جمال جاد مليكه
- فنان مصرى شاب درس بأكاديمية الفنون الجميلة تنحو أعماله نحو السريالية التى تعرض لنا خيالات غير مرئية على لوحات حديثة البناء قوية فى التعبير المنظورى تتردد من خلالها اصداء الجحيم والعالم الآخر عند دانتى، الى شاعرية أمسيات الشتاء الرقيقة الباردة التى تعكس الوجه المضاد للذة الحياة تنبع أفكارها من خلال تزاوج بين صوت الحضارات القديمة والكوابيس الذهنية التى يترجمها لنا مليكة بجهد من يحاول ان يوصل شيئا غريبا يعبر عن مجالات الفن المقرؤ .. مليكة يقدم لنا أفكاره من خلال رموز قوية وبأشكال فضائية شرسة تجعل المشاهد يعيش دراما قد يكون هو نفسه واحدا من أبطالها .
- ان أعمال مليكة تحمل تحديا شجاعا لحاجز الامن ولذة الحياة لدى كل منا وهدفا كبيرا لكل ما يدور بداخل كل منا من خيال شخص فريد .. بحيث يلتقى المشاهد داخل مربع سريالى تحيطه مومياوات غامضة .. وكأنهم جمعيا ممثلون داخل مسرح الحياة .
مترجمة عن ماريو مونتى فاردى ناقد فنى
نهاية العالم
-هى قضية فكرية تكاد تكون معارضة للذة الحياة وهى أحاسيس تتابع أفكارنا من خلال كابوس نعيش فيه وهذا هو مجهود كبير يبذله كل انسان فى التوصل لشىء غريب غامض يساعده فى السيطرة على المجهول وهو داخل حلم حقيقى هو الحياة .
جمال جاد مليكة
- نشأ الفنان على ضفاف النيل فى صعيد مصر، هذا النيل الذى يحمل اسرار هذه الحضارة الممتدة امتداد التاريخ وقد تأثر الفنان بهذه النشأة من خلال حس دافىء تنبض به الاعمال وعفوية مصرية أكدتها ضربات فرشاته وترابيات ألوانه الشقية التى تشع منها حرارة التعبير وقوة التأثير .
- بدايته كانت من خلال مركز القاهرة للموهوبين الذى أنشاته وزارة الثقافة وهو فى العاشرة من عمره تتلميذ على يد فنانين مرموقين غالب خاطر، وحامد ندا، وراغب عياد مما أهلة ليحصل على جائزة موسكو الدولية وهو فى هذا السن .
وقد احتل الفنان مكان مرموق فى اوروبا قبل القاهرة وفى ايطاليا على وجه الخصوص والتى اقام بها منذ السبعينات حاملا تراثة وفكرة وحضارته فختزنه فى عقله وقلبه .
محمد الناصر
أبو الهول .. الوعى اليقظ رغم غبار مرور الزمن
- فى الافتتاح حالة من المراوغة البصرية ليبدو كحفرية تعنى بطوبوغرافية مكان معين يشغله `أبو الهول` ذاته كجسد مطلق فى الزمن.. أو كأنه مومياء فى لفائف مهترئة بلون الشيخوخة رغم براقة الألوان فى معظمها . - المعرض كله `أبو الهول` العظيم المكانة كأسطورة فى المكان دقة تناول الفنان رمزياً وتأثيرياً فى معالجة حيوية بعجائنه اللونية وسكينة اللون الكاشطة لفكرة الزمان والمكان ليبدو مخادعا للبصر كاهتداء للسطح بفعل مرور الزمن إلا أن الفنان يحافظ على بنائية الكيان النفسى راسخاً نابضاً من بين ركام اللون ولطخاته وسخونة الأنفاس التى رسمها لبشر متناثرين حوله كتناثر اللون .. إنه يقدم ` أبو الهول ` فى معادل الزمن وجوده.. هذه الرؤية لمرور الزمن عبر نفس المكان الذى لم يغادره لآلاف السنين يحاول فيه الفنان لا أن يصور عظمة أبو الهول ولا إعجازه بل يمثله معادلاً للزمن ولد فكان كوثيقة تمثل تهشيراتها وسحجاتها لغة مرور الزمان فوق الجسد المكان . - هذه اللغة هى ما نراه ملامساً فى اللوحات يتمثل بها لفكرة شغلت اينشتاين حول تشابك ` الزمان والمكان ` بل إن مسار الزمن يبدو منحنياً فى تشابكه والمكان . - وليقدم مليكة منحنيات لولبية كمظهر لأجساد بشرية تتناثر إلى جوار التمثال الحفرية.. وقد رسم مليكة شخوصه على هيئة لولبيات خطية ملتقية حول ذاتها فى انحناءات خطية متداخلة ومتقاطعة فى تشابك أرضى هوائى وكأن هذه الشخوص مفرغة وأن خطوطها تلتف حول فراغ كان يشغله قبلاً جسد إنسان مما أحدث بصرياً تداعيات وتنغيمات فى التكنيك والمعالجة بين مادية جسد ` أبو الهول` وهوائية أجساد البشر.. وأيضا هى اطروحة لآثار مرور الزمن عبر كلاهما فى بانوراما هائلة القوة والطاقة يجيدها جمال مليكة فى تعامله ومعاجينة اللونية والخطية التى لا تجعلنا نرى لوحات `أبو الهول ` دفعة واحدة بل ننهج منهج التتالى الزمنى بما يستلزم تتالياً بصرياً لعناصر الفراغ المضغوط الذى يقود العين إلى التنقل خلال هذا التتالى من عنصر فراغى لآخر . - وأيضاً فى اتجاهنا للإحاطة بسطح اللوحة نجدها فى مواجهة عمق غير منظور لكنه محسوس .. ورغم أننا لا ندرك `أبو الهول` من فرط غموض وجوده إلا أننا ندركه من فرط امتلائه بإرادة الوجود ..تلك الإرادة التى تخصنا جميعاً نحن المنتشرين حوله كنقاط انعطاف روحى .. كأننا كائنات حية تربطنا به علاقة ` ايكولوجية ` نتسلق كما فى اللوحات بنيائه وكتلته .. لذا كان بإمكان جمال مليكة أن يدرك مكانه من تمثاله حتى وهو فى ميلانو يرسمه حفرية حجرية بشرية . - وتجذبنى فى لوحات ` أبو الهول ` تلك الحيوية النابضة بتلك الشخوص المنثورة حوله أو المتسلقة أو الكائنات فى عمق صدره أجساداً خاوية إلا من خطوط خارجية تشكل الفراغ وتجعل له حوافا كحواف الصورة الهيلوجرامية المجوفة فى الفراغ فى تماس علاقتهما الديناميكية مع تعدد ملامس سطح جسد ` أبو الهول ` وإيحاء حركتها اللحظية حتى نكاد لا ندركهم موجودين من لحظة لأخرى أو أنهم يخترقون السطح بلا ماديتهم فى حركة تدفق روحى مستمر من خارج إلى الداخل التمثال والعكس كأداة وصل بين الوعى اليقظ والعالم الخارجى .. وهذا العنصر قد يتعارض والطبيعة كصورة لكنه يمثل تاريخ هذه الصورة . - وهذه الشخوص الهيلوجرامية لا تقل أهمية وجودها البصرى عن وجود ` أبو الهول ` وأراها تعمل فى فراغ حر الحركة تنسل من ` أبو الهول ` آثاراً ماضية كى تتبع به ملامح مستقبلة كمجرى زمنى يتسلق وكيفية تعامل الفنان مع سطح اللون ملمساً رمزياً بتقسيماته وسحجاته كشئ قابل للانشطار والاهتراء عبر مساحات واسعة فى اللوحة نستشعرها توتراً لونياً كتوتر متنبه .. كفكرة بين اليقظة والإغفال .. كأشياء منفصلة قائمة بذاتها تعمل داخل منظومة تواجد كونى لندرك بها الإيقاع الكونى الذى لا يمكن شرحه لأنه كالاتجاه .. والزمان ..والإيقاع ..والمصير ..والحنين . - إن مشهد لوحات معرض ` أبو الهول ` يمثل كل شئ فيها التاريخ الذى ينبثق فجأة محملا بكل ألوان الغبار الزمنى أو ربما الغبار الكونى . - لقد جعل جمال مليكة التلاقى بين ` أبو الهول ` والبشر تلاقى امتداد استطرادى فى تاريخ العالم كقصة استطرادية تحمل كامل مفرداتها البصرية والرمزية وطاقة الاستمرار والوجود .. لكنه جعلها ` لأنه يقدم عملاً فنياً ` فى مقاطع مراوغة بين التعافى والشيخوخة ..بين الإفصاح والغموض .. كتلك المراوغة النفسية لتواجد ` أبو الهول ` اللا بشرى واللاحيوانى .. وكتلك الخطوط المحيطة لشخوصه المجوفة .. تحدد وجودهم وأيضاً تسجنهم .
فاطمة على
جريدة القاهرة -2009
مصرى وفرنسى فى جاليرى بلندن - لوحات مليكة وتماثيل رودان حالة فنية خاصة - من انجلت
- فى افتتاح كبير حضره نقاد من لندن وفرنسا ورعاة فن من أمريكا . شهد الجاليرى عرضا فريدا يمزج تماثيل المثال العالمى رودان لأعماله من القرن 19 ولوحات الفنان المصرى الكبير جمال مليكة الذى حضره من ميلانو حيث اقامته .. وليبث أكثر من موقع على شبكة الأنترنت أخبار افتتاح المعرض . - المعرض قال عنه القائمون عليه فى بيانهم الصحفى للنقاد ومحبى الفن أن الجاليرى يسعده أن يقدم الفنان المصرى الشهير جمال مليكه فى لوحاته التصويرية فى مصر التى تعد واحدة من مصادر الألهام الرئيسى للفن فى عمل لوحات فريدة من نوعها فى أشكال جديدة ورؤى مستقبلية للنحت .. والفنان محافظ على موقف مستقل فى المقارنة مع كل الحركات الفنية وقد نجح فى ذلك وبرؤيته الشخصية وواقعة أن يخلق تقنيته التعبيرية الخاصة به التى ولدت بعد سنوات من الممارسة والبحث. وأضافوا فى بيانهم الصحفى أن مليكه درس الفن فى ميلانو - المدينة العظيمة للحداثة - واستكشف مختلف التقنيات الجديدة ليطور أسلوبه الخاص وتابع بدأب وحرص على تعميق وتوطيد منهجه الفنى .. وخلال سنوات الدراسة والبحث قام بالكثير من النشاط الإبداعى وأن هذا المعرض تدشين مهنى للفنان ووضعه على خريطة المشهد الفنى الدولى .. وتعزيز التبادل الثقافى والأيديولوجى العميق من خلال هذه المعرض فى هاى هيل . - المعرض الكبير الذى ينتهى فى الأول من مايو حضره عدد من النقاد ومقتنى اللوحات وتجاره وعدد من المصريين المقيمين .
فاطمة على
مجلة أخبار النجوم - 2010
ذاكرة مصر فى متحف للخزف والصينى
- (الرجوع للذاكرة) هو عنوان المعرض المقام حاليا بمتحف الخزف والصينى لواحد من أهم أعلام الفن التشكيلى فى الوطن العربى هو جمال مليكه، الذى نجد فى كل لوحاته تعبيرات وأشكالا مختلفة تملئها لحظات السعادة والحركة السريعة وتفاصيل الحياة اليومية وأخرى تعبر عن الشجن والألم. وبصفة عامة تعبر عن صانعها..فالفن التشكيلى له إحساس كبير بالوطنية، وعشق الفن يجعل الفنان دائماً يتذكر ما مضى من حياته، والفن التشكيلى يعيش ليوضح ما مضى من ذكرياته بكل ما فيها ويترجم من خلالها مجموعة من الرسومات التى تعبر عن انطباعات مختلفة لمراحل عديدة فى حياة أى فنان .`
- هذا ما أوضحه لنا الفنان التشكيلى المصرى جمال مليكه الذى افتتح معرضه الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة واشاد بإبداعه قائلا إنه فنان يعتمد على التغير والتطوير من نفسه واستطاع أن يسير عكس التيار بالإضافة إلى أنه يعتمد دائما على الحركة فى كل لوحاته ويشجعه على ذلك احساسه بالوطنية الشديدة لبلده مصر وانتمائه لها. وأضاف : أن أعمال الفنان جمال مليكه تتسم بالتجريب فى الخامة فهو فنان لا يتوقف عن البحث المستمر عن الوسائل التى يستطيع من خلالها تقديم أفكاره واحاسيسه الفنية .
بداية حياة
-فى متحف الخزف والصينى بالزمالك وبحضور فاروق حسنى وزير الثقافة التقينا به لنتعرف منه على تجربته ورحلته الشاقة من القاهرة إلى مدينة ميلانو الإيطالية وذكرياته فى بلده الأم القاهرة وكيف انتقل لمدينة ميلانو مباشرة ! خاصة أنه لم يمر بمحطات اخرى فى حياته الفنية .
- يقول جمال مليكه : أنا شاب مصرى أحمل الجنسية الإيطالية ولدت فى محافظة المنيا ثم انتقلت مع أسرتى للإقامة فى أشهر احياء القاهرة الشعبية وهو حى بولاق أبو العلا. من مواليد 1954عشقت الفن والتصوير فى المرحلة الابتدائية وكنت متابعا جيداً لكل المسابقات التى يتم الإعلان عنها. وفى احدى المسابقات تم إختيارى كى اشارك فى مسابقة أو منتدى الموهوبين الصغار وكنت وقتها فى السابعة من عمرى وكان يشرف على هذا المنتدى حامد ندا وراغب عياد، وأدركت بعدها انهما كانا من أهم الشخصيات البارزة والإعلامية الناجحة . وبعد الانتهاء من المنتدى تم تكريمى من وزير الثقافة وحصلت على شهادة تقدير عن جدارة واستحقاق بعدها سافرت إلى إيطاليا وأنا فى التاسعة عشرة من عمرى بهدف استكمال دراسة الفن وحصلت على درجة الدكتوراه فى رسم المشاهد المسرحية ودبلومة فى فن التصوير .
سفر بالمصادفة
- ويضيف : كانت كل آمالى مثل اى شاب وحلمى الوحيد هو الالتحاق بإحدى كليات الفنون الجميلة بالقاهرة.. ولم أدرك أن حياتى سوف تتحول وستصبح مختلفة ولم أخطط أبدا للعيش بعيدا عن مصر اعتقد أن المصادفة لعبت دوراً كبيراً فى حياتى وهى التى جعلتنى اقيم بين مصر وايطاليا، ولم أتوقع أيضا السفر بعيداً فالقصة بدأت عندما كنت ابحث عن فرصة سفر للخارج للعمل فى أى دولة خارج مصر وذهبت مع اصدقائى للمركز الثقافى الإيطالى وبالصدفة وجدت هناك إعلاناً عن منحة مقدمة من وزارة الثقافة الإيطالية لدراسة الفن فتقدمت لها وقامت وقتها اللجنة المختصة بعمل اختبار للمتقدمين من عشرات الشباب وبعدها فوجئت بفوزى بالمنحة ومعى خمسة آخرين من المتقدمين .
- كان الأمر مفاجأة لى وللأسرة فى نفس الوقت فأنا لم أكن أتوقع الفوز وكانت كل أحلامى السفر للعمل والعودة مرة أخرى .
أول معرض
- ويقول مليكة عن اللوحات : إن أغلبها تم عرضها ضمن أكبر معارض الفنون التشكيلية فى انجلترا فبعض هذه الأعمال كانت معروضة ضمن أكبر معارض الفنانين الفرنسيين وقمت بنقلها هنا حتى تصبح ضمن المعرض الحالى خاصة أن كل هذه الأعمال لها علاقة كبيرة بالماضى الذى يحتل كل ذاكرتى وهذا واضح فى لوحاتى .. وهناك لوحات تتكلم عن الإنسان ومراحل حياته المختلفة وعلاقته العائلية والاجتماعية وكذلك الأصدقاء قمت بترجمتها فى حركة سريعة خاصة أننى دائما كنت أتذكر الماضى وحياتى بمصر وأعتقد أن الرجوع للذاكرة ساعد فى هذا الفن بصورة حدثة وسريعة خاصة اننى عشت بميلانو ما يقرب من 35 سنة ولكن ذكرياتى بمصر كانت دائما تساعدنى على النجاح ومن الطبيعى أن يكون أسلوب الرسم به الحركة السريعة .
- ويضيف: كان أول معرض لى بالقاهرة فى بداية الثمانينات وضم عددا كبيرا من أعمالى تم عرضها فى قاعات مجمع الفنون بالقاهرة وتم عرض اللوحات بعد زيارة العالم الأثرى الكبير ومكتشف مراكب الشمس كمال الملاخ لإيطاليا الذى تعرف وقتها على تجربتى وأعجب بها وقدم لى التسهيلات من أجل عرض أعمالى بالقاهرة، وأضاف قائلا: إن الفنان لابد له مواكبة التطوير خاصة أن الطبيعة والتقنية الحديثة أعطتنا الكثير ولابد لنا أن نبحر ونبحث فى كل هذه المجالات التى تحيط بنا للبحث عن الجديد للإحساس بمذاق مختلف ويمكن استخدام كل خامة لتساعدنا بمقوماتها وإمكاناتها للنهوض بالإحساس الفنى وأنا بطبيعتى تعودت ألا أقف أمام نفسى فى خامة واحدة، فأنا دائم البحث والتجريب عن الخامات الجديدة الأنسب التى أستطيع العمل بها حتى يظهر العمل فى النهاية فى قمة جمالة أكون عند حسن ظن المهتمين بالفن .
شهادات مليكة
- حصلت على العديد من الشهادات التى أهلتنى لأكون واحداً من أهم فنانى العالم وصاحب شهرة عالية فى ايطاليا وبالفعل وبعد سفرى التحقت بأكاديمية الفنون الجميلة والتى حصلت منها على درجة الدكتوراه فى فن الرسم، ثم حصلت على درجة الدكتوراه فن رسم المشاهد المسرحية والتليفزيونية من نفس الأكاديمية وبالصدفة ايضا كنت أول من بادر بإدخال فن رسم المشاهد إلى إيطاليا للمسرح الغنائى ومن خلال `الميديا ست ` قمت من خلاله بإعداد الكثير من البرامج التليفزيونية التى تبرز الفكرة وهو بث تليفزيونى مملوك لرئيس الوزراء الإيطالى بيرلسكونى .
- والجدير بالذكر أن مليكة لديه معرض دائم فى قلب مدينة ميلانو الإيطالية يعرض من خلاله كل أعماله الفنية، ويعتبر هذا المعرض شهادة تقدير لفنان مصرى خاصة أن المعرض دائما محط أنظار الكثير من الفنانين والمبدعين من كافة أنحاء العالم. فهو فنان مصرى حقق لنفسه مكانة عالية ومرموقة بفضل القدرات التى أهلته ليكون ضمن الأسماء الموجودة فى الألبوم الذهبى الذى يضم الفنانين من كافة أنحاء إيطاليا إنه حريص دائما على إقامة العروض الخاصة بأعماله من وقت لآخر داخل بلده لأنه يريد ألا ينقطع التواصل بينه وبين أهله.
- وأكد أن مصر تهتم بالفن ولكنه وجد نوعاً آخر من التقدير للفن والاهتمام فكل الفئات تهتم بالفن فى إيطاليا لما له من أهمية كبيرة لدى الإيطاليين وكأنه البحث عن `لقمة العيش فى مصر` وهو ضرورة من ضرورات الحياة اليومية هناك فمن النادر أن تجد فى ايطاليا بيتا واحدا يخلو من الأعمال الفنية خاصة اللوحات أو الأعمال النحتية أو غيرهما من الفنون الأخرى التى تعبر عن حياتهما وتاريخها.
فاتن غلاب
2010/11/14 - مجلة أكتوبر
في معرض جمال مليكة..الزمن الشخصية الرئيسية في لوحاته
- حتي آخر يوم من العام 2011 يستمر معرض الفنان الكبير جمال مليكة المُقام حالياً في جاليري سفر خان بالزمالك.. والتي جاءت لوحاته بعد عرضها في لندن في جاليري `هاي هيل`مع ثلاثين من أعمال النحات العالمي ` اوجست رودان`.
- المعرض يضم مجالي رؤية.. مجال يقدم معالجة لأبي الهول بثقل سحري لزمن ثقيل غير متحرك وإن كان ممتداً أو راقداً في مكانه.. وهذا لن أتكلم عنه.. والمجال الآخر يقدم معالجة من خلال حوالي اربع عشرة لوحة يبدو فيها الزمن هو الشخصية الرئيسية.. وهذا ما أتكلم عنه كجانب من عدة جوانب يمكن من خلالها التسلق إلي عالم مليكة.فالفنان مليكة يجعل الزمن هو الشخصية الرئيسية ..
- وبشخوصه ذاتها يصبح الزمن شيئاً ذاتياً محضاً.. لذا يعد الزمن ركيزة العمل في لوحاته ولا ىُخضعه لقانون عضوي أو ميكانيكي.. فالعودة الي الماضي وتجاهل العالم الخارجي وانعدام النظام المنطقي يعتبر هذا كله من السمات البارزة التي تميز البناء المعماري للوحات مليكة.. ورغم هذه البنائية الا ان لا شخوصه ولا أهراماته في تداخلهما المُربك ولا في تقابلهما يخبرانا بمجري الواقع بقدر ما تُوحيا الينا بصدي هذا الواقع. ومعالجات مليكة لشخوصه تتمثل علي هيئة شرائطية في حركة دائرية باتجاه اقواسها العنيفة كأنه تقطيع في بنية الزمن الحية لتجعل من الوجود مجرد ذكريات تنهمر في شكل مونولوج داخلي دافق يخلف فراغاً داخلياً ذي مظهر خارجي من شدة الانهمار.. وليبدو الزمن في رمزيته بأهراماته وبتداخلها مع الوجود الإنساني في اللوحاته كقوة غامضة مُؤثرة تحكم الأشياء وتتحكم فيها. ولجمال مليكة لوحات يبدو لنا حاضرها بشخوصها كأنه حاضر مليء بالثقوب تنفذ من خلاله هبوات الماضي ورموزه الذي لا يتخذ صفة التسلسل إنما مُجرد نمط من الخطوط الشرائطية والتهشيرات اللونية الانفعالية الحادة نائبة عن الأحداث الصاخبة والحركة العنيفة التي تدور وتلتف في دفقات متلاحقة من الصور والأحداث كأنها أشباح أو أوهام حياه بشرية.. فهل أراد مليكة تحطيم الزمن في وحدات شرائطية متقطعة في لوحاته لتتماثل نقلات الرؤية الذهنية شديدة الاندفاع وسمة تيار الوعي المُتقافز في اقل من اقل من اللحظة في الزمان والمكان والحدث مهما بعُد.. وقد فعل مثله بالزمن من قبل ادباء كثيرون من كُتاب رواية تيار الوعي مثل `ويليام فوكنر` و`جيمس جويس` و`فرجينيا وولف` و`مارسيل بروست ` وهؤلاء جميعاً حاولوا تحطيم الزمن فسلخه بعضهم من ماضيه ومستقبله وسلخه البعض من حاضره وجاء` ويليام فوكنر` واطاح برقبته وتبعه في ذلك `مارسيل بروست`. وكما في اللوحات نري شخوص مليكة لا تعيش علي حالة زمنية واحدة.. فشخوصه متمردة حتي علي زمانها ولا يمكن تجميدها وتحديدها بأنها كإنسان تعني فقط `كمية ما لديه` فطبيعة الوعي تُملي عليها التغيير والتجديد.. وأيضاً الرؤية الباطنية للأشياء تجعل الفنان يحول اهتمامه من الخارج الي الداخل فأصبح لا يرينا في شخوصه ما هو منظور بل يجعل ما لا نراه يبدو منظوراً. وقد نُدرك تقابلا مُتناقضا للزمن في لوحات مليكة التي تضم شخوصا واهرامات فوق مسطح واحد.. فمثلما تتحرك شخوصه مندفعة للأمام نحو المستقبل هي أيضاً تقترب من شيخوختها.. وعلي نفس المُسطح نُدرك شيخوخة الماضي في رمزية مباشرة لأهراماته التي أمست تاريخاً.. فرغم اتجاه الزمن او الحركة المختلف الي الأمام والي الخلف إلا أن كلا الاتجاهين يقود للشيخوخة..فما الذي ىُقيم العلاقات المُتضادة بين اختيارات مليكة ؟ وهل تقام علاقة عميقة بين الفراغ والموت والزمن والحياة ؟ اعتقد ان لوحات مليكة ترتبط وثيق الارتباط بجوهر العمق وىُنظر اليها بالإضافة الي الطول والعرض الي بعديها الثالث والرابع ليتحقق العمق الذي فيه ينشط الوعي اليقظ.. وهذا العمق اليقظ يتحقق ايضاً بذلك السرد البصري المُفاجئ الحركة من الحاضر الي الماضي ومن الماضي الي ما قبله أو من الحدث الجاري الي الحدث المُتذكر تماماً كروايات تيار الوعي..لكن رغم الحيوية الشديدة الحركة والانفعالية إلا أنه لا شئ في لوحات مليكة يمكن ان يعطي نوعا من الحسم او النهائية للقرار بل هي كتيار مائي سابق ولاحق.. وفي بعض لوحاته يبدو تيار دوامات خطوطه وتقاطعاتها المُهشرة كأن الهواء داخلها وحولها منهك القُوي لطول ماحمل من اصوات عبرت الزمن.. أو كأنما بدلاً من ان تنتهي الي الصمت ازدادت ضوضائيته. أخيراً اجد اعمال مليكة « ليست هذه فقط في سفرخان» أجدها كأنها مُنتمية للنفس الأولية للحضارة الفاوستية.. هذه النفس التي اعتمدت المنهاج التحليلي الفراغي اللانهائي التي تقصد أبعاد الطول والعرض والعمق ولا تُقيد نفسها بالحاضر والمكان وإنما ترتبط بالزمان والفراغ حتي تماثيله نراها مُفرغة تُقيم نفسها علي صراعها التبادلي بين السالب والموجب.
فاطمة على
القاهرة : 13 - 12 - 2011
مليكة فى ملتقى فى لندن برعاية سوثبى للمزادات
- شارك الفنان جمال مليكة فى ملتقى عالمى ضم أكثر من مائتى فنان أقيم فى لندن تحت رعاية دار `سوثبى` للمزادات باسم `البحث عن البيضة` لصالح أعمال خيرية.. قدم الفنانون المشاركون من أنحاء العالم مائتين وتسع بيضات عملاقة تعكس الثقافة الخاصة بكل فنان من خلال رسمة حول محيط الشكل البيضاوى بالكامل..
- وقد عرضت الأعمال الفنية منذ 21 فبراير حتى الآن فى شوارع لندن بمنطقة ماى فير .. وقد رشح الفنان مليكة للمشاركة جاليرى هاى هيل فى لندن الذى عرض فيه قبلا أعماله مع مستنسخات من أعمال المثال العالمى `رودان`.. مليكة شارك فى المهرجان كمصرى إيطالى .. وقدم عملا كأنه لأحد جدارياته التصويرية وقد التفت حول محيط دائرى معبر عن جذور ثقافته المصرية.
القاهرة - الثلاثاء 3/ 4/ 2012
- هذا هو جمال مليكه الفنان الذي يحمل الاختلاف والأصالة, الذي ينصهر مع المادة ويتفاعل مع اللون, الذي ينقش بالرموز ويعطى الروح لرسوماته, ويشكل التعبيرات المختلفة لأعماله النحتية. فلقد منحنا جمال مليكه بأعماله نظرة مختلفة لأماكن عامرة بالتاريخ, نظرة مختلفة لمصر بلد الشمس الساطعة مقر ميلاده ونشأته, للزمن الماضى بكل جماله. فرواسب وبقايا الزمن الماضى التي مازالت عالقة به وبوجدانه هي التي شكلت التاريخ الذي عمل مليكه على إظهاره ونقله لنا فى أعماله من خلال ترجمة أحاسيسه و ما بقى له من ذكريات, فلوحاته تتميز بقدرتها الفائقة علي التأثير فيمن يراها كذلك أعماله النحتية التى تتميز بالبروز الضئيل والبساطة تلك التى برع فيها أجداده وأسلافه من الفراعنة وملئوا بها المعابد, وربما تكون تلك الخطوط هى التى كانت وراء ترشيح مليكه لتمثيل مصر فى العديد من المعارض الدولية كخير سفير للفن المصرى القديم والمعاصر.
- وفي النهاية نقول أن هذا هو مليكه الذي يستخدم كل من الحداثة والأصالة كأسلوب خاص به للتعبير عن أعماله يعتمد فيه على الحسية والحركية, ولعل هذا لم يأت من فراغ بل كان ثمرة جهد وبحث دقيق أهلت هذا الفنان ليصبح متفرد فى كل شيء بما فى ذلك المواد الذى يستخدمها كعجيبة الراتينج المغلفة بالذهب بتكنيك فنى بعيد عن أي تكلف أو زينة .
- هذا الأسلوب أيضا هو الذي دفع العديد من الفنانين المصريين والإيطاليين ذو الشهرة لتقليده بشكل سيء مستندين على النقاد الجهلاء بالفن .
لوتشيا ميسينا
فكرة البقاء فى المكان .. كسباق تخطى حاجز بعد آخر
- معرضه بدأهرمى التركيب الذهنى والمفاهيمى.. ذا وجوه ثلاثة راسخة فوق قاعدة واحدة، القاعدة هي الرصيد الفني للفنان جمال مليكه وارتباطه بهويته المصرية رغم بعد المسافة الزمانية والمكانية التي بلغت 35 عاما فوق الأرض الإيطالية، أما الأوجه الثلاثة لمعرضه الهرمى التى تلاقت في نقطة واحدة أعلي قمة الهرم كانت بمعالجاته للمسطح كوجه أول، والتركيبى المجسم كوجه آخر، والتشكيل الفراغى الخطى كوجه ثالث، لتلتقى الرؤية في نقطة واحدة ذات ثراء ممتد في معالجته ورؤيته المفاهيمية لمعطيات معرضه المقام حاليا في مركز الجزيرة للفنون الذي افتتحه فنان مصر الكبير فاروق حسني وزير الثقافة ليراه كمعرض لفكر عمل تركيبي داخل صالة عرض واحدة.
- وما رأيته من زاويتى يدور حول فكرة البقاء والقفز من حالة لأخري كأن العرض هو سباق تخطي حاجز بعد آخر، وأقصد التخطى بتخطى الفنان للحاجز المسطح من فوق سطح اللوحة إلي الحاجز المادي بتركيباته الجبسية إلي الحاجز الفراغى بتشكيلاته الخطية وليقفز هذا الفراغى فى عودة إلى المسطح مرة أخري، وهكذا يبدو عرضه دائرة متصلة لتدفق تيار الوعى أو ربما لتصادم موجات متلاحقة متلاقية لتحقيق حالة توحد بين ثلاثة أوجه للبصرية الذهنية لتلتقى عند أعلى قمة الهرم، والهرم رأيناه مفاهيمنا في فكرة المعرض ورأيناه بصريا فوق مسطح لوحاته بظهور العديد من الأهرامات المرسومة خلف وحول شخوص لوحاته فى ديناميكية بين اللون الساخن وتقطعات أنفاس خطوط وشرائح فرشاة اللون في التفافها لتشكل جسد إنسانى، وهذا الجسد الإنسانى هو نفسه الجسد خارج اللوحة في صالة العرض فى تركيبات الفنان للنحت الجبسى المباشر لشخوص أنجزها داخل صالة العرض وقد كونها من شرائح لشرائط من الخيش مغموسة فى الجبسى حول كيان متماهى بتشكيل به هيئة إنسان فى حالات نفسية مختلفة نستشعرها في أوضاعه الخارجية وفيما يعتمل بداخله ونري ما بداخل الجسد دون تفاصيل بل ببقايا تفاصيل وجود، وقد صنع الفنان تركيباته فى تلقائية عفوية تتسق وانفعالية خامة الجبس السائلة الرطبة للتشكل وبين خامة الخيش المتعطشة المسام للامتلاء وخامات الأسلاك الملتفة في رغبة الاحتواء.. وهذه الأجسام النحتية المباشرة نراها وهي الوجه الثاني للرؤية الهرمية وكأنه أجري عليها طقوساً وجدانية لعملية تحنيط،عملية تركت أجزاء منها بفعل اندفاع زمن لحظة التشكيل العفوي السريع مهترئة بنفس سرعة رغبة هذه المومياوات الواقفة علي قوائمها الرفيعة مجسدة وما تهفوا إليه للقفز إلي داخل مسطح اللوحة، حيث أهرامات مرسمه تغري برغبة السكن والبقاء الأبدى. - والوجه الثالث لرؤية الفنان للانطلاق أكثر بمفهومه إلي أعلي نقطة مفاهيمية أراه بتشكيله الخطي بخامات الأسلاك المتعددة التخانات لإحاطة الفراغي واحتوائه كأنه يرسم اسكتشاً في الفراغ، لكنى رأيته أكثر من مجرد رسم اسكتشى بالأسلاك، إنه يحتوي طاقة داخلية كأن أسلاكه هذه قطبان تستقطب طاقة تخزنها داخل تجويف فضائى محدود مفتوح علي الخارج في نفس لحظة انفتاحه علي الداخل وقد رأيت هذه التشكيلات السلكية الفراغية كمزيد من محاولة الغوص بصريا إلي أجساد مومياواته المحنطة بشرائح الخيش، إنه هنا يحاول أن يعبر الزمن ليدرك تاريخ هذه الأجساد المهترئة، ربما أراد أن تكتمل إحاطة بتاريخ شخوصه علي المسطح ومجسماته المادية وتشكيلاته في الفضاء، وقد بدا لي هذا من فكرة علمية أو ربما طبية حين إلقاء أشعة `X` علي هيكل ما فندرك ماضيه لأنها أشعة توسع قوة معرفتنا للماضي.
-فحين عرضت مومياوات مصرية قديمة لتحليل أشعة `X` اكتسبنا معرفة جديدة عن حياة القدماء وما أخفاه الزمن والتحنيط، فالأشعة ببساطة تكشف ما أصاب الجسد قبلا من كسور والتواءات في هيكلها العظمي والجزعى والمفاصل وعظام الجمجمة والأسنان.
-وفي حالة هذا العرض كشف الفنان مليكه عن أقصي ما يمكن حول الجسد الكتلة وقد زاده تجريدا وماؤه من معاناة يتضمنها صامتا صامدا ليدور في مدار فضائى يدفعه للقفز إلي اللوحة، إلي حيث شخوص لوحاته واقفة فى لا زمنية وعليها أكفانها تلتف حولها فيما يشبه تعويذة كونية تقترب فى كونيتها بتلاقى الأوجه الثلاثة للهرمى فوق نقطة أعلاه تكثف الحس الجنائزي شديد الحضور في معرضه ثلاثي الأوجه الذي أرتكن بوضوح فوق الوجه الرابع الأرضى، حيث أقدام شخوص لوحاته ضخمة راسخة والسيقان كأوتاد في الأرض في مادية شديدة بينما الجسد يموج بخطوط وشرائح لونية تحيطه متحركة في عنف كأنها أدركت فجأة ثقل ماديتها المكبلة لوجودها، بينما قوائم نحته الجبسي والتشكيل الخطي الفضائي نراه رفيعاً وربما هشاً لأنه في كلا النحتي والتشكيلي يهفوان للتحليق لسكن أهرامات اللوحة التي بدت راسخة كالأقدام وكقاعدة الهرم المادية والمفاهيمية لدي الفنان.
-أعلق علي هذا العرض من زاوية أجدها مهمة، فالفن الذهني أحيانا يصبح ماديا بأكمله، وقد قصد مليكه أن يكون النصب النحتي والتركيبى مهلهلا وطارئا، مصنوعا كي يلائم حيزا معيناً وظرفا معيناً في مكان مادى بشكل ذهنى مكثف بأقل وأبسط الوسائل.
- وأري هذه الفكرة أو مضمونها تتسق وأحد أعمال النحات جون بوروفسكي المسمي `الرجل والمطرقة` فقد نقل قوة التأثير من الشيء إلي الفكرة، وهذا ما حققه مليكه بثلاثيته المتمثلة في التصوير والنحت المباشر والتشكيل الفضائي إلي فكرة الهرمية.
- لي ملحوظة أخيرة تذكرتها أثناء كتابتى وهي رؤية فلسفية تقول: `إن أكثر ما يوجد عمقا فى الإنسان هو جلده `.. ولنجد مليكه نزع الجلد عن تركيباته السلكية، وأطاح بجلد شخوص لوحاته، ومزق وسلخ جلود تركيباته الجبسية، وبإحساسي الشديد بجنائزية معرضه أراه يطيح بجلودنا، بذلك الغلاف الآمن لأجسادنا الذي يضمن لنا البقاء، ليجعل من زاوية كأن البقاء أكثر ما يكون بالانسلاخ عن ماديات الجسد.
- وربما عكس الرؤية الفلسفية التي ذكرتها، يري مليكه أن أكثر ما يوجد عمقا في الإنسان هو روحه .
فاطمة على
القاهرة - 2010/11/2
عندما تغنى الألوان
- وكأنه قادم بعمر إبداعي من عمر زمن المجد المتوالي و الذي امتد آلاف السنين ولد في الجنوب حيث كنوز الماضي و ألق الحاضر المستنير مستلهماً دون تعمد حضارة الوطن الأم وكانت مشاعره هي أجندة حياته التي اختزلت بعمق آلاف السنين لهذا فهو واحد من الذين يشكلون بابداعهم معبداً يحوي كل صلوات الانتماء. وهو بناء ملون يجمع بوعي قديمه و الحديث لهذا فأنت في حضرة أعماله في جولته بين التاريخ و المعاصرة .
- (جمال مليكه ) أسم مبدع تعرفه الأوساط الفنيه فى إيطاليا وأوروبا يرتبط بوطنه بنظرة خاصة فهو لا يذهب للمباشرة في مفرداته بل هو يدخل مدنها وقراها وحتى فضاءها ليجمع كل ذلك برمزية واضحة فى مجاميع البيوت في ريفنا أو أطلال الواحات وأيضاً معابد الأقصر وأسوان دون تفاصيل واقعية وإنما هو يرسم ما تثيره المشاهد و ما وراء الشكل بحثاً عن أبجدية جديدة فى التلوين واللون واللذين يحتاجان النظر بالبصر والاستيعاب بالبصيرة، وكأنه يهديك شكلاً أسطوريا يدع اتقاد خيالك يشاركه في رسم اللوحة بتلقيك وبحثك عن الناس وراء هذه المجاميع في بيوت و أثار.
- و لعل اللون الذهبى الذي يضعه بحسابات بليغة هي دفء الإنسانية التي تتوارى وراء الجدران، إنه يمنحك شكلاً يفتح لك شهية الغوص في دهاليز المعنى في أعماله المبهرة والموحية والمفعمة بدفء يضم إحساسك لتبدأ فوراً علاقة حب و تقدير بينك و بين إبداعه.
- ألوان جمال مليكه ثرية وهو يميل إلى الأرضيات الداكنة الدافئة التي الأسود فيها مفعم بعشرات الدرجات اللونية المختلفة التي تتجمع تحت راية تمكنه، جوار ذلك يحب استعمال لونين مرعبين يخاف منهما معظم المبدعين وهما الأزرق الناري `ألترا مارين` والكوبالت ولكنه كما يسيس جواداً جامحاً حتى تستقيم حركته ثم يضع درجاته التي تشبه الآثار ويطعمها باللون الذهبى الثري جداً كرمز لغنى النفس والتنفس الإنساني .
- (جمال مليكه ) مصري يقف معتداً بجذوره منذ عشرات السنين كمسلة قائمة في قلب ميلانو بإيطاليا منقوش عليها تاريخ حضارة أهدت الإنسانية جمالاً وفكراً و في مركز الجزيرة بالزمالك يرد بعضاً من جميلة لمصر فى معرضه الجميل .
إبراهيم عبد الملاك
مجلة صباح الخير - العدد 2776 - 17 مارس 2009
- انتهج جمال مليكه علي مدي مشواره الفني نهجين ميزوا أعماله الفنية ألا وهما: الجدلية والتزامنية. فأما عن التزامنية فقد تبدو واضحة من خلال الإحساس المنبعث من أعماله والذي يعكس صورة العالم الإجمالية المتأصلة في وجدان الفنان المصري؛ هذا البعد الفني الذي ارتبط بشدة بمليكه وظل ملازما له طوال فترة درا ستة بأكاديمية الفنون الجميلة ببيرا بميلانو وعمله بمجال فن رسم المشاهد ؛ ولقد نجح مليكه في استثمار هذه الخبرة بشكل جيد مما بدا واضحا في رسوماته الفنية وبعض التراكيب الخاصة به. كذلك فان لوحاته الفنية والتي غالبا ما تتسم بالموازنة بين النظرة التجريدية والتمثيل الواقعي تأتى كاستعراض مطلق للون وماهيته؛ فما أريد قوله أن اللون يعد أداة غير فعالة لعرض الموضوع أو تقديم الرسالة كذلك فان الشكل لا يعرض سوي بعض الإطارات والخطوط التي لايمكن استقصاء معني واضح منها؛ وعلي كل فأن المخاطرة في هذه الحالات تكون من خلال إدخال وإقحام بعض الخطوط المزخرفة كما لو كان الأمر مجرد محاولة للتخفيف من وطأة اللون من أجل إظهار المضمون والذي يبدو انه لا يحظى باهتمام كبير عند مليكه وبهذا نقول أن البعد التصميمي يتم التعبير عنه من خلال اللون. أما بالنسبة للتركيبات الفنية فيجب أن نقول بأن مليكه قام بتحقيق المعادلة الصعبة بين المضمون وطرق التعبير عنه ويبدو هذا جليا في قطعه الفنية التي تخلو من أي استبدادية بل علي العكس أتت كمزيج رائع بين الشكل والمضمون المتناول في العمل؛ علما بأن هذا العمل سيستمد قوته ودعمه من قوة الأسلوب واللغة الفنية المستخدمة به ,كما انه لا يمكن أن نغفل ما قام به جمال مليكه من ابتكار لبعض الأنماط التعبيرية والمتمثلة في تتابع العناصر؛ كذلك استخدامه لخامات تتسم بالتقنية الحديثة بجانب اللون العادي الذي مازال يلعب دور فعال رغم تتابع العصور علية ولعل هذا الاستخدام لتلك الأدوات الحديثة يبدو واضحا في إحدى أعماله الفنية الذي أتمها منذ قرابة عامين وتم عرضها في إطار مهرجان بينالي القاهرة.
- ونعود مرة أخري للحديث عن الجدلية والتزامنية, تلك الاتجاهات التي تعد النواة الرئيسية التي ترتكز عليها أعمال مليكه. أما بالنسبة للاتجاه الأخر فهو اتجاه معارض؛ فنحن هنا لا نقصد المظاهرة بل المطابقة ولا نقصد البروز أو الظهور ولكن الاختفاء والانغماس؛ نحن ألان بصدد الحديث عن تلك الأعمال التى تم الاتفاق علي طرحها للعرض؛ تلك الأعمال التي كرس لها مليكه _ بكامل السعادة والرضا - الأربعة أعوام الأخيرة فالريشة الحرة والمظهر الحر هما الأبطال علي مسرح مليكه؛ فبالرغم من انفعالات الفنان الجامحة التى لا يمكن استيعابها في بعض الأحيان فان المظهر الحر والتعبير الحر عند مليكه هما ترجمة حقيقية لنظرته حيال الثقافة والتاريخ الواضح والجلي في تلك الأعمال والتي يمكن أن نطلق عليها ديناميكية الطبقات؛ تلك الأعمال التي عبر مليكه من خلالها عن ثقافته وقناعته الشخصية وعن العادات المصرية العتيقة التى تعود إلي آلاف السنين ولكنها لا تخلو في الوقت نفسه من التأثير الغربي ويمكن أن نضيف أنه في تلك الأعمال التي أطلقنا عليها من قبل ديناميكية الطبقات تبدو الصبغة الغربية غير مرئية إلي حد كبير بينما التعبير الحر يرتبط بروح الثقافة المصرية أكثر من ارتباطه بالتخيلية المصرية وهنا يأتي جمال معبرا عن الترسبات الثقافية العالقة به دون أي تدخل لاعتبارات رسمية أو عقلية فهو يقوم بتجسيم مكنون الدلالات المعبرة لديه ولكن بأسلوب فطري بحت يخلو من التعقيد, بالإضافة إلي أنه قام مليكه باستخدام مادة الراتينج لتشكيل العديد من المجسمات والكتل التي غطاها بقشرة من الذهب والفضة مما أضفي عليها صبغة خاصة أعطت أعماله عبق خاص وكأنها قطع أثرية بجانب أنه لم يغفل استخدام الأخشاب تلك التي تميز أيضا أعماله والتي تصبح بهذا الشكل مزيج من الرسم والنحت؛ ذلك النحت الذي يبتعد تمام عن الشكل التقليدي المستدير سواء كان هذا النحت بارز أو مسمط. ولعل تلك الطبقات الديناميكية تعتمد في بعض الأحيان علي نظرية اللون الواحد سواء كان الأبيض أو اللبني (الأزرق الفاتح) أو الرمادي وفي أحيان أخري علي تعددية الألوان التي تتأرجح بين الألوان الصارخة أو النارية والألوان الهادئة ومن هنا نقول ونؤكد علي أن اللون هو بطل الأحداث فهو الذي يعطي الديناميكية والحيوية للعمل ويتوغل بين طياته ولكن بالرغم من كل هذا فان الحدث يبقي جافا وصلبا كما لو كان مجرد رصد تاريخي فقط ` .
كارميلو سترانو
فى إيطاليا يلقبونه ب (أستاذ الريشة .. سفير الفن المصرى) رجال من التاريخ فى أحدث معارض جمال مليكة
- افتتح الفنان الوزير الفنان فاروق حسني بصفة شخصية معرض الفنان جمال مليكه المصري الجنسية الإيطالي الإقامة وفقا لما نشرته صحيفة الأهرام المصرية
والذي يعرض أحدث أعماله حاليا في معرض بعنوان ( رجال من التاريخ ) بقاعة أحمد صبري بمجمع الجزيرة للفنون بشارع الشيخ المرصفي بالزمالك. ويضم المعرض20 لوحة في التصوير الزيتي بمساحات متنوعة تصل أحجام بعضها إلي3 أمتار طولا و2 متر عرضا, يتناول فيها الفنان شخوصا في حركات كثيرة ومتنوعة, عنيفة أحيانا, هادئة أحيانا أخري.
- ويعتمد الفنان في تقنياته علي اللقطة السريعة والعنيفة التي تعكس قدراته التشكيلية في التعبير مع الحركة السريعة والانفعال الفوري, وتعكس بالته ألوانه الغنية جدا ثراء فنيا كبيرا,فالألوان الساخنة تتعانق مع الألوان الباردة فى وفاق ودي, مع اندفاع مساحات اللون الأزرق الزهري التي تعكس جمالا خاصا وحسا ينعم بالعمق الوجدانى للفنان في التعبير عما يتناوله من أفكار.
- كما يضم المعرض بجانب اللوحات العشرين سبعة أعمال نحتية في التشكيل الفوري داخل قاعة العرض أبدعها من خامة الأسلاك والجبس والقماش, تعطى إحساس الاسكتش السريع الذي نعرفه فى الرسم والتصوير لكنه يجسده فى مجال النحت, ويترك بعض التماثيل التى أبدعها بالسلك فقط لأنها تحتوي علي كل قيم التشكيل النحتي, ويعكس عدم تغطيتها قدرة الفنان الفائقة علي التعبير من خلال مجموعة أسلاك.
- وجمال مليكه في معرضه الحالى يؤكد أنه فنان يحمل الأصالة والاختلاف معا, ينصهر مع المادة ويتفاعل مع اللون والحركة, ينقش بالرموز, يعطي الروح لرسوماته ويشكل التعبيرات المختلفة لأعماله النحتية, ولأنه فنان تسكنه مصر فقد استطاع أن يعكس في أعماله نظرته المميزة الفريدة لأماكن ولرجال من التاريخ المصرى, والزمن الماضى بكل جماله, فجمال مليكه أسير للتاريخ المصري برجاله وأمكنته وذكرياته حتى أن النقاد المتابعين لأعماله التى يعرضها في إيطاليا وغيرها من بلدان العالم يعتبرونه خير سفير للفن المصري القديم والمعاصر.
- ومليكه الذي نال العديد من الألقاب الشرفية منها (أستاذ الريشة) من مدينة ناروو الإيطالية ولد فى المنيا وانتقل إلى القاهرة, وانضم وهو في السابعة من عمره للمشتركين في منتدي الموهوبين الصغار والذي كان يرأسه آنذاك نخبة من أعلام الفن المصري أمثال حامد ندا وراغب عياد وغالب خاطر, وفي ختام هذا المنتدي تم تكريم مليكه في حفل رسمي حضره وزير الثقافة الذي سلمه شهادة تقدير عن جدارة واستحقاق.
- وكانت النقلة الحاسمة فى حياة جمال مليكه وهو فى التاسعة عشرة من عمره عندما تقدم لاختبار فى منحة أعلن عنها المركز الثقافى الإيطالى بالقاهرة واختير ضمن خمسة آخرين للسفر في المنحة, وفي إيطاليا درس الفن بأكاديمية الفنون الجميلة ببريرا وحصل علي درجة الدكتوراه بامتياز في الديكور, ولكن شغفه بالفن جعله يواصل دراساته حتي حصل للمرة الثانية علي الدكتوراه لكن هذه المرة في فن الرسم وديكور المشاهد المسرحية والتليفزيونية, وكان أول من أدخل هذا الفن إلي إيطاليا من خلال المسرح الغنائي ومن خلال الميدياست وهو بث تليفزيوني يملكه رئيس الوزراء الإيطالى سيلفيو بيرلسوكني قام من خلاله بإعداد الكثير من البرامج التليفزيونية لإبراز هذه الفكرة.
- وكان أول معرض خاص يقام له بأحد المحافل الفنية الكبري يحمل اسم اللاجئين أشرف عليه اثنان من النقاد الفنيين الإيطاليين هما ماريو مونتيفيردي وايميد يومبتيرا فورته, وافتتحه القنصل العام والسفير المصري آنذاك إسماعيل مخلوف, وكان هذا المعرض البداية الحقيقية لمليكه حيث منحه فرصة عرض أعماله علي نطاق واسع داخل إيطاليا وخارجها, وأتيحت له فرصة مقابلة الفنان فاروق حسني وزير الثقافة الذي كان يدير الأكاديمية المصرية بروما آنذاك, وأثمرت هذه المقابلة عن تبادل فكري وثقافي استمر بينهما حتي الآن, كما أن تفرد جمال مليكه وموازنته بين رؤيته الشخصية وللتعبير الواقعي هما اللذان جذبا إليه الناقد وعالم الآثار كمال الملاخ الذي قدم له يد المساعدة لافتتاح أول معرض خاص به في القاهرة تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية.
- في نفس الوقت كان جمال مليكه قد تشبع بنمط الحياة الإيطالية وظهر هذا جليا في أعماله فافتتح معرضه الدائم في قلب مدينة ميلانو الإيطالية والذي صار محل اهتمام الخبراء والهواة من كل أرجاء العالم.
- وبفضل قدراته الفنية العالية صارت له مكانة بارزة فى ( الألبوم الذهبي لفنانى إيطاليا ) جنبا إلي جنب مع نخبة من أبرز فناني إيطاليا.. وتم تكريم مليكه في العديد من المحافل الرسمية حيث حصل 7 مرات علي الميدالية الفضية المهداة من رئيس الجمهورية الإيطالية في عهود أربع رؤساء هم بيرتيني وكوسيجا وسكالفارو وتشامبي كما حصل علي3 ميداليات فضية من البابا يوحنا بولس الثاني وكارول وجتيلا. كما نال مليكه العديد من الجوائز الفنية والتذكارية منها جائزة الفنون وجائزة أوروبا للفنون وجائزة النهضة الإيطالية وجائزة الريشة الذهبية وجائزة الباليتا الذهبية وجائزة الصياد الفضي, ونال عضوية معرض الفنون الدائم بميلانو مع جائزة امبروجينو التقديرية وتزينت أغلفة بعض الكتب الهامة ببعض أعماله وشاركت أعماله في العديد من المعارض والتجمعات الفنية منها معرض الفن الحديث بروما, ومؤسسة الأهرام للفن الحديث بالقاهرة والقنصلية المصرية بإيطاليا ومركز تنمية العلاقات المصرية الإيطالية, وغيرها من المعارض بإيطاليا وسويسرا وبلجيكا وإيران وأسبانيا وكان ضيف الشرف في بعضها.
- ويحرص الفنان المصري الجنسية جمال مليكه علي عرض أعماله في مصر التى يحرص علي زيارتها من آن لآخر لينهل من نبعها الصافي ويتواصل مع أرض الوطن ويؤكد هويته المصرية وأصالته الفنية ويستقي منها أفكاره ويستهلم إبداعاته, وهذا يظهر من خلال أعماله وعناوين معارضه وكان من آخرها في السنوات السابقة ( أبو الهول ) و( أماكن من التاريخ ) وغيرها, فهو بحق خير سفير للفن المصرى.
نجوى العشرى
2010/11/11- جريدة الأهرام
الأثر .. أحدث معارض جمال مليكة خلال زيارته لمصر
- نجم مصرى فى سماء إيطاليا يعود يعرض فى بلده ( الأثر) هو معرض للفنان المصرى جمال مليكة المصرى الجنسية والإيطالى الإقامة المقيم فى ميلانو بإيطاليا منذ أكثر من 35 عاما وضم المعرض 25 عملا تصويريا بخامات وتقنيات مبتكرة واستضافة قاعة كحيلة آرت جاليرى بالمهندسين .
- ولد الفنان بالقاهرة التى أمضى فيها طفولته وصباه متلقيا مراحل تعليمه الأساسى بها، وقد ظهر شغفه وولعه بالفن منذ نعومة أظافره وتم اختياره فى السابعة من عمره ليشارك فى مركز القاهرة للموهوبين الذى كان يرأسه حين أنذاك العديد من أعلام الفن المصريين كحامد ندا وراغب عياد وغالب خاطر، وبانتهاء فعاليات هذا المنتدى تم تكريم الفنان الصغير فى حفل رسمى حضره وزير الثقافة وحصل على شهادة تقدير عن جدراته وعندما أتم مليكة التاسعة عشر من عمره انطلق فى رحلته الأولى إلى إيطاليا بموجب منحة دراسية مقدمة له من قبل الحكومة الإيطالية وتحت الإشراف العلمى للبعثات بوزارة التربية والتعليم بعد أن حصل على دبلومة الجرافيك من مصر .
- انطلق الفنان الشاب إلى إيطاليا مفعما بالأمل ومحملا بالطموح وبدأت الرحلة من التى وجد فيها الكثير من المدنية والتحضر وبالرغم من صعوبة الأيام الأولى بكل ما فيها من حنين وشغف للوطن فلقد بدأ مليكة دراسته الفنية بأكاديمية الفنون الجميلة ببريرا إلى أن حصل على درجة الدكتوراه فى التصوير بدرجة امتياز واستطاع من خلال أعماله الأولى أن يوسع دائرة بحثه ويصنع لنفسه اتجاهات خاصة به ميزت أعماله كرغبته فى التعبير عن سفر الرؤيا والبعث والحياة ما بعد الموت وهو ما اختاره محورا لمعارضه الأخيرة .
- وفى رغبة قوية منه لتعميق نظرته الفنية فلقد استكمل جمال دراساته مرة أخرى بأكاديمية الفنون الجميلة ببريرا بميلانو وحصل مرة أخرى على شهادة الدكتوراه وكانت هذه المرة فى فن رسم المشاهد المسرحية والتليفزيونية والمالتى ميديا، ولم يكتف مليكة بهذا فبجانب دراساته الأكاديمية للفنون كان يعمل فى فن رسم المشاهد المسرحية والتليفزيونية بالمسرح الغنائى الصغير بميلانو والقنوات التليفزيونية ( الميديا ست ) وهو بث تليفزيونى إيطالى مملوك لرئيس الوزراء السابق سيلفيوبيرلسكونى، وكان مليكة قد أعد له ديكورات لمجموعة من البرامج التليفزيونية التى تعرض فكرته وفى تلك السنوات المملؤة بالإنجازات والابتكارات والمفعمة بالنجاح فى ميلانو تم تنظيم أول معرض فنى كبير خاص به بأحد المحافل الفنية الكبرى بجاليرى ` نادى الهواة ` وتحت إشراف إثنين من النقاد الفنيين بإيطاليا وهم ` ماريو مونتيفيردى` و` إيميديو بيترافورته ` وقد قام بافتتاح المعرض كل من القنصل العام وسفير جمهورية مصر العربية بميلانو آنذاك السيد ` إسماعيل مخلوف ` ولعل هذا المعرض كان البداية الحقيقية لمليكة حيث منحه فرصة عرض أعماله على نطاق واسع سواء داخل إيطاليا أو خارجها، وكان هدفه من أعماله يتلخص فى الإستقلالية عن الإتجاهات الفنية الأخرى من خلال محاولته تحقيق الموازنة بين رؤيته الشخصية والتعبير الواقعى ولعل تفرده هذا هو ما جذب إليه عالم الآثار والناقد الفنى الكبير والراحل كمال الملاخ الذى هيأ له افتتاح أول معرض خاص به فى القاهرة تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية وبإدارة الفنان والناقد الراحل أحمد فؤاد سليم، وفى غضون وقت قصير كان مليكة قد تشبع بنمط الحياة المصرية والإيطالية وتألق بمستوى فنى ثم توغل إلى نطاق الساحة العالمية بعد أن افتتح فى قلب مدينة ميلانو الإيطالية جاليرى دائما لعرض أعماله الفنية هذا الجاليرى الذى كان محط أنظار العديد من الخبراء والهواة من كافة انحاء العالم وبمرور الوقت استطاع مليكة أن يحقق لنفسه مكانه عالية بفضل اجتهاده وكذلك بفضل قدراته الفنية العالية، تلك القدرات التى أهلته للمشاركة فى الألبوم الذهبى لفنانى إيطاليا الذى يضم العديد من الفنانين البارزين من كافة أنحاء إيطاليا، ولم تتوقف النجاحات عند هذا الحد فلقد تم تكريم مليكة فى العديد من المحافل الرسمية وكان الأجنبى الوحيد بإيطاليا الذى حصل 7 مرات على ميدالية رئيس الجمهورية الإيطالية فى عهد كل من اليساندرو بيرتينى فرانشيسكو كوسيجا أوسكار لويجى سكالفارو وكارلو ازيليو تشامبى كذلك حصل على ثلاث ميداليات فضية من قداسة البابا يوحنا بولس الثانى` كارول جوتيلا ` وحصل أيضا على جائزة بينالى القاهرة بمشروع داخل الباركود، كما حصل على جائزة النقاد الإيطاليين كنحات العام 2011 والتى تمنحها جريدة إل جورنال .
- ولم يتوقف قطار التكريمات عند هذا الحد، فالمحطات كثيرة ومن أبرزها جائزة الفنون المقدمة من مجلة فنية شهيرة تصدر من دار نشر جورجو موندادورى لعاميين متتاليين، جائزة أوربا للفنون من مدينة بورميو، جائزة تذكارية تحمل اسم جائزة النهضة الإيطالية من مدينة جروبى كاريولى، جائزة مالينفيرنى المحلية وكذلك جائزة من مدينة سانثيا جائزة الريشة الذهبية من مدينة رافيينا، جائزة الباليته الذهبية من مدينة مارينا دى رافيننا، جائزة الضفدع الذهبى من مدينة سارتيرانا لليمولليننا، ميداليتين ذهبيتين من مدينة مارتينسيكورو، جائزة الصياد الفضى من بلدية ميلانو كذلك كان له نصيب أيضا من الألقاب الشرفية، على سبيل`المثال ` أستاذ الريشة من مدينة ناردو ، عضو معرض الفنون الدائم بميلانو، الميدالية الشرفية التقديرية امبروجينومن مدينة ميلانو .
- قال لوتشيا ميسينا عن مليكة :هذا هو جمال مليكة الفنان الذى يحمل الإختلاف والأصالة، الذى ينصهر مع المادة ويتفاعل من اللون الذى ينقش بالرموز ويعطى الروح لرسوماته، ويشكل التعبيرات المختلفة لأعماله النحتية. فلقد منحنا جمال مليكة بأعماله نظرة مختلفة لأماكن عامرة بالتاريخ، نظرة مختلفة لمصر بلد الشمس الساطعة مقر ميلاده ونشأته للزمن الماضى بكل جماله فرواسب وبقايا الزمن الماضى التى مازالت عالقة به وبوجدانه هى التى شكلت التاريخ الذى عمل مليكة على إظهاره ونقله لنا فى أعماله من خلال ترجمة أحاسيسه وما بقى له من ذكريات، فلوحاته تتميز بقدرتها الفائقة على التأثير فيمن يراها كذلك أعماله النحتية التى تتميز بالبروز الضئيل والبساطة تلك التى برع فيها أجداده وأسلافه من الفراعنة وملئوا بها المعابد وربما تكون تلك الخطوط هى التى كانت وراء ترشيح مليكة لتمثيل مصر فى العديد من المعارض الدولية كخير سفير للفن المصرى القديم والمعاصر .
نجوى العشرى
الاهرام - 2014
- يبحث جمال مليكة فى أعماله عن أساطير زمانه ، ويحولها إلى إرث خاص ، وأثر يتسع عبر اللوحة ، التى تلعب دور الربط بين زمن هذه الأساطير وزمنها الخاص . بينما يبدو سطح الصورة وكأنه صحراء شاسعة ، تعيد ترتيب نفسها تحت وقع ضربات الفرشاة بعنفوانها المرتجل الحاد ، وصخبها المشمس، لتشف عن إيقاعات حيوية مباغتة للخط واللون والنغمة والتكوين.
- بمنطق اللحظة وفورانها فى الداخل ، يذهب ` مليكة ` إلى الرسم مسلحاً بغواية وخبرة التحطيم والبناء، تحطيم الأطر والأقانيم التقليدية للصورة ، وبناء الفعل الفنى طازجاً وحياً من داخل الركام والشظايا ، ليصبح فعل تحرر وصحوة ، فى ظلاله تتعايش هذه الأساطير بمحبة خالصة ، وتتخلص من كوابح الظلام والقبح .
- لا تنفصل شخوص ` مليكه ` عن الخلفية فتبدو معجونة بها ، سارحة فى طبقات خطوطها وألوانها تستقى منها روحها الكتوم وملامحها المهشرة المطموسة بفعل الزمن ، بينما تبلغ طاقة التجريد ذروتها الانفعالية فى تخليص الصورة من التصورات والأفكار والهواجس المسبقة .. فالرسم هنا ليس فقط مجرد تجسيد لتداعيات هذا اللحظة وتفريغها شعورياً فى لطشات وضربات على مسطح اللوحة ، وإنما يستبطن فكرة الترحال الدائم فى التاريخ ، مسكوناً بعلاقة الإنسان العضوية بماضيه وحاضره ومستقبله.
- شخوص منسحبة إلى الداخل ، ملفوفة بنفسها ، منكفئة عليها ، كأنها تزود عن أسرار تمتلكها ، وأحلام لم تتفجر بعد، تتواجد منفردة متوحدة بظلها فى عمق اللوحة ، أو ملتصقة بكائنات أخرى قرينة لها ، لكنها فى كل الأحوال ،تعطينا انطباعاً لافتاً بأنها خرجت للتو من التابوت ، وفى لحظة خاصة محملة بذاكرة حياة ، تصلح للعيش من جديد فى اللوحة.
- فى هذا المناخ تتنفس الألوان بوهجها وخفوتها رنين النقش والبردية ، وتبرز الحالة الفرعونية فى اللوحات ، مشكلة بعلاماتها ورموزها وتمائمها سؤال الصورة والأسطورة الممتد فى جسد الزمان والمكان ، وهو سؤال ممتلء بحيوية بصرية ابنه تراث عبقرى خلاق، قادر على أن يمنحنا نفسه كل يوم بشكل جديد ، وإعادة العلاقة بين الفن والحياة ، فى إطار رؤية مفتوحة على البدايات والنهايات.
- اختبر ` مليكة ` هذه العلاقة فى عدد من معارضه السابقة ، واستطاع من خلال اللعب الحر على رمزية تمثال أبى الهول الشهير ، أن يختزل المسافة ما بين تداعيات الأثر كحقيقة واقعية لها عمقها الحضارى العريق، وبين تمثله فى مخيلة اللوحة كحقيقة معاشة ، لا تنحسر شهوتها فى الرسم فحسب ، وإنما تمتد كصرخة أمل مستميتة ، ليصبح الإنسان أسطورة نفسه بقوة الحلم والواقع معا، وهو ما يطالعنا فى لوحات هذا المعرض.
بقلم : جمال القصاص 2018
الفنان التشكيلي جمال مليكة يفتتح «الأسطورة» 16 مارس
- يفتتح الشاعر جمال القصاص معرض الفنان التشكيلي العالمي الدكتور جمال مليكة «الأسطورة»، يوم الجمعة الموافق 16 مارس الجاري في تمام الساعة السابعه مساء بجاليرى بيكاسو بالزمالك.
يضم المعرض أكثر من 30 عمل من أعمال الفنان جمال والتى رسمت خصيصا لهذا الحدث والتى تحمل عنوان «الأسطورة»، وأوضح «مليكة» أن «الأسطورة هي التي يعيشها من خلال ذكرياته المتعلقة بماضى بعيد يتغلب عليه روح مصر بتاريخا العريق وريح صحرائها الدافى الذي يحوى كل شئ حوله بعمق ذكرياته التي لم تغرب بعد»، رغم دراسته ومسكنه وعمله بإيطاليا.
وأوضح الشاعر جمال القصاص في تقديمه للمعرض أن «جمال مليكة يبحث في أعماله عن أساطير زمانه، ويحولها إلى إرث خاص، وأثر يتسع عبر اللوحة التي تلعب دور الربط بين زمن هذه الأساطير وزمنها الخاص. بينما يبدو سطح الصورة وكأنه صحراء شاسعة، تعيد ترتيب نفسها تحت وقع ضربات الفرشاة بعنفوانها المرتجل الحاد، وصخبها المشمس، لتشف عن إيقاعات حيوية مباغتة للخط واللون والنغمة والتكوين».
وجمال مليكة حاصل على الدكتوراة من جامعة ميلانو وحصل على العديد من الجوائز وأهمها 9 ميداليات رئيس جمهورية إيطاليا و3 ميداليات قداسة البابا يوحنا بابا الفاتيكان، والفرشاه الذهبية، كما اختير مليكة ضمن أحسن 50 فنان في أوروبا لعام 1992 والجائزة الشرفية لمدينه ميلانو «لامبروجينو» وجائزة بينالى القاهرة الدولى لعام 2003 .
وحصل أيضا على درع دوله الكويت، ورفع جمال مليكة علم مصر في العديد من المحافل الدولية والتى حصل فيها على تكريمات هامة.
وافتتح مليكة معرضا هاما بـ «هاي هيل جاليري» في مدينة لندن مع أعمال النحات الفرنسى الراحل أوجوست رودان، وله مقتنيات في متاحف ودول مختلفة في جميع أنحاء أوروبا وعديد من الدول العربية.
كذلك أسس مليكة مع اللواء أركان حرب خالد فودة محافظ جنوب سيناء، بينالى شرم الشيخ الدولى للفنون والذى كان له دور فعال في تحسين العلاقات بين مصر وإيطاليا ودور كبير في تنشيط السياحه المصرية.
ميلاد حنا ذكى
المصرى اليوم : 11-3-2018
|