عوالم ( فتحى عفيفي ) المدهشة
- عالم فتحى عفيفي التصويرى , والبصرى وتيماته الرئيسة ومفرداته , بيدو لوهلة بسيطا وهينا , وربما بعطيك الإحساس السريع بفضاءات محدودة فى تفاصيلها العادية التى تدور حول العادي والشعبي والعمالي ويذكى هذا الانطباع السريع أن موضوعاته الأثيرة وخطوطة التى تبدو وكأنها تلقائية وطفولية , تحيل الى تنميط اليومى والشعبي والعمالى إلى فلكور و`موتيفات ` تبدو مألفوفة . هذا الانطباع السريع وشحنة الانفعال الضجرة التى قد تنتاب بعضهم , هى القناع المراوغ والمخادع لعالم فتحى عفيفى فى الحياة اليومية , ومخزون الصورة والنوستالجيا والمخاتلات والتهكتكات التى يحملها . ما وراء اليومى والتفصيلى والمشهدى والفلكورى , عالم آخر من الحياة في الحياة , وفي الخطوط والظلال , والألوان الصاخبة التى يلعب بها على فضاء لوحاته , أو من خال الأبيض والأسود والفضاءات التى تتحرك بين اللونين وداخلهما وحولهما وما وراءهما .
- ما يبدو مألوفاً وسهلاً وهيناً لنظرة , يبدو عصياً على المقاربة السريعة ويكاد يفلت منك ويراوغك رغماً من وجوهه البسيطة التى تقول لك أنها سهلة المنال ويكنك قنص جوهرها الكامن فيما وراء الألوان والظلام , والطفولية والانطباعبة الظاهرة ولكن وا أسفاه !
- نثير لوحات فتحى عفيفي العادى واليومى فى الحياة داخل الحارة والحى الشعبى , وعاداته وطقوسه على تعدها , إلا أن خطوطه وألوانة على اختلافها والأبيض والأسود , تحيلك إلى عالم أكثر تعقيداً وعقاً يجرى فيها وراء استدعاءات الطقوس الشائعة المستمرة والذاوية , ونمط الحيااة الشعبى والاحتفالى المشهدى فى لوحاته .
- فتحى عفيفى يبدو وكأن عالمه يدور بين الحارة والمصنع أى ثنائية الحياة المشطورة بين المعيشة في الحارة والعمل في المصنع , وهى مقاربة لثنائية خادعة لأن الحارة هى جزء من فضاء أوسع هو الحى الشعبى الذى قد يبدو محدودا قابلا للإمساك والقبض على مفرداته وتفاصيله , ولكن عندما تنظر إلية يبدو لك رحباً واسعاً وممتداً إلى أوسع مدى من مجرد مفردة من مفردة من مفردات الحارة أو الحى الشعبى أو احتفالياته .
- فى عالم المصنع قد تبدو الصورة نمطية حول الآلة والعامل وعلاقات العمل , ولكنك ستجد عالماً أكثر تركيباً فيما وراء بساطته وعلاقاتة .
- خطوط فتحى عفيفى تبدو تلقائية , ولكنها طفولية مترعة بالفرح حينا , والسجن أحياناً والاحتفالية غالباً والاحتفاء المولع بالطقوس الشعبية . عالم دلف إلية بعض كبار الرسامين كالجزار الساحر الذى حول الطقوس والسحري والتعاويذ لاستبطان لعالم الاوعى الجماعى والوعى بالذات والجماعية والنيا عبر الرموز والتعاويذ والسحر والجنونى . كانت نقلة فى تطور فت التصوير المصرى المعاصتر , فتحت آفاقا جديدة للنهل من الطقوسى والأسطورى والرمزى والفلكوري .
- ثمة براءة وفرح وحسية وشهرانية فواحة فى خطوطه وألوانه ولوحاته تميز فتحى عفيفي وولعه بالحياة داخل الحى الشعبي , حيث يستبصر اليومى في الحارة / الحى / الملد / الختان / طلة الحضور الأنثوى الفئاضة بالغواية والشهوات كلها من إطلالة النسوة الممتالئات من الشرفات , وما وراءها `أو طقس استحمام النسوة والفتيات في الطشت بعيدا عن العيون المفتوحة عن سعة لتلصص .
- عندما تنظر إلى لوحات فتحى عفيفي ستكتسف أن ما وراء اليومى وطقوسه ومشهدياته كل تفصيلة وواقعة وخط علم ضاج بالحياة ولم يعد هو اليومى الذى أدمنته عيناك أو ذاكرتك .
- من علم البيت تبدو ( البوابة ) كفاصل وجسر رحب بين عالمين - ( 50 - 70 سم زيت على توال 1978 ) وخيرات الفرشاة التعبيرية فى ألوانها والطفل الذى يتحسس طريقة للخروج سعيا وراء الاكتشاف والتعرف على تفاصيل الخارج والعب والانطلاق .
- الطفل الذى يتلمس تفاصيل عالمه عو عين وبصيرة وحس فتحى عفيفى فى تقاليد الختان والسبوع , الطقس المأتم الاحتفالى , والعلام والشارات ذات الألوان الصاخبة والضاجة بالحياة والحيوية وهو يرسم علمه السيدة زينب المسجد والناس والحركة الصاخبة خاجة , حيث تتجاوز التقوى مع الاحتفالية مع التهتك فى الأطر السلوكية اليومية للبسطاء من سكان الحى , أو القادمين للزيارة والتبرك بأم العواجز .
- فى المولد حيث المسجد / العالم / الحركة / الصخب / مركز الكون الشعبى القاهرى حيث التبرك بأولياء الله الصالحين , وطقوسية واستعراضية الطقس الصوفى وتجلياته المشهدية وانجذاباته , ومحاولات الوصل الظاهرية , ولكن يبدو عصياً فى اتعراضياته , وحركيته الجماعية على التحقيق , وتبقي جماليات المحاولة والتوهان ولحظة الانجذاب . وداخل المولد حركة البشر وغواياتهم واحتفاءهم بالحياة وصغائر اللذات البسيطة الرخيصة والمتاحة فى بعض الأحيان لبعض الناس .
- داخل عالم الملد / الحى الصادحة والأداء الصاخب بالإنشاء الديني والغناء أو موسيقية فن التلاوة القرأن المصرى التليد . أن العازف (80- 60 سم زيت على توالى 1996) والمنشد (100- 100 زيت على توال 1998 ) وقراء القرأن ومنشدى الأدعية والبردة , ومداحى الرسول الأكرام (صلعم) حيث تبرز خطوط وألوان وجماليات اللوحة عند فتحى عفيفى يبجو التجسيم والتضخيم فب العزف كمثال ` على بعض تفاعلاته مع المدرسة السوفيتية وعالم حامد عويس ولحنها لا تشبهها تماماً .
- ثمة ولع بالغناء الشعبى الأصيل , ومحمد عبد الطلب الذى يبدو حاضرا فى علم فتحى من السيدة ألى سيدنا الحسين سعيا وراء الحصول على رضا ما من حبيب ما . عالم السيرك والكلاب والقردة والرافصات الممتلئات بالفتنة والحسية وأولاد البلد المسحورين بالغواية والاهتزازات الجسدية والألوان الصاخبة على وجوه الراقصات.
- عين الطفل واستبطاناته هى التى تقودك إلى لوحات فتحى عفيفى حيث يركز على الحاوى الساحر , وبائع الخبز وبائع السميط , والحلاق .
- فضاءات الطقس اليومى / حركة الأستعراض لركوب الدراجة المزركشة التى تبدو وكأنها جزء من كرنفالية اللعب والبهجة . وبائع الخبز كمرادف للحياة , انه العيش - وفق التعبير والدلالة المصرية البلغة - والاستمراية ومغالبة الأيام حيث الأمان ومحاولة مواجهة الخوف , والبائع وموزع الخبز ييدو جاداً وصارماً فى عمله .
- فى لوحة (انطلاقة) ( 45- 65 سم زيت على توال (1989) تبدو الفتاة الفاتنة نمودجا ساعيا للتحرر , حيث تنطلق على الدراجة , في كامل اشتهاءاتها , وزينتها متطلعة إلى أقصى الحرية , حيث الغواية والمفاتن الجسدانية التى تأخذ الألباب , في زركشة لونية , وحيث الانطلاقة يبدو من قلب المشهد الشعبى محمولا على الخيال الشجالى - من مارك شجال - الخلاق , الذى سنلمحه فى بعض اللوحات .
- فى لوحة ذكريات ( 120 - 8 سم زيت على سلوتكس 1996 ) يبدو فتحى عفيفى يستعيد عناصر عديدة من عالمه , اللعب فى الحياة حيث الحجلة مع الأقران والخلان الجيران , والفتيات الغاويات الشهيات , وفتح عينك تأكل ملبن , آلة السينما والخروج من المصنع , الشطائر الساخنة التى تثير الشهية الساعية لالتهام واللذة والشبع أنها ممارسة للحنين واستدعاءة .
- فى لوحة المطر يبدو المس الشجالى - نسبة إلى مارك شجال - ويتكرر المطر تعبيراً من بهجة طفولية صاخبة بالبراءة والانطلاق , واللعب فى الانتظار (67 50 - زيت على توالى 1984) تبدو قوة الأشياء وحضورها الديناميكى الطاغى والناعم والحى , حيث مفردات الكرسى , والأبريق والوردة الحمراء , وأصيص الزرع والشباك والشمس الفواحة بالنورالذى يبدع ضلاله الأليفة الوارفة . علم الحارة / الحى / الموالد / الطقوس / اليومية / المطر / الموسيقي / هى عوالم وراءها عوالم , وراء كل تفصيلة تفاصيل عديدة , تعطي لمسات الفرشاة التى تبدو مرتعشة تعبيرية تسم أبرز مكونات عالم ولوحات فتحى عفيفى , وتميز جمالياته , ومذاقاته الحريفة والخشنة بال خدش أو جروح .
- علم المصنع هو أحد محاور إبداع فتحى عفيفي واستطاع بوصفه فنانا قبل أن يكون عاملا أن يلتقط شعورياً جدل المصنع / الآلة / الإنسان العامل , والأهم الجوهر التكنو - أنسانى للتفاعل بين المحاور الثلاثة السابقة , لم يسقط الرسام أسيراً في شباك التقاط البعد القاسى فى حياة العمال , أو في فخ البؤس وانما دارت فرشاته حول التفاعل الايجابى بين الآلة والعامل .
- عالم من الماكينات العملاقة التى تعبر عن إدراك فتحى عفيفي البصري والإداركى بأن الآلات هى تميمة عصرنا وشفرته وعلامته . يبارك الماكينات ويضفي عليها ألوانا صاخبة بهيجة , طاقة تحرر عملاقة , كما يبدو فى لوحة المكابس ( زيت على توال 9130 - سم 1995 مقتنيات وزارة الثقافة ) ولوحة العنبر 5955 - سن حبر شينى ) حيث حضور الألات طاغى ومؤثر . وبسيطر على فضاء المكان / اللوحة , ويمكنك أن تلاحظ أيضا وأيضا هيمنه الأله التقنية , بحيث تبدو هى العالم والمصير , ويكاد العامل الأنسان يبدو مجرد تفصيلة فى الآلة / الكون فى ( ماكينات وبشر : 10070- سم حبر شينى ) لوحة الوردية (50-70سم حبر شينى ) لوحة الورشة (4834- سم حبر شينى 1986 ) وكذلك فى لوحة بشر والآت ( 150 120 سم زيت على توال 1994 ) .
- الانسان الآلة العملاقة التى تنطلاق من تكوينه من نسيج المكاكينات وينطلق من داخل حركته النور يبدو جلياً وساطعاً فى لوحة الإنسان 7050 - سم رسم حبر شينى .
- إعادة البناء البصري والتشكيلي لعالم / الأنسان / الآلة / المصنع لا يقتصر فقط على العلاقات بين الآلة والأنسان , أنما الطقوس اليومية كالخروج ( 90 80 سم حبر طباعة 1998 ) وفى لوحة العودة إلى البيت (5070 -سم حبر طباعة 1994 ) وتبدو الحياة أليفة داخل البيت , والأسرة والراحة كما فى لوحة البيت (70 50 سم حبر طباعة) .
- يبدو العامل عملاقا وضخماً ومكافئا للآلة كما فى لوحة نهاية الوردية ( 70 50 سم حبر شينى 1992 ) .
- يلاحظ أن العلاقة والجدل ghl نسانى / التقنى بين الأنسان وبين الآله تتراوح بين هيمنة طرف على آخر فى الدل المستمر بينما في لحات آخرى تبدو الهيمنة الأنسانية على الآلة بالذكاء والتكم والقدرة على توجيه الحديد والكهرباء والنار - والذكاء الصناعي والرقمى فيما بعد الذى لم يصل إلى مفردات لوحات فتحى عفيفي - وهو ما يبدوا في لوحة العمل : (120- 90 سم زيت على توال )
- يبدو عالم فتحي عفيفى أكثر اتسعا لأنه لا يقتصر على محوري الحياة / الحارة , والحياة / الحى و الموالد , واللعب إلى آخر مفردات المنظومة أو محور المصنع / الآلة / الأنسان .
- ثمة عوالم آخرى رحبة فيها وراء الحسى والشهوانى الأكثر شعبية وامتلاء بالغواية , ولا الماكينات والعمل وطقوسه , وإنما هناك عالم الغناء والموسيقى الشعبية فى المنشدين ,وموسيقى التلاوة وإيقاعاتها الفاتنة , وحلاوة صوت عبد المطلب , وعزفى آلات النفخ وأم كلثوم , حيث أفراد لوحات لعبد المطلب وأم كلثوم . إنما يأتى اهتمامه وولعه بعالم السينما الساحر ونجومها سعاد حسنى (أبيض وأسود) , وفاتن حمامة , وفتنة سامية جمال حيث جماليات الرقص الشرقي فى أكثر تعبيراته الحركية , والمثيرة للجمال المصرى وغوايته كأيقونة سامقة . فى الطبيعة الصامتة , يبدو الرمان شيئا آخر , طبيعة آخرى تتحرك وتنطق فى صمتها , لأن بلاغة الصمت تتدفق بالحياة والديناميكية .
- أن أسوأ ما فى بعض أعمال فتحى عفيفى هى السياسية المباشر عن انحيازاته الإيديولوجية الفجة فى لوحات ` جيفارا المسيح ` , وحسن نصر الله , هكذا يبدو دعاوياً على النمط السوفيتى الذى طالته اتهامات بعضهم بنفله أو تقليده أو التأثر به .
- أن السؤال الذى نطرحه من خلال أعمال فتحى عفيفي هل نحن إزاء فطرية أو تلقائية فى مواجهة أكادمية فى التكوين والخطوط لدى مجايليه من الدراسين ؟ هل أعماله جزء من عوالم آخرين ؟
- سؤال يطرح كثيراً , وبات مملاً لأنه بنطوى على نظرة استعلاءية واستعراضية وعنجهية من بعض نقاد الفن التشكيلي المدرسين - على قلة النقد والنقاد للتصوير المصرى ومشاهده الراهنة - أو بعض مجايلى فتحى عفيفى .
- إذا تجاوزنا هذا الموقف الشعورى ومحمولاته القيمة والمعيارية , يمكننا القول أن علم فتحى عفيفى ينطوي على تداخلات عديدة بين الفطرى والتلقائية والتعبيرية والإحساس الخاص بالعوالم التى إعاد بناءها فى لوحاته , وبعض من درسه فى القسم الحر بكلية الفنون الجميلة , والأهم أن كل ذلك قد تمثله المصور / الرسام وصاغه على هواه ورؤية . أن درسه فى القسم الحر فى عمر يافع - 18 سنة - شكلت بيئة احتكاك وانفتاح مع شيخ أزهرى معمم , ولواء , وواحد من الوفديين وآخرين , ساهم مع دراسته فى تطوير أدواته وفتح عيونه وحواسه على أبجديات المدرسية أو الأكاديمية ومدارس التصوير والنحت , وهو ما أضاف إليه وصقل موهبته وهو ابن بيئة عمالية خالصة وابن لأب عمل ترزيا بسلاح المهمات ومن حى الناصرية الشعبى .
- استطاع أن ينقل تجربته البصرية والمشهدية والكرنفالية والحياتية , بل ويصوغها عوالم رحبة . تعلم من المعارض , ولم يستسلم إلى مصورى الشعبيات والفلكوريات التى شاعت لدى بعض المصورين الذين سبقوه .
- هل تأثر بآخرين حاولوا استلهام الاشتراكية والواقعية والسوفيتية فى التصوير ؟ .
- التأثر والتفاعل لا يعنى النقل لدى بعض الموهوبين فى عوالم الفن والتصوير والنحت والآداب , لكن التأثر والتفاعل أمر غير النقل والأقتباس أو النسخ عن آخرين فى العالم , أو فى الداخل . لا تأتى الأعمال الأصيلة هكذا وقد أحدثت قطعاً من الآخرين من الفنانين والكتاب والأدباء - روائيين وشعراء ومسرحيين ... إلخ - والمصورين والناحتين , وأنما يحدث عبر تفاعلات , وتجارب ومكابدات ثم تحدث القطيعة من المسارات السائدة ` ةتجاربها ومنجزاتها الفنية والشكلية والجمالية ... إلخ . أن بعض اعمال فتحي تجد بها بعضا من التأثر ببعض من عوالم وأجواء الفن السوفيتى , والمصور الرسام الكبير ` عبد الهادى الجزار ` , والفنان الكبير ` حامد عويس ` , أو بعض من مفردات عالم مارك شجال البازخ , ولكن موهبته العصامية صاغت عواله بروحه وخطوطه وألوانه . نعم تأثر - ومن هو الذى لم يتظأثر بالآرث الجمالى والإبداعى والتصويرى السابق عليه - بتجربة الجزار (الشعوذة والموالد) وحامد ندا , ونجميا سعد (الجرافيك), وحسين بيكار وعبد الهادى الوشاحى النحات الكبير , ساعد الفنان والمصور الكبير والمثقف المتميز حسين بيكار فى دعم موهبة فتحى عفيفى , أعطاه شريعة الحضور كفنان مصور إزاء الخطاب الاستعلائى والمدرسى المهوس بذاته .
- ثمة سؤال أطرحه هنا هل نحن إزاء هامش أو ما يطلق عليه ثقافة وفنانى الهامش ؟ إن مصطلح ثقافة الهامش شأن عيره من مصطلحات وتعبيرات شائعة حول المتن / الهامش , والسلطة الرسمية والهامش تفتقر إلى ضبط دلالى ومفهومى , ولكنها شائعة , وتبدو كهامش وكأنك متميزاً , بصرف النظر عن ما الذى بفعله هذا الفنان / الكاتب / الروائى / الشاعر الهامشى ؟ تعبير غامض وسائل , ويبدو كتمية جيناً , ووسام حيناً آخر يضعه بعضهم على صدره وشماً وعلامة .
- مفهوم الهامش فى الثقافة عموماً , والمصرية على وجه الخصوص , يرتبط بمفهوم المركز أو المتن النصى أو الخطابي , أو التيار الرئيسى فى السرديات , أو المدارس الفنية , أو فى التصوير أو النحت ... إلخ .
- ثنائية المركز / الهامش كانت جزءاً من تنظيرات الاقتصاد السياسي , ومدارس التبعية التى حاولت تفسير ` التخلف التاريخى ` فى العلاقة بين دول المركز الرأسمالى , والدول التاربعة فى الهامش .
- الإصطلاح شائع فى الحياة الثقافية المصرية والعربية وعيرها فى عالمنا , للتعبير عن شخصيات وأعمال تبدو بعيدة عن المواصفات والشروط السائدة للإنتاج الروائى والشعرى والسردى ,أو فى مجال التشكيلى , وفى الاطر والمؤسسة الرئيسية فى ثقافة ما , ومجال ما من مجالاتها الأساسية .
- الهامش مقردة وإصطلاح يشير أيضاً إلى أن المركز وشروطه ومتطلبلته ومعاييره النقدية والجمالية , وعمليات التصعيد والتبريز للشخوص والأعمال السردية والإبداعية والفنية التى تسود فى مرحلة تاريخية ما .
- لا يكاد يفلت المركز وشروطه ومعاييره وسلطته من الشرط التاريخى فى مرحلة ما , أو عدة مراحل , أو يتداخل أحياناً مع مراحل أخرى قبل تجاوزه , ومن ثم عمليات تشكيل مركز / سلطة جديدة بمعاييرها وزائقاتها . ثمة حراك بين المركز والهامش , فى بعض الحركات والمدارس الفنية والسردية وفى التصوير والنحت الأعمال المركبة ...إلخ . تبدأ بعض الأعمال والأشخاص والكتاب والمبدعين والمصورين والنحاتين فى الهامش , أى خارج نطاق السلطة النقدية والذائقية السائدة ويستعصى فى الأحيان على التقويم وفق ما هو سائد فى المركز النقدى والتقويمى , و` السليعى ` فى السوق الفنى - بعرضه وطلبه وذائقاته وفاعليه - من ثم يطرد من سوق المركز , وتبريكاته وتقديراته , ويترك فى الظل .
- أن هامشية بعض الأعمال السردية أو الفنية التشكيلية قد تظل هكذا لفترة تاريخية , ثم تحدث تراكماتها وتأثيراتها التدريجية البطيئة أو المتساعة , وسرعان ما تحدث شروخاً فيها هو سائد من سلطة نقدية وتقويمية وجمالية , وهكذا يحدث التفكيك والتصدع في بنية ما هو سائد من نقد وذائقات , ويتسلل الهامش وذائقته ورؤاه وإبداعه كالسم الخلاق الذى يمادد في خلسة حيناً , وبنعومة أحياناً , وبقوة فى أحيان ثالثة , ثم سرعان ما يبدأ تأكل سلطة المركز , وهكذا إلى أن يبدو عارياً وبئسا , ثم يتقوض . أو يترك وحيداً فى العراء حيث لا يجد سوى سدنته لا يسمع لهم أحد , ولا يأبه لخطابهم النقدى السلطوى سواهم وتابعيهم .
- لا يوجد هاش أو مركز خارج الشرط التاريخى , ومن ناحية أخرى الهامش لا يعنى تبريزا فى ذاته كنعت فنى أو نقدى أو الجمالى أو الإبداعى فى الهامش كما المكز , لا يستطيع الوصف هامش أو الحياة فى الظل الهامش أن تمنحه أى قيمة , ويظل كما هو محض محاولات أو تمرينات لا تغادر هذا الوصف . يبدأ البعض فى الهامش , ويراكم منجزه , وينتقل إلى المركز , ويغدو في بعض المراحل كسلطة فى ذاته , وتبدأ الممارسات التنظيرية حوله .
- ويبدو لى أن وضع أعمال فتحى عفيفى فى إطار الهامش فى الحركة الفنية , لمجرد كونه عاملا , أمر غير دقيق كلياً .
- أن تجربته وعوالمه وتيماته لها تاريخها , ونسبها فى دارس التصوير المصرى وفى العالم وذلك على الرغم من أن شجرة أنسابه الفنية لم تؤثر على موهبته ولا على مقاربته لموضوعاته الأثيرة .
- نستطيع أن نقول أن به بعض من الهامشية يالمعنى الإجتماعى / الطبقى , ولكن لا يمكن القول أن عوالمه هامشية , لأنها فى قلب الحياة ودنياميكياتها , رغماً عن أنها تنسحب تدريجياً وببطء من الحياة إلى الظل والنوستالجيا , ومن ثم قد يصح القول أننا إزاء مصور / رسام موهوب , وخارج مواصفات ومواضعات ومساومات وسوق التصوير المصرى , ونقده ومقتنياته , ومقاوليه ونفاقاته وخطاباته الخشنة أو الكاذبة أو الناعمة , حيث السوق وقوانينه وذوقه ورجال أعماله ومشايخه وأمراءه وخواجاته , واستنساخاته وسرقاته , إلى آخر ملامح زائقات مثقوبة ولكنها شائعة .
- نص المحاضرة التى ألقاها نبيل عبد الفتاح فى معرض القاهرة .
الناقد : نبيل عبد الفتاح
الأدب 8 /2/ 2009