- إن الثورة التى يشهدها تاريخنا فى ميدان (الاتصالات) تدفع بالفنان أكثر من أى وقت مضى الى تغيير وسائطهmedium وتغيير الوسيط يفضى بالضرورة الى تغيير فى انتاج العمل الفنى.. حيث بدأت أشكال أخرى من انتاج العمل الفنى تأخذ مكانها اليوم داخل المشهد البصرى، وتضغط بقوة على رؤيتنا.
- وقد استتبع ذلك بالضرورة محاولات لقراءة العمل الفنى المرئى بطريقة مغايرة..فبديلا عن اعتبار الموضوع،أو الخطاب،أتجة البحث الى دراسة`أركيولوجية العين`.
- كيف طورت العين نمط استحواذ تحديق العين ( النظرة) على الصورة ، عبر محطات اللاهوت والميتافيزيقيا.
- فما يهم هو دراسة استراتيجية العين ،واستراتيجية الخطاب المرفق لها.. فى زمن تضاعفت فيه مسافات الوعى بين الفنان والمتلقى.. وفى زمن اتسع فيه نطاق الحدود الزمنية والجغرافية لحقيقة الفن نتيجة لتلك الحركة الموارة للفنانين وبالاخص الشباب، فى ظل وقائع ثورة تكنولوجيا الاتصالات وما فرضته من ايقاع زمنى متواتر، عرف ما يسمى بالكونيه` GLOBALISM `.
- ولقد طرحت حركة الفنانين الشباب فى مصر خلال التسعينات من هذا القرن العديد من الاشكاليات الخاصة بمفهوم الفن وماهيته وقد ظهر ذلك فى تجاربهم فى الفعاليات المختلفة وخصوصا صالون الشباب السنوى.
- `وعماد أبو زيد` هو أحد فرسان جيل التسعينيات وهوالذى انشغل من هذا القرن يتناول اشكالية ثنائية الماضى والحاضر للتفكير فى المستقبل .. فليس هناك من ماضى دون حاضر، وليس من حاضر دون ماضى وهو اذ يستوحى ` تجهيز الفراغ ` من وحى المخطوطات القديمة، انما يرفع من دماغه شكل المخطوطة ليترك التأثير الخاص بها.. فهو لا ينقلها بل يستدعيها من الذاكرة .
- تقوم فكرة العرض على وضع مجموعة من اللوحات الصغيرة الملونة والمنفذة بخامات ووسائط مختلفة متراصة الى جوار بعضها على الحوائط ، مضافاً الى لوحتين كبيرتين على الحائطين الجانبيين لقاعة العرض.. اللوحات يظهر عليها أشكال حروف الكتابة المستوحاه من المخطوطات القديمة - ويتوسط قاعة العرض صندوق شفاف من خامة البلكسجلاس الشفافة على شكل متوازى مستطيلات يحوى بداخله مسطحات فخارية.
- هذا التجهيز الذى يتألف من الأوراق الفخارية بداخل الصندوق الزجاجى المغلق الذى يغمره ضوء ازرق يشيع جو برودة ساكن .. وهناك على الحوائط هذا الشريط الكامل من الصور تتتابع وتتكرر ..فيتتابع ويتكرر معها الايحاء بهذا الزمن الذى تستحضره.. فيزداد حضورها، فى دعوة الى التوصل والتحرر من `الزمانية` .
- انه استدعاء لموقف نقدى من الانهيار الثقافى، ومحاولة خلق بيئة تصويرية للمستقبل، فهى اذن دعوة للتقدم الى أمام ..
- وهى دعوة ايضاً للمتلقى الذى يعايش كل يوم حالة تجريدية بحتة- ولكنه غير قادر على المصالحة معها - لكى يؤسس حوار رؤية بينه وبين العمل الفنى، ولتلمس الخيط الموصل بين فنون الماضى وفنون العصر الحديث.
محمد رزق