التشكيلات الفطرية والمنطق الإنسانى
- إستقينا عنوان هذا الموضوع من التعريف الملهم الذى وضعه ` البرت أينشتين` للإبداع العلمى. إستقينا عنه أيضا (مدخل) هذه المعالجة، لأعمال مهندس الإلكترونيات سامى على .وهو واحد من أهم رسامينا المعاصرين، بالرغم من إقلال بعض المعنيين فى العالم الثالث من شأن الفطرية فى الفن، مع أنها الحصن الذى يحتمى به التعبير التشكيلى من غائلة البدع العبثية، كما أنها الجانب الغامض الذى يسكنه الوحى فى شخصية الإنسان. يرجع إليه الفضل فى إكتشاف أينتشتين النظرية النسبية، وكل ما هو رائع فى الفن والعلم عبر التاريخ.
- نقصد بالتشكيلات الفطرية: العناصر التشخيصية والخطوط والألوان، والتوزيعات التى تهفو نفس الرسام سامى على إلى وضعها على أوراقه، مدفوعاً برغبة فى أعماقه وإملاء من خياله وتعبير عن أحلامه وتأملاته. وبالمنطق الأنسانى: المضمون المشترك، الذى يعتمل فى أذهاننا جميعاً نحن البشر، حين يفكر فى قضايا عامة كالسلام أو الحرية. نعنى الحكمة التى نستنبطها من الترتيب غير الواقعى للعناصر المرسومة مع القيم الفنية التى يودعها رسامنا دون سابق تفكير. الفطرية هنا ضرب من الإسقاط الفورى والقيم الفنية المبتكرة.
- من خلال الموجات المتلاطمة للبدع التشكيلية التى تكسو جدران قاعات العرض قلة نادرة من الفنانين الصادقين مثل سامى على، لوحاته واحات يلتقط فيها المتلقى أنفاسه، بعد اللغط الفنى الديماجوجى حول الصراع بين السكون والحركة وملامس الكهوف وألوان الظلام. إلى آخر ما نسمعه على ألسنة فنانين يقفون أمام أعمالهم فى المعارض، كأنهم أنبياء يبشرون بأديان جديدة. هم أنفسهم لا يدركون كنهها.
- من أجل هذه الظاهرة التى استشرت بسرعة فى النصف الثانى من القرن، أقيم فى مدينة (براتسلافا) فى تشيكوسلوفاكيا الترينالى الأول للفن الفطرى، أى معرض السنوات الثلاث الدولى - من 26/8 إلى 2/10/1966.
- حين أثرنا موضوع الفن الفطرى، فى مطلع الستينيات تناوله الإعلاميون على أنه خبطة صحفية، وبدأ الحديث عن النحات محمود اللبان- وهو مثّال موهوب يجهل القراءة والكتابة. كان بائع لبن زبادى ثم ترك زوجته وأولاده واستظل بجدار فى إحدى حوارى حى الغورية بالقاهرة، ينحت تماثيله في الحجر الجيرى ، الذى توفر له من درجات سلالم البيوت المهدمة. شاع من يومها فى أذهان المعنيين بالفنون التشكيلية أن (الفنان الفطرى) ينبغى أن يكون أميا لم يشاهد معرضا فى حياته أو متحفا ولم يلتحق بمدرسة فنية وربما تصوروا أن يكون لبانا أيضا!
- إلا أن هذه المواصفات غير صحيحة، ولا يمكن أن تتهيأ لأحد فى هذا العصر الذى توفرت فيه المعارف عن طريق أجهزة الإعلام الحديثة. كما أن النموذج الأول لهذا النوع من الفن لم يكن كذلك، نعنى الرسام الفرنسى الشهير: هنرى روسو (1844/1910) وفناننا الذى نسوق اليوم سيرته وأعماله ونعتبره فطريا، تخرج فى كلية الهندسة جامعة القاهرة قسم الأليكترونيات. يتمتع بثقافة واسعة فى الشعر والأدب والفلسفة والتاريخ. فضلا عن الرياضيات التى يعشقها ويرى أنها مفتاح الخيال والأحلام. لم يدرس الفنون التشكيلية أكاديميا قط. حاول الألتحاق بالقسم الحرفى كلية الفنون الجميلة بعد تخرجه سنة 1953، لكنه لم ينتظم سوى بضعة أشهر متقطعة. كان أيامها رساما ملونا بالفعل، قد تمكن منه الفن وأصبح الصدر الحنون الذى يتلقفه كلما ضاقت الحياة بأفكاره وخيالاته وأحلامه وتأملاته وهى سمة الفنان الصادق والفن المؤثر المثير. كلما استبدت به الرغبة فى التعبير الإبداعى، هرول إلى أدواته لا يعنيه التقعر فى أختيار الألوان والخامات. يرسم ويلون على أى ورق مستخدما الأحبار والأصباغ المائية وربما مزج بينها فى لوحة واحدة. المهم أن يفرغ الشحنة الفكرية والانفعالية العاطفية ويصوغ خياله ويجسده. عمل منذ تخرجه فى مطار القاهرة الدولى وأتقن مساعدة الطائرات إليكترونيا على الهبوط بركابها بسلام، فى أوقات إنعدام الرؤية بسبب الضباب أو العواصف أو الظلام.. وهو عمل يتحد فيه العلم بالفن بالحقيقة والخيال.
- كان يهوى الرسم منذ الصغر شأن كل الأطفال. لكنه حين شب ودرس الرياضيات، تبلورت فى عقله فلسفة فنية وإجتماعية خاصة، لا يتسنى لأى كلية فنية أن تتيحها لطلبتها. لأنها مجرد معاهد مهنية تدريبية بعيدة عن أى ثقافة عامة. خاصة فى مصر حيث تتلقف المتخلفين دراسيا وبطيئى التعلم من أصحاب المجاميع الصغيرة .إعتقد سامى على أن الشكل يخضع لقانون رياضى علمى. وأن تناول الحياة أو النشاط الإنسانى فى صياغة علمية، له أصول تمنح الإدراك مساراً للأشياء التي تقع عليها العين! حين إحتك بالقسم الحر فى كلية الفنون الجميلة إقترب من شباب الطليعة من الفنانين المثقفين: كمال يوسف وكمال خليفة وعبد الهادى الجزار وحامد ندا وماهر رائف وسمير رافع ورائدهم حسين يوسف أمين، مؤسس جماعة الفن المعاصر.
- حتى هذا الوقت كانت علاقة فناننا بالرسم والتلوين علاقة خاصة جدا يمارسها بينه وبين نفسه فى أيام العطلة، التى كان يقضيها عادة فى مدينة ` الإسماعيلية ` مسقط رأسه. وإذا كان المعرض شهادة ميلاد الفنان، فإن أول معارض `سامى على` كان سنة 1958 فى قاعة أتيليه القاهرة - جماعة الأدباء والفنانين - حيث توثقت عرى الصداقة بينه وبين أثنين من قادة الحركة الطليعية التشكيلية المصرية: حسن سليمان وفؤاد كامل. لم ينقطع من يومها عن الإسهام فى المعارض الجماعية التى تقيمها الدولة والمؤسسات الخاصة. وبالرغم من أن لوحاته جذبت إنتباه بعض النقاد والمعلقين، لم يسمع همسها الإنسانى خلال ضجيج البدع والعبث الذى يجتاح حركتنا التشكيلية، وما يلقاه من تشجيع بالجوائز والاقتناء والتفرغ والعرض فى المحافل الدولية.
- لوحة `بداية الخلق` 50×70سم أحبار ملونة على ورق. إستغرق رسمها أكثر من شهر. إخترنا عنوانه لأنه لم يمنحها اسما. إعتاد التعبير عما يجيش بصدره ثم يتأمل عمله كأى متسلق، ولا يسميه إلا مضطراً فى مناسبة العرض. كثير من العناصر المرسومة غير مقصود بوعى كامل. فهو يترك نفسه للألوان والأوراق يبثها نجواه. يعيش معها حياة جديدة هو خالقها! شأنه شأن هنرى روسو حين سألوه: كيف ترسم لوحاتك الرائعة تلك؟ هناك شخص ما يمسك يدى ويرسم بها لوحاتي! - يقصد أنه يكون كامل اليقظة أثناء عملية الإبداع الفنى. هكذا سامى على فى لوحة بداية الخلق ذات الطابع الدراماتيكى المثير. جو أسطورى قديم يغلب عليه طابع المأساة، دوامات من خطوط متموجة سوداء مع تنويعات على سمكها وعلى ملمس المساحات فى الخلفية بيوت حمراء وكأنما يسكنها الجن. حالة مزاجية قوية الانفعال تمتزج فيها أساليب التعبيرية بالتأثيرية بالتجريدية. لكنه سيد المساحة والألوان والأدوات ككل الفطريين. يستجيب بصدق لنبض مشاعره. له نمط شخصي جداً فى اختيار ألوانه وتنظيمها بعيدا عن أى تعاليم مسبقة. تحفل لوحاته بمستقيمات وانحناءات توهمنا بأنها خطوط مجردة. نكشف فى حناياها عنصرا خفيا كسنبلة أو شخص أو طائر يهدينا إلى المضمون.. أما تموجات الخطوط فتمنحنا إحساسا فريدا بالديناميكية كأنها رياح مسرعة. وفى لوحة ` الفلاحات` 25×50سم 1979- إتخذت ألوانه ثوبا تعبيريا صريحا مباشرا ينضح بالنضارة والحيوية مع التكوين البنائى الدرامى. نشعر معها أننا حقا فى الجنة.
- الورق - أو الخشب أو القماش أو السيلوتكس - ليس سوى مساحة للتعبير عن أفكاره. عناصره التشخيصات بأنواعها، مع الخطوط والألوان بغض النظر عن ماهية الخامات والوسائل. يستخدم الفرشاة أو سكين الباليت أو آلة حادة، للخربشة فى ألوان الطباشير الزيتى أو الأصباغ والأحبار. المهم.. أن تتجسد الأفكار أمام ناظريه على المساحة بعد أن حلم بها أياما. يمنحها شكلا ليراها ونراها معه. يخلط الحقيقة بالخيال ولا يتقيد بالنسب وقواعد المنظور. أشجار ثمارها أكبر من الحيوانات وأسماك تسبح بين أوراقها. علاقات مسرحية غير منطقية تمنح إبداعه طابعا سيرياليا رومانسيا. فى غمار الانفعال العارم، والإسقاط الفورى، يتأنى فناننا فى أحد أركان اللوحة كأنما ليستريح قليلا. يشرع حينئذ فى الدندنة التشكيلية. يضع تفاصيل دقيقة كزخرفة الدانتيلا بألوان فضية معدنية تتألق كلما سقط عليها الضوء .قد يبرز من خلالها أوجه فتاة محاطا بأوراق النبات وعناقيد العنب. تذكرنا بتقاسيم مرسلة على العود أو القانون، تضفى على لوحاته طرافة وبراءة وخفة ظل. يتغنى فيها بجمال الحياة وروعة الوجود.
- الكائنات التى يبدعها سامى على تبدو كما لو كانت تفكر وتحلم. الطيور والأبواب الخشبية والعقود الإسلامية وتنظيم المساحة، كأنما تهيئ المسرح لموقف معين يضع العناصر التشخيصية بالأبيض والأسود أحيانا، ليركز انتباهنا على المعنى الذى يسفر عنه تعامل المتلقى مع العناصر كأنها شخصيات على مسرح البانتومايم. إشارات ذات دلالة. التجريد الذى يصاحبها كالموسيقى المصاحبة للأغنية الجميلة .يلعب دوراً رمزياً مكملا للوحدات التشخيصية. كما فى لوحة `خصوبة ` 35×50 سم - المغطاة بحشد من أعواد الغاب أو الذرة على شط الترعة، بينها فتاة تستلقى فى أمن وسلام. ظلال الترعة تكسو اللوحة بغلالة من الأحلام، مع الحفاظ على الهيكل البنائى المعمارى الذى لا يخلو منه إبداع سامى على. فالقيم الفنية بأصولها الرياضية راسخة فى أعماقه يمارسها عفواً.
- الإسماعيلية واحدة من أجمل مدن مصر وأكثرها فتنة. ولد فيها سامى على وشب على ضفاف بحيرة التمساح، يمرح مع الفراش والطيور في غاباتها السامقة الأشجار. تصبغ الشمس صفحتها بالأرجوان كل غروب. هكذا عشق منذ الصغر ألوان الأزرق والأخضر والأصفر حتى تكاد لا تخلو منها إحدى لوحاته. تلقفه فى المدرسة الإبتدائية مدرس عائد من بعثة فى فرنسا، كان يصاحب تلاميذه إلى البحيرة والغابات والحدائق. يرسمون ويلونون وهم فى عمر الزهور. لم ينقطع سامى عن هذه العادة، حتى بعد أن أكمل تعليمه العام ثم الجامعى فى القاهرة. لم يتخلف صيفاً واحدا عن العودة إلى غابات الإسماعيلية ومروجها، يرسم ويلون ويعيش أحلامه بين الورق والخطوط والألوان، محتفظاً بهذه المتعة سرا فى صدره لا يبوح بها لأحد. ففى فتوته فى الثانوى يرسم ويلون ويتأمل ويقرأ كثيرا مفضلا الوحدة. كانت الحرب العالمية الثانية وكان الانفتاح الثقافى ينشر جناحيه على الشبيبة المصرية، تراخت قبضة الاستعمار الإنجليزى والسلطة المحلية الضاغطة، وانشغل كل منهما بالسياسة الخارجية والمصير الشخصى. تكلم سامى قليلا وأنصت كثيرا وانصرف إلى ممارسه فنه وحيدا لا يعلم به إلا أقرب المقربين.. حتى أثناء دراسته بكلية الهندسة. سنة 1958 عرض لوحاته لأول مرة تحت إلحاح أصدقائه. سافر إلى أمريكا بعد عامين لدراسة الهندسة الألكترونية فى مطار واشنطن ونيويورك وميريلاند لم يلفت نظره فى المتاحف هناك سوى الفنون المصرية القديمة والإسلامية. أبدع خمسين لوحة بالأحبار الملونة على كرتون. صور فيها أحلامه الأسطورية ورموزه الطريفة. لكن أمريكا حينذاك، كانت تجتاحها موجة التجريد بتأثير جاكسون بولوك (1912/1956) بدعوى الإفلات من المدارس الأوروبية. لذلك لم تلق أعمال سامى على التقدير المناسب، حين عرضها بلا براويز أو أى إجراءات دعائية كالتى يتخذها المحترفون. لكن الأمر لم يشغل باله كثيرا. لأنه ككل الفطريين لا يبدع للعرض.. أو للبيع.. أو ليكتب عنه أحد. تنتهى أهدافه بإنجاز التعبير على أعلى درجات الصدق والأخلاص. لو أن مؤتمر براتسلافا للفن الفطرى كان موجودا آنذاك، لكان لمعرضه فى أمريكا شأن آخر.
- إتخذ الفن الفطرى اسمه الصحيح سنة 1966. كان معروفا قبل ذلك فى فرنسا على أنه الفن الساذج ان - نابيف إلا أن دول العالم إتفقت على اصطلاح الفن الفطرى، لأنه نابع من القلب. من الغريزة، بدون أى إعداد أو تدريب أكاديمى. ولأن السذاجة قرينة قلة الإدراك. وهى صفة لا تتفق مع طبيعة الفنانين الفطريين. وقياسا على هذا التعريف تعتبر لوحات هتلر ديكتاتور ألمانيا السابق.. ورسوم تشرشل رئيس وزراء بريطانيا السابق، نماذج من الفن الفطرى، لأنها نابعه من نشاط إبداعى مارسه أصحابه فى أوقات الفراغ، ولم تسبقه أى دراسات أكاديمية تتدخل فى نقائه. لم يبدعه أصحابه للعرض أو للبيع. أو للشهرة أو لأى غرض غير المتعة التعبيرية. تتوفر له مواصفات العمل الفنى من حيث إنها قيم أستطيقية، تتضمن الإيقاع والتوافق والتوازن والاستقرار وما إلى ذلك.
- عالم الأليكترونيات الذى درسه سامى على وعاش فيه، حطم قيود خياله وأطلقه إلى آفاق غير محدودة. أصبحت العلاقات الرياضية بالنسبة له كحقيبة الألوان. خاض بها عالما مجهولا من التنظيمات الجمالية. إكتشف أشكالا لا أول لها ولا آخر. عرف أن الخامات والأدوات أشياء جامدة بلا عاطفة ولا قصد ولا قيمة، مالم يتدخل الإنسان بوعيه وقصده وعاطفته ليمنحها القيمة. أما إذا إستخدمها مجردة، بقيت على حالها جامدة بلا قيمة. يشترك عادة فى المعارض الجماعية، لكن ثانى وآخر معارضه الفردية كان فى `قاعة إخناتون` سنة 1979 أما عزوفه عن العروض الفردية فيرجع إلى عدة أسباب منها الانفتاح الاقتصادى الذى جعل إتخاذ مثل هذه الخطوة مستحيلا بدون دعم من الدولة، نظرا للتكاليف الفادحة، وإهمال تشجيع هذا النمط الفنى، وانصرف المتلقى عن زيارة قاعات العرض عامة بسبب. العبث الذى يكسو جدرانها أحيانا، وما تحفل به كتالوجاتها من كلمات غامضة.
- سامى على ليس من فنانى الأسلوب الشكلى الفارغ من الرمز والمعنى والمحتوى الإنسانى. ليس ممن تحولت الوسيلة بين أيديهم إلى غاية. فالأسلوب وسيلة التعبير. لكن معظم المحترفين انقلب الأسلوب لديهم إلى غاية. ليست العبارات المبهمة التى تسود صفحات الكثير من الكتالوجات، سوى محاولات مستميتة لإقناع المتفرج بأن معنى جليلا يكمن فى المعروضات عليه أن يستخلصه. أما سامى على فأسلوبه أيضا له قيمة تعبيرية، تظهر بجلاء فى لوحة بعنوان `حنين` تصور ثلاثة أشخاص بينهم سيدة .إعتمد فى تصميمها على مساحات تعبيرية، تعكس على المتلقى أحاسيس معينة. إستهدف بهذه التقسيمات التعبير المعمارى بالإضافة إلى العناصر التشخيصية والألوان. لأن العمارة تشكيل تعبيرى كما يقول حسن فتحى معمارنا العالمى قد تمنح إحساسا بالمرح أو الكآبة أو الجدية أو السخرية أو الروحانية، تختلف لوحات سامى عن بعضها ليس فقط بالعناصر المرسومة والألوان، بل أيضا فى التصميم التعبيرى وهو أمر يغفل عنه معظم الفنانين. تتغاير فى لوحاته العناصر وفقا لتغاير التصميم. هكذا الألوان والملامس والتفاصيل الدقيقة. لأن اللوحة فى مجموعها معادلة رياضية جمالية واحدة فى مساحة محددة. قد تزداد فيها تعبيرية التصميم حتى يكتفى الفنان بالأبيض والأسود وما بينهما من درجات.
- من هنا.. نرى كيف يضمن الفنان الفطرى المثقف إبداعه مهارة وفكر وفلسفة وإحساسا إنسانيا بينما الفنان الفطرى الأمى يسقط تعبيره كالصراخ والبكاء والضحك فلا ينبغيى الإقلال من شأن الفن الفطرى لأنه يحفظ على الفن التشكيلى نقاءه التعبيرى وإنسانيته. هكذا تؤكد الأبحاث العديدة، التى تحفل بها النشرة غير الدورية، التى تصدرها إدارة ترينالى براتسلافا`بعنوان إنسيتا`. أبحاث علماء من أنحاء العالم التعريف الذى إتفقوا عليه حتى الآن هو: أن الفنان الفطرى هو الذى لم يتلق تعليما فنيا أكاديميا، مع توفر القيم الفنية فيما يبدعه من أعمال. ومازال باب الاجتهاد مفتوحا للاستقرار على تعريف نهائى لهذا النمط الفريد من التعبير الفنى.
مختار العطار
من كتاب رواد الفن وطليعة التنوير فى مصر والعالم العربى