( بمناسبة افتتاح معرض أندو ماندو للفنان توفيق حلمى )
- تتسم أعمال الفنان التشكيلى توفيق محمد حلمى بعدة سمات أهمها اعتماد التجريد والبساطة واختزال العمل والإحالة إلى أبسط الصور لتبقى هذه اللغة البصرية البسيطة الأقرب إلى قلب المتلقى تنفذ من جميع الحواجز ، ولتبقى لغة الحوار الصامت ` لغة العيون ` المتأملة والمتألمة أحياناً أو الصارخة تارة والقانعة الراضية تارة أخرى، ولم لا وتلك اللغة.. لغة العيون هى لغة الحياة والحب .. العيون تتكلم.. تصمت.. تتحاور.. تتناجى .. تتجاوب مع الآخر .
-علاقة الخطوط بالمساحات فى أعماله علاقة بالغة البساطة والصعوبة معاً، توظيف لغة الخط فى التكوين الفنى .
- الفنان عاشق لعالم النوبة وصعيد مصر، عشق التربه البنية المحروقة.. لون الفخار المرتبط شكله ولونه دوماً بصعيد مصر ولون بشرة أهل الجنوب، حالة غزل فى جمال المرأة النوبية وسماحة الرجل النوبى.. تلك لغة عشق لاتنتهى ويظل متيماً بها ، شارداً معها وبها .
- بساطة الوجه النوبى .. صدقه.. تلخيص التفاصيل وتكثيفها.. أشبه بلغة القصة القصيرة فى السرد الفنى التى ابتعدت عن تفاصيل الرواية واتجهت إلى ما يشبه اللقطة الفوتوغرافية .
- الحب بين الذكر والأنثى.. الحب بين الأب والأبن .. الحب بين الأم والطفل الصغير .. الحب بين مكونات الطبيعة .. الفلاح يحاور الحمامة البيضاء علاقة حب أيضاً .
- جميع أعمال الفنان لحن حب يترنم به لعالم النوبة.
أيمن حامد نبيه - ناقد فنى وعضو الجمعية المصرية لنقاد الفن التشكيلى
معرض ( أندو ماندو ) .. هنا وهناك
- فى البداية أود أن أشير الى البعض الذين يرون أن الفن الفطرى أو التلقائى أو الشعبى ، فن دون قيوم أو معايير ، فن يخفى ضعف من يلوذ اليه سواء ضعف فى الأداء ( الرسم ) أو فى الفنية ( التقنيات ) وهذا اعتقاد خاطئ ومضلل ولا اساس له من الصحة .
- فى راى أن هذا الفن ( الفطرى ) هو الفن الاصيل لأى شعب ، هو الفن غير الملوث من الآخر ، لا يقترب منه الا من يحترم ويختزن موروثة من تاريخ وحضارة ومعتقد وثقافة خاصة ، ويحترم أيضاً وكل خصوصيات مجتمعه الحاضر دون أن يلوثها بثقافات الآخر ، ولا يسمح لأى اقتحام عليها حتى لا يشوهها .
- وعليه يمكنا تعريف الفن الفطرى لأى شعب : ( بأنه فن تلقائى الأداء والمستمد من الثقافة الخاصة لهذا الشعب والمنتمى لكل شعبياته دون تلوث بثقافات الآخر ) .
- ويمكنى أن أقرر أن أعمال الفنان توفيق حلمى تدخل تحت توصيف الفن الفطرى التلقائى الشعبى أو بالمسمى الاجنبى فن الناييف أو فن البوب آرت فكلها مسميات من وضع النقاد ولا يهمنا منها الا التمييز .
- يؤكد ذلك ما انتهجه توفيق بفكر معاصر محاكى للواقع الحالى بالإضافة الى تميزه بالمباشرة والوضوح مع البساطة لكى ينقل رسالته للمتلقى ويؤثر فيه ويوحى له بعمق الهوية المصرية الأصيلة المستمدة من حضاراتنا التى علمت العالم ، والتى تشتق منها كل الحضارات الحديثة ( اعترفوا أو لم يعترفوا ) ، تلك هى هويتنا التى يجب أن ننتمى لها بكل خصوصياتها لكى نعيد أمجادنا ونسود العالم .
- دعنا نتأمل قليلا وان كان كثيراً فلا مانع وهذا أفضل فى سمفونية الحب التى عزفها توفيق بأعماله ، أوضح أن مسرحياتنا وسر تميزنا هو فيما نحمله من حب ( نحن شعب محب ) ، فتناول أفراد الأسرة والجيران والعلاقة مع الطبيعة وخاصة الأرض ، هذا ما جاء فى ملامح الوجوه السمراء وفى العيون المصرية التى تعكس الحب والعزة والكرامة ، وما تناوله من موضوعات تصور واقعنا ، وما استخدمه من الوان توحى بالشمس المصرية ، وفراغ المكان الملىء بالخير والود والحميمة ، لقد أصاب توفيق عند اختياره للمكان ( بلاد النوبة ) فى زمننا الآنى ، هذا المكان الذى لم يصيبه التلوث ، واستخدام المكان كرمزية للفطرة ، هذا المكان المصرى الأصيل ومجتمعه الذى تميز بالرقصة الجماعية الشعبية التى يندر بل يستحيل أن تجدها فى أى مكان آخر على طول مصر وعرضها .
- انى أعتبر توفيق حلمى شرارة لدعوة صريحة للتمسك بهويتنا المصرية التى علمت العالم ، والتى يجب أن نحافظ عليها ونعطيها حق قدرها ، حتى يكون لنا قيمة يصعب على أى شعب حديث أن ينالها أو ينال منها .
- انتهز الفرصة لكى أقول ( أن الهوية هى حائط الدفاع أمام حملات التدمير التى تهاجمنا عن طريق الأيدى الخفية الممتدة من الغرب ، لكى تفسد علينا تاريخنا أصولنا وحضاراتنا وتدمر انتمائنا وقيمنا الأدبية والفنية .
- تلك دعوة جاءت فى وقتها الملائم حتى نفيق ونصد كل الاقتحامات الملوثة لهويتنا ، لكى نصبح قرودا فى حديقتهم كما يريدون.. وهيهات
أشكرك يا توفيق ، وتمنياتى بالتوفيق يا توفيق .
الفنان الناقد / ضياء عبد الهادى