حافظ أبو العلا محمد الراعى
- وتفاجئنا قاعة إكسترا بالزمالك بمعرض لفنان جاوز الثمانين من عمره دون أن تعرف الحركة الفنية فى بلادنا عنه إلا القليل جدا ، هو حافظ الراعى، على الرغم من خصوبته الإبداعية كما وكيف حتى عام 2000، دون أن يفقد روح المثابرة وجرأة التجربة وتوهج الفطرة ونقاءها .
- حافظ الراعى مصور مشحوذ الحواس تجاه الطبيعة بكل تجلياتها، بين المنظر الطبيعى وحياة الفلاحين والصيادين والحارة الشعبية، لكنه لا يحاكى ذلك كله بأسلوب وصفى مباشر، بل يعيد صياغته بنزعة تحليلية تركيبية لعناصر الطبيعة والعمارة والبشر ، مع ميل إلى تشريح المساحات وتعشيقها بحس أقرب إلى التكعيبية أو الشفافية البللورية ، وقد يثقل على نفسه أحيانا بمحاولة تقديم دراسات تفصيلية للمشخصات الواقعية،فيكون ذلك على حساب النسب والقواعد التشريحية الصحيحة، لكنه ينجح أكثر فى لوحاته التى تتداخل فيها العناصر بغير تفاصيل محددة، وكذلك فى لوحاته عن الزهور والطبيعة الصامتة ، ففيها وهج الألوان وانطلاق السجية المشرقة للفنان ، أما لوحاته عن الصيادين أو عن فتيات أسوان والنوبة ومواكب الأفراح الريفية فتمثل ذروة مسيرته الابداعية التى تمتد منذ عام 1939 حين تخرج فى معهد ليوناردو دافنشى بالقاهرة أو منذ عام 1948 حين تخرج من القسم الحر بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة ، حيث تتلمذ على أيدى الفنانين أحمد صبرى وكامل مصطفى وحسين بيكار .
- إن حافظ الراعى نموذج للفنان الذى ابتلعته دوامة الوظيفة، حيث عمل منذ تخرجه رساما بمتحف التعليم ، وظل يتدرج حتى أصبح موجها عاما بالتعليم الثانوى، وكم من مواهب كهذه جرفها تيار الوظيفة وقسوة الواقع ..لكن ها هو يثبت أن المواهب لا تضيع !
عز الدين نجيب
مجلة الهلال يونيه 2001
لوحات حافظ الراعى تؤكد أن ` عمر الفن يوشك أن يكون هو عمر الإنسان الجمال الأصيل `
-فنان قدير يتمتع بحساسية عالية وبذوق راق ، يتعامل مع الحياة والبشر برقة وشفافية ، وهدوء نفسى لا يتمتع به سوى إنسان له ما للفنان حافظ الراعى من طبيعة خاصة وممتلىء بالحب والتفاؤل حيث شارك بتواضع فى خلق حالة من الجمال الاصيل . لا يمكن أغفال الحديث عنها أو التعريف بها ومن دواعى الدهشة ان هذا الفنان لم يقم أية معارض فنية فردية طوال مشواره الفريد سوى معرض اقيم باحدى القاعات الخاصة عام 2001 حيث حقق نجاحا كبيراً واستطاع بعض جمهور الاقتناء شراء عدد كبير من تلك الأعمال التى تسجل فى مجملها مشوار الفنان منذ بداياته الأولى. كان الفنان حافظ الراعى يبدع لوحاته بشكل انعزالى وعلى فترات حيث يخلو لنفسه ولعمله كمن يعزف على آلته الموسيقية ما يعشق من الحان ، وفور الانتهاء من إحدى اللوحات يبدأ الصراع بين أفراد الأسرةعلى اقتنائها والاحتفاظ بها لتضيف لمسة من الجمال على جدران منازلهم وبتواضع الفنان يتنازل ويكتفى بما حققه من متعة شخصية لنفسه وسرعان ما يعاود من جديد مشواراً فنيا فيه من الإتقان والثراء ما فيه . - شارك الفنان فى رحلته فى العديد من المعارض الجماعية والتى ضمت اعمالا لكبار الفنانين المصريين مثل الراحل (عباس شهدى ) - (فنان الباستيل الكبير محمد صبرى) - ( رائد البورتريه صبرى راغب ) - ( من رواد التأثيرية يوسف رأفت ) . وبرزت لوحات حافظ الراعى ونالت من الاستحسان الكثير من المهتمين ومن زملائه العارضين . أسلوب الفنان - يتخذ الفنان حافظ الراعى الأسلوب الواقعى طريقا فى الفن وفى اختيار الموضوعات التى تعبر عن الحياة فى مصر ، سواء فى الريف أو المدينة حيث يستعرض فى تكويناته نظرة شمولية عاملة فلا يترك فرصة لمفردة واحدة ان تهرب إذا رأى ضرورة فنية لوجودها حيث يقوم بصياغتها ضمن التكوين الكامل للعمل ويستخدم اللون والخط فى تكثيف مشاعره وتفاعله مع ما يرسم ويصور - استخدام الفنان الألوان الزيتية باعتبارها سيدة الخامات والألوان حيث تحمل فخامة ورقيا وتسمو بالعمل . - وينتقل الفنان حافظ الراعى من موضوع لاخر مستخدما ريشة واثقة قادرة ويتعامل مع اللون بأسلوب صريح يجعل اللوحة تتنفس ويجعل المتلقى فى حالة انجذاب لا يعتقه منها إلا الانتقال إلى لوحة أخرى فيغوص من جديد فى عالم ثرى مدهش -فبين لوحة العودة ولوحة الرزق- يشترك اللون الأزرق بدرجات مختلفة - ونلاحظ حالة من السكون الموحى بنهاية يوم عمل شاق ( العودة ) أما فى لوحة ( الرزق) فالعين تذهب مع حركة الصيادين باذرعهم المفرودة القوية والصراع فى تلك اللوحة هو صراع محبب ايجابى ينتج عنه ذلك اللون الابيض لاسماك تم صيدها وجمعت فى سلال استعدادا لتسويقها - التكوين فى اللوحتين فيه رصانة وعذوبة - فبينما النساء فى لوحة ( المعددة ) يتشحن بالسواد نجد المرأة الوحيدة فى لوحة الرزق تسبح فى زى ملون بألوان مبهجة ( الأخضر - البرتقالى ) كما أن الفنان لا يريد أن يظهر الانفعالات المباشرة على وجوه الصيادين ويترك للألوان التى تضفى بهجة وفرحا يستشعرها المتلقى فلا حاجة هنا للتفصيل فاللون هو المحور الأساسى فى أعمال الفنان . - ننتقل إلى لوحات الزهور .. حيث صور لنا الفنان زهرة بنت القنصل بلونها الأحمر تتراقص وتقتحم فراغ اللوحة فى رغبة موحية بالانطلاق . التراث الشعبى الأسطورى -فى هذا الإطار الشعبى المستلهم من الأساطير . يقدم الفنان اعمالاً ابداعية مختلفة وإن كانت متسقة مع باقى مشروعه الفنى ( متابعتى لاعمال الفنان فى منزله دوريا) ابرز هذه الأعمال لوحة كبيرة المساحة تعبر عن طقوس حفلات الزار الشعبية ، تمتلىء بالحركة وباختلاط الألوان الداكنة ( التى توحى بالغموض ) مع ألوان توحى بالحرارة والتوهج بالرغبة فى الانعتاق فاللون الاحمر الوردى واللون البرتقالى يحتلان موقعا متقدما فى مركز التكوين لجذب العين إلى البؤرة الدرامية للعمل كما أن حركة الاجساد تعبر فى صخب وهستيرية عن الحالة . ولا ينسى الفنان شعلة النار ودخان البخور المتصاعد بين ساقى المرأة بينما تحيط خصرها يد الكودية ذات الملامح القاسية - وتبرز أدوات الزينة ( حلق مخرطة - وأساور من العظم الأزرق ) لتكمل الأجواء الخاصة فكلها عناصر نختزنها فى وجداننا .. كما نلاحظ أن الطيور البيضاء فى مواجهه الجدى الصغير يشكلان توازنا وتعبيرا عن تلك القرابين التى تقدم فى مثل هذه المناسبات - ولم يشأ الفنان لرقته أن يجرح مشاعر المتلقى بتصوير تلك القرابين مذبوحة واكتفى بتواجدها انتصارا للحياة على تلك الخرافات . - خاتمة : - الفنان حافظ الراعى ( 1916 ) أحد الفنانين الكبار الذين لا يوضعون فى دائرة الضوء رغم ما يبذلونه من جهد فى إرساء قيم جمالية اصلية دون ضجيج فالمبدأعندهم هو العمل و العمل فقط ويتركون الحكم النهائى للتاريخ . - تخرج الفنان حافظ الراعى فى معهد ليناردو دافينشى - القاهرة عام ( 1932) قسم التصوير - ثم تخرج من القسم الحر ( تصوير ) بالفنون الجميلة العليا 1948 - تتلمذ على يد الفنان الكبير الراحل أحمد صبرى والفنان كامل مصطفى وعمل بالتعليم - أبدع عام (1999) لوحة تعبيراً عن انفعاله بالانتفاضة - الفنان حافظ الراعى - فنان - صادق - رقيق .
محمد الشربينى
أخبار اليوم 2003
- الفنان حافظ الراعى والذى بحكم سنة ينتمى لجيل الكبار الذين نشطوا فى الثلاثينات من القرن العشرين فحررا من الأساليب الكلاسيكية ويسمح لنفسه بالانطلاق وراء خيالاته وأحاسيسه غير مكبل بالواقع الذى يستلهمه ومسقط القواعد الأكاديمية ويتجاهل نسب التشريح ويلون شخوصه بما تميله عليه فربحته دون التقيد بما تبصره العين ، لقد قدم لنا الفنان الراعى واقعا من صنعة من مكنون نفسه وهو يقول أنه يعتمد على مخزون الذكريات التى اختزنها على مدار السنين الطويلة ورصيده منها كثير وغنى أو من وحى خياله المنطلق فنجده على سبيل المثال يصور موكب المحمل فى لوحة من إنتاج 1991 فى وقت لم يعد أحد من الأجيال المعاصرة يدرك ما هو المحمل لقد اعتمد الفنان هنا على الصورة التى انطبعت فى ذاكرته وهو طفل صغير فى أوائل القرن العشرين ، وفى لوحة أخرى تراه وهو الذى لم تطأ قدماه مركبا يصور صيادى السمك على سطح مركب صيد يبحثون عن السمك فى أعماق البحر وفى الظلمة الحالكة التى يضيئها بصيص فانوس يتأرجح بفعل نسيم البحر إن جميع شخوص لوحاته من نسيج خياله يطوعها ويرتبها داخل لوحاته ذات الألوان الدافئة المتفائلة ويلجأ أحيانا الى الرمزية السريالية وأحيانا نستشعره فنانا يمتلك زمام ونصيبه التكعيبية والتجريدية ، وربما يكون الفنان حافظ الراعى فى نظر المعاصرين فنان تقليديا لكنه قياسا بفنانى جيله واخذ فى الاعتبار سنة فهو أكثر جرأة وتجديدا من كثيرين يصغرونه فى السن تحية للفنان الراعى تشيطا معطاء نرجو له دوام الصحة والنشاط .
السفير / يسرى القويضى
حافظ الراعى فى مئويته ... فنان يتحدى الزمن والنسيان
الفن مثل الدائرة الكهربائية .. لا تكتمل إلا باتصال طرفى السالب والموجب ، فيسرى التيار وتنطلق الطاقة .. كذلك العملية الفنية لا تكتمل إلا باتصال بين المبدع والمتلقى ..
باستثناءات نادرة يستمر فيها الابداع من جانب الفنان ، بالرغم من انقطاع الاتصال بينه وبين المتلقى أو الناقد ، بدافع باطنى بحت من داخل الفنان يجعله مستمرا فى إشعاع طاقته الإبداعية كحالة من عشق الفن لذاته تجعله أقرب الى الصوفية ...
من هذه الاستثناءات النادرة .. فنان مصور احتفل بعيد ميلاده المئوى منذ اسابيع .. هو حافظ الراعى ، الذى كرمته فى الأسبوع الماضى قاعة بيكاسو واحتفت به مع حشد من الفنانين ومحبى الفن وأفراد أسرته ، وسط معرض ضم عددا كبيرا من لوحاته عبر مسرته الفنية حتى السنوات القليلة الماضية ، وقد شعرت أن الرجل خلال الفترة الافتتاح الطويلة يستعيد روحه الشابة ، ويشع على الحضور سحرا أخاذا من فيض روحه المليئة بطاقة إيجابية هائلة رغم وهنه الجسدى ، تلك الطاقة جعلته يعيش بكل جوارحه لحظات البهجه الطفولية باهتمام الجميع به ، وشحذت ذاكرته لاستدعاء ذكريات إنجازه لكل لوحة وملابساتها، فراح يحكى كيف قام باستلهامها من أماكنها الطبيعية دون أن يشعر بإجهاد برغم قواه الواهنة وصوته الضعيف وسط عشرات المحتفلين به .. كان ذلك بحق بمثابة ميلاد جديد لفنان عاش عصورا من اجيال الحركة الفنية التى لم تفسح له مكانا بينها ..
قد يظن القارىء الذى لم يزر المعرض أننا نتحدث عن فنان هاو لم تؤهله موهبته وقدراته للتواجد واللمعان طوال ذلك العمر ، لكن مشاهدة هذا القارىء للمعرض ، واطلاعه على الكتاب الذى ألفه الناقد الزميل صلاح بيصار عن حافظ الراعى وصدر مؤخرا عن سلسلة ذاكرة الفنون بالهيئة العامة للكتاب ، سوف يتأكد أنه أمام موهبة ثرية الابداع بخبرة احترافية لاتعتوزها الجرأة فى ملاحقة الاتجاهات الفنية المعاصرة ، والنزعة التجريبية بعيدا عن النهج الأكاديمى الذى نشأ عليه فى دراساته بين كلية الفنون الجميلة ( بالقسم الحر الذى تخرج فيه عام 1949 ) وبين معهد ليوناردو دافنشى ( الذى تخرج فية عام 1939 ) مما يميزه بشخصية متفردة ، وبالرغم من أننى كتبت مقالا عن معرضه الأول عام 2001 وحاولت الدخول فى عالمه الفنى - ولعله المقال الأول والأخير عنه فيما أعلم -فقد استطاع الناقد صلاح بيصار أن يغوص أكثر منى فى أغوار عالم حافظ الراعى، من خلال عدة جلسات ممتدة استمع فيها إليه ، وهو يحكى عن حياته الحافلة بالذكريات والخبرات، خاصة فى علاقته بأستاذه الأول أحمد صبرى ومساعده الفنان بيكار ، واساتذته الإيطاليين بمعهد دافنشى مثل روبرتى وزمالته لكبار الفنانين فترة دراسته - قبل الحرب العالمية الثانية - من أبناء الجيلين الثانى والثالث للحركة الفنية.
ومن الطبيعى ان يتساءل المرء عن سبب غيابه عن هذه الحركة حتى أوائل الألفية الثالثة .. وقد أجاب الفنان فى حديثه لصلاح بيصار عن هذا التساؤل بانغماسه التام فترة عمله الوظيفى بوزارة التربية والتعليم وقيامه بتأسيس وإدارة متحف التعليم على مدى 30 عاما متصلة على حساب تفرغه للفن، وإن أمدته برضا ذاتى بقيامة بمهمة وطنية وتربوية رائدة تستحق التفرغ لها ، لكن موهبته الإبداعية ظلت - لحسن الحظ - كامنه فى انتظار لحظة الكشف والتفجر بعد إحالته الى التقاعد عام 1980 ، وعلى مدى 20 تالية استمر يعمل ويسابق الزمن بالإبداع ، حتى التقيت به عام 2001 وقد شجعه ما كتبته عنه آنذاك على مواصلة الإنتاج ، حتى أصبح ذلك هدفا لذاته، يعيش من أجله ويكتفى بالرسم كناسك فى محراب الفن. لا يبتغى من وراء إنتاجه جزاء ولا شهرة، حسبه أن فنه يجعله يعيش حالة من الرضا والتصالح مع الحياة والكون والناس والانتماء الى هذا الوطن، الذى عبر عنه فى مشاهده الطبيعة وبيئاته المختلفة بين الريف والمدينة، مدفوعا بما يسكنه من روح شعبية جياشة، بين بسطاء الناس من العمال والمزارعين والصيادين والبائعين الجائلين والرعاة والحرفيين .. بحس عفوى يحيا اللحظة بعبقها ولا بفلسفتها.
هذه الطبيعة الشعبية الجياشة بالحياة التى تسكن روحة قبل محيطه البصرى الخارجى، هى ما نأت به بعيدا عن فخ المناظر الطبيعية الذى وقع فيه الكثير من أبناء جيله، كما نأت به بعيدا عن النزعة الأكاديمية أو الولاء لمدرسة أوروبية مما سار على نهجها أساتذته المصريون أو الأجانب، وجعلته أقرب الى اتباع فطرته التى جبل عليها منذ سنواته المبكرة فى حى عابدين وزياراته للأماكن الريفية ومعايشته للواقع فى بكارته وروحة المصرية، لكنه عمل على ترجمته بخلق طبيعة موازية للواقع، مدفوعة بالفطرة قبل الرؤية البصرية. إن لوحاته الزيتية إعادة اكتشاف وبناء للطبيعة المعتادة، دون انشغال بخلق جمال نموذجى، او صياغة بحس المدرسة الانطباعية على غرار أسلافه مثل محمد ناجى ويوسف كامل وأحمد صبرى ، وبعض معاصريه مثل كامل مصطفى وحسنى البنانى ومحمد صبرى، وقد يراه البعض سائرا على درب سيزان أو ما بعد التأثيرية فى فرنسا، وقد يراه آخرون على الحافة الحرجة بين الاتجاهين، إلا أننى أراه أقرب إلى الحس التعبيرى الشعبى الذى يلامس أحيانا أسلوب راغب عياد، ويلامس أحيانا أخرى روح الطفولة البريئة حيث تتبع من البصيرة قبل البصر.
من هنا تراه لا يهتم كثيرا بالمنظور الهندسى، بل تجمع اللوحة بين المسقط الافقى ومنظور عين الطائر، وقد يبالغ فى نسب الأشخاص والأشكال إلى بعضها البعض أو كبر حجومها أو صغرها اعتمادا على رؤية العين، بل ينصب اهتمامه اساسا على أهمية العنصر الذى يصوره، فيوليه الأهمية الأكبر ولوكان بعيدا فى عمق اللوحة ، ونجد فى أغلب لوحاته أميَل الى مشاهد الزحام، سواء فى الشوارع أو بالقوارب الشراعية فى النهر أو حتى بجمع المحاصيل أو بصيد الأسماك، أو حتى بمرتادى المقاهى الشعبية إنه لا يعطى - فى الغالب - اهتماما لمقدمة اللوحة عن مؤخرتها، بل يتعامل معها كحالة واحدة متكافئة فى قوة عناصرها .. حجما أو لونا أو خطا .. ومثله مثل الفنان الشعبى لا يعبأ بوجود فراغات، بل يجعل مساحة اللوحة مزدحمة من كل زواياها وأبعادها، وقد يجعل السمكة تنتصب واقفةعلى ذيلها بحجم أكبر من المرأة والصياد، وقد يجعل عناصر التكوين متداخلة فى اللوحة بين الإنسان والحيوان من منظور رأسى تتزاحم من خلاله العناصر وتتلاشى الحدود بينها، تبعا للحالة التعبيرية والموضوع الذى تعبر عنه.
وعندما فرضت عليه حالته الصحية البقاء فى منزله أغلب الأوقات، وحرمته من التجوال بعيدا فى المواقع النائية، لجأ الى استرجاع ذكرياته عن الأماكن والبيئات التى عايشها قبل سنوات بعيدة، فكان يستدعى مشاهد العمل فى الحقل والصيد ومواكبة المحمل الذى يحمل الكسوة الشريفة قبل سفرها إلى مكة، أو مشاهد السوق الشعبى وباعة الخضروات والفاكهة والترمس والبطيخ، وقد يرسمها مطلا من موقعه فى شرفة منزله بما يتيح له التحرر من المنظور العينى المباشر.
لكنه لم يقتصر دائما على المشاهد الواقعية فى الحياة اليومية بل عبر مرارا عن القضية الفلسطينية أو ` الطبيعة الصامتة ` التى يقوم بتجميع عناصرها فى مرسمه مثل الزهور أو الفاكهة أو الأوانى المختلفة، مما ساعده على معالجتها بقدر أكبر من الحرية فى التشكيل البنائى كتله وخطا ولونا، بعيدا عن المحاكاة الكاملة للطبيعة، وشجعه ذلك على محاولة رسم لوحات تجريدية تخلو من المشخصات، لكنه لم يدخل فيها الى مسافات بعيدة ، ولعله كان يسعى الى القيام بتدريبات وتجارب فنية، مايعنى تمتعه بحس تجريبى ولا يكتفى بالسير على نسق تقليدى يخشى معالجة التطورات العصرية.
إن حافظ الراعى - فى زهده الذى أدى إلى نسيانه فى ذاكرة الحركة الفنية - ليس استثناء فرديا، فكم من أمثاله سقطوا سهوا من هذه الذاكرة، أذكر منهم عزت مصطفى وحسن محمد حسن ومحمود عفيفى وعلى الديب .. مايستدعى إعادة اكتشافهم وتسليط الضوء عليهم وبث الحياة فى تراثهم، وهو ما تحاول تحقيقة سلسلة ` ذاكرة الفن `.
عز الدين نجيب
القاهرة 2016/11/29
فى عيد ميلاده المائة .. حافظ الراعى وبهجة الحياة الشعبية
- يأتى اسم الفنان حافظ الراعى ، الذى نحتفى به وبفنه فى معرضه الحالى احتفاءً واحتفالاً ببلوغه المائة عام هذا الشهر..
- وهو احتفال بأكثر من 75 عاماً من إبداع فنانا منذ تخرجه عام 1939 من معهد ليوناردو دافنشى ، وفى نفس الوقت احتفاءً بمعنى الفن فى أعماله .. وقد كان للفنان الناقد عز الدين نجيب فضل إلقاء الضوء على شخصيته الفنية وعالمه بمجلة ` الهلال ` عدد ` يونيه عام 2001 ` وهو يتساءل : كيف لا تعرف الحركة التشكيلية عنه فى بلادنا إلا القليل على الرغم من خصوبته الإبداعيىة ؟
- وقد جاء كتاب ` حافظ الراعى وبهجة الحياة الشعبية ` فى سلسلة ` ذاكرة الفن ` ، التى يرأس تحريرها بدعوه منه .. والذى كان لى شرف كتابته تكريما له فى عامة المائة .
- وحافظ الراعى ينتمى لجيل ما بعد الرواد الأوائل فى الحركة الفنية .. جيل أواخر الثلاثينيات وبداية الأربعينات وهو جيل فى أغلبه لم يأخذ حقه من التعريف ، خاصة زملائه فى الدراسة بين معهد ليوناردو دافنشى والقسم الحر والدراسة عموماً بالفنون الجميلة ، وهم يمثلون امتداداً للرعيل الأول من حيث اللمسة التأثيرية وما بعد التأثيرية كما أكد البعض فى أعماله على الاتجاه التكعيبى ومن بينهم : صلاح يسرى ووديع المهدى وأمين ريان ومحمود لطيف نسيم وميشيل جرجس وشعبان زكى وفائق عبد الله ويوسف رأفت .
- ونحن إذ نحتفى بنخبة من أعمال حافظ الراعى صاحب الإنتاج الغزير إنما نحتفى بعمر مديد من الفن تنوع فى مراحل بلمسته فى اتجاهات وآفاق من الكلاسيكية الجديدة إلى التأثيرية وما بعد التأثيرية وإلى التعبيرية الرمزية والروح السريالية فى بعض الأعمال وكل هذا بلمسة فطرية لا تعرف الملل، وقد يختزل اللمسة فتتحول إلى مسطحات هندسية وإيقاع تكعيبى .. من حيوية المنظر وحركة الشارع المصرى إلى الطبيعة الصامتة وإشراق الزهور والورود .. وقلة قليلة من الصور الشخصية .
- نقول لفناننا عيد ميلاد سعيد وعمر مديد ومزيد من الإبداع ..
صلاح بيصار
حافظ الراعى وداعا.. مائة عام وعمر من الفن الجميل
- عن عمر تجاوز المائة عام بشهور رحل الفنان حافظ الراعى.. وهو ينتمى لجيل ما بعد الرواد الأوائل فى الحركة الفنية.. تخرج من ليوناردو ودافنشى كما التحق بالقسم الحر بالفنون الجميلة فى دفعته الأولى ودرس على الرائد أحمد صبرى ومساعده بيكار.
- رحل بعد رحلة عطاء كبيرة فى الفن والحياة وكنت على موعد معه وزيارته هذا الاسبوع بعد اتصال تليفونى ولكنها إرادة الله.. الجميل أن جاء الاحتفال به وبفنه قبل رحيله من خلال كتاب صدر عن عالمه ومعرض ضم منتخبات من أعماله.
* الموسيقى وقصر عابدين
- فى حى عابدين احد اهم احياء القاهرة التى تجمع بين الاصالة والحداثة.. ولد حافظ الراعى بشارع البستان فى 13 اكتوبر من عام 1916 لاب تاجر ثرى من التجار الكبار فى تجارة الجلود.
- وكان فناننا حافظ.. اصغر اخوته ومن هنا كانت امه تخصه بالاهتمام وهو طفل.. تحكى له قبل ان ينام حكايات من قصص القران الكريم: قصة سيدنا موسى ومهده العائم على الماء وهو رضيع باتجاه قصر فرعون مصر.. وقصة سيدنا يوسف واخوته وكيف ادعوا انه اكله الذئب.. واهل الكهف والسبات التام مع كلبهم.. هذا مع حكايات من دنيا الخيال الشعبى.
- وكانت تلك الحكايات تشبع فضوله وتحرك مشاعره فينام بعدها فى دنيا من الاحلام وفى الصباح يسرع لتصويرها باقلام الرصاص والاقلام الملونة فى كراسة الرسم فتنال اعجاب من يشاهدونها من زملائه واساتذته بالمدرسة الابتدائية واستمر فى ذلك بمراحل التعليم المختلفة.
- ومع حب حافظ الراعى للفن وكان لا يتوقف عن الرسم نشأ محبا للموسيقى.. فقد كانت سرايا عابدين او قصر عابدين القريب من منزل الاسرة مقرا لحكم اسرة محمد على من عام 1872.. وكان الراعى يشاهد بالصوت والصورة.. جوقة الموسيقى بهذا الزى المهيب لراكبى الخيول مع الانضباط والانتظام وقت تغيير نوبتجيات الحرس.. موسيقى الملحن صفر على للنشيد الوطنى الذى تنبعث كلماته بالحماس للشاعر مصطفى صادق الرافعى: `اسلمى يا مصر اننى الفدا.. ذى يدى ان مدت الدنيا يدا.. ابدا لن تستكينى ابدا.. لك يا مصر السلامة وسلاما يابلادى.. ان رمى الدهر سهاما اتقيها بفؤادى`.. ومن هنا تعلق بالعزف على المندولين.
- ورغم هذا اتجه بكل حبه للفن نحو مجال التصوير الزيتى.. وكان يتابع اعمال الرواد الكبار بالحركة الفنية الحديثة.
- ودأب على رسم نجمات العصر الذهبى للافلام الكلاسيكية لهوليود زمن الجمال والاناقة ورمز الانوثة والخيال الذى خلد جميلات هوليود وايقونات سينما الابيض والاسود مثل جريتا جاربو ومارلين ديتريتش وماى ويست.. يقوم برسمهن على لوحات بطريقة المربعات وهى طريقة تقليدية تسعف فنان الصورة الشخصية `البورتريه` وكان يرسمها باتقان شديد مظهرا الجمال والانوثة وفى كل فترة بعد الانتهاء من مجموعة لوحات يعرضها بقاعة الغرفة التجارية بميدان الازهار بباب اللوق.. واستمر فى الرسم والتحق بأكاديمية ليوناردو دافنشى..
- وهو معهد او مدرسة للفنون الجميلة الايطالية.. له تاريخ فى مصر انشئ عام 1898 تحت رعاية جمعية `دانتى اليجيرى` وكان معظم طلابه من الاجانب ويقبل الطلبة المصريين بعد المرحلة الثانوية `وكان من خريجيه: سيد عبد الرسول ووديع المهدى ولبيب تادرس ومحمود لطيف نسيم وشعبان زكى وميشيل جرجس وفائق عبد الله ومن المراحل الاخرى وسام فهمى وسيد سعد الدين ومحمد الطحان واسامة عمران`.
- تعلم هناك بمعهد دافنشى على يد الفنان الايطالى `روبرتى` وكان استاذا بارعا فى الرسم يشارك الطلبة فى رسم الموديل ومع الموديل كانت هناك رسوم من نماذج من الالبستر والجص:تماثيل لسقراط وبيتهوفن وفينوس.
* متحف التعليم
- وبعد 4 سنوات دراسة التحق كرسام ومصور فى متحف التعليم.. والذى رشحه له مؤسسه المؤرخ احمد عطية الله `مؤلف القاموس السياسى ودائرة المعارف الحديثة` للعمل معه عند انشائه عام 1938 فانضم الى المتحف مع من اختارهم من خريجى الكليات الفنية والمعروفين بكفاءتهم من اجل الارتقاء بالمتحف.
* صبرى المعلم وحافظ الطالب
- كان اهتمام حافظ الراعى بالرسم والتصوير جارفا.. الامر الذى دفعه لتنمية قدراته الفنية ومن هنا التحق عام 1944باول دفعة تدرس التصوير بالقسم الحر فى المدرسة العليا للفنون الجميلة تحت اشراف الاستاذ القدير احمد صبرى ومعه مساعده وتلميذه الاقرب الى قلبه حسين بيكار.. وكان من رفاق الدراسة من القسم النظامى والقسم الحر كل من الفنانين: سيد عبد الرسول - محمد صبرى - حامد عويس - يوسف رأفت - كمال النحاس -وديع المهدى - وليم اسحاق - داود عزيز - امين ريان - والشيخ وافى الازهرى الذى كان محبا للفن ومنتظما فى الحضور ودؤوبا فى التعبير بالخطوط والاضواء والظلال.
- وكان مشروع التخرج حول مهنة النحاسين واشار احمد صبرى على طلبة القسم بالتردد على منطقة الجمالية وزيارة ورش النحاس هناك.
- وتكشف لوحة النحاسين التى قدمها حافظ عن مدى التزامه بأسس الأسلوب الواقعى الكلاسيكى الذى تدرب عليه خلال سنوات دراسته واللوحة متسعة المساحة.. وقد اضاف ثلاث لوحات صغيرة للنحاسين لتأكيد رؤيته الفنية.
- بعد تخرجه عام 1948شارك مع زملاء الدفعة بالمعرض الذى اقيم بمدرسة الليسيه فرانسيه وشارك معه سيد عبد الرسول ووديع المهدى ومحمد صبرى وصلاح يسرى.
* حافظ والتفرغ للفن
- ظل الفنان حافظ الراعى يعمل فى متحف التعليم وعندما ترك العمل كانت الفرصة امامه مهيأة للتفرغ للتصوير وقد وجد تشجيعا كبيرا من كل من حوله من الفنانين خاصة الفنان عباس شهدى العميد الاسبق لكلية الفنون الجميلة والذى كان بمثابة عمدة فنانى حى مصر الجديدة بعد تقاعده.. واتخذ من مقهى `امفتريون` بحى روكسى مكانا يجتمع فيه مع الفنانون من ابناء الحى.. وكان هذا التجمع يضم عددا من الفنانين من بينهم: صبرى راغب ويوسف رأفت وفتحى الخطيب واحمد منيب مع حافظ واخرين.
- وعلى عكس ما كان يفعل فى شبابه من الخروج والتصوير من الطبيعة مباشرة.. اصبح يكتفى بعمل اسكتش سريع بالقلم الرصاص او الاقلام الملونة ثم يقوم بعد ذلك بتنفيذ اللوحة فى مرسمه مثلما نرى فى لوحاته الحديثة كما فى منظر من `حديقة الحرية` بجزيرة الزمالك و`تحت ظلال الاشجار` بحديقة نادى هليو ليدو بمصر الجديدة.
- امتدت رحلة الراعى الفنية فى مراحل وتنوعت بلمسته فى اتجاهات وافاق من الكلاسيكية الجديدة الى التأثيرية وما بعد التأثيرية والى التعبيرية والتعبيرية الرمزية والروح السريالية فى بعض الاعمال.. كل هذا بلمسة فطرية لا تعرف الملل ولا الحدود والقوالب وقد يختزل اللمسة فتتحول الى مسطحات هندسية وايقاع تكعيبى.. الا ان فناننا ظل يبدع فى صمت وتواضع شديدين.. ولم يقدم معرضا خاصا لبعض اعماله المتنوعة وقد ظل اكثر من ستين عاما لم يتعرف على عالمه النقاد والمتخصصون فى الابداع التشكيلى ولا حتى الجمهور من المترددين على المعارض.
- وفى الحقيقة كان للفنان الناقد عز الدين نجيب السبق فى كشف النقاب عن عالمه.. فى `مجلة الهلال عدد يونيو 2001` يقول : تفاجئنا قاعة اكسترا بالزمالك بمعرض لفنان جاوز الثمانين من عمره دون ان تعرف الحركة الفنية فى بلادنا عنه الا القليل جدا هو حافظ الراعى على الرغم من خصوبته الابداعية كما وكيفا حتى عام 2000 دون ان يفقد روح المثابرة وجرأة التجربة وتوهج الفطرة ونقاءها.
- حافظ الراعى مصور مشحوذ الحواس تجاه الطبيعة بكل تجلياتها بين المنظر الطبيعى وحياة الفلاحين والصيادين والحارة الشعبية لكنه لا يحاكى ذلك بأسلوب وصفى مباشر بل يعيد صياغته بنزعة تحليلية تركيبية لعناصر الطبيعة والعمارة والبشر مع ميل الى تشريح المساحات وتعشيقها بحس اقرب الى التكعيبية او الشفافية البلورية.
- ولقد احتل فن المنظر عند الفنان حافظ الراعى مساحة كبيرة من اعماله وقد كان وراء ذلك عمق صداقته بالفنان كامل مصطفى الذى يقول عنه:
- كامل مصطفى ذلك الفنان الكبير الذى كنت احبه من كل قلبى زاملته لسنين طويلة وكنا صديقين حميمين تجولت معه للرسم فى كثير من القرى والريف حول القاهرة لرسم مناظر الريف وشاطئ النيل والفلاحات بأثر النبى بمصر القديمة وميت عقبة والعجوزة وضواحى الجيزة وكنت استمتع بوجودى معه فى مرسمه البسيط المطل على شارع فؤاد وسينما ريفولى كان وهو يرسم يغنى: `ليه يا بنفسج بتبهج وانت زهر حزين` وهو من مواليد الاسكندرية.. وقد اصبح كامل عميدا للفنون بالاسكندرية بلدته من عام 1969.
- ومع خروج الراعى الى المعاش لم ينكمش فن المنظر فى عالمه ولكن اصبح يستمد فن المنظر من خلال تلك الدراسات والاسكتشات السريعة ثم يحولها الى لوحات مكتملة بمرسمه ببيته وقد انسابت لمساته بالاشراق والتفاؤل كما اتسعت مساحة الاختزال…. تبدو الطبيعة وكأنها فى حوار بين الكائنات وانتقل بنا حافظ الراعى الى عمق المنظر الطبيعى كما فى لوحته `راعية الغنم - وهو مشهد يوحى بعذرية الطبيعة وتلك البدوية التى تمتطى حمارا وحولها اغنامها وقد صور عددا من اللوحات التى تعكس الشارع الذى يسكن فيه من شرفة منزله كما نرى ذلك فى لوحات عديدة صورها من اعلى بمنظور عين الطائر مثل لوحة `جامع غرناطة` و`بائع البطيخ`.
- وتعد الطبيعة الصامتة فى اعمال الفنان حافظ الراعى مساحة شديدة الحضور وهى تمتد فى اعماله من الزهور والورود الى حبات الفاكهة من التفاح والموز مع الاكواب والدوارق والاوانى.. وقد بلغ فيها درجة كبيرة من الاشراق مع الحيوية والسطوع ويرجع السر فى هذا الى ان تلك الاعمال يتم انجازها داخل استديو الفنان بمنزله.
- واستمر الفنان الراعى فى ابداعه للطبيعة الصامتة.. تنساب بلمسته التأثيرية بزهور بنت القنصل المتوهجة الحمراء والورد البلدى مع زهور عباد الشمس التى تعد من اللوحات التى خلدت فان جوخ.
- ومع لمسة الراعى التأثيرية القصيرة اتجه فى بعض الاعمال الى السطوح الهندسية التى تقترب من التكعيبية كما فى لوحته `ورد بلدى وصحيفة` ولوحته المتألقة `طبيعة صامتة وصحيفة` والتى جمع فيه بين التسطيح والتركيب ورغم هذا كان للفنان الراعى في فن البورتريه صورتان شخصيتان: صورة السيدة زوجته درية التى كان يناديها `دريو` وهو اسم خفيف فيه عصرية.. وصورة شخصية له `الوان باستيل`.
- فى صورة السيدة زوجته `زيت على توال` التزم الفنان بتقاليد فن البورتريه فى الجلسة كما استحضر روح الشخصية بلمسة كلاسيكية.
اما صورته الشخصية `الوان باستيل` فقد جسد شخصيته فى لحظة انفعالية بلمسات قصيرة وملمس خشن والصورة يغلب عليها ثنائية من الاحمر والازرق.
- وظل الفنان حافظ الراعى يرسم بلا توقف تمتد اعماله ما بين الرسوم السريعة بالابيض والاسود وبين التصوير الزيتى كما راقته خامة الاكليريك لسهولة التعامل معها وترويضها. وكانت مبادرة الفنان الناقد عز الدين نجيب فى ان نحتفى به من خلال كتاب يصدر عنه فى `سلسلة ذاكرة الفن` التى يرأس تحريرها بمناسبة ميلاده المائة كما يليق بفنان صاحب انتاج فنى غزير مسكون بمساحة من التفاؤل والاشراق بما يجعله فنان البهجة فى الحياة الشعبية… وصدر الكتاب اعددته بعد لقاءات عديدة بالفنان فى بيته بشارع على الروبى بميدان روكسى بمصر الجديدة واقيم معرض لاعماله بقاعة ` بيكاسو` واحتفلنا بعيد ميلاده بالقاعة فى يوم الافتتاح.. وهذا بالطبع يجعلنا نشعر بالرضا تجاه فنان امتد عطاؤه التشكيلى لاكثر من 75 عاما.. سلام عليه وتحية الى روحه بطول السنين.
بقلم : صلاح بيصار
جريدة القاهرة : 2-4 - 2017
|