محمد غالب يعشق الثلج والندى
- لوحات بين الليل والنهار .. الضباب كثيف يفصل العابرين عن البيوت .. علاقات بين نور وظل وشبابيك تفتحها دعوات المناجاة على أغنيات الصباح .. عربات الكارو تخترق الطرق الترابية باتجاه المدينة ..أصوات العصافير تداعب الألوان وتنشر البهجة فى لوحات الأطفال .. حالات متشابكة بين الجد واللعب فى لوحات الفنان محمد غالب
يعشق الفنان محمد غالب اللحظات الأولى من النهار ، ويسجل هذا التوقيت فى لوحاته بألوان الاكريليك فترى الضباب الكثيف الذى يغطى البيوت التى لا يظهر منها إلا أطرافها كمآذن المساجد . ويهتم الفنان بتأكيد أدق التفاصيل التى يظهرها الضوء، فتحس العناصر بطبيعتها ونوع الخامة التى تشكلت بها. تشعر بالرزاز الخفيف الذى يحركه الهواء حين يتطاير الندى لحظة شروق الشمس . هذه اللحظات يقتنصها الفنان ويسجلها على مسطح اللوحة، ففى إحدى لوحاته تناول عربة ` كارو` لحظة شروق الشمس وانكشاف الضباب. واستطاع الفنان أن يشعرك بهذا الوقت فصور مئذنة مسجد تخترق الضباب الذى أخفى المسجد والبيوت ليظهر فى مقدمة اللوحة عربة كارو قام الفنان بتأكيد تفاصيلها وإظهار خامة الخشب والحديد والجلد المكونة لها
ويتألق الفنان فى الابداع للطفل فيصور لوحاته بنفس الأسلوب الذى بينته مسبقا فتظهر مفرداته بألوان مشرقة وسط خلفية من الغيوم التى تساعد على تأكيدها أيضا. وتحس الفراغ شاسعا محققا العمق داخل العمل الذى يتناوله، وهو يخلص فى تناوله للأشكال ، ويهتم بكل المساحات وترابطها
تتميز الحالة الإبداعية لدى الفنان بالبراءة والبساطة فى التشكيل والتلخيص خاصة عندما يبدع للأطفال بخلاف رؤيته الخاصة للمناظر الطبيعية التى يهتم بكل صغيرة وكبيرة للقطة التى يسلط عليها الضوء وتكون مركز الرؤية الأولى أو مدخل اللوحة إن جاز التعبير . ورغم أن الإبداع للطفل لا يحتاج إلى لوحات كبيرة الحجم إلا أإن الفنان نفذ جداريات كبيرة تميزت بالبهجة والتفاؤل من خلال تناغم الألوان : الأخضر ــ الأحمر ــ الأصفر ، وحركة العناصر الممثلة فى الزهور والأطفال. ولا يشغل الفضاء بأية تفاصيل تقريبا حتى يبرز ويؤكد مفرداته التى يريد تأكيدها، وأيضا لتأكيد العمق
ويهتم الفنان بتأكيد الضوء فى تجسيد الأشكال من خلال تفاعله مع العمل، وعلاقته التبادلية مع الظلال لتأكيد الإحساس بالحركة، وخلق تأثير متوازن ومتناغم داخل العمل
إن الفنان أمامه مشوار نتمنى ألا يطول فى تأكيد ملامح خاصة به فهو يقدم النموذج الطبيعى بدرجة عالية من المهارة والإتقان ونرى أن إمكانياته يمكن أن تجعلنا نسمع عن فنان له شخصياته الخاصة التى يتميز بها خاصة فى مجال الإبداع للطفل
بقى أن نشير إلى أن محمد غالب تخرج فى كلية الفنون الجميلة بالزمالك 1997م، وعين معيدا ثم أستاذ مساعد بقسم التصميم الجرافيكى، شارك فى العديد من المعارض والمهرجانات الجماعية بمصر والخارج. قام بإخراج وتحريك العديد من أفلام وأغانى الرسوم المتحركة ثنائية الأبعاد وثلاثية الأبعاد (الصلصالية) الخاصة بالأطفال منها : فيلم صلصال بعنوان المولد 2004م، وأوبريت صلصال بعنوان عنبر العقلاء 2005م، وشارك فى عمل مسلسلين تلفزيونيين شهيرين بالتلفزيون المصرى هما : مسلسل السندباد البحرى 1997 م مسلسل بكار `1998 - 2003م` ونفذ العديد من قصص الأطفال . كما حصل على العديد من الجوائز منها الجائزة الأولى فى مجال رسوم كتب الاطفال عام 2005م المركز الثالث فى مهرجان الفرسان ال 14 للرسوم المتحركة 2015
د / سامى البلشى
الاذاعة والتلفزيون : 2017/12/2