الفنان المصور بهاء مدكور
- بهاء مدكور أحد فنانى الصورة الضوئية العاشقين لفنهم المبدعين فى إنتاجهم .لقد وهب بهاء نفسه لهوايته ، وهناك حكمة قديمة تقول إذا أنت وهبت نفسك للفن، وهبك الفن بعضه ، وإذا وهبت بعضك له لم يهبك شيئا.
- مارس بهاء هوايته النفضلة منذ الصبا فسجل اللقطات العائلية ، كما يفعل الكثيرون من محبى الكاميرا، وكان من الممكن أن يظل بهاء مثلهم داخل هذا المجال مكتفيا بما يضيفه لسجل الذكريات من صور فى المناسبات المختلفة ، إلا أنه داوم الاتصال بفنه وممارسته ، ونمى موهبته بقراءاته العميقة فى مكتبته الفنية ، هذا بالإضافة إلى استمراره فى تحديث معداته بل وإنتاج بعضها بنفسه .كل ذلك مكنه فى النهاية من الخروج من المجال الفنى المحلى إلى المجال العالمى ، وبمكانة مرموقة بشهادة النقاد الغربيين الذين شاهدوا معارضه فى إيطاليا.
- الدكتور مهندس بهاء مدكور أستاذ مساعد بكلية الهندسة جامعة القاهرة ،أب لطفل وطفلة ومع ذلك لم يمنعه هذا أو ذاك عن عشقه للصورة الضوئية وتضحيته ببعض وقته وماله ، يقضيه فى صومعة الفن مع كاميرته ، فلا نجاح بلا رهينة وتفرغ وتضحية.
- أمضى بهاء أكثر من خمسة وعشرين عاما فى محراب التصوير الضوئى ، ! استخدم فيها نوعيات مختلفة من الكاميرات ، فهو يذكرنا بأول كاميرا ( S.L.R) عاكسة وحيدة العدسة أنتجتها شركة إنجليزية فى نهاية الخمسينات تحت اسم pentacon ، واعتبرتها صيحة فى ذلك الوقت حيث كانت الكاميرا العاكسة حتى هذا التاريخ ( weayftex ) ، تستخدم المرايا بدلا من المنشور الخماسى فتظهر الصورة على المنظار معدولة ولكن كل ما فى اليمين إلى اليسار وكل ما فى اليسار إلى اليمين.
- ويرجع بهاء الفضل فى عبورة حينئذ حاجز التصوير التسجيلى .
- وهى اللقطات التى تنقصها البنية الفنية للتكوين الشكلى أو الضوئى إلى التصوير كفن لاقتنائه الكاميرا بنتاكون التى مكنته لأول مرة فى حياته الفنية من تركيب العدسات التبادلية ذات الأبعاد البؤرية المختلفة على جسم الكاميرا ، أو إضافة عدسة جديدة أمام الأصلية أو بينها وبين جسم الكاميرا ، وأيضا غير ذلك من الإضافات المؤثرة على خيال الموضوع المتكون على الفيلم.
- لقد كان الفيلم الأسود والأبيض حتى هذا الوقت - وهو الاختبار الحقيقى للمصور الجاد فى عمله - هو الفيلم السائد ،أما الفيلم الملون فكان فيلم الشرائح ( Slid Film) ، فلم يكن الفيلم الملون السالب قد عم انتشاره أو تحسنت نوعيته كما هو حادث الآن .
- والدكتور بهاء يعشق العمل بيديه كمهندس لذلك قام بتصميم وتنفيذ إضافات متعددة للكاميرا ، كما عمل تعديلات فى نوعيات محددة من العدسات أو القطع التكميلية للكاميرا أتاحت له استخداما أفضل أو إمكانات أكبر فى عمله الفنى وبذلك اتسع مجاله فى الإنتاج ومن إنتاجه: رأس بانورامية تركب أسفل الكاميرا والحامل مكنته من إدارة الكاميرا على قفزات محددة فى زواية مقدراها 180 ، وذلك لتغطية مجال تصوير عريض الاتساع يسجله على عدة لقطات يتم تجميعها بعد التكبير فى صورة واحدة ` بانوراما`.
- ومن المعدات التى عدلها عدسة إضافية حولها لعدسة ناقلة ( Shift Fens) يمكنها أن تتحرك لأعلى أو تدور حول محورها لتعديل المنظور فى التصوير المعمارى.
- المعدات التصويرية التى يمتلكها حاليا د. بهاء تتكون من كاميرتين oympas omt وعدستين متسعتى الزاوية 21مم ، 28 مم وعدستين مقربتين 200 مم ، 300 ممم هذا بالإضافة للعدسة العادية للكاميرا50مم وأخرى ` زووم ` 75- 150مم ، مع تشكيلة كبيرة من المرشحات والإضافات البصرية أمام العدسة أو بينها وبين جسم الكاميرا ، وعدة نوعيات من الحوامل تمكنه من التصوير والكاميرا فى أوضاعها المختلفة حتى إن بعض هذه الحوامل تسمح أيضا بتركيب الكاميرا أسفل عمود التثبيت بين أرجل الحامل.
- لقد اشترك الفنان بهاء فى معرض صالون الربيع بالإسكندرية عام 1983 ، كما زود هيئة تنسيط السياحة المصرية بالصور اللازمة للمهرجان الذى أقامته فى مالطة عام 1984 .وبالإضافة لاشتراكه خارج التحكيم فى عدة معارض أقامتها جمعية التصوير الفوتوجرافى المصرية ، واشتراكه كعضو فنى فى التحكيم فى معارض محلية كثيرة .
- وكان أهم عرض أقامه خارج الجمهورية فى روما بإيطاليا فى أكتوبر من العام الماضى ، عن موضوع يوحى بصور رائعة هو المقابر الفريدة فى نوعيتها والمزينة بزخارف ونقوش زاهية الألوان فى تعبير جميل عن الفن الشعبى البيئى لأهالى بلدة ` هو ` فى صعيد مصر وهى البلدة المجاورة لكوم امبو والتى كانت عاصمة المنطقة فى عهد الامبراطورية الرومانية.
- عندما عاد بهاء إلى القاهرة من روما دفعته روح الحماس التى يتميز بها فشد رحاله بسيارته فى رحلة طولها 580ك .م حيث سجل إنتاجا أثبت به القاعدة القائلة أن العمل الناجح لا يتوقف على اختيار الموضوع ، بقدر اعتماده على طريقة الإخراج .فالمقابر ليست موضوعا هاما أو محببا ولكن طريقة إخراج د. بهاء لعناصر الموضوع وهى منطقة دفن الموتى ` أو القراقة` كانت السبب فى نجاح المعرض الذى أقامه بهدف فنى وليس للتسجيل التاريخى.
- لقد رحب مدير الأكاديمية بما عرضه عليه د.بهاء من صور مكبرة من منزلق على أوراق سيبا كروم الرائعة التى تكاد تجسم نغمات التدرج الظلى بحاسية فائقة ، أو صور مكبرة من سالب ملون على الأوراق العادية الملونة .كل ذلك للقطات سجلت ليلا فى ضوء كشافات السيارة مع استخدام مرشحات التصحيح ، هذه الإضاءة التى تعطى تبايناعاليا ورؤية شبه مسرحية ، أو تحت إضاءة وميض ألكترونى أو ضوء القمر ، هذا بالإضافة للعديد من اللقطات الرائعة فى ضوء الشمس فى الصباح الباكر حيث تكون الظلال طويلة أو وقت الظهيرة عندما يكون التباين قويا بين المناطق المضاءة والمظللة أو عند الغروب بألوانه الحالمة .
- يقول الدكتور بهاء إنه لن ينسى لحظات الافتتاح فى روما وتورينو والإعجاب المتزايد الذى رآه فى عيون المشاهدين ، كما لن ينسى لحظات الرعب عندما أطلقت نحوه وزميله الأعيرة النارية أثناء تسجيل اللقطات الليلية فى ضوء القمر ولكنهما استطاعا السيطرة على الموقف والتفاهم والعودة ثانيا لتكملة عملهم !
- وللدكتور بهاء إنتاج إبداعى متعدد من أبرزه لقطة ليلية لطريق الكباش فى الكرنك أعاد فى هذه اللقطة المسلة المفقودة إلى مكانها لقد استخدام بهاء مرآة من إنتاج شركة كوكن الفرنسية تركب أمام العدسة فتعكس خيالاً للموضوع تنقله العدسة إلى الفيلم بالإضافة لصورة الموضوع.
- لقد أظهر بهاء ذكاء عند استخدام هذه الإضافة بتثبيتها فى وضع رأسى وعمودى أمام العدسة ، بدلا من الوضع التقليدى الأفقى ، فنقلت المرآة صورة المسلة إلى الناحية الأخرى وبذلك أمكن إعادة وضع مدخل معبد الكرنك إلى أصله ، وظهرت صورته كما كان قبل نقل إحدى المسلتين لتقام فى باريس.
- وضمن المجموعة المنشورة له مع هذا العدد لقطة أخرى من داخل المعبد لأعمدة الكرنك وهى تمتد شامخة نحو السماء فى قوة وتماسك .لقد اختار المصور بهاء زوايتة من نقطة على الأرض واستخدم عدسة متسعة الزواية 21مم.
- كذلك يعرض بهاء مع مجموعتة صورة لبائع البالون مسجلة بعدسة إضافية تركب على الـ 28 مم فتحولها إلى عدسة عين السمكة، الغالية الثمن .ولقطة أخرى لفتاة استخدم فى تسجيلها مرشحا ذا دائرة مفرغة فى الوسط وزجاج مخشن ( Sandcentercear ) وبالإضافة لهذا أخذ عدة لقطات أخرى متنوعة.
- لقد كشف لنا د. بهاء عن أصالته الفنية فهو ممن يحاسبون أنفسهم دائما على مستوى إنتاجهم ويهبون فنهم ليتمع به غيرهم ، إذ يقول يكفينى أنى رأيت هذا الجمال الطبيعى قبل أن أنقله لغيرى ليشاهده كصورة
بقلم : لواء مهندس : أحمد فؤاد البكرى
مجلة إبداع ( العدد 9 ) سبتمبر 1985