`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
خالد يحى حافظ دنيا
لوحات خالد حافظ داخل عالم ذى اتجاه واحد
* فكرة ` الدرب ` المصرية القديمة.. تتحكم فى حركة شخوصه الجسمانية ..
- أقام الفنان خالد حافظ معرضاً لعدد من لوحاته كبيرة الحجم والصغيرة فى قاعة سفر خان بالزمالك تحت مسمى `عن الأكواد والرموز وأعراض ستكهولم`.. وفى تقديرى أنه لا علاقة للمعرض وبحثه البصرى والمفاهيمى بهذا المسمى..
-فالمعرض ليس فيه عرض لا حكائى ولا رمزى لما اسماه الفنان أعراض ستوكهولم المعروفة بـ `متلازمة ستكهولم ` وما تعنيه نفسياً من وقوع الضحية فى حب مختطفها أو معذبها سواء أن كان للفنان أراده أن يشير إلى دلالات سياسية نمر بها أو ما يناظرها أو غيرها مما أراد فى نفسه..أما عن الأكواد والرموز فلا يتفق وجود الرمز الذى يختزل ومغلف بغموض متزايد أثناء مروره بالزمن والمنهج الحكائى الذى يفضله الفنان فى لوحاته..أما وما يقدمه من مفردات بصرية لآلهة مصرية قديمة خاصة اهتمامه الدائم بوجود البقرة المقدسة الربة حاتور الحامية للفرعون لتبدو كملصق فوق السطح ووجود أشكال لكتابات هيروغليفية استخدمها الفنان فى الغالب كعنصر جمالى لأن رمزيتها لا تخرج عن نطاق عصرها فيما اعتقد.
- رغم هذا لأعمال الفنان خالد حافظ أبعاد مفاهيمية اقوى بكثير مما أضفاه على معرضه ومنهجه الفنى من اسقاطات أو مسميات أرى فى الغالب أنها لا تضيف لأعماله الا المتعة والطرافة الحكائية..
- وما يهمنى الآن طرح محاولتى الخاصة للخوض فيما قدمه خالد حافظ فى معرضه وليس فيما يسميه..
- أرى ولتأثر الفنان ببصريات وحكايا الفن المصرى القديم والذى يقدمه عبر سنوات بمفاهيم حكائية متعددة إلا أن أكثر ما استغرقنى فى أعماله ليس الصورة التى تماثل بصريا المفردات القديمة بل المفهوم شديد العمق الذهنى والمفاهيمى لفكرة `الدرب ` المعبرة عن الرمز الأولى للنفس المصرية والتى تكلم عنها كثيرا المفكر الألمانى ` ازوالد شبنجلر` .
- فالنفس المصرية دوماً ما رأت نفسها تسير فى درب حياة خط لها بشكل صلب عنيد لا يلين كى يفضى بها فى النهاية لتقف أمام قضاة الموتى - كتاب الموتى - الفقرة 125 ( وهذه كانت فكرة المصير المصرية.. وبالوجود المصرى الذى هو وجود ذاك المسافر الذى يتجه اتجاه واحد لا يتبدل.. كما انه حتى داخل المعابد المصرية نجد وقد انتظمت الأعمدة فيه صفوفاً كى تدل على درب المسافر..
- ويمكننا ادراك تلك الروح فى صفوف طويلة لشخوص خالد حافظ التى تسير فى مسار أحادى الاتجاه لا يتقاطع ولا يستدير على نفسه لتبدو شخوصه شخوص قدرية تسير فيما يشبه القطيع بينما حين رسم ابقار من الآلهة القديمة جعلها تسير فرادى .
- كما نلاحظ ابتعاد الفنان عن التجسيم معتمدا كما للجداريات المصرية من بعديها الأساسيين من طول وعرض .. ولاشك أن الطول والعرض يشكلان وحدة وليس مجرد مجموع `لعدم وجود العمق` والطول والعرض مجرد شكل للتصديق ويمثلان الانطباع الحسى المجرد أما العمق فإنما هو ممثل للتعبير أو الطبيعة.
- كما ندرك هناك اختصار للمسافة فعنده ندرك العمل كسطح مشهدى ذى بعدين ولأن شكل الادراك الحسى يتبدل مع المسافة فالقمر بالعين المجردة مجرد سطح وبالتلسكوب الذى يختصر المسافة ندركه كحجم موجود فى الفراغ.
- ومع حركة شخوص خالد حافظ فى صفوف قد تمتد بين طرفى اللوحة صعوداً أو هبوطاً أو فى خط مستقيم نجد أن الحركة الجسمانية رتبت وفق مفهوم إنها تسير داخل عالم مسطح ذى اتجاه واحد وحيد وهذا الاستمرار فى الحركة يوحى بعمق نفسى يكشف بأن شيئاً ما من طابع الزمن داخل نزعتنا الغريزية يؤدى إلى الإحساس بالعمق والاتجاه إليه قدما رغم عدم وجوده ماديا فوق المسطح الا أنها إرادة استمرار الوجود.
- شئ آخر فى لوحات حافظ أراه محمل بدلالات مفاهيمية عديدة وهو الوجود المتكرر لدرجات السلالم الصاعدة والهابطة التى عادة تحكمها فكرة الاتجاه والإيقاع والمصير.. وما توحيه من عناصر الزحف الموكبى طيلة عناصر الزحف ومن القبض المتصل للحركة خلال الزمان فى نفس الكادر مع مهارة الفنان رغم تكرارية ذات الحركة فى جعله الصور تكشف اختلاف الاندفاع للأمام أو مد الجسد كما فى الشخوص الهابطة حول البقرة حاتور وأيضا فى لوحته `ام كلثوم` رغم ثبوتها وعدم حركتها لكن تكرارية وجودها أوجد فى اللوحة حركة ضمنية للعمل الداخلى للجسد .
- اعتقد لوحات معرض خالد حافظ تبارت فيما بينها بين المتحرك والثابت فوق سطح العمل الواحد.. المتحرك الذى يوحى بالاتجاه والعمق فى المسافة.. وأيضا بالثابت فى المكان الذى يوحى بخروجه عن القياس الزمنى بتوقف حركته.
- وكلاهما المتحرك والثابت تقودهما أو قادتهما يوماً فكرة ` الدرب ` ...
فاطمة على
جريدة القاهرة - 14 / 2 /2012
فى معرض خالد حافظ `فى الدوائر المغلقة` بجاليرى`بيكاسو آيست`:`العابرون`.. ودوائر ثقافة الصورة
- علاقات هجينه لصور مغادرة عبر الثقافات.
- أقام الفنان `خالد حافظ` مؤخراً عرضاً لأعماله فى التصوير وبعض قطع نحتيه فى جاليرى `بيكاسو إيست` بالقاهرة الجديدة.. وقد أسمى معرضه `فى الدوائر المغلقة` الذى قدمه لمشاهديه قائلاً:`أن اللوحات تمثل حلقات الـ` دى إن إيه` الحلزونية المتواصلة وهى أصل حياة الخلية.. وأنا استخدم الدائرة منذ عقود كرمز لتشفير الفكرة..وهذه الدوائر المغلقة هى مشروع ذاتى عن البدايات والنهايات`..
- الصورة حتى لو تشابهت هى دائمة التحرك بتعدد دلالاتها فى أعمال `خالد حافظ` إلى خارج اللوحة وإلى خارج آلية الحركةالدائرية وإلى خارج حلزونية أصل الخلية التى ذكرها الفنان رمزياً.. فـ`دى إن إيه` اللوحات يمتد تحت جلد اللوحة لأى مبدع وليس بذات ملامح خليته الأولى دائمة التهجين ثقافياً ونفسياً ولعوامل أخرى.. ولو كانت الصورة تمتد فى تجربه `خالد` الفنية داخل دوائر مغلقه بما يعنى `علب مغلقه` لبدى كل عرض جديد وكأن الفنان يقيمه بداية من خلال ذات المفهوم بعد إغلاق دوائره أو علبه السابقة ولفتح دوائر أخرى ولأصبحت مجموع لوحاته كـ`المعلبات` تتواصل آليا بمادتها الأصلية وبذات المحتوى من إحداها للأخرى.. ولما بدى هناك ابداعات تفاجئ المشاهد ويقف أمامها لأنها بالتبعية مفتوحه للتكامل الجينى الآلي بين كل عرض سابق وتال.. وهذا لا يتحقق فى تجربة الفنان `خالد` المتحركة دوماً المفتوحة من جوانبها الأربع.. فلوحاته الكولاجية التواجد عابره أزمنه لثقافات مختلفه يحكمها زمن الصورة.. وتحديداً أرى مشروعه الفنى قائم وبإخلاص على `ثقافة الصورة..`.
- ولكل من لوحات خالد حافظ `باركود` مُشفر يخصها ساعدته تقنية لوحة الكولاج على تعدد مفاهيمها حتى ان بعض عناصره الكولاجية من صور وإن تكررت فى لوحات انجزها منذ سنوات طويله نراها داخل نطاق لوحة كولاج حديثةبمفاهيمية ورؤي مختلفة لحالات ذهنيه نشطه.. فبعض العناصر الصورية تظهر فى عمله وتعاود الظهور طوال الوقت.. وبفن الكولاج يقدم الفنان تأريخ بالصورة ليخلق أسطورة جديده لصورة اليوم حتى لو تعارضت معها وبعلاماتها ورموزها.. ولخدمة تجدد الصورة يستخدم الفنان ورق قديم فى ملصقاته الصفراء وبتقنية الكولاج للتلاعب بخلق مكان خيالى.. إلى جانب خلطها بالرموز لإنشاء عمل ذكى وليس فقط جمالى.. ولخلق وهم الذاكرة البصرية للزمن..
- وبذلك يُنشئ `خالد حافظ` فى لوحاته تعددات زمنيه من خلال مفردة الصورةالفوتوغرافية المحمل كل منها بجينات ثقافتها العابرة لزمن إنتاجها لكائنات حقيقيه وأيقونيةوأسطورية وخياليه ورمزيات لأبطال المجتمع الاستهلاكي المعاصر فى تداخل ورموز تاريخيه من العالم القديم وهذا يعطى احساس مثير واحيانا متضارب.. يحدث هذا التضارب لتتابع صورى لثقافات مختلفة جنبًا إلى جنب داخل هياكل زمنيه معلقه بفضاء اللوحة المفتوح.. وهذه العناصر وأزمنتها ليست أبداً دوائر مغلقه بل هى مفتوحه بانورامياً وإنسانياً تتمدد كتمدد الحياه من لوحه لأخرى بتجدد حيوى يقظان وكأن هناك ساعة بيولوجية تستنهض نفسها بالصورة على فترات من مراحل الفنان..
- العابرون
- كثير من شخوص لوحاته عابرون فى لهاث عبر اللوحة.. وهم متشابهون فى مظهر أسطورى ضاري بأجنحتهم كهجين بشرى وكأنهم فى مهمة عبور غامض.. فلم يُظهر لنا الفنان من أين أتوا وإلى أين هم ذاهبون ولماذا هم مقتحمين لوحاته يستغلونها كدرب لعبورهم؟.. حتى يتشكل بأجسادهم إيقاع حركى رتيب داخل فضاء اللوحة دون توقف كأنهم هاربون أو يطيرون فى سيوله بصريه وفى عجلة من أمرهم.. بينما داخل ذات الفضاء بدت حيوانات اللوحة ومعظمها مُستدعى من مصر القديمة مثل العجل والآلهة المصرية القديمة آنوبيسإبن آوى المقدس وقد توقفت حركتها فى رسوخ مكانىوإنفعالى يتأملون البشر العابرون الأزمنة مع ثبات المكان..وكأن سعيهم الآلى لكل عابر يتبعه آخر إلى مستقرعالم اللوحة السفلى الحاوىللعابرون عبر العصور..ولا ننسى ان فى الحياه هناك المكررون فى مسار حياتهم لبعضهم البعض بنفس السمات والأوضاع فى آليه وبشكل.. وكأن مبغى النهاية أو الفناء هو الهدف والجاذب فى آن واحد..تماماً كشخوص`خالد` المندفعين حثيثاً إلى خارج الإطار الآمن..
- سيولة اللون وتيار وعى الصورة.
- سيولة اللون والذى يرجع لطزاجته رمزياً وحيويته فىانسياب من أعلى الى أسفل كثير من اللوحات فى خيوط لونيه بدت لى كسيولة تداعى الوعى وتنقله من حادثة لأخرى.. كسيولة تنقل صور اللوحة ونصوصها الكلامية.. لنجد صوره تستدعى أخرى أو دلالة صوره يستدعى دلالات لا نهائية من تدفق اللاوعى بمجرد خدشه كما فى روايات `تيار الوعى` وكما فى حياتنا بأن يستدعى مشهد او كلمه أو رائحه لصور عديده على نفس الموجه من الفرحة أو الوجع وكأن لوحاته هى حاله مرئية من التداعى البصرى بتدفق اللاوعى المعبأة به أذهاننا.. وأيضاً بنفس منطق السيولة اللاوعى بإشارة من الوعى أرى السيولة اللونيه تتسق وحالة تدفق الصور والأفكار وتدفق الشخوص من أعلى أو من أحد الجانبين إلى الجانب الآخر..
- الأيقونة والأسطورة.
- أحيانا ما جعل`خالد حافظ` فنه كعلامة وأيقونة وأسطورة بالتوازي مع خطورة عمل الصورة الأسطورى المستحوذ علينا وحولنا وبيننا فى حياتنا المعاصرة وبين الشخصيات الأسطورية والبطولية كأبطال السينما وأهمهم بطله الخاص `سوبرمان` أو بمفهوم الرسوم الكارتونية مع فن البوب الشعبى المعاصر..
- وهذا التدفق الصورى للأيقونة أو البطولة وإعادة استحضاره الدائم مع تغير الزمن والثقافة الشعبية ما يجعل طاقة اللوحه كثقب يمتص تعدد المفاهيم والثقافات وصورها.. فمثلما حياتنا المعاصرة بثقافتها الاستهلاكية السائدة وموضاتها وفن الإعلان الذى يمتصنا ويُصدر إلينا ثقافه خاصه للصورة وللبطل أعاد بهم تشكيل المجتمع والفن.. لذلك لوحات `خالد حافظ` تبدو كصحيفه أحداث وأحوال بشر وكائنات من ازمنه مختلفة يلفها الغموض والسحر حتى بدت صور حياتنا اليوم أكثر تهجينًا من أى لحظات حياتيه سابقه.. وأيضاً قد هجنها الزمن أثناه عبورها إياه لتظهر الصورة القديمة البعيدة الغامضة فى عالم جديد تصطدم فيه داخلنا مفاهيم الصور بعنف.. فلغة الصورة استخدمها الفنان `خالد حافظ` لخلق مقطع سردى ثقافى ضمنى لتقترب لوحاته بما هو شبيه بالمذكرات القديمة بورقها الأصفر وصورها القديمة الباهتة..
بقلم : فاطمة على
جريدة : القاهرة 11-1-2021

- فى عرضه الأخير بعنوان `التاريخ المرئى للشيئيات - تجارب معمليه` المقام فى جاليرى ` لو لاب` بممشى القاهره عرض الفنان `خالد حافظ` أعمال فيديو ورسوم متحركه ولوحات تصوير وكولاج ونحت برونزي وتصميم أثاث..
- عن معرضه `التاريخ المرئى للشيئيات` فى جاليرى `لولاب`وفكرياً أراه يعمل على تأكيد ثنائية الجمالي والمفاهيمي معاً فى اتجاه معاكس منه لأحد مفاهيم جماليات التلاشى التى ارتبطت بفنون `ما بعد بعد الحداثة`.. كما بدى معرضه هذا يفتح باباً أغلق لفتره مع إغلاق مدرسة `الباوهاوس` بالربط بين الفن والتصميم بعرضه تصميمات للأثاث تتكامل مع النحت والرسم.. بينما فى عروض الفيديو بدى صوته أعلى تجاه الأحداث التى عاصرها وأدركها لـ`اللاشيئية` البلا قيمه فعمل على دفعها الى العدم خروجا من شاشة العرض بعدما شوه هيئة كائناته والتى تتفق مع مفهومه حول اللاشيئيات العبثية حيث يوضحه بقوله: `أقصد بالتاريخ المرئى للاشيئيات هو انتقادى لافكار عبثية كنشرات الاخبار والجرائد وعبثية المفاهيم وعبثية الدول التى تكيل بمكيالين ليصبح العالم بلاشيئياته يحتاج إعادة تدوير`..
- العرض يقدم مجالين لزاويتى رؤيه فكريه.. مثلما ايضا بالعرض زاويتين للممارسه الفنية بين الفن والتصميم وبين خامات ثمينه واخرى قديمه مُعاد تدويرها وبين لوحة الجدار والميديا.. وكل مجال إبداعى بدى ممتداً فكرياً وعضوياً بعناصره عضوياً مكملاً أو مثير لتساؤل جمالى بدخوله الوسيط المجاور له.. أما عن مفهوم الفنان لـ`التجارب المعمليه` الملحقه بالعنوان يفسرها بقوله: `اختبارات الوظائف المعمليه هى التدريب واللعب والتجريد واعادة ترتيب العناصر لرؤية الناتج`.. لذلك فى جانب من هذا العرض بدت لى تجارب `خالد حافظ` المعملية كإقامة هيكل ذاتى المرجعية والخبره بتجاربه داخل الأستوديو كمختبر تجريبى ثم إنتقالها لتتكامل نتائجها والورشه الصناعيه.. لتبدو قاعتي`لو لاب` لا تقدم عرضاً قدر ما تطرح تشعب لعدة مفاهيم تشغل الفنان بين خصوصية إبداع المرسم وتجارب الفن المعملية وفن الورشه.. فهذا العرض إلى حد ما قائم تنوعه على تراكم لغتة البصريه بين المعطى والحصيله النهائية وعلى المشاهد الانتباه الى تفسيراتها مفاهيمياً لفهم لغة الاشياء فى كل من وسائطه.. فبينما فيديوهاته تعتمد حركتها على تسلسل بصرى فى اتجاه واحد للأمام نجد منحوتاته الهشة تتجه للوراء لزمن سابق قديم بينما برونزياته تتراوح بين الواقعى والخيالى وبين المكانى والزمني وتدور حول قوس هيكلها الدائرى كدورة اينشتين الزمكانيه.. اما أعمال التصوير والكولاج فهى متمسكه بجدارها وبالمكان.. وطوال جولتى مع الفنان فى المعرض وبصحبة الفنانه الجميله `دينا دانش` كان يستوقفنى العنوان.. فهو عنوان تركيبى يجب تفكيكه وبدا لي كالخريطه لكنه ليس الموقع ولا طرقاته.. فالعرض من العروض التراكميه المفاهيم.. وبعد اكثر من ساعتين داخل صالتى `لو لاب` لم تعد رؤيتى للعرض كعالم معقد تماماً بل كعالم جديد يطرح اسئله عن مفاهيم متعددة اكثر مما يجيب..
- هذا العرض هو الفصل السادس من مشروع للفنان ممتد زمنيا حول التاريخ المرئى للاشيئيات بوسائط مختلفه وفى اماكن مختلفة ما بين لندن واستكهولم والقاهرة والأعمال المعروضه حالياً فى القاهرة هى إمتداد لما عرضه الفنان فى متحف `موديرنا مالمو` فى السويد 2024.. ونفس فكرة العرض فى القاهرة تُعد مقدمه لمشروعه القادم فى متحف `هاريس` فى لانكشاير بإنجلترا فى 2025 القادم وأعتقد أن السيده سحر بحيرى آرت كيوريتور هذا العرض ترعى العروض السابقه أيضاً..
- المفاهيم والوسائط
- فى الطابق الأول للمعرض تساءلت لأول لحظة هل هو معرض فني أم معرض تصميم أثاث ذو تركيبات نحتيه؟.. مذيباً المسافه بين الفن والتصميم بينما مجالات العرض الأخرى والوسائط كشفت عن شبكة معقدة من المعاني بين الروحانية والميتافيزيقيه.. إلى حد أن بدت كل الاشياء تجليات لشئ واحد ككائن حى قابل للتعدد فى معانيه ومتعته الفنية تماما كالافكار تقود لتعدد مفاهيم الاشياء وحول هذه المفاهيم يقول خالد حافظ: `فكره واحده أستطيع أشتغل بها عبر وسائط عده من نحت او فيديو او تصوير.. وعادة الخامه تدعو لفكره والفكره تدعو لوسيط والوسيط يطور الفكره واحيانا الفكره تملى على الوسيط وكثيرا اطور الفكرة لتتناغم الوساطه والفكرة`.
- عرض الوسائط المتعددة بدى متناغماً حسياً مع تجهيزات الجاليرى كمكان يعلو سقفه وتتمدد هياكل معدنية أسطوانية ضخمة كأنابيب التهوية وجدرانه جصية وخشبية ودرجات سلالمه برونزية ليجسد أسلوب مثالي بين القديم والحديث لخلق بيئة داخلية تستوعب صنوف الابداع المعاصر.. كما بالعرض عدة جدران كفواصل متحركة ملونة تعلوها فتحات نصف دائرية `آرش` ربما بروحانية اسلامية اضافت كثير لعرض الاثاث ومنحوتات الفنان ولا اعرف ان كانت هذه `الآرشات` هذه هى جزء دائم من تجهيز الجاليرى أم هى استكمال من الفنان لتصميماته المجسمة.. ففكرة الآرشات المفتوحة كالبوابات النصف دائرية خلف قطع الاثاث المكون تصميمه من أنصاف دوائر رخامية لتبدو كأنها مكمله للقطعة الفنية وكمداخل كهفية للانهاية اللامرئيه لتتلاقى نسبياً وفكر المتصوفة.. ولا أعرف هذه مصادفة بصرية أم تنسيق مقصود من الفنان.. فالعرض يثير الكثير من الإحتمالات.. فربما هدف الفنان للتكرارية وتلاقى الرمز لأنصاف دوائر الجدران المتحركة `الآرشات` خلف أثاثاته وبين منحوتاته القوسية النصف دائرية وبين الدوائر الكامله الملحقه بأثاثاثه كأقراص الشمس بتجزيعاتها المشعة كما رسمها المصرى القديم وأيضاً بين الكرات المتحركة فى الفيديو ولوحاته الكولاجية..
- أقواس ودوائر
- فى منحوتات `خالد حافظ` البرونزيه يتخذ الجسد البشرى هيئة القوس النصف دائرى فى انحناءه قصوى ضاغطاً على الساقين مقوساً للعمود الفقري والرأس يتراجع أسفل للخلف فى تمدد يكشف عن هيستريا الجسد فى وضعه الاوكروباتى والمتحقق أيضاً فى لوحاته الملونه.. وقد عرض الفنان أكثر من منحوته قوسية الوضع لبناء تسلسل ينتهي به لمفهوم البوابة التى تكررت مع تصميماته وأعماله الكولاجية والأثاث.. والقوس يتداعى رمزياً.. والبوابة التى بدت غالبه على رمزيات العرض كعتبة عبور بين حالتين من الوجود أو بين عالمين مختلفين ليكتمل فى عرض `خالد حافظ` ما يوحى بحالات انتقال من المادي الى الروحي ومن الفكره إلى المرئى.
- وخالد حافظ كفنان قد لا يفكر في القطع المكافئ أو القوسى والى أين سينتهي بل هو يعمل بزحف إبداعى وبوسائط لها دلالاتها النفسية حول مفهوم الدائرة والقوس وحركاتهما لتنتهي نفسياً إلينا بشخصياتنا وشخوصه النحتية المتمددة فيزيقياً لتبلغ أقصى مدى من قوس وجودها الذى عادة ما يدور بحثاً للعثور على نفسه أو على شيء لم يكن يعرفه عن نفسه.. ولتستقر منحوتاته فلسفيا عند `كما في الداخل كذلك في الخارج` ويعتبر هذا التعبير بمثابة حقيقة توضح أن عالمنا الداخلي هو إنعكاس للعالم الخارجي.. فلدى الفنان `خالد` فكر عميق للدائرة ولنصف القوس الدائرى والذى يتخذ فى كل وسيط دلاله خاصة كأقراص الشمس الدائرية إلى أجنحة شخوصه النحتية التى عمل على تنشيط الأثاث بها فهذا `انوبيس كاتبا مصريا` وخلفه نصف قرص الشمس فى غروب إلى أسفل و`المرأة القط` وخلفها نصف قرص الشمس كما رسمه المصرى القديم و`توت عنخ امون طائرا` و`أنوبيس حارساً فوق قطعة أثاثه` وخلفه قرص الشمس كاملاً وهو الحامى للمقابر فى الاسره الاولى القديمه ومسئولا عن التحنيط..
- أدواته القديمه
- أينما تواجد `خالد حافظ` تحركه رؤيته المفاهيميه الدائم تنشيطها وتنقيتها بالصهر عبر تجاربه التراكميه ودراساته وممارساته ليفاجئنا هذا المعرض بتقديم عرض لمجسمات صغيرة تخصه من أدوات حياتية قديمة مستعملة لتعرض جنبا إلى جنب مع أعمال برونزيه ضخمة الفكرة والمعالجة مستوحاه من الأسطورة.. وقد حنط مجسماته الصغيره لحفظها على هيئة صلبة وعن طريقته يقول: `نفذت التقنيه بغمر كتان مصري في شاي وقهوة وقشر رمان وبعد غسله ألصقته بغراء ابيض فوق مجسماتى الصغيرة وبعد جفافه مررت عليه بأكريليك چيل شفاف`.. هذه الرؤية المتقابله ومفهوم النحت بين `التدفق` السائلى للبرونز ورسوخه المكانى.. وتجميد مقتنياته القديمه لحفظ `الحدث` بإستدعائه من زمنه والذى من جملة ما ضم `غطاء كاميرا.. ومسدس.. وورق مقوى.. ومقص.. وشماعه.. وسياره صغيره.. ومكواة.. وتماثيل صغيره جدا.. وزجاجه.. وكوب مج.. وغيرها` وأعتقد أنه هيئ له تحنيطها للعبور بها لزمن مستقبلى يواكب حركة ساعته الجدارية المجنحة فى سيرها المستقبلى.. وأرى المعنى الكامن بتحنيط اشياؤه القديمة أنها رؤية ضد جماليات التلاشى للإبقاء عليها ضد التلاشى.. أما عن عنوانه `التاريخ المرئى للاشيئات` فيما يخص تحنيط مقتنياته القديمة.. فربما تفسر بقصد إستحضار عناصر لم يعد لها وظيفة فأصبحت من اللاشيئيات ليصيغها لتصبح مرئية لتُعاد رؤيتها ليس كما كانت بل بما اصبحت تنقله من معان كامنه كنموذج `الشجره داخل البذره`.. وكإسقاط منه على الشيء أو الزمن الساكن داخل غلافها الجديد المحكم كرغبة منه للإحتفاظ بها مستقبلاً.. وربما هى صورة من صور الأغتراب أو خشية الموت..
- فيديو وكولاج الربيع العربى
- عن لوحات الكولاج والفيديو وهى مجاز لكل ما هو سئ حدث على الأرض يقول الفنان: `فى العملين أنتقد بشدة الربيع العربي الذي انتهى بعسكرة هذه المنطقة من العالم وثانيا هي نظرة على عسكرة الكوكب كله حيث دخلت الحروب القارات الخمس ولا يوجد يوم واحد في أي نشرة دون وجود اخبار إما عن غزو أو اجتياح أو إستعمار أو حرب اهلية او نزاع اقليمي`.
- فى عرض الفيديو الحركة مسيره للأمام بأصرار قدرى أكثر منه إختيارى تحدث أثناءه تحولات عضوية للكائن البشرى محملة بالرمز فى أشكال مهجنه دائمى التحول فى سيرهم بإيقاع وعزيمة عسكرية متحولين من مجرد كرات وحيوانات لها أقدام بشرية إلى بشر برؤوس كالسكاكين وأخرى بقرون حيوانية وقرود حاملى بنادق.. فكائنات فيديوهاته الانيميشن او الكرتونية تبدو كهجين نصفي لبشر وحيوان تعلوهم طائرات حربية.. تمتد المسيره بهم عبر سلسلة من القيعان والقمم ثم العودة مره أخرى دون حدث درامى أكثر منه فعل أدائى آلى.. وهذه رؤية ناقدة من الفنان للربيع العربى وبه كشف عن ركود جماعي للإرادة في تكرار لا نهائي لنفس الآلية.. وإرتباطا بعنوان العرض هذا تكرار لا نهائى للاشيئية البلا جدوى..في مثل هذه الحالة أشعر باليأس من الأنا المثيرة للشفقة.
- أما فى لوحتي التصوير والكولاج الست أحادية اللون من الكرتون البسيط المعاد تدويره ناتج المصانع والتى نرى عناصرهم تتنقل جمالياً إلى تصميمات الأثاث وقطع النحت..وفى لوحات الكولاج تمددت بها أحبال متقطعة ومشابك ضئيلة يرمزا لعدم التحكم العربى على ثورات ربيعه.. كما أنها تقدم رؤيه سردية وتمثيل جزئى لثقافة الإستهلاك مع اللون الأحادى المجرد.. يقول الفنان: `فى أعمالى الكرتونية مع الورق الكرافت أرسم الشكل ثم أقصه وابلله ببخاخة وابدأ اللصق والشكل مبلل ويتم اللصق باكريليك چيل`.. ربما أرى رمزياً هذه التقنية من القص واللصق والبلل تتسق وعشوائية المشهد المعبر عن الربيع العربى من قص ولصق الإراده لأرساء أوضاع مخلخلة.
- التقاطع بين الفن والتصميم
- تم تنفيذ التصميمات التركيبيه لقطع الأثاث بحرفية داخل ورش متخصصة للخشب والرخام بفنانيها المهره.. ليحقق الفنان حالة تكامل بين الفن والتصميم معا وهما مجالان غالبًا ما يتقاطعان وقد ألحق بتصميم اثاثاته نصوص لرسوم وعناصر من لوحاته وكائنات فيديوهاته حقق به تناغم جمالى مبهر بين النحت والأثاث خاصة بإعتلاء برونزياته الضخمه لـ`الكاتب المصرى` بقناع أنوبيس.. و`المرأة القط` بقناع القط المصرى القديم.. و`أنوبيس` أعلى أثاثه كجزء عضوى لأرفف تركيبية خشبية ورخامية مستوحاه من المصريه القديم كاشفاً به الفنان عن تواصل الإستعارة والنفعية الجمالية.
- وكان هذا السبق للدمج بين الفن والتصميم لمدرسة `الباوهوس` العالمية بتوحيد جميع الفنون والحرف اليدوية.. ويبدو بعد مشاهدتى عرض خالد حافظ ان أفكار `الباوهاوس` التى إختفت تشهد عملية إحياء فى عالمنا اليوم هنا فى مصر.. لذلك من المهم أن أشير الى كلمة الفنان خالد حافظ المعلقة كملصق فوق أحد جدران المعرض جاء فيها: `بالنسبة إلى لا يوجد فارق بين الفنان والمصمم والأرتيزان الصنايعى فهم نفس المصدر وهم نفس الشخص وهذا يقينى حيث أن المصرى القديم بإستثناء النجارة والنحت فنان كان يعمل كل الأشياء`.. ولي إشاره هنا إلى أن معظم الفلاسفة المسلمين في العصور الوسطى دمجوا بين مفاهيم الشكل والمادة بما سبق `الباوهاوس`.. وكمثال أذكر `أخوان الصفا` من بين الأوائل الذين عبروا فى رسالتهم الثامنة عن تكامل الفن العملي وهو `الصنعة العمالية` والفن النظري وهو `الصنعة العلمية` وأن الفن العملي هو للصانع العليم الذي يُخرج الصورة التي في ذهنه ويضعها في المادة.. ودون تمييز بين `الفنان` و`الحرفي`.
- أخيراً أعتقد هذا العرض يساهم بمعاصرة فى فتح باب كاد يغلق مع إغلاق مدرسة `الباوهاوس` فوراء هذه الواجهة لعرض `خالد حافظ` المتعدد التخصصات والوسائط يوجد فكر `الباوهاوس` بحداثة النفعى مع خصوصية إحياء جماليات الموروث المصرى القديم.
بقلم : فاطمه على
جريدة : القاهرة 3-9-2024
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث