قادم من الجنوب
- `الفن ورطة ` هكذا يراه الفنان التشكيلى عمار أبو بكر ، فحين يتحول الفن من أداة للتعبير عن مشاعر ورؤية الفنان إلى رسالة، يشعر بأن مسئوليته أكبر بكثير من أن يسعها الوقت ، والجهد .والرسالة التى قرر عمار أبو بكر حملها هى الحفاظ على التراث المصرى الأصيل فى صعيد مصر، وبالتحديد فى الأقصر .
- والأقصر بالنسبة لعمار أبو بكر ليست فقط الطراز المعمارى، والملابس، والعادات والتقاليد ، والحياة اليومية ، فحمله أن تستعيد الأقصر مكانتها التاريخية ، كمجمع للفنون المصرية القديمة، والساحرة، وفى الوقت نفسه كمدرسة للفن . ويقول : `هدفى إذابة الفوارق بين الفنون الشعبية، وحركة الفنون الرفعية، لتصب الفنون الشعبية فى الحياة الثقافية المعاصرة بكافة مستوياتها ` .
- انبهار عمار أبو بكر بهذه الخالة الخاصة، دفعه لتأسيس أول جمعية للحفاظ على التراث فى قرية ` المحروسة ` وبالتحديد فى واحد من بيوتها القديمة، فى محاولة منه لإنقاذ ما تبقى من هذا التراث الساحر، بعد أن بدأ سكان القرية فى التخلى عن بيوتهم القديمة واستبدالها بمنازل من المسلح، ليتحول البيت إلى استوديو مفتوح ، يفد إليه الفنانون التشكيليون من داخل مصر وخارجها ، يتسابقون فى القبض على التاريخ قبل أن يفلت إلى الأبد .
- وهو لا يصور فقط البيوت، وإنما يمثل الإنسان بطلاً أساسياً فى العديد من أعماله، فمعرض `وجوه مصرية ` الذى أقيم فى العام 2006 كان يعتمد بشكل أساسى على وجوه الناس فى الموالد، والشوارع، وعلى المقاهى، ويقول : ` تأسرنى حالة المولد بشكل خاص، فالفرح والتجلى الذى تراه فى وجوه الناس ينعكس أيضاً على ملابسهم وحركاتهم فلا تعرف أيها مصدر التأثير فى الآخر ` وبعض الوجوه التى شاركت فى المعرض، كانت من أعمال فنانين مصريين وأجانب قضوا أشهراً بين طرقات وحوارى وشوارع قرى الأقصر ، كباكورة نشاط جمعية المحروسة التى أسسها عمار أبو بكر .
- الإسكتش هو الوسيلة المحببة إلى قلب عمار أبو بكر ، فهو لا يعيد رسم ما يشكله فى اسكتشاته لاحقا فى لوحات أكبر، وإنما يتعامل مع الاسكتش كفن قائم بذاته، وهو يقول : ` ميزة الاسكتش ليست فقط فى أنه يصور مشهداً مر سريعا بلا عودة ، وإنما فى أنه يجسد حالة شعورية من الصعب أن تتكرر `، وهو يحب أن يبقى على العلاقة بين الأثنين على حالها . ولمزيد من التأثير يرسم أبو بكر اسكتشاته على الورق الملون، ويتنقل ما بين الإكريليك، والباستيل، والزيت والحبر والفحم .
- وإلى جانب جمعية المحروسة ، ساهم عمار أبو بكر فى إحياء `فندق المرسم` فى القرنة بالأقصر الذى كان قبل نحو 40 عاماً معبداً للفن يفد إليه طلاب الفنون الجميلة والرسامون من القاهرة والمحافظات لقضاء سنوات فى منح دراسية لدراسة الفن ، حيث شارك عمار أبو بكر بتشجيع ودعم الدكتور سمير فرج، ووزارة الثقافة فى إعادة الرسالة الفنية لهذا المكان، ليستضيف مجددا فنانين من مصر والعالم. وتعاود محافظة الأقصر تألقها الفنى بالمراسم الدولية، والسمبوزيم السنوى، صحيح أن كل هذا الأنجاز ما كان له أن يتم بجهد منفرد، لكن إيمان وإصرار الفنانين من أمثال عمار أبو بكر وغيره هو الذى يمهد الطريق نحو أحياء الفن والحفاظ عليه، وحمايته من النسيان ، واللامبالاة، وهو يقول : ` إن ما يهمنى ليس اللوحة بذاتها ، وإنما حالة الحفاظ على ذاكرة الإبداع المصرى وإضافة صفحات جديدة تعمل على تنمية التفكير الإبداعى، ومد جذور التواصل بينه وبين الناس `، فالفن بالنسبة لعمار أبو بكر يجب أن يكون ` من الناس وللناس ` .
بقلم : ناهد نصر
مجلة البيت