الواقع والميتافيزيقيا فى معرض بأتيلية القاهرة
- المعرض الذى يأتى إمتدادا لأخر معارضه فى عام 2002 والذى حمل عنوان `رحلة العودة ` المعرض الذى يستمر أسبوعاً جاء تجريديا فى لغته التشكيلية يجمع بين طياته تقنيات الرسم بالحبر الشينى والتصوير بألوان الاكريليك وقد قدم ببراعة للعالم المحيط ككل تتلاحم فيه الأجزاء وتتحد بشكل متناسق ، فالفنان هنا له عالمه الخاص ، تحركه رغبة الإكتشاف فى عالم الشكل ، وتدفعه شهوة المغامرة لإختراق عوالم يمزج فيها بين الواقع المعاش الذى ينطلق منه والرؤى الميتافيزيقية التى تختلط وتتعدد فيها الأزمنة والأمكنة والتى توحى بأرق الفنان الدائم للبحث عن زمن مفقود ومكان غامض فى هذا المعرض يغوص الفنان فى عالم دينامى لا يعرف حدوداً ، ملئ بالأضداد حيث تتقابل فيه الأشكال الهندسية ( من مثلثات متفاوتة النسب ، متغيرة اللون تساهم فى صنع الأحداث بقدراتها على تأكيد الإتجاه والإيقاع وتحقيق التوازن، ودوائر متداخلة لها إستمرارية الزمان ) مع الأشكال العضوية التى تشعرك بملمس الجسد البشرى وتعكس البعد الحيوى فى هذا العالم المتصارع والملئ بالتناقضات ، وتتقابل فيه أيضاً حيوية الإيقاع الخطى مع جماليات المساحة والألوان حيث جمع الفنان بين تقنيات الرسم بالحبر الشينى وتقنيات التصوير بألوان الأكريليك فمزج بين الخطوط والتهشيرات من ناحية والمساحات اللونية المعبرة من ناحية أخرى وبين الألوان الساخنة والأخرى الباردة، كما جمع الفنان فى صياغة أعماله بين القوالب المفتوحة والقوالب المغلقة للتكوين ليعكس بالقالب المفتوح رحابة المكان وعمق الفراغ وإمتداده ويصيغ بالقالب المغلق أماكن داخل أماكن ، تحدها حدود مربعة أو مستطيلة أو مثلثة يحشد فيها عناصره المتحركة لتملأها بالطاقة، عناصر لا ترضى بالواقع المكانى بل تسعى للخروج والحرية من الحدود لتتفاعل مع أخرى مثلها تتحرك فى الفراغ المفتوح كل هذه المتناقضات والأضداد السابقة جمعها الفنان بحرفية عالية فى تجانس تام يفصح عن براعة إمتلاكه للون وعن حيوية الضربات التلقائية لفرشاته التى عرف كيف يوجهها ، وعن مشاعره الفياضة وفهمه العميق لكيفية توجيه عين المشاهد أثناء جولتها فى العمل البصرى حيث تتحرك على السطح تارة ، وتارة أخرى توغل فى عمق الفراغ .
بقلم : ماجد عبد العزيز
مجلة روزاليوسف - 2005