- صديقنا ( رخا ) فهو صاحب الريشة التى هزت وجدان الملايين من قراء الصحافة العربية طوال خمسين عاماً وأكثر .. فلقد استطاع أن ينفرد بطابعه الشخصى الرشيق الخفيف الظل ، الجذاب رغم قوته وصرامته ، وأن يطل علينا من خلال خطوطه الواثقة الفصيحة التى تعرف طريقها دون تردد أو تلعثم أو لجلجة ، وأن يشدنا إليه بأسلوبه المصرى المذاق البلدى النكهة الذى هو صنو خشونة صوت ` الريحانى ` وعمق أنغام ` سيد درويش ` وصدق نبرات ` بيرم التونسى ` . فقد عاصر هؤلاء الأقطاب جميعاً وعايشهم وواكبت خطوطه خطوات إبداعهم .. وكان يمثل فى موقعه أحد أركان التعبير الجماهيرى الخطير فى ذلك الوقت . يترجم خواطر الناس ويعبر عن آرائهم بواقعية جريئة مباشرة وصريحة .. وكم أوقعته هذه الصراحة فى متاعب لا حصر لها ، فقد شاء القدر لفن الكاريكاتير أن يكون لسان حال الشعوب مثل النكتة اللاذعة .. وأن يكون صمام الأمان الذى تنفس من خلاله عن خواطرها المكبوتة .. ولذلك لا ينجو مبدعه دائما من بطش الحاكم إذا ما أصابه رذاذ إشاراته . فصاحب الريشة ذات الرأى مثل الجندى على خط المواجهة هو الذى يستقبل بصدره الرصاصة الأولى .. ورغم ذلك ظل ` رخا ` صامدا فى موقعه يقول كلمته من خلال شخصياته الشعبية التى ابتدعها من صميم البيئة . فالسبع أفندى ورفيعة هانم وبنت البلد وحمار أفندى أصبحوا بالنسبة للجمهور شخصيات حقيقية حية شديدة الحساسية وأقوى حواسها جميعا . حاسة الشم السياسية والاجتماعية .
- والذين يعرفون ` رخا ` محدثاً يلمسون فى نبراته ذلك السحر الأخاذ فهو لا يتحدث بلسانه وحده .. بل بكيانه كله ، يسلط عليك جميع أسلحته فلا تجد مفراً من الاستسلام .. تحبه حتى فى أشد حالات غضبه وعنفه ، ذلك لأنه عنيف طيب شفاف نقى ناصع البياض مثل الحق . جاد وقاطع مثل العدالة .. إن اعتراف الدولة بفن ` رخا ` اعتراف ببطولته فى ميدان الرأى الحر ، واعتراف برياديته الفنية كأستاذ لجيله ولكل الأجيال من بعده .
بقلم : حسين بيكار
من كتاب أفاق الفن التشكيلى