يشتعل بالسواد، تموج به أجساد، وتتماها أشكال، تتعاظم شيئاً فشيئاً، ينطلق بها الصمت إلى حكايات واقع وتاريخ ، ٌتشهد التراث أصولها والأرض مراجعها الحزينة، أنها حكاية الأرض وملحمة الأنسان بها، تتشكل على عمق واقعنا لغة وصياغات طبوغرافية، لجغرافية فن يتلو حضارته، بخصوصية السحاب الدافق، وقرٌة الطائر، ومهجة ما يعاصر الدين من أثنيات معهودة الإلفة والتاريخ .
الفنان السوري/ عبداللطيف الصمودي
- وجورج فكرى لا يرسم الناس مباشرة وإنما هم من مخزون ذاكرته والتى تبدو من فرط زحامها بهم كحوش مدرسة أو أستاذ ضم جميل .. ولو حاته المليئة بهم تعكس نفسيته المحبة للأخرين والتى تجمعهم معاً وكأنهم فى كل لوحة كتل حية يربطها معاً التلاقى وتجمعها رؤيته الحانية وتحليلاته الثابته لملامحهم وأجسامهم ، أنهم رمز وليس تفصيلة .. أو هو لا يرسم بشراً بعينهم وأنما تعبر عن الأنسان عامة .. الأنسان المعاصر مفتوح العينين .. الوجل حينا والمشحون قلقاً .. أو الذائب فى صوفية، وموضوعات جورج فكرى كانت دوماً ذات أبعاد داخلية أكثر منها خارجية ، لكنه أنطلق إلى حياتهم حوله .. فى المساجد .. فى الموالد والأعياد.. فى الحدائق والشوارع .. لكنه بنفس لقطته المحببة القريبة من منظور `عين الطائر` .. وقد كان الفنان يميل للون واحد وهو البنى بدرجاته. ولكن مفاجأته مبهجه المبهجة بهذه الأحتفالية اللونية التى قدمها وزادت من حيويتها من عمق المعانى.
الناقد والفنان / إبراهيم عبد الملاك
جورج والضوء العملاق
- يعد من الفنانين النشطين،الفنان جورج من الفنانين المتميزين على المستويين الخلقى والإبداعى فهو إنسان بسيط وعميق التأمل، من يتأمله يكتشف أنه جزء عضوى من أعماله الفنية، يعشق الأعمال الفنية الكبيرة الجدارية سواء كانت ورقية أو مركبة الأجزاء وفق فكرته للعمل، شدتنى وأبهرتنى وأدهشتنى أعماله بالأبيض والأسود التى لا تقبل الوسط والتى استطاع باقتدار أن يخلق منها عالماً متوازناً .. عالماً فضائياً كونياً يزدحم بناسه وكأنهم يطلون من نوافذ فى الأفق، وأعمال أخرى تتوازى فيها الخطوط وتتقاطع وتتحلزن وتتموج وتنطلق وتتناثر، منها ما يشبه النقاط أو الخطوط المتواترة المبتورة، والضوء فى هذه الأعمال الفنية يذوب فى الأشكال إلى درجة الاندماج مع الاحتفاظ بجمال الخط الذى يرتعش من جرار الماء ويذوب وينتشر ثم يستقيم ظهوره، هذا الإيقاع الشعورى الممتلىء بقدر كبير من الحساسية قد أهَّل الفنان ليصيغ عالمه بثقة وجسارة وشجاعة غير متوفرة فى الكثيرين ، فالإقدام على الرسم على المساحات العملاقة يماثل حركة قفز الإنسان للسباحة فى عمق المحيط ، كوامن الطاقة فى ذات الفنان تعد أحد عوامل نجاح الفنان فى بث شعوريته وأحاسيسه للتعبير بصدق، وتعبيرية جورج هى حديثه الصياغة، تتواتر بين التجريدية التعبيرية وبين التعبيرية الحديثة .. والضوء هنا نابع من أركان حجرته التى تسكن جدرانها وأركانها جزءا كبيراً حياً من وجدانه ويعكس عالماً نابضاً من ناسه وتآلفاً محكماً لدرجات خطوطه وإيقاعها، والحوار بين الضوء والعتمة كما هو حوار بين الأبيض والأسود، وجورج فنان متميز ونجم له رؤيته وتفرده .. وأصالته.
أ.د. احمد نوار
جريدة الحياة - 2005
طقوس مصر فى معرض جورج فكرى
- تحت عنوان ` طقوس مصر ` يقدم الفنان جورج فكرى أحدث معارضه للفن تأتى فكرة هذا المعرض من خلال البحث فى جذور الثقافة المصرية وما تحتويها من عادات وتقاليد وموروثات شعبية تمثل لدى الفنان موروثا حضاريا وثقافيا واجتماعيا متفردا .. وتكون القيم الطقسية هدفا يستند حول فرضية أن الطقوس حدث رمزى يعبر عن قيم اجتماعية حولنا .. حيث نجدها مكتوبة ومرسومة على جدران المعابد الفرعونية القديمة ، الأيقونات القبطية ، والمنمنمات الإسلامية والأساطير والسير الشعبية .. وكلها تمثل تسجيلا لمشاهد الحياة اليومية الاجتماعية التى عاشها المصريون منذ آلاف السنين . - كانت الطقوس أيضا تمثل لدى الفنان ومضات لمستويات متعددة لطريقة السرد التعبيرى لما تحمله من معانى وأسرار وأحاسيس وجدانية وروحانية ، وإشارات تفصيلية ووصفية ونجد دلالاتها ومفرداتها عبر الحياة اليومية ..وجاء استكشافها لدى الفنان فى الارتحال عبر المدن والقرى والشوارع والحارات واستدعاء ذكريات الأماكن القديمة .. والتواصل مع طقوس الاحتفال بمظاهر الحياة مثل طقوس الميلاد والزواج وليلة الحنة والسبوع والموالد والأعياد والمناسبات والعادات التى تحتفى بها مصر .. هذا العرض هو نتاج للمشاعر الوجدانية والحدسية لطقوس ارتبطت بالفنان وأصبحت جزءا منه ونشاهدها اليوم من خلال مشاهد تفصيلية أو زوايا ومساقط مختلفة للرؤية .. والارتكاز على مدلولات الإشارات الطقسية وتواجدها فى المساحات والفراغات حيث تمثل لدى الفنان استنباطا لمداخل جمالية ووصفية معاصرة لمظاهر ودلالات الطقوس فى مصر . - اعتمد الفنان فى أسلوبه التشخيصى على ملامح تلك الوجوه المصرية الشاخصة الحزينة والمعبرة عن عمق المعاناة رغم أن الطقوس تحمل دلالات الفرحة والسرور والغبطة إلا أن المعاناة كانت أقوى وأسرع للتعبير عنها فى هذه الملامح القريبة لقلب الفنان المتلقى . - استخدم الفنان وسائل وأدوات بسيطة للتعبير عن موضوعه الفارق فى الشعبية المصرية من عجائن وورق كرتون وقصاقيص كتلك التى تزين جدران أجواء تلك الاحتفالات والطقوس .
بقلم : د.محمد الناصر
نصف الدنيا -2009
جورج فكرى يقدم .. طقوس مصر .. تشكيلياً فى .. الزمالك ..
- بقاعة الفن بالزمالك ، بعنوان طقوس مصر ، يوثق الفنان جورج فكرى الطقوس المصرية تشكيلياً وجمالياً بكل أركانها ، الأرض ، الإنسان ، العلاقات الاجتماعية ، القيم ، وعبر عن المعتقدات والموروث الشعبى ، المشبع بالرموز والدلالات ، تلك الطقوس التى شكلت التواصل الاجتماعى والوجدانى ، لبعض فئات المجتمع ، حتى أصبحت قوانين تتحكم فى المسيرة الثقافية والاجتماعية لهذه المجتمعات . - عرض الفنان 26 لوحة تصويرية تعبيرية حداثية تناقش موضوعات إنسانية واجتماعية ، فمن نصوص الموروث الشعبى ، استطاع استنباط مداخل جمالية ووصفية معاصرة وتجريبية ، حيث حملت الأعمال مجموعة من القيم الطقسية مقترنة بالقيم الجمالية والتقنية الفنية مثل تقاليد ( جنى القطن وجمع البرتقال والموالد والسوق وبائع العرقسوس وبائعى الخبز وطقوس الميلاد والأعراس والزواج وليلة الحنة والسبوع والصيادين ) وغيرها . - تتسم الأعمال بالتعبيرية حيث قام باستخلاص جوهر القيمة الطقسية من عمق الشخصية المصرية ، وبالنسبة للتكوينات فى اللوحات فهى عبارة عن حالة إنسانية للتجمعات البشرية فى علاقة إجماعية وحميمية ومتلاحمة منسوجة فكريا وتشكيلياً ، كما أن الحضور الإنسانى هو العنصر الرئيسى ، على اعتبار الإنسان هو المسئول الأول عن استقرار وثبات القيم .
بقلم : سوزى شكرى
روزاليوسف -2009
الأحمر يستبيح كل الألوان
- يتابع جورج فكرى الحياة الأجتماعية وخاصة الطقوس فى لوحاته المقامة بقاعة الزمالك ، تشعر من خلال مشاهدتك للأعمال بأنها هى نفسها عبارة عن طقوس فنان يعيشها بانفعال وتفاعل . الألوان ساخنة تبرز الأحداث التى يتناولها .. تحول الدفء إلى سخونة مشحونة بقناعاته ، فبدت وكأنها حالة فوران متاصعدة فى كل أرجاء اللوحة ، لا تجد إلا متنفسات قليلة لمساحات بيضاء أدخلها بجرأة على شكل ملابس أو فراغ فى تلوين الوجوه كى تحد من هذا الصراع اللونى بين عناصر اللوحة . - تناول الأحمر بكل درجاته ، وعندما تناول الأزرق استباحه بالأحمر لينتصر عليه ويتداخل معه فيحوله إلى لون مائل للبنفسجى وضربات من الفرشاة بالأصفر الذى لا يخلو هو الآخر من اقتحامات للأحمر ليتحول بدوره إلى الميل للبرتقالى . - ويهتم جورج بتفاصيل كثيرة من خلال فن الكولاج إلا أن اللون أيضا لا يسمح لهذه التفاصيل بالحضور فيطمسها ويضيع من قيمتها التى أستشعر أن الفنان كان يقصد هذا فى مناطق من اللوحة ، ولا يقصده فى مناطق أخرى إلا أن الدفقات اللونية كانت أقوى من أى لغة أخرى . - والحقيقة أن اللوحات التى وجدت متنفسا فراغيا كانت تأثيرا وتفاعلا مع رؤية المشاهد البصرية . إذ إنها أعطت له الفرصة للتحول فى أرجاء اللوحة عبر هذه الفراغات . أما اللوحات التى كثف فيها اللون وأعلى من حالة التداخلات بين مفردات الآدمية ربما أعطى الحالة الفنية دفقة واحدة واختصر من حالة التأمل البصرية لدى المشاهد الذى انعكست عليه الرسالة الانفعالية ، ولم يستطع التفاعل الكامل مع مفردات كثيرة داخل العمل الفنى الواحد . وجورج له تجارب كثيرة فى هذا المجال ، وله أيضا منظوره الخاص فى تناولها ، وقد نجح فى تأكيد رؤيته وأسلوبه فى العديد من المعارض التى أقامتها واشترك فيها ، وأيضا فى لوحات كثيرة فى هذا المعرض رغم ازدياد الشحنة الانفعالية التى جاءت على حساب جماليات العمل فى بعض اللوحات .
بقلم : سامى البلشى
مجلة الأذاعة والتليفزيون - 2009
الدوران الدائرى .. بين الطقوسى .. والأيقونى
- كما أنه فى المعالجة البصرية اختلف عما اعتاد ولا أقصد تناول اللون أو الشخوص أو الملامس لكن ذلك المنظور البصرى للرؤية من خلال فكرة الشكل الدائرى فى إيحاء دورانه أى الدوران حول محيط دائرة متنقلاً بذلك مع عرضه البصرى للخطوط والتهشيرات المتشظية التى تميز بها معرضه قبل الأخير بقاعة العرض بالجامعة الأمريكية إلى حالة من لملمة الخطوط والتهشيرات الرأسية إلى الاتجاه الدائرى ..أى الدوران حول الشكل أو الذات وكلاهما ساعد عليه فكرة موضوعاته المتسمة بالحركة والالتفاف حول مركز للاحتفالية بين السبوع ..الميلاد..الزواج ..ليلة الحنة ..والأعياد والموالد .
- وسأبدأ بالجانب الرمزى لدى الفنان جورج للشكل الدائرى الذى يمكن القول إنه تتفرغ منه هالة القداسة وأيضاً هو الشكل الدائرى المعلق فى الفن الأيقونى القبطى .
- كما أن محيط الدائرة رمز لصورة الأبدية أو رمز اللانهائية وهى رموز تتفق وأبدية موضوعاته من الميلاد ..الزواج ..السبوع كما أن الدائرة كرمز سماوى أو سحرى لدى كثير من الثقافات وكذلك كحلقات علاجية وتلك الطلاسم التى تشكل أحزمة وأطواق وخواتم أيضاً تتفق وموضوعاته عن الأعياد والموالد والذكر .
- وقد أحسن الفنان اختيار المشد الدائرى الذى يتسق وموضوعاته التى تدفع للحركة والالتفاف الدائرى حول مركز وموضوع الاحتفالية.
- وهناك رمزية اللون الأحمر القرمزى الذى ساد لوحاته وهو لون الدم ولون الخمر.. فإن التضحية الدموية للسيد المسيح ومعصرة الخمر تشكل خلطاً صوفياً أراه لدى الفنان جورج .
- وبصرياً أجد فكرة التمركز الجمعى تجاه مركز أو نقطة محورية فى مسار محورى لدائرة ربما جعل جانباً منه مفتوحاً تجاه المشاهد ليشارك ..وربما يعكس هذا التمركز والالتفاف حول نقطة اهتمام من الفنان ليكون مركز اهتمام يلتف حوله الآخرون .
- وبعدما كان آخر معارضه وما شاهدته من هيمنة فكرة المتناهى وخطوط التشظى لأراه فى لوحاته الأخيرة يجعل المشهد مفتوحاً يلملم الرؤية تجاه مركز مهتماً بالرؤية البصرية من تجعيدات لللامس والورق والثخانة مما أعطى احساساً وأنا أشاهد صور لوحاته وتكبيرى لأجزاء صغيرة منزوية منها لأجدها مناطق ثرية غنية كأنه يرسم المادة واللون فى كل سنتيمتر فى لوحاته التى تبلغ أبعادها المترين وأكثر.وبينما أرى شخوص لوحاته فى حالة تهجير جماعى تجاه المركز أرى حكائية هذا المعرض بعيدا عن مفاهيميته الأسبق يقدمهما بفرضية مغايرة لتلك الرؤية التقليدية فى تصوير الاتجاه الدائرى فبعض لوحاته نراها وقد التقطها من مسافة افقية كأنه يشاهد المشهد من أعلى دون مشاركة ويدع فرصة المشاركة للجمهور .
- وبينما يلملم جورج فكرى أوصال شخوصه فى شكل تجميعى وقد أصاب حوافهم الخارجية حالة من تشظى الخط وتناثره الموضعى وتهشيراته الشديدة أدركها ليس ناتج هذا التمزيق لحدود أجسادهم وأنما ناتج عن سرعة حركتهم حول محيط دائرى مغلق لكنه من فعل ما يعتمل الوجدان من انفعال شديد حتى بدت أوراقه الملونة الشديدة الحمرة بدرجاتها القاتمة كأنها ضمادات ملطخة بالدم.
- ولكن المثير أنه رغم مزحة موضوعاته كاحتفالية إلا أنه باعتماده الالتفاف والاتجاه إلى المركز إلا أن الرائى لا يشاهد فرحاً ولا بهجة وإنما يتلقى بمنطق انكفائى غريب وأحياناً مرعب خاصة مع وضعية شخوصه فى تجاور بشكل وحشى للأجساد واللون مما يجنب العنوان الشعبى الطقوسى ليبرز لنا الحس ` الجروتكسى ` و ` الوحشى ` فى تلاق يعزز كلا منهما الآخر خاصة مع أسلوبه الخادش لحدود الجسد حتى بدت حدود الأجساد شعثاء عنيفة التواجد كأنهم فى طقوس سحرى غامض أو أن دورانهم سيقودهم تجاه القاع بإيحاء الجو الخانق دون هواء إلا من خارج المحيط الدائرى .
- أرى الفنان جورج استطاع أن يجعل هوية القماشة بأوراقها أكثر أهمية من هوية الموضوع ذاته ..وقبلاً هوية قماشة لوحاته الفكرية أو مسطحات أوراقه الجدارية كان بخطوطها المتظية المتناثرة تشبه التى تكون عليها برادة الحديد بتأثير مغناطيسى .. الآن هو جمع هذا التشظى الفكرى بفعل جمع مغناطيسى تجاه المركز مستحضراً أسماء لمواضيع ` طقوس مصر ` لأرى لوحات جورج الطقوسية نوع من الحنين لهذا الطقس أكثر من استحضار الطقس ذاته وحين استحضره وضعه على هيئة أيقونية تهيمن عليه فكرة الدوران الدائرى .
بقلم : فاطمة على
جريدة القاهرة - 2009
|