محمد سامح محمد الفاتح محمد الميرغنى
(( أغنية الحزن والامل - سامح الميرغنى ))
- هل انتهى - انحسر على الاقل - ذلك الزمن التشكيليى الذى كانت تختلط وتمتزج وتتداخل فيه هموم الانسان على ارضنا وعلى الارض كلها مع هموم الفنان نفسه وتعمل مجتمعة نفور فى اعماق وجدانه؟ - مثل هذه التساؤلات اثارها فى العقل والقلب معاً معرض اعمال الفنان الرسام سامح الميرغنى الذى اقيم مؤخراً فى اتيليه القاهرة لا لأنه من تلك الجموع المحيطة او المتحولة مع الفنانين الذين اكتفوا بأضعف الايمان ولكن لأنه احد القلائل الذين عارضوا بصمود داخلى مثير كل ذلك التسليم او ركوب الموجة واستمروا يحملون فى وجدانهم هموم العصر وصراعاته المتداخلة والمختلطة . - هذا الفنان - مع اعماله - يؤمن بأن الفن صنع للتطور وبأن التطور الحقيقى خادم للانسان ولجموع البشر . - من هنا تحمل اعماله روحاً درامية يمزج فيها بين التحديث والاصالة يستفيد من الكولاج فى تعبيراته ولا ينسى ان الفنان المصور وحتى النحات والمزخرف هو فى الاساس رسام وأن التمكن من دراسة الشكل هو جواز مروره الى اللون والتكوين والتعبيرعن المشاعر والاحاسيس وخلق الدراما الفنية ولهذا فهو لا يكف عن التخطيط بالقلم فى ساعات فراغه ليل نهار يعيش ويعايش الرؤية الفنية بطلاقة خطوطه فى اسكتشات تحضيرية تتكون منها بتدفق شاحن عناصر لوحاته المتكملة بعد ذلك . - هموم تنساب على خط الحبر الاسود وكذلك احلامه لانه درس فن الحفر فإنه فى ذلك لا يختلف عن العازف المتمكن . هذه الظاهرة يشترك فيها دارسو هذا الفن فهو الجرافيك مدخل اصيل للسيطرة على التشكيل . - فى لوحاته بالاسود والابيض حين تنساب خطوطه فإنها تحمل الى المتلقى عالماً درامياً حزيناً وحانياً لا يقطع خيط التفاؤل كانما يرتبط به بحبل سرى الرؤوس تتساند على بعضها والمغزى نبيل يتجه الى نقاء القلب وحضارة الانسان وقوانين الحياة فى الفراغ شمس او قمر يثيران الدفء وفى الجانب الاخر موجة من خطوط توحى باستمرار الحياة . - وحينما يصور فى بعض لوحاته المرأة الموحية بالجنس العابر فإنه يضعها فى اطار اجتماعى يرفض تلك النظرة وتلك الظروف وينقل الشعور بالحضارة وضغط الحاجة . - كل هذا فى همس يتجه الى الوجدان ويثير التأمل والتفكير يثير الشعور بالمرارة وبعض الغضب تجاه الواقع لدى المتلقى . - نساؤة محتجات متذمرات ومعتدات كأنما ينتظرن الخلاص بالرغم مما يبدو على الاقنعة من استسلام. لوحاته فى الكولاج تجميع وحدات كانت متفرقة تحمل نفس الروح الدرامية وإن كان ينقصها عنصر مقدرته المتميزة وهى الرسم والتعبير بالخطوط الموحية المشحونة ولكن يعوضها الى حد ماتحمله من دلالات المضمون . - لا شك ان هذا المعرض قد حمل الى مشاهديه الكثير من العطاء واثار اشجاناً كأنما هو اغنية موغلة فى الحزن الجليل .
الناقد / كمال الجويلى
مجلة القاهرة العدد 78 ديسمبر 1987
اللون والحركة فى معرض ` سامح الميرغنى`
- إذا كانت الكلمة هى الأداة التى تترجم مشاعر وأفكار الفنان شعرا وفكرا وإذا كانت الدلالة هى أحد أهم الأركان فى العملية الإبداعية .. - فإن عملية الشحن التى يقوم بها المبدع للفظه أى تحميلها وتلقيحها بما ليس فيها من معادن أو إبراز وتأكيد ما هو فيها بالفعل هى التى تكون الدلالات الحسية والموضوعية.. مما يخلق معها لدى المتلقى - القارئ - وردود فعل أكيدة ولو على مستوى السطح أى على مستوى الدلالة المباشرة للفظه كمستوى أول للانعكاس الإبداعي.. فإن الأمر لدى الفنان التشكيلى يختلف تماما، فالأدوات هنا خاصة إلى حد ما، وطرائق التعامل معها ليست يسيرة لدى المتلقى المتمرس، ناهيك عن المتلقي العادي والغير متمرس على قراءة اللوحات والتفاعل معها ومحدودية معرفته بالفن التشكيلى وتطوره ومدارسه المختلفة،هذا فضلا عن الأمية الثقافية العامة والحالة الاجتماعية والاقتصادية، وما يستوجبه الفن التشكيلى من ذهاب المتلقي إليه حيث يوجد، وصعوبة وصول هذا الفن لمتلقيه فى صورة كتاب مثلا أو مجلة سيارة أو جريدة .. مما يزيد من هموم الفنان التشكيلى التى يحملها على عاتقه لأنه يعرف مسبقا أن متلقيه خاص جدا ، وحاذق جدا فى بعض الأحيان . وهذا هو معرض أحد الفنانين التشكيليين المصريين الذين يطرقون الحديد بأظافرهم محاولين التعبير عن هذا العالم ومحاولين الاتصال والالتقاء والتفاعل معه أيضا .. * اللون ودلالاته الخاصة .. - اللون فى لوحات سامح الميرغنى لون مختلف فى الغالب، والفنان هنا لا يستخدم كثيرا الألوان الأصلية بنصاعتها وحدها. بل هو يميل إلى الألوان الهادئة كالرمادي مثلا والبيج والبنى والرصاصى .. إلخ، مما يعطى إحساسا ما بالحركة الهادئة وليست الحركة السريعة المفاجئة.. كما أن التعامل مع الألوان بهذه الطريقة يجعل الحدود والفوارق بينها تتلاشى كما يجعلها متداخلة كما لو كانت تحمل جزءا من صفات بعضها البعض أى أنه لا توجد استقلالية ولا محدودية للون بعينه مفردا إذ أن اللون مرتبط باللون الأخر ومتشابك معه ومتشابه أيضا فى كثير من الصفات مما يشكل نسيجا متشابكا من الألوان . * الجسد البشرى فى اللوحة.. - أهم ما نلمح فى لوحات سامح الميرغنى أن الجسد بحركته وجدليته وصراعه مع الحياة وفى أوضاعه المختلفة قاسما مشتركا فى كل لوحاته تقريبا بل هو الأصل والأساس فى كل لوحات المعرض .. مما يعطى مؤشرا لاهتمام سامح الميرغنى بالإنسان عموما كقيمة لا تشغل حيزا منه بل هى كل الحيز وكل هذا الاهتمام فالأصل فى الحركة على مستوى اللوحة وملء الفراغ التشكيلى هو الجسد، والجسد والجسد دائما غير مكتمل .. كما انه غالبا يكون مشوها وكأن هذا التشوه إعمال لنواقص هذا الإنسان الذى لا يملك إرادته فى الحياة والذى يعانى من افتقاده للكثير من متطلباته الحياتية وإحساسه بالأسر داخل منوعات كثيرة مما يفقده الحرية فى الاكتمال ويجعل منه هذا المبتور الأعضاء والذى إن اكتمل فهو إذن مشوه الملامح .. هذا الإحساس بالبتر وعدم الاكتمال ركيزة أساسية تجذبك فى لوحات سامح الميرغنى وتجعلك أكثر التصاقا برحلته الإبداعية كصدى لمحاولاته فى واقع مضن يجعله لا ينطلق بسهولة نحو الأفق كما ترجم فى أول لوحات المعرض التى جعل فيها الجسد متوقعا كما لو كان فى صندوق مسيج بمثلث حاد الزاوية يحول بينه وبين الأفق الرحب.
إبراهيم فارس
الثقافة الجديدة العدد 27 ابريل 1994
سامح الميرغنى لوحاته فى الأتيلييه تعاند قوى السوق
- المعرض الذى نظمة قطاع الفنون التشكيلية للفنان سامح الميرغنى بأتيلييه القاهرة ، هو الأول منذ رحيله فى عام 2004 ، بعد رحلة فنية خاطفة ، حيث اختطف الموت صاحب لوحة جمعت بين القيم الفنية الخالدة وقضايا واقع معاش، فى نسيج ، لايتوفر لأحد إلا إذا كان يمتلك رؤية وثقافة موسوعية ، وموقفاً ووجهة نظر فى الحياة . - ينتمى سامح الميرغنى إلى جيل الستينيات ذلك الجيل الذى شهد مرارة الإنكسار ولم يفرح بالانتصار الذى تحقق فى عام 1973 ، بعد أن خطف الانتصار الانفتاحيون ، فهو أحد أبناء جيل عاش على حافة مرحلة ، لم يبلغ الاشتراكية ، ولا حتى قطف ثمار التحول تجاه قوى السوق من عرض وطلب ، وهو التوجه الاستثمارى الذى إذا انسحب على إبداعات سامح الميرغنى، ستجد لوحاته صعوبة للتواجد فى سوق الفن لأسباب عديدة منها ارتباطه بأيديولوجية تتناقض مع هذا التوجه كما أن لوحاته محملة بطاقة تعبيرية ومضامين تختلف عن لوحة الزينة . - يعتمد الميرغنى فى لوحاته على عناصر لابد أن تحدث دراما وتثير تساؤلات وتطرح قضايا سواء من حيث الشكل الذى يستخدم فيه وحدات بصرية صريحة ومعبرة لدرجة المباشرة أحياناً كالهرم مثلاً أو اعتماده على حركة الجسد البشرى ودلالاتها ، أو من حيث المضمون الذى تضمره هذه العناصر فى حوارها العنيف على السطح الذى تعددت مستوياته فى كثير من اللوحات . - لكن المثير فى لوحاته هو تعدد القراءات والرؤى بسبب صياغته للون على نحو ساخن كأنه يتفجر ، كما أن اختياره لعناوين أدبية للوحاته ، تضعف المطلق والأبدى والتجريدى والتناول المفتوح للوحة وتحصرها فى نطاق الدلالة المباشرة لعنوان اللوحة الأدبى ، خاصة عندما نجد لوحة بعنوان الحصار ، أو خارطة الطريق ، أو أمل دنقل ، أو معهد الأورام تلك اللوحة التى رسمها فى ظل تداعيات تربطة بأمل دنقل حيث اشتركا فى نفس المصير . - سامح الميرغنى واحد من جيل تربص الموت بالعديد من فنانية، وخطفهم فى منتصف العمر ومنهم شوقى زغلول الذى راح إثر حادث سير على شاطىء الخليج العربى بالكويت، ورؤوف رأفت فاجأة الموت على الساحل الشمالى والسكندرى، محمد بكرى، ومازن إسماعيل .
روزاليوسف 21 نوفمبر 2006
|