حول رؤية الفنان - السيرة الذاتية - قطاع الفنون التشكيلية

- رغم أن لوحاتها تنطق بكل ما يجيش بداخلها من مشاعر ومواقف تجاه ما يحيط بها إلا أنها تصر على أن يكون الصمت قاسما مشتركا فى كل أعمالها بل إن معارضها لا تخلو عناوينها من الصمت مثل ` ثلاثية الصمت ` و` أصداء الصمت ` حتى إن معرضها الأخير يحمل اسم `حديث الصمت ` إنها الفنانة التشكيلية سوزان التميمى والتى كان لنا معها هذا الحوار حول أحدث معارضها .
* بداية لماذا يغلب على لوحاتك رسمها بالحبر؟
- الفنان يلجأ عادة إلى الأسلوب الذى يعبر عن شخصيته لذلك أجد فى الخطوط التى أرسمها بالحبر أنها المعادل الموضوعى لإحساسى فأنا مشاعرى واضحة والجمل التى أريد قولها صريحة تماما مثل هذه الخطوط التى تسيطر على لوحاتى .
* وماهى حكايتك مع الصمت؟
- لوحاتى تدور دائما فى إطار الحب وفى المراحل السابقة من حياتى كنت أرى أن الصمت فى الحب أبلغ من الكلام وليس فى هذا نكرانا لدور اللغة فهى وسيلة تعبير جبارة والحرف فيها قد يهد جبل أو يبنى دول كما يقال ولكن بالنسبة لى كنت أجد ما أريده فى الصمت وان كنت أعتقد أن هذا المعرض هو أخر مراحل الصمت فلدى إحساس بأننى لا أريد أن اصمت مرة أخرى.
* وما الذى تغير حتى تتحولين عن الصمت الذى كان قاسما مشتركا فى كل أعمالك السابقة ؟
- حياة الإنسان ما هى إلا مراحل وفى كل مرحلة يكتشف جديدا يجعله يتمرد على المراحل السابقة فمثلا الفنان فى بدياته تكون الأمور غير واضحة فتجده يتحدث من خلال فنه بشكل أقرب إلى المدينة الفاضلة لان تجاربه تكون محدودة وعالمه يسيطر عليها الأسطورة وهذا ما حدث معى فى أول معارضى والذى كان بعنوان `رحلة الأحلام` فمن خلاله قمت برحلة رومانسية جدا أقرب إلى الخيال ولكن مع مرور الوقت وزيادة احتكاكي بالعالم المحيط بى اكتشفت أشياء جديدة أصقلت خبراتى وغيرت من معالم عالمى الفنى فجاء المعرض التالى بعنوان ` ثلاثية الصمت ` والذى شهد أولى مراحل الخط الدرامى المتوافق مع الصمت الذى عبرت فيه عن الحزن والوحدة وطعم الغياب ثم معرض`أصداء الصمت` وكان عبارة عن حالة مركزة جدا حتى أن اللوحات كانت صغيرة الحجم فقد كنت أريد أن أقول جملا قصيرة جدا من خلالها إلى أن وصلت لهذا المرحلة التى تحدث فيها الصمت لذلك اخترت عنوان ` حديث الصمت ` له ليكون المحطة الأخيرة لى مع الصمت وهذا المعرض يضم 25 لوحة اقدم فيها حالات أنثوية من العشق والتمرد وأحيانا الحلم .
* إذن أنت تتمردين من الآن على الصمت؟
- الصمت كان مرحلة هامة فى حياتى كنت فى احتياج له لكى اتشبع بالدنيا وأتعلم منها ومن لا يعرف قيمة الصمت لا يعرف قيمة الكلمة .
* هل أعمالك تجسد حياتك وتكشف شخصيتك؟
-هذا حقيقى فمن السهل جدا على المتلقى بشئ من التركيز أن يحلل شخصيتى فأنا عندما احب أو اكره يظهر ذلك من خلال أعمالي فمن المعروف علميا أن كل مفردة فى العمل الفنى سواء الحجم أو الخامة أو اللون أو التكوين ما هو إلا معادل لحالة الفنان فى التوقيت الذى رسم فيه عمله الفنى .
* وهل يهمك أن يعيش المتلقى نفس حالتك الشعورية أثناء تعاملك مع اللوحة ؟
- العمل الفنى رسالة شخصية منى للمتلقى الذى قد يراها إبداعية أو غير ذلك بغض النظر عما مررت به من انفعالات أو تجارب أو الحالة التى كانت مسيطرة على وقت رسمها فلا يهمنى أن يعيش المتلقى حالتى لأن أساس نجاح اللوحة أن لا تعمل جملة خاصة وتنقلها للعمومية.
* كان موضوع رسالة الماجستير الخاص بك عن كيفية قراءة الفنانات التشكيليات من أعمالهن.. فماذا عن هذه الرسالة؟
- لقد حاولت من خلال هذه الدراسة التى كانت قاصرة على الفنانات التشكيليات المصريات إثبات انه يمكن من خلال الأعمال الفنية تحليل شخصية الفنانات المصريات اللاتى قمن برسمها والتعرف على السمات الرئيسية التى تجمع بينهن.
* هل هناك فنانات معينات دارت حولهن دراستك؟
- بالطبع وقد وقع اختيارى على الفنانات التشكيليات المصريات أنجي أفلاطون وتحية حليم وزينب السجينى مع بعض النماذج الفرعية مثل صباح نعيم وأحلام فكرى وغيرهما .
* ماهى النتائج التى توصلت إليها من خلال هذه الدراسة؟
- من أهم هذه النتائج انه يمكن من خلال الأعمال الفنية معرفة الظروف الاجتماعية والنفسية للفنان وتحديد نوع شخصيته وذلك من خلال التكوين والخط واللون كما توصلت إلى أن الأنثى المصرية قوية جدا ولا تنفصل عن مجتمعها والأحداث المحيطة بها مهما كانت بساطتها بينما الفنانة منهن هى صاحبة فكر وفلسفة ولا أبالغ إن قلت بأننى لم أجد فنانة مصرية بلا فكر أو فلسفة .
* ماهى السمات المشتركة التى جمعت بين الفنانات المصريات؟
-عادة العين عندما تقع على لوحة تقرأها من اليمين إلا أنني وجدت أن هناك سمة أساسية فى اللوحات الأنثوية المصرية وهى أن التكوين فيها دائرى لذلك عندما تقع عليها العين تقرأها من أى مكان وليس منطقة محددة فالموضوعات لديها لا تنتهى بل دائما هناك امتداد لشيء أخر.
* وما هو تفسير ذلك؟
- اعتقد أن ذلك يرجع إلى التكوين الفسيولوجى للأنثى حيث تغلب الدوائر على تكوينها فى حين أن التكوين لدى الرجل هرمى حتى أنني استشهدت بتحليل لوحات بيكاسو كشكل هرمى.
* الرجل.. كيف نقرأه فى لوحاتك؟
- لو لم يكن هناك رجل ما كانت الحياة وما كان هناك إحساس.. ومن يشكك فى أنه يستطيع الحياة بمفرده مجنون لان المرأة هى المعادل الموضوعى لحياة الرجل.
* كيف تتعاملين مع التابلوهات فى أعمالك؟
- لا أحب التابلوهات كما أنه لا أحد يعيش على تابلوهات فالله خلق كل شئ قابل للتغير إلا قانون التغيير نفسه فهو الثابت.
* ماهى مشروعاتك القادمة؟
- أجهز حاليا ولأول مرة لإصدار كتاب أشبه بقصيدة النثر يحوى رسوماتى مع ومضات شعرية تجسد أحاسيساً تخرج منى للمرة الأولى على هيئة كلمات وليست فقط لوحات وقد يكون ذلك نوعا من التمرد على الصمت بعد قرارى بالابتعاد عنه واللجوء إلى اللغة .
* هل لجوءك للكتابة يعنى أن هناك أحاسيساً لم تستطع الريشة إخراجها؟
- طول عمرى امسك بالقلم لكى ارسم ولم اشعر يوما بأننى فى حاجة إلى أداة أخرى ولكن هذه الأيام اشعر بأن بداخلى أشياء كثيرة فى حاجة إلى توضيح فلجأت إلى اللغة لكى توضح رسائل الفن التشكيلى .