مصطفى رمزى بين الفن والصحافة
-.. ونهل منه الكثير.. وكثيرا ما دارت بينهما حوارات حول الفن المصرى القديم وعروسة العرائس المصرية فى الحاضر والتاريخ .
- فى قاعات أتيليه القاهرة الأربع جاء معرضه `77 لوحة ` من وهج الفن الشعبى بما يمثل تواصلا أصيلا بعيدا عما يحاول البعض تقمصه بارستقراطية وترفع وافتقاد لتجربة حقيقية .. وهو فى أعماله يضيف الى هذا العمق والنبع الاصيل باحثا وباعثا ايقاعات جديدة تنساب بسحر اللون خاصة الأحمر الفوشيا والاحمر النارى وهما علامة من علامات الفرح والحرب والحماس والانتصار وبهجة الحياة فى الاعياد والمواسم والاحتفالات الشعبية .. مع حديقته اللونية الحافلة بالازرق البحرى والسماوى والاخضر الطازج الزرعى والاسود مع الابيض الذى يسخو بالنور ويشرق بانسجام فى حضرة المنمنمات الصغيرة من عناصره و`يا جريد النخل العالى ميل وارمى السلام`.
- هو والفن والشعب
- ولعلنا نتأمل تلك الروح التى سكنت اعماله ونتذكر ما قاله حسن سليمان صاحب الفكر والفن :` وقد واجه فنانا عظيما مثل ماتيس من تلك الدهشة حين تأثر بفنوننا فله تعبير دقيق عما تملكه فنوننا الشعبية من قيم خاصة وهو يقول بأنه كان يحلم بفن بسيط يملك الاتزان والنقاء والوقار فن لا يحمل الاكتئاب او يسبب تعبا له مظاهره التى عاشها على مر العصور وانفعل بها وعبر عنها الفنان الشعبى عندنا وهو غالبا ما يكون مزارعا ممن ارتبطوا بالطينة السوداء واستلهموا الحياة والطبيعة وكل ما حولهم من حركة وسكون.. اما الجانب الزخرفى فيأتى متمما كوافد مع هجرة الرعاة الدائمة الى الحياة الامنة داخل القرى الزراعية .. وقد نشأت ظروف ساعدت على ذلك الاستمرار الذى اعطى المنطقة الخصب والثراء فى تراثها وتقاليدها الفنية `. ومن هنا بحث مصطفى رمزى فى هذا الايقاع استمد منه سلطان الفن وخرج عليه مثلما بحث سعد كامل وخميس شحاتة وسيد عبد الرسول وكمال يكنور وثريا عبد الرسول .. كل تبعا لدرجة القرب والبعد والتقمص والاستلهام فأصبح للفن المصرى الحديث فى جانب معنى للتواصل مع فنان الوشم والحلى الشعبية وصندوق العروسة والتصاوير التى كانت تباع فى الاسواق الشعبية التى تعقد من جنوب الوادى الى اتساع الدلتا تجسد عنترة وعبلة وابو زيد الهلالى وذات الهمة وسيف اليزن.
- وعالم مصطفى رمزى بمثابة منمنمات شعبية تحتشد بكثافة فى العناصر من والاسماك رمز الخير والرزق الذى يفيض عند الانسان الشعبى واصص الزرع والزهور والورود والعصافير والسباع والضباع ونهايات المآذن من الاهلة والنجوم مع الزخارف والنقوش وفى مركز اللوحة نطالع ابو زيد الهلالى حاملا سيفه فى يده وسهمه فى اليد الاخرى متربعا على فرسه وقد يكون عنتره او سيف اليزل ونرى فى لوحة أخرى ست الحسن والجمال عبلة تمسك ذيل ثوبها فى حركة قوسية فى جمال ودلال ووقار محفوفة بجنة ارضية تتزاحم فيها عناصر البهجة .
- المحبة والسلام
- ومصطفى رمزى ينقلنا الى دنيا المحبة والسلام .. دنيا يعيش الحر فيها سعيد من خلال تلك الحدائق الشعبية التى تتصالح فيها الحيوانات والطيور الكل يعيش فى سلام فى فضاءاته التصويرية من الوحوش الكواسر السباع والضباع مع العصافير والاسماك والنسور والخراف وكل هذا مضفور بوحدات زخرفية من التصوير الاسلامى ودنيا الله التى تبتهل بسلاسل الذهب من الحروفية والخط العربى من `بسم الله الرحمن الرحيم` ومحمد رسول الله ولا ينسى مصطفى رمزى الخلفاء الاربعة فى اركان احدى اللوحات ` ابوبكر وعمر وعثمان وعلى ` .. هنا نطل على دنيا وارفة الظلال حافلة بروح الفن الشعبى وروح الطبيعة والكلم الطيب.
- مجلة ` كروان `
- ومصطفى رمزى ساهم فى تجربة مجلة ` كروان` مجلة أسبوعية للاطفال التى اسسها الكاتب المسرحى نعمان عاشور مع مجموعة من الكتاب والفنانين صدرت عام 1964 عن دار التحرير.. وكان رمزى المشرف الفنى للمجلة ومعه من الفنانين حجازى واللباد ` مدير التحرير` ومجدى نجيب وحسن حاكم ونبيل تاج وبهجت عثمان.. وقد ظلت تصدر لمدة عام فى تجربة جديدة ومختلفة فى صحافة الطفل لولا ظروف التمويل .. وصدر العدد الاول وبه اغنية للاطفال من كلمات صلاح جاهين.. ومصطفى رمزى عمل مشرفا فنيا لمجلة ماجد فى بداياتها.. ويحكى حجازى فنان الشعب فى الكاريكاتير وصاحب اشهر سيناريو ورسوم فى الحكايات المصورة المصرية ` الاستربس` تنابله الصبيان بأن صديقه رمزى صاحب هذه التسمية وتغير اسمها ` تنابلة السلطان` .. مثلما أوحى الكاتب عبد التواب يوسف لمصطفى رمزى بفكرة ادخال الحروفية والخط العربى فى لوحاته ذات الايقاع الشرقى والشعبى .. فقد رسم أكثر من 40 كتابا للاطفال وفى احد الكتب كتبه عبد التواب يوسف وصف لرداء لطفلة ملئ بالواوات `حرف الواو` فأدهشته الفكرة وكان ان اضاف لعالمه التصويرى حروفا وكلمات تهتف وتبتهل الى الله .. تحية لمصطفى رمزى وعالمه الذى يشبهنا فى الروح بعمق التراث والحاضر.
بقلم : صلاح بيصار
جريدة القاهرة : 23-10-2017