أربعة وثمانون شمعة مضيئة فى حياة الفنان سعد الجرجاوى
- ما الهجرة ؟ بل ما الفن؟ وما الفن التشكيلى أو البصرى والحسى؟ هذه التساؤلات تصبح كالهاجس الذى يلازمنا ونحن نقرأ أعمالا فنية مضيفة ومثرية لحياتنا لا أقول الفنية وحسب، وإنما تمثل بصمة غائرة فى تاريخنا الثقافى المعاصر، وأملا ينضج بما نحلم به من مستقبل لشعب هذا البلد وسائر شعوب هذا العالم.. فى الوقت الذى يهاجر فيه فنانو عواصمنا، ولاسيما قاهرتنا، بخيالهم إلى الغرب يستلهمونه `أصول` فنهم، ويحاكون لغته التشكيلية البصرية، ثم يلحق بهم فنانو الأقاليم محاكين محاكاتهم للنماذج الغربية فى التكوين والتلوين ورؤى العالم، نجد فنانين مصريين عاشوا فى الغرب سنوات وعقوداً طوال، ومع ذلك فهم أقرب ما يكونوا لحساسية الشعب المصرى البصرية، بل لأبسط الناس فيه لصانعى حياته اليومية بخصوصية إيقاعاتها،أقرب لهؤلاء من القابعين بداخله وإن هاجروا بفؤادهم إلى حلم `أوروبا ` و`أمريكا`، ذلك الحلم الذى نفر منه سيد درويش فى إحدى أغنياته الشهيرة .
- لقد صار هذا الاغتراب سمه شبه عامة للحركة التشكيلية المصرية والعربية المعاصرة حتى أن ناقدا بحجم الراحل محمود بقشيش قد كرس عددا من مقالاته لـ `البحث عن ملامح قومية ` فى فنوننا البصرية الحالية. وقد جمعت هذه المقالات وصدرت فى سلسلة `كتاب الهلال` ( عدد فبراير 1989 ) .
-من هنا نجد أنفسنا أمام نموذج جد فريد فى كسر تلك التبعية التشكيلية للخارج والتعبير عن الروح المصرية فى معالجاتها الفنية وألوانها ومزاجها العام على الرغم من كون صاحبها `بعيداً ` بالجسد فقط عن أرض الوطن.. ولعل الفنان الكبير سعد الجرجاوى يعد من أنصع النماذج على هذه المفارقة المفرحة والمحبطة فى آن : مفرحة لأنها تكشف عن أصالة الفن المصرى المعاصر مهما كان بعد فنان هذا البلد عن وطنه، ومحزنة لأننا نحن هنا فى مصر لا نشعر بذلك الوفاء المتدفق نحو هذا البلد من جانب أبنائه الفنانين المهاجرين، ولا نقيم لهم ما يستحقونه من مكانه فى ذاكراتنا التشكيلية على الرغم من أنهم ليسوا فقط نعم السفراء لنا فى الخارج ، وإنما هم كذلك بمثابة نموذج محرر لتشكيليينا فى الداخل من محاولاتهم احتذاء النماذج الغربية فى أعمالهم والتوحد بها ليست هذه دعوة للانغلاق على الذات كما قد يفهم خطأ، وإنما هى مسعى للتعرف على خصوصية تلك الذات من خلال اختلافها الموضوعى عن الآخر .
-فالآخر فى اختلافه الموضوعى عن الذات هو أفضل ما يمكننا من التعرف على ما يميزها عنه. وهل يمكن للفن بوصفه تشكيلا جماليا بصريا للواقع إلا أن يكون معبر عن ذلك ` الشيء الذى يستعصى على الإمساك به على الرغم مما يتميز به من حسية ` ؟
* فى مراحل الفنان سعد الجرجاوى :
- فى خطابه الذى أرسله إلى سعد الجرجاوى منذ قرابة الثلاثة أعوام، والمنشورة صورته بجوار هذا المقال، يقول سعد : ها أنا أرسل لك هذا الطرد ويحتوى على 37 عملا من مرحلة حياتى الأخيرة التى هى الثالثة إذا اعتبرنا أن كل مرحلة تستمر لمدة 20 سنة. الأولى حتى الأربعين والثانية حتى الستين، والثالثة والأخيرة حتى الثمانين.. هذا علاوة على 15 عملا كلفت فطيم ( ابنه -م.ى) أن يرسلهم لك بطريق الكمبيوتر` أرجو أن تكون هى أيضا قد وصلتك.. اهتمامى بهذا الموضوع ينبع من إيمانى بأن الفنان المصرى الذى ولد فى مصر ودرس فى مصر، وكانت له أنشطة فنية لمدة عشر سنوات فى مصر منذ تخرجه فى عام 1951 حتى سافر إلى الخارج فى عام 1961 واستمرت حياته فى الخارج حتى يومنا هذا لا يجوز أن ينسى أو يهمل أو تهمل أعماله ..
المرحلة الأولى
من حياة سعد الفنية فى مصر
- لسعد بضعة لوحات اقتناها متحف الفن الحديث فى فترة ما قبل هجرته للخارج، خلال خمسينات القرن الماضى. فقد تخرج فى كلية الفنون الجميلة فى عام 1951 بعد أن تعلم على كبار الفنانين المصريين آنذاك ابتداء من بيكار وأحمد صبرى، بينما كان الجزار زميل دراسة له فى كل الفنون الجميلة، كما كان تأثره واضحا بأستاذه بيكار الذى علمه `أجرومية فن التصوير` .. كما أكد لى فى أكثر من مناسبة، وكما يتضح من إهدائه له كتابه الاستيعادى لأعماله الذى أصدره باللغة الألمانية فى ألمانيا عام 1989 وكتبت مقدمة له باعتبارى رفيق عمر صاحب الكتاب. كان سعد شديد الولع بصديقه الجزار الذى كان يسبقه فى قسم التصوير بالكلية بعام واحد، ولعل ذلك يرجع لتغلغل الروح الشعبية فى أعمال الأخير، تلك الروح التى راح سعد يستلهمها ليس فقط فى موضوعات لوحاته، وإنما بالمثل فى معالجاته البصرية المبدعة على سطح اللوحة ذات الخصوصية المصرية الشعبية فى رؤية الطبيعة والحياة. ولعل ذلك يمكن أن يقابل بأعمال بعض المغتربين من مشاهير الفنانين المصريين الذين لم يغادروا مصر، وإن تعالوا على الثقافة الشعبية فى بلادهم مكرسين حياتهم لتصوير صفوة المجتمع وما يفضلونه من زهور وورود فإذا ما حاولوا أن يجاروا الدولة فى تحولها `الشعبى` أوائل الستينيات وصوروا بعض `البسطاء` من أبناء وبنات المجتمع المصرى جاءت أعمالهم خاوية من الحياة ناهيك عن الحيوية البصرية: ولعل القارىء يعلم أنى أقصد هنا صبرى راغب مثالا على ذلك التوجه الصفوى المتعالى الذى عاده ما يبهر بخبطات فرشاته متواضعى الثقافة البصرية.
مفارقة فى الفنون البصرية
-عندما طلبت فى التسعينات من بعض الفنانين التشكيليين المصريين أن يرسلوا إلى عددا من صور أعمالهم وأعمال زملائهم لأعرضها على مدير متحف `لودفيج` فى مدينة أخن الألمانية ترددت بعد أن وصلتنى فى أن أقدمها لمدير المتحف آنذاك `كنموذج ` للتصوير المصرى المعاصر، ولكنه حين ألح فى الاطلاع عليها وأحرجت مضطرا أن أقدمها له، قال لى ما توقعته : لو خبرنى أحد أن هذه الأعمال لفنانين من إيطاليا، أو فرنسا، هل كنت سأرى غير ذلك؟ أين فنونكم البصرية المصرية ؟ ولكنى ما أن أخرجت له صورا لأعمال سعد الجرجاوى الفنان المصرى المقيم فى ألمانيا منذ بضعة عقود حتى انفرجت أساريره وقال لى مبتهجا: بلا هذه أعمال مصرية حقا، لكنى لا أستطيع أن أقدمها وحدها كنموذج دال على مجمل الفن المصرى المعاصر ..
لغة التشكيل البصرى عند سعد الجرجاوى
-على العكس من معظم الأعمال الأوربية التى يخيم عليها ظلمة الضباب والشتاء القارص كما نشهدها على سبيل المثال فى لوحات `كاسبار دافيد فريدريش` و ` تيرنر ` تميزت أعمال سعد الجرجاوى بخصوصية مصرية ساطعة بضيائها المنبعث من أشعه الشمس التى تتضح فى تقابلها التشكيلى مع أطياف نساء الصعيد المتلحفات بالسواد كما تتميز بصرحية تعامدها الذى يطالعنا فى أعمدة المعابد المصرية القديمة، وشموخ حسيتها الذكورية، وخصوصية الأداء الشعبى للأنوثة فيها.. كما نلمس فى أعماله `شقاوة` اللعب الإبداعى متمثلة فى محاوراته البصرية الممتعة بينما تعالج وحدات العمل الفنى فى تنقلها بين التشخيص والتجريد وكأنها تذكرنا بلعبة التحطيب رغم اختلاف موضوعها ( انظر مثلا صورة لوحته ` كوب الشاى ` إلى جانب هذا المقال ..) .
* ماذا أتاح المهجر الألمانى لسعد الفنان ؟
- يصعب على المتابع لأعمال سعد الجرجاوى أن يجد تحولا جذريا فى لغته التشكيلية على الرغم من طول مهجره الألمانى الذى صار يقارب الخمسة عقود، لكن الواضح أن المرحلة التاريخية التى عاشها الفنان فى هذا المهجر منذ الستينات حتى الآن وانفتاحها على الحياة فى بساطتها وتلقائيتها جعل الشروط الموضوعية لتحقيق حلم الفنان بأن نعيش فى موضوعات فنه ذلك الذى صار يفتقده فى بلده من تحفظ بإزاء الحسيات، وبخاصة تحرير الجسد العارى رمزا لتحرير الإنسان من ربق الأيديولوجيات والعادات المحافظة الخانقة لتحرره بغض النظر عن نوعه ذكرا كان أو أنثى لذلك فقد أقبل سعد على إشباع رغبته فى الانطلاق لإشباع مالم يكن متاحا له فى بلده الآن على النحو الذى يتمناه من حرية التعبير الشبقى فى لوحاته.. وهو ما يتمثل خاصة فى عارياته التى تذكرنا ببعض آثار أجدادنا المصريين القدماء فى هذا المجال بينما يصعب الآن أن تعرض فى مصر على الملأ، وإن غصت غرف النوم فى بلادنا بصور لعاريات تفتقر بشدة لأية قيمة تشكيلية.. يرافق هذا التحقق التحريرى فى أعمال سعد التصويرية فى مهجرة الألمانى طرقه لمجال النحت كنوع تشكيلى لم يسبق أن عالجه قبل أن ينتقل إلى المهجر، وإن احتاج لدراسة مستقلة عن منجزاته فيه .
فى منطق الهجرة أم العودة للذات الحضارية
-هاجر سعد الجرجاوى ( مواليد 1926 ) إلى الكويت فى عام 1961 حيث التقيته هناك فى ذلك العام، ومنها إلى ألمانيا فى 1964 حيث ظل مقيما حتى يومنا هذا ومع كل تلك الإقامة الطويلة فى الخارج لم تفارقه مصر لحظة واحدة من حياته فى الغربة. فهو - كما ردد لى فى كثر من مناسبة - يعيش فقط بجسده فى ألمانيا، ولكنه يحيا بحسه وروحه فى مصر، أو كما كتب إلى فى الرسالة المرفق صورتها مع هذا المقال والتى يتساءل فيها : .. الفنان ( المصرى ) ( .. ) وإن ترك مصر وعاش فى الخارج بعيدا عنها فهو تركها بجسده فقط ولكنه يعيش فى مصر كل يوم وكل ساعة نهار فى أعماله وأفكاره وليلا فى أحلامه..فهل يجوز أن تنسى مصر `الأم`هذا الابن ؟ إنى أستخسر ترك أعمالى للخواجات بعد وفاتى.. وخوفى على ترك هذه التركة الفنية التى تصل إلى آلاف الأعمال - آخر إحصاء منذ ثلاث سنوات - بلغت الأعمال حدود الأربعة آلاف ` ( يرجع تاريخ هذا الخطاب إلى 13 نوفمبر 2006 مما يستنتج منه أن عدد تلك الأعمال قد بلغ الآن الخمسة آلاف على الأقل خاصة وأن صاحبها غزير الإنتاج !م.ى ) .
- هنا أتوقف عند هذا المقتطف من خطاب سعد الجرجاوى لأوجه هذا الكلام إلى وزارة الثقافة ووزيرها الفنان الذى شاهد أعمال سعد بنفسه حين جاء ضيف شرف فى بينالى الاسكندرية التاسع فى 2003 وأبدى إعجابه بها : ألا يستحق سعد الجرجاوى أن تقيم له مصر متحفا يحمل اسمه وتعرض فيه أعماله التى تخلد اسم مصر فى الداخل والخارج معا، حتى تصير اكاديمية بصرية يتعلم عليها فى المحروسة دارسو الفن ومحبوه وتصبح فضلا عن ذلك علامة مضيئة فى علاقاتنا الثقافية بالخارج حين تدعم الإبداع المصرى فى الداخل؟ ألم تصنع بولندا تمثالا رائعا لموسيقارها العظيم شوبان ووضعته وسط أحد ميادين عاصمتها وارسو ؟ وكما كانت موسيقى شوبان على الرغم من مهجره الباريسى تميد بالألحان البولندية الشعبية، هكذا صار فن سعد الجرجاوى تتغلغله خصوصية الرؤية البصرية المصرية للواقع والحياة على الرغم من بعده عنها، فككان ومازال حميم التواصل معها، بل هو أقرب إليها من العديد من الفنانين التشكيليين الذين يعيشون بين كنفاتها وإن هاجروا بأساليب رؤاهم وتكويناتهم البصرية إلى عالم ` استشراقى ` بعيد عنها..
مجدى يوسف
القاهرة - 14 / 12 /2010
رحيل الفنان المصرى الكبير سعد الجرجاوى
- ولد سعد فى حى البكرية فى القاهرة فى عام 1926 وتخرج فى كلية الفنون الجميلة بالعاصمة فى عام 1951حيث كان بيكار أستاذه المحبب وقد أهداه سعد كتابا أصدره فى ألمانيا الاتحادية عام 1991 وثق فيه مراحل حياته الفنية حتى ذلك الوقت حيث كتبت مقدمة بالألمانية لهذا الكتاب بناءا على طلب الفنان عرضت فيه لتطوره الفنى كما كانت لى معه تجارب تشكيلية مشتركة مصور بعضها فى هذا الكتاب (وفيما أصدره الفنان بعدها من كتيبات) من ذلك مقولة للفيلسوف الألمانى ( إيمانويل كانط ) قمت بترجمتها للعربية على نحو معلق عليها من خلال جرس الحروف واقترحت على سعد الجرجاوى أن يعلق بدوره على تعليقى الصوتى بشكل بصرى وقد عرضت هذا العمل المشترك فى أكثر من معرض للفنان كما عرضت تجربة أخرى لنص للفنان الألمانى ` كاسبار دافيد فريديش ` قمت بترجمته للعربية على هذا النحو ( ربما كان الفن لعبة لكنه لعبة جادة ) ثم قام سعد بكتابته على نحو يلعب فيه بالنقاط على الحروف .
- تأثر سعد الجرجاوى بأساتذته بكلية الفنون الجميلة وبخاصة بأحمد صبرى وبيكار وتتضح أعماله قبل رحيله عن مصر فى عام 1961بذلك الطابع الأكاديمى خاصة فى فن البورتريه حيث وجد له بعض اللوحات ضمن مقتنيات متحف الفن الحديث فى تلك الفترة وفى مهجره الكويتى حيث تعرفت عليه آنذاك عمل مصورا تشكيليا فى مجلة حماة الوطن وقد زينت لوحاته أغلفة معظم أعداد المجلة وصارت لها شعبية كبيرة هناك حتى أنه عندما أوقفه ذات مرة عسكرى المرور فى أحد شوارع الكويت لتجاوزه السرعة المسموح بها بسيارته قال له سعد أنت تعرفنى بالتأكيد أنا سعد الجرجاوى فرد عليه العسكرى مصححا تقصد بريشة سعد الجرجاوى وكان يقصد أن سعد قد اختصر الجزء الأول من اسمه.
- وفى عام 1963 قام سعد بجولة أوربية ليستقر به المقام فى ألمانيا الاتحادية حيث كنت قد سبقته إليها منذ عام 1962وهناك تجددت صداقتنا وتعمقت حيث كنا نتزاور ونتعاون ونتحاور هاتفيا كل يوم تقريبا على الرغم من أنه كان يقطن فى ميونخ عاصمة بافاريا وكنت أعمل بجامعة كولونيا ثم جامعة بوخوم على بعد أكثر من ست ساعات بالقطار من ميونخ وقد ذخرت تلك الفترة التى عاشها سعد الجرجاوى فى ألمانيا بغزارة الإنتاج على الرغم من أنه اضطر أن يعمل مدرسا للتربية الفنية فى مدرسة ثانوية للبنات فى نورنبرج فى عام 1973خاصة بعد أن تزوج من روزه الألمانية فى عام 1970 وأنجب منها ابنة سماها منة الله وابنا سماه فطيم مما لم يتح له فرصة التفرغ لفنه لكنه ما إن أحيل إلى المعاش فى عام 1991 حتى انطلق يصور وينحت عددا كبيرا من الأعمال ويقيم لها المعارض فى جنوب ألمانيا ومختلف أنحائها معوضا ما فاته بسبب مهام التدريس التى استغرقت معظم وقته حتى أنه كان يرد بعد إحالته للمعاش الآن قد جاء وقت العمل ولم يتوقف لحظة عن التجريب بأغلب الخامات وطرق الرسم والتصوير بالزيت والجواش والطبع على حجر الليتو والمائيات التى خلف منها آلاف الأعمال كما كانت له تجارب نحتية مهمة خاصة فى النحت المصبوب بالبرنز مع أنه خريج قسم التصوير فى الفنون الجميلة وقد كرم منذ بضعة أعوام خلت كضيف شرف فى صالون الفن التشكيلى فى القاهرة حيث دعى خصيصا لذلك من ألمانيا على نفقة وزارة الثقافة المصرية .
- كتب إلى سعد فى 13 نوفمبر 2006 يقول هاأنذا أرسل إليك هذا الطرد ويحتوى على 37 عملا من مرحلة حياتى الأخيرة التى هى الثالثة إذا أعتبرنا أن كل مرحلة تستمر لمدة 20 سنة الأولى حتى الأربعين والثانية حتى الستين والثالثة الأخيرة حتى الثمانين هذا علاوة على 15 عملا كلفت فطيم ( ابنه ) أن يرسلهم لك بطريق الكمبيوتر أرجو أن تكون هى أيضا قد وصلتك اهتمامى بهذا الموضوع ينبع من إيمانى بأن الفنان المصرى الذى ولد فى مصر ودرس فى مصر وكانت له أنشطة فنية لمدة عشر سنوات فى مصر منذ تخرجه فى عام 1951 حتى سافر إلى الخارج حتى يومنا هذا أقول أن هذا الفنان لا يجوز أن ينسى أو تهمل أعماله لأنه وإن ترك مصر وعاش فى الخارج بعيدا عنها فهو تركها بجسده فقط ولكنه يعيش فى مصر كل يوم وكل نهار وكل ساعة نهار فى أعماله وأفكاره وليلا فى أحلامه فهل يجوز أن تنسى مصر الأم هذا الابن؟ إنى أستخسر ترك أعمالي إلى الخواجات بعد وفاتى وخوفى على ترك هذه التركة الفنية التى تصل إلى آلاف الأعمال - آخر إحصاء منذ ثلاث سنوات - بلغت الأعمال حدود الأربعة آلاف ومن حسن الحظ أنك أنت الشخص الوحيد الذى يهمه أن تظل مصر تذكرني إلى أن يختم خطابه بقوله أرجو أن أسمع منك وأدعو الله أن يوفقك فى تنفيذ أفكارك وهى أيضا تنبع من حبك لمصر .
*أخوك سعد ..
- والآن أوجه هذا الخطاب خطاب الفنان الراحل العاشق لبلده إلى وزارة الثقافة ووزيرها الوطنى المخلص عنها تخصص لأعمال هذا الفنان الكبير معرضا دائما أو متحفا يضمها كى تنهل منها الأجيال الحاضرة والقادمة وإنى لعلى استعداد لأن أكون جسر التواصل مع ورثة الفنان فى هذا المضمار .
د./ مجدى يوسف
القاهرة - 16/ 4/ 2013