حسن عبد الرحمن حسن
` حسن الشرق ` حول بيته إلى متحف يفتتحه فى عيد المنيا
- رفض العمل بالجزارة مهنه والده وأجداده ..واختار الفن التشكيلى الذى يعتبره كل حياته ..نجح فى رسم أروع وأجمل اللوحات التى تعبر عن التراث الشعبى والعادات المصرية وتجسد الحياة اليومية بالريف المصرى ..ومن فرط عشقه لفنه باع كل ما يملك لإنشاء ` متحف ` يحمل اسمه ويضم أعماله ومقتنياته الفنية النادرة اكتشفته مستشرقة ألمانية واستطاع أن يجذب الالمان لفنه ..ألفت عنه العديد من الكتب باللغات العربية ..والألمانية ..والانجليزية ..وانتجت له 3 أفلام تسجيلية ترصد رحلته الفنية بالفرنسية ..والألمانية ..والأسبانية ، ولأنه جاب معارض العالم بلوحاته المتميزة ..نال أرفع الجوائز من دول العالم ..وحظى بشهرة عريضة ومع ذلك ما زال لم يأخذ حظه فى بلده.. - يقول : عشقت الرسم منذ نعومة أظفارى وشجعنى كثيراً مدرس مادة العلوم فى المرحلة الابتدائية بعد أن رأى رسمى على الحوائط ` والتخت ` ` فدفعنى لرسم الوسائل والأجهزة التعليمية واللوحات العلمية المستخدمة فى شرح المادة وتوضيحها ..ولأن نشأتى جاءت فى قرية تجمع ما بين الريف والمدينة فكنت دائماً أقوم برسم مفردات البيئة المحيطة بى من نيل وخضرة ومنازل تأخذ شكل القباب كل ذلك على الحوائط باستخدام الطباشير تارة والأقلام تارة اخرى ثم بدأت أخصص كراسات ورقية للرسم . - يضيف : كان والدى رافضاً اتجاهى للفن رغبة منه أن أعمل بمهنة الجزارة التى ورثها أباً عن جد فكان يأخذنى معه إلى المحل منذ الصغر لأرث طبيعة العمل لكن كان عشقى للفن أقوى من رغبته فكان يجدنى أقوم بالرسم على ورق اللحم المخصص للبيع وفى هذه الأثناء كنت لا أملك المال لشراء الألوان التى تساعدنى على الرسم فكنت أقوم بتصنيع اللون بنفسى من وحى الطبيعة ومن خلال الاعشاب والنباتات المتوفرة لدى العطارة ، فزهرة الغسيل للون الأزرق ، والعرقسوس للون البنى والعصفر والشعير للون الأصفر. - وقال حسن كانت بدايتى الحقيقية مع الفن مع زيارة المستشرقة الألمانية أورزولا شيورنج لقريتى فى المنيا عام 1985 وأبدت اعجابها الشديد بأعمالى ولوحاتى وأصرت على نزولى إلى القاهرة واقامة المعارض الفنية ومن هنا كانت نقطة التحول التى غيرت مجرى حياتى ثم فى عام 1989 وتحت اشراف ` أورزولا ` ايضا أقمت مجموعة من المعارض ..الأول بألمانيا بمدينة شتوتجارت ثم فى ميونيخ وفى عام 1991 أقمت معرضا بفرنسا ، وفى متحف اللوفر ثم فى سويسرا ، وفى عام 1994بقصر ` برج برنبخ ` الشهير بألمانيا وبعدها منحت مفتاح مدينة نيولابك الألمانية عن مجموعة أعمالى الفنية . - يضيف : خلقت لنفسى عالما خاصا حرصت خلاله أن أكون خير سفير لبلدى ورغم رحلاتى ومعارضى التى أقمتها فى بلاد العالم المختلفة وبحضور كبار الشخصيات والمسئولين إلا أن أننى حرصت على ارتداء الزى الريفى المصرى البسيط والجلابية البلدى التى جذبت إلى زائرى المعارض ووسائل الإعلام العالمية . - وعن لوحاته التى يعتز بها يقول : أعتز كثيراً بلوحة مدرسة البقر التى فازت بالجائزة الأولى بمعرض أمانة الشباب عام 1972 وكذلك لوحاتى التى تجسد ليالى ألف ليلة وليلة من واقع التراث الشعبى ..والسيرة الهلالية ولوحاتى التى تعكس العادات والتقاليد بالتراث الصعيدى كسبوع المولود ، والزار وليلة الحنة وغالبا ما تبدو الوجوه فى جميع لوحاتى تأخذ شكل القباب التى تميز مبانى الصعيد. وبعد رحلة طويلة مع الفن التشكيلى دامت أكثر من 40 عاماً تم خلالها مناقشة 26 رسالة ماجستير عن اعمالى الفنية من طلبة الكليات المختلفة فى مصر والعالم . - وعن آخر مشروعاته الفنية يقول الفنان حسن الشرق :أقوم الآن بإعداد منزلى ليكون ثالث متحف فى مصر على غرار متحف الفنان محمود خليل وحرمه فى الجيزة ،والفنان نبيل درويش للخزف وذلك على مساحة 1500 متر وبتكلفة 2 مليون جنيه واضطررت لبيع أرضى الزراعية التى ورثتها عن والدى لاقامة هذا المشروع الذى يضم لوحاتى الفنية ومقتنياتى التى حصلت عليها من ألمانيا وايطاليا وفرنسا وأمريكا لكبار الفنانين التشكيليين والذى وضع مؤخرا على خريطة المنيا السياحية ..وانتظر بشغف يوم افتتاحه رسمياً فى مارس القادم حيث الاحتفال بالعيد القومى لمحافظة المنيا . - وعن امنياته يقول : أتمنى أن يلقى الفنان التلقائى فى مصر اهتمام المسئولين مثلما شاهدت فى بلاد العالم المختلفة التى قدرت فنى وابداعى الفطرى ومنحتنى أرفع الجوائز ، وقامت مؤسسة المانية بتأليف كتاب عن مجمل اعمالى ورحلتى الفنية تحت عنوان ` حسن الشرق ` والريف المصرى ` ترجم إلى ثلاث لغات وكذلك تم انتاج 3 أفلام تسجيلية بثلاث لغات يعرضها التليفزيون الالمانى كل عام يوم عيد ميلادى كل هذا فى غياب تكريم بلدى الذى انتظرته طويلا .
بقلم : دعاء النجار
جريدة الجمهورية - 2010
أعمال الفنان العالمى حسن الشرق التشكيلية تعرض فى جدة
- هكذا رسم لنا الفنان العبقرى المتواضع ، حسن الشرق الذى لم يدرس الفن مبتعدا عن ( حزلقات ) الأكاديميين الفارغة ، مقدما لغة تشكيلية خاصة به بفطرتها وعفويتها يحفظ تاريخه ومشاعره يذكر أبطاله الحقيقيين وكأنه يحفظهم من الانقراض والتلاشى والفناء مقدما لنا هذه التجاوزات والمبالغات الخارقة المتجاوزة لكل حدود النسب الطبيعية فى رسمه لقبضة يد أبى زيد الهلالى القابضة على السيف العربى .. أبو زيد الأسد له رأس إنسان .. إنه يتخطى فى تمرد جميل حدود الرسم الأكاديمى المفتعل إلى التعبير . - ويقول : إذا اخترنا وحدة تشكيلية من الوحدات التى يستلهمها الشرق مثل العين أو الكف سنرى أن لغته التشكيلية ترتقى وتنتقل من مرحلة التعبير إلى التجريد ، والأصل فى استخدام كف اليد أو العين فى الرسوم الشعبية القديمة هو ذلك الاعتقاد السائد وقتها بين اقتلاع عين الحسود إلا بأصابعة الخمسة وسرعان ما تحولت هذه المفردات إلى سمات تشكيلية أساسية تظهر فى معظم لوحاته يحورها ويلعب بها غير مهتم بنسبها الطبيعية النمطية ، مشيراً إلى أن حسن الشرق يعيده إلينا ببساطة شديدة أشياء قديمة ومختفية لا مكان لها فى هذا العصر .
جريدة اليوم - الدمام
صاحب متحف ` الشرق ` : ` هبيعه لأن محدش بيقدر الفن
فنان المنيا :` أنا عالمى .. وعيب إنى معرفش أقابل المحافظ
على بعد أمتار من مدافن شرق النيل ، يقع مبنى عتيق ب3 بوابات حديدية ، تعلوها لافتة كبيرة مكتوب عليها الانجليزية والعربية `متحف الفنان حسن الشرق` وعلى السور الصغير المزخرف بالشمعدان يرفرف علمان لمصر ولمحافظة المنيا ، وفى الداخل حديقة صغيرة منسقة أنها لوحة المنيا فنية ممتلئة بالزهور ، وعلى اليمين كراسى ومنضدة ، ويجلس فلاح مصرى بسيط يرتدى جلبابه الريفى المتواضع يستقبل الجميع بشعار ` تعالوا شوفوا الفن الأصيل ` .
وفى أولى غرف المتحف تتراص عشرات اللوحات المتناسقة على الحوائط الأربع ، وسط علامات إرشادية باللغات العربية والاجنبية لممرات تؤدى لصالات وغرف تجمع لوحات فنية متعددة وبورتيهات للمشاهير ، رسمها ابن الريف بريشته وألوانه .
ويقول ` الشرق ` زرت 17 دولة ، وأحب المنيا التى تضم أثاراً كثيرة ، ومن حبى لها جمعت أولادى وبعت كل ما أملك لإقامة متحف على مساحة 1800 متر بالطريق المؤدى للمناطق الأثرية ووضعت به كل أعمالى ولوحات التبادل الثقافى مع فنانين من دول أخرى مثل أمريكا وفرنسا واليونان .
ويضيف ` الشرق ` : (اعتقدت أن متحفى سيكون له مرود فنى وسياحى ، وكنت أستدعى تلاميذ المدارس لزيارته وأقيم لهم ورش عمل وأوزع عليهم الأقلام وعلب الألوان ، وأوراقاً للرسم ، لكن المسؤلين للأسف لم يقدروا ذلك ، ولم يدرجوا متحفى ضمن خطط تنشيط السياحة بالمحافظة ، وبعض الأفواج السياحية تمر من أمام متحفى ولا يسمح القائمون على تنشيط السياحة لهم بالزيارة ، وألوم المسئولين عن السياحة قبل المحافظ الذى أعتبره ضيفاً على المحافظة ، فهو دائماً مشغول بعقد الاجتماعات ، وحتى الآن لم أقابله).
وتابع ` الشرق ` قائلاً : (اتخذت زمام المبادرة وذهبت لدعوة المحافظ لزيارة متحفى ، لكن مدير مكتبه أبلغنى أنه مشغول ولا يستطيع مقابلتى فصعبت على نفسى ). وعبر ` الشرق ` عن حزنه الشديد بقوله : `زعلان وحاسس إنى ظلمت نفسى حينما أقمت متحفاً لنشر الفن بالصعيد وأسعى الآن لبيعه وبيع أرضى لأهجر بلدى وأشترى متحفاً فى مكان آخر ، رغم أننى فنان معروف أجريت عن أعمالى 17 رسالة دكتوراه وماجستير وترتيبى الـ 9 من بين 150 فناناً على مستوى العالم ولى لوحتان فنيتان معروضتان فى متحف اللوفر بفرنسا ، و 4 بجوار الملكة نفرتيتى فى متحف توستى الأثرى بألمانيا ، ورغم تجاهلى فإننى نجحت فى تنشيط سياحة المنيا أكثر من الحكومة ، لأنى لا أفرض رسوم دخولى لمتحفى ، وأبيع اللوحات بأسعار زهيدة ` وأكمل ` الشرق ` قائلاً : ` عند افتتاح أى منشأة حكومية جديدة بعمل معاها الواجب بإهداء لوحة ، ومكتبة مصر العمة أهديتها 5 لوحات ، وجميع الفنادق بالمحافظة بها لوحاتى ورئيس الوزراء الأسبق عاطف عبيد اشترى منى 20 لوحة وقتها ، والوزير الأسبق للثقافة الدكتور فاروق حسنى ، والفنان جورج بهجورى ، والدكتور أحمد نوار ، والدكتور أحمد مجاهد والمحافظان السابقان حسن حميدة ومصطفى عبد القادر `. ولفت `الشرق` إلى أن مسئولى الكنائس يرسلون الأفواج التى تزورهم للمتحف . وقال إنه فى يوم عيد القيامة أهدى كنائس قريته 3 لوحات عن رحلة العائلة المقدسة بمصر ، حباً فى تراب مصر .
الوطن : 7-5-2018
حسن الشرق.. وداع فنان قادته الفطرة إلى العالمية
- أحاديث الجدة ألهمته والطبيعة لونت لوحاته
- `أنا حسن الشرق الجسد الهارب من الفراعنة، طفولتى هى سر لوحاتى، فذكريات الطفولة ألهمتنى من أحاديث جدتى والألعاب الشعبية التى اشتهر بها الصعيد، مثل السيجا والتحطيب، بالإضافة لعبقرية المكان الذى عشت فيه فكنت أسمع أنغام الربابة من شعراء يتغنون بالحب والعشق الإلهى، وأزور الموالد وأجسد حكايات السيرة الهلالية. وأستلهم منها أفكارا تنبض بالحياة والروح المصرية بكل تفاصيلها، فكانت العودة إلى تراثنا وجذورنا هى الطريق نحو العالمية`.
- ويضيف الفنان التشكيلى الفطرى: `حين أتكلم عن صناعة اللون الخاصة بى، فأنا لم آت بشىء من العدم، لكنى استعنت بريشة الخالق من الطبيعة والجبال ومن الخضرة من حولى، وقمت بعمل مادة تثبيت اللون التى لن أتكلم عنها لأنها من أسرار مهنتى الخاصة وهى السبب فى بقاء لوحاتى بألوانها الزاهية كما هى لآلاف السنين مثل أجدادى الفراعنة، وأنا فخور بأعمالى الموجودة بأكبر متاحف العالم، والتى استقيتها من الفلاحة الجميلة البسيطة، التى تقوم بتفصيل ثوب جديد لها ويفيض جزء صغير من القماش فتعمل منها عروسة أو دمية لابنتها الصغيرة، ترسم ملامح وجهها بالخيوط المطرزة، لأنها لا تعرف الألعاب أو العرائس الصينى الجاهزة فى الأسواق. هذه الدمية القماش هى بطلة أعمالى التى أسجلها فى لوحاتى`.
- بهذه الكلمات البسيطة أوجز الفنان الكبير الراحل حسن الشرق، والذى وافته المنية مساء الأربعاء الماضى، العوامل التى جعلته أحد أبرز الفنانين الفطريين ومن أهم فنانى مصر والعالم فى الفن التشكيلى، بينما تم تصنيفه فى المرتبة التاسعة عالميًا ضمن كوكبة من الرسامين، رغم أنه لم يكمل تعليمه إثر المرحلة الابتدائية.
- بدأ حسن عبد الرحمن حسن حياته الفنية بالرسم على ورق تغليف اللحم فى متجر والده الجزار، وهو الابن الأكبر لستة أشقاء،عاش طفولته فى قريته شرق النيل، وفى حضن الجبل، فكان يرسم المنازل ذات القباب والنيل والخضرة، وأصبح يصنع ألوانه بيديه مستخدما الطين والعشب وأوراق الشجر والتوابل، وباستخدام `زهرة الغسيل`، للحصول على اللون الأزرق، و`الكركم` للون الأصفر والعرق سوس، لاستخراج اللون البنى، وغيره مستخدما ألوان الطباشير تارة والأقلام الملونة تارة أخرى، أو مستعينا بفرشاة يصنعها بنفسه من جريد النخيل وينزع منها الليف ليصنع فرشاته.
- ظل هذا الرجل يعانى من التهميش لمدة 18 عاما مرت على رسم أول لوحة له، حتى اكتشفت موهبته المستشرقة الألمانية `أورسولا شيورينج` وهى رسامة ألمانية تهتم بالفنانين العرب، سمعت عنه وزارته فى منزله، لتنبهر بموهبته. وكانت سبب انطلاق أعماله للعالمية، وهو ابن المنيا الذى ركز فى لوحاته على التراث المصرى وحياة الفلاحين.
- أقام الشرق متحفه الخاص فى قريته، ليكون قِبلة لمحبى الفن فى صعيد مصر. وعن هذا الأمر، قال فى إحدى المرات: `أقمت متحفى بجهودى الذاتية على مساحة 1800 متر، يضم ثلاث قاعات للوحاتى وقاعة للمقتنيات، التى حرصت على الحصول عليها فى أثناء جولاتى الخارجية، إذ كنت أبادل لوحاتى مع لوحات فنانين تشكيليين عالميين، أعرض لوحاتهم فى متحفى، ويعرضون هم لوحاتى فى متاحفهم، ويضم المتحف نحو ألف لوحة، وهو مقصد للسياح القادمين من الخارج والمهتمين بالفن، وذلك رغم عدم إدراجه على خريطة المتاحف المصرية بشكل رسمى`.
- خلق حسن الشرق لنفسه عالما خاصا، وحرص على أن يكون سفيرا لبلده، وبالرغم من رحلاته ومعارضه التى أقامها فى بلاد العالم المختلفة وبحضور كبار الشخصيات والمسئولين، إلا أن أنه ظل حريصا على ارتداء الزى الريفى المصرى البسيط.
- وعن لوحاته التى يعتز بها، قال `الشرق` يوما: `أعتز كثيرا بلوحة مدرسة البقر التى فازت بالجائزة الأولى بمعرض أمانة الشباب عام 1972، وكذلك لوحاتى التى تجسد ليالى ألف ليلة وليلة من واقع التراث الشعبى، والسيرة الهلالية ولوحاتى التى تعكس العادات والتقاليد بالتراث الصعيدى مثل سبوع المولود، والزار، وليلة الحنة وغالبا ما تبدو الوجوه فى جميع لوحاتى تأخذ شكل القباب التى تميز مبانى الصعيد`.
- ولد حسن الشرق فى 28 مايو عام 1949 بقرية زاوية سلطان التابعة لمركز المنيا، والتى ظلت مستقرا له حتى وفاته فى 23 نوفمبر الجارى، بأزمة قلبية مفاجئة عن عمر يناهز 73 عاما. والشرق عضو بنقابة الفنانين التشكيليين المصرية، وعضو المجموعة الأوروبية للفن الحديث بمدينة `نيولابك` الألمانية.
- وكان السبب فى تلقيبه بـ`الشرق` حين حصل على المركز الأول فى مسابقة الفن التشكيلى بالشرق الأوسط، وأطلق عليه بالحفل `حسن الشرق` ليكون لقبه من حينها. دامت رحلته مع الفن أكثر من أربعة عقود، تم خلالها مناقشة 26 رسالة ماجستير ودكتوراه تمت عن لوحاته الدقيقة وصناعة ألوانه، وذلك من جانب طلبة الكليات الفنية المختلفة فى مصر والعالم.
بقلم :أمانى زهران
جريدة : الأهرام 16-11-2022
عفوية التعبير عن التراث الشعبى فى أعمال حسن الشرق
- ولد الفنان حسن الشرق فى قرية زاوية سلطان بالمنيا عام 1945 ورحل عن عالمنا عام 2022 أقام الشرق متحفه الخاص في قريته وتميزت أعماله بالفطرية التلقائية حيث أنه تناول من خلال لوحاته الأمثال واللهجات وأيضا الأزياء الشعبية فى التراث المصرى الشعبي كما أن أعماله لاقت قبولا محليا ودوليا مميز حيث جاءت الفرصة لنشر رؤيته التشكيلية صدفةً، عندما زارت محافظة المنيا المستشرقة الألمانية أورزولا شيورنج، في عام 1985 وشاهدت أعماله، فانبهرت بها ونظمت له معرضاً في القاهرة، لاقى نجاحاً كبيراً، ومن هنا بدأت رحلته إلى العالمية مع مجموعة من المعارض، كان الأول بألمانيا بمدينة شتوتجارت ثم في ميونيخ، وفي عام 1991 أقيم معرضا بفرنسا، وفي متحف اللوفر ثم في سويسرا، وفي عام 1994 بقصر برج برنبخ الشهير بألمانيا وبعدها منح مفتاح مدينة نيو لابك الألمانية عن مجموعة أعماله الفنية.
- وظف الشرق التراث الشعبى المصرى والعربى بتمكن واقتدار، مثل ذكريات الطفولة الملهمة وأحاديث الجدة، والألعاب الشعبية، التي اشتهر بها الصعيد، مثل السيجا والتحطيب، إلى جانب العادات والتقاليد التي نشأ وتربى عليها فى صعيد مصر، فضلا عن عبقرية المكان الذي عاش فيه، إذ لعب المكان دوراً كبيراً في تشكيل وجدان الفنان والمخزون الثقافي، حيث أستمع الى شعراء الربابة يغنون للحب والعشق والخيانة، وزار الموالد، فجسّد حكاياتهم فى لوحاته، واستلهم منها أفكاراً كانت له معيناً تنبض بالروح المصرية الخالصة فى بنائية أعماله الفنية ووظف الخطوط والكتابات والأشعار أحيانا على مسطح لوحاته مثل أشعار صلاح جاهين وابن عروس كنوع من توظيف الخط واللون والموتيفات الشعبية الفطرية كحكايات ألف ليله وليله والسيرة الهلالية وكذلك أشعار الراحل عبد الرحمن الأبنودي، مستوحيا منها الكثير فى أعماله، فضلاً عن الحياة اليومية للقرية المصرية بكل تفاصيلها من فلاحين وأفراح وليالي الحنة حيث جسدها ببراعة على مسطح أعماله بشكل مبسط وتلقائى لتأتى انعكاس وتأكيد مباشر لعنصر الخيال والفكر الفطرى الشعبى مؤكدا من خلال لوحاته علي دور الخيال والفكر والتقنية والحبكة الفنية مجسدا الصورة الفطرية الشعبية المصرية مبلورا أفكاره بواسطه الرؤية الذاتية التخيلية، في صورة جمالية بأسلوبه الخاص ووسائله الذاتية الفطرية حيث يتصف الفنان بخياله الخصب الذي ينتقل به من بيئة المحلية والمفعمة بالتراث الفكري والإجتماعي، والديني لينتج، أعمال فنية، تحمل في طياتها قيما أصيلة، وفلسفة جمالية مثالية تؤكد أهمية الفكرة في بناء الصورة التشكيلية الشعبية، إلي جانب أهمية وأثر الخيال فى لوحات الفنان التى تعكس التميز الموضوعي والبنائي، ودور الصياغة الفنية وتحديد الأسلوب الجمالي والفني فى لوحاته الشعبية، لتعكس تصور فني وإدراك حسي يمثل أهمية كبيرة وركيزة أساسية لبناء أعماله التشكيلية الشعبية مستعينا بالتعبيرات الفنية وصدق التعبير وقوته ليصنع لنفسه إضافة إنسانية فنية مميزة فى مجال الفن التشكيلي الشعبي، قوى في بنائه وتعبيره التشكيلي ،ليساهم ذلك بشكل مباشر في بناء تشكيلي شعبي قوي يتسم بصدق التعبير، من خلال بناء فني تتحول معه الخطوط والألوان المكونة للشكل إلي خطوط وألوان تتناغم لتعبر القيمة الفطرية الشعبية، لتعبر عن الغاية دون إغفال للوظيفة، أو الغرض من هذا العمل الفني، وتتحول الكلمة المكتوبة، إلي تكوين زخرفي في دلالة هندسية وتناسقية تجريديه، تعبير عن التراث الشعبي المرئي وغير المرئي علي نحو يؤكد معني التواصل بين مضمون التراث المصرى وإدراك المشاهد لأبجدياته من خلال إثارة الإعجاب والمتعة النفسية عند مطالعه لوحاته لنرى عمل فني شعبي تشكيلي فطرى يعكس القيمة الكلية والتنظيم الخاص للبناء التشكيلي.
- أكدا حسن الشرق من خلال لوحاته أن الشكل في الفن الشعبي، وحدة واحدة، تتضمن كل النواحي المتعددة كالخيال والوظيفة والتعبير الفني والفكرة والخيال بالإضافة إلي صياغة الشكل الجمالي محيلا كل تصوراته وانطباعاته ووجهات نظرة الى لغة تشكيلية لها مضامينها الخاصة والتى رشحته للمشاركه فى بينالي التلقائيين بتشيكوسلوفاكيا وكذلك مشاركاته فى معرض أتيليه جدة للفنون الجميلة بالملكة العربية السعودية .
-جاءت أعماله المعروضة مؤكده على الإيقاع العام في الأشكال الفنية والإيقاع التشكيلي الشعبي حيث أضفي واقعة علي المناخ التشكيلي الشعبي في مظهر شاعري جذاب وممتع، من خلال التعبير العبقري، الذي تظهر بصماته بواسطة الفكرة والمفردات التي يستخدمها الفنان لتحقق نوعا من الاتجاه الفريد للإيقاع في لوحاته الى جانب التكتل والتوزيع كقيمة جمالية يضعها الفنان موضع الاعتبار والتحقيق في موضوعات لوحاته، والتي توثق علاقة الجزء بالجزء والجزء بالكل وكذلك تعالج الوحدات التي يتعامل معها الفنان بوعي هذا الترابط الذي يهيئ البصر والحس، والإدراك والملمس والذوق والشعور لدى المتلقى ليشعر بمجرد رؤية أعماله بإحساس بالتكتل والوحدة والتنوع فى الصياغات والموتيفات لتصيغ الدلالات التكوينية والرمزية فى التصميم الشعبي التشكيلى والوحدة الشاملة التي تشير إليها أعمال حسن الشرق وما تصبوا الية لوحاته في سياق النظام التشكيلي الشعبي الذى تهيمن عليه العمليات الإبداعية المتنوعة بحيوية معبرة وموحية تعكسها أعماله بصدق .
- كذلك اتسمت اعمال الشرق بالبساطة وعدم التعقيد حيث لجأ إلي المعالجات التشكيلية البسيطة لعناصره وموتيفاته الشعبية موضحاً قيمتها الفنية ومؤكداً علي النظرة العميقة للبيئة المحيطة ومستعينا بالأسلوب الزخرفي القائم علي طبيعة الإيجاز والتلخيص الشكلي الدال علي العنصر المصاغ بحيوية ودقة في الأداء الزخرفي مع التحطيم والتخلي عن النسب حيث يتضح فيها الخروج علي النسب الشكلية للعناصر المتعارف عليها الى جانب الخطوط المحددة مستخدما الخط في صياغاته التصميمية للتحديد دون الخوض في التفاصيل الداخلية للعنصر المصاغ ودون ان يعبر عن الملامح الحرفية أو السطحية للعناصر المصاغة متخطيا ذلك ليعبر عن روح العنصر المصاغ وفق معتقداته وعاداته، فهو يجنح للنظرة الشمولية للموتيفات والصياغة ودون تحديد ملامح دقيقه محدثنا التركيب الخاص بالعمل ومفعلا التنوع والثراء فى بنية العناصر المصاغة ما بين صياغات وموتيفات ادمية وحيوانية ونباتية وهندسية وخطوط وكتابات عولجت بأسلوب فطرى يتسم بالتلقائية والبساطة الشديدة ومجسدا بشمولية التراث المصرى والعربى الشعبى الفطرى .
د / أمجد عبد السلام عيد
مجلة الثقافة الجديدة ابريل 2023
|