- لوحات `صفية حلمى` مقابل تشكيلى للشعر والموسيقى. قد يتضح مضمونها الاجتماعى كما فى لوحات الخمسينيات وما بعدها. وقد يستخفى خلف الخطوط والألوان والملامس المحملة بالمشاعر الانسانية كما فى لوحات منتصف السبعينيات وما بعدها. أما ثراؤها الفنى فمرجعه الى موهبة الفنانة وخبرتها المنوعة فى التصوير و الحفر و الفريسك و الخزف بالاضافة إلى قراءاتها المتشعبة فى الفنون و الاداب منذ نعومة اظفارها . قراءات منحتها فلسفة تلقى ظلالها على ابداعها وتزوده بالحيوية و الجاذبية و الاحساس الدرامى . فهى استمرار للاساتذة العظام - بناة الحركة المصرية الحديثة - الذين درست عليهم فى الخمسينات ، قبل ان تمضى فى طريقها كفنانة محترفة لأكثر من ثلاثين عاماً . سافرت خلالها إلى الكثير من بلدان اوروبا ولمست عن كثب اساليب الفن الحديث . وتطورت بأسلوبها إلى هذا المستوى من بساطة الأداء وبلاغة التعبير .
- بالرغم من نشأتها الناعمة فى العاصمة . عاشت بوجدانها وخيالها مع الكادحين من عامة الناس فصورت السقايين والمراكبية والبنائين وسوق القرية ومظاهر الحياة فى القاعدة العريضة وبالايقاع الشكلى ورمزية الألوان وتنوع الملامس أوحت بمعنى التكوين ومغزاه.وتغاضت عن المنظور رغم واقعية العناصر لتؤكد مضمون العناء والجهد والقوة والصلابة والصبر . وحين عمدت إلى التسطيح فى باكورة أعمالها استهدفت مضامين انسانية أعمق غوراً من الأشكال الظاهرية للعناصر وبخطوط بسيطة وألوان مختصرة موضوعة بمهارة ودراية وملامس دسمة - أضفت على لوحاتها تعبيراً بليغاً وعاطفة قوية حتى يستمتع المتلقى بكل من الشكل الفنى والمضمون الانسانى دون الانشغال بمهارة المحاكاة.
- حين تحولت فى أعمالها الأخيرة إلى ما يشبه `التجريد التعبيرى ` لم تفقد وحداتها التشخيصية بل أخفتها فى ثنايا الملامس والألوان لكن المتلقى يستطيع اكتشافها ويستقبل رسالتها كما فى سلسلة لوحات `الجبال` التى صورتها عقب زيارتها لمدينة الأقصر حيث يختلط الانسان المصرى بالصحارى والجبال حتى أصبح راسخاً وصامداً وصلباً مثلها يكاد يمتزج بالصخور والرمال امتزاجاً عضوياً.
- طبيعة جديدة ابتكرتها ` صفية حلمى ` ونوع من التصوير الواقعى الحديث للكوابيس والتهاويم والأحلام تندمج فيه الأمامية بالخلفية فى وحدة متلاحمة تجتذبنا إلى تلافيفها بعد قليل من التأمل.هكذا صورت لوحة `الكارثة كوم امبو` صرخة ألم واستغاثة ملهوف ، حشد من الملامس والنظم اللونية فى تعبير صاخب عن اكتساح السيول سنة 1980 للمدينة وهدم البيوت وسقوط الضحايا. تشكيلات مثيرة غامضة يرى فيها المتلقى عالماً من التشخيصات والعناصر ويشارك الفنانة أحلامها.
- بالرمز والاشارة تستجيب `صفية` لحركة الحياة وتسنخدم كل ثقافتها وموهبتها ومهاراتها وقدراتها الابداعية ..لتقول كلمتها ...
مختار العطار