عماد رزق.. يراقص `التنورة` ويتغنى بدفء المرأة
معرضه بالأوبرا يحلق فى فضاءات فلسفية وشعبية
في أحدث معارضه يتعامل الفنان عماد رزق مع مفرداته بإحساسه الذي يطغى على أعماله، من خلال لمساته القوية وألوانه الصداحة، والتى بتأثيراتها تتشكل ملامح مفرداته، وتكوّن بتجاورها لغة بصرية خاصة لا تخطئها العين رغم تنوع مفرداته وأفكاره وموضوعاته وكذلك مسطحات أعماله.
عماد رزق أستاذ التصوير بكلية الفنون الجميلة بالزمالك ونموذج للمصور البارع أقام أحدث معارضه الفنية بقاعة صلاح طاهر فى دار الأوبرا المصرية، وقدم فيه تنويعات تتواصل بها تجربته الإبداعية لموضوعات تغوص فى الواقع المصرى بمفرداته التراثية والشعبية، وأخرى تحمل أبعادا ومضامين فلسفية.
جاءت الموضوعات الشعبية من خلال الواقع المعاش، حيث يصول الفنان ويجول بين أزقة وحارات الشارع المصرى الزاخر بمفردات التشكيل، ويحدد بذكاء زواياه التى يبنى عليها موضوعه لتؤكده لمساته المعهودة القوية الواثقة، التى تضفى على العمل الدينامية والحركة الصاخبة التى تضج بها هذه الأماكن العريقة فى تنوع أسواقها وبيوتها ومساجدها وناسها من خلال حركتهم الدائبة فى الغدو والرواح بملامحهم المتميزة وأزيائهم الدالة على المكان .. تشعر بأنفاسهم تتخلل جنبات العمل مؤكدا على العلاقات التى تربط الناس بعضهم البعض، بأواصر الحب وتمسكهم بعاداتهم وتقاليدهم التى يسجلها العمل وكادت تندثر من مجتمعنا مع طغيان وسائل التكنولوجيا الحديثة .
مفردات توثق لها الأعمال كجانب مهم فى العمل الفنى الإبداعى، لننتقل من الأماكن الشعبية التى تناولها الفنان عماد رزق متنوعا فى اختيار زواياها وتكويناتها، إلى `حالة` أخرى فى المجموعة الثانية والتى تمثل جانبا آخر من جوانب التراث الشعبى المصرى، ألا وهى رقصة `التنورة` والتى راقت له كموضوع أثيرى، يعتمد على الحركة المتوالدة من دوران الراقص الذى اختاره بمفرده تارة، وتارة أخرى مشاركا مجموعة متعددة من الراقصين، تحكمها تكوينات متنوعة استطاع الفنان أن يصل الى جوهرها ليدهش المتلقى، ويعايش تلك الحالة فى مناخ الدراويش مسترجعا الجذور التاريخية للرقصة التى تعود إلى `المولوية` والتكايا التركية و`مولانا` جلال الدين الرومى، وكذلك فلسفتها الصوفية وارتباطها بحركة الدوران فى الكون والطواف حول الكعبة . `الزركشات` والألوان التى تزين التنورة والأقمشة التى تمثل أعلام كل الطرق الصوفية المصرية، جذبت فناننا ليتغنى باللون والضوء اللذين يمثلان ساحته الإبداعية، التى ينتقى فيها موضوعات يحقق من خلالها مشروعه الفنى المتواصل والممتد، ويطل منها على المتلقين فى ساحات العرض.
مجموعته الثالثة تمثل الجانب الفلسفى فى علاقة الرجل بالمرأة التى بنيت عليها الحياة وعمارة الكون، تعامل معها الفنان من الجانب التشكيلى لتحمل الدفء والعاطفة الجياشة تجمعهما حالات متنوعة بين حنين اللقاء والرغبة والشوق وساعات الصفاء والمراقصة، وقد أثرى هذه التجربة أو طوعها - بمعنى أدق - لأدواته التى تعتمد على اللون والضوء - كما ذكرت - وتتأكد فى هذه المجموعة قدرة الفنان عماد رزق على التعامل مع عنصرين فقط فى تجربة متكاملة لعبت فيها الفكرة الفلسفية دورا أساسيا، تماهت معها العديد من الحسابات المرتبطة بتفاصيل الشكل لينتصر المضمون وتعلو الفكرة .
د. محمد الناصر
نصف الدنيا 13-5-2016