ارتحالات بين النقد والتشكيل
- بداية لا بد من التنويه بأن الفنان ` سيد هويدى ` ناقد فنى محترف مثقف ثقافة بصرية ومعلوماتية ثرية وراقية ، قارىء نهم له العديد من الدراسات النقدية المنشورة ، والكتب الفنية التى ترصد الحياة الفنية والفنانين منذ بداياته فى منتصف الثمانينيات فى بعض الصحف والمجلات المصرية والعربية والأجنبية ومع ذلك ظل على عشقه الدائم لممارسة الإبداع البصرى لذا نجده حين يواجه سطح اللوحة يتعايش معها فكرياً وبصرياً ووجدانياً ويدخل نفسه طواعية فى حالة من البحث عن المخفى والمستورخلف الأشياء وفى النهاية لا يكون إلا نفسه ومن ثم يصر على تأكيد ذاته ودعم مشاعره مستعيناً بخبراته ومهاراته .
- وتعد حالة استمرار التحدى المشتعل بين ( النقد والفن التشكيلى ) من أهم عوامل تحفيز الطاقة الإبداعية الخلاقة للناقد والفنان تلك التى مكنته عبر رحلة طويلة من العطاء الجاد على الجبهتين مرتحلا من إحداهما للأخرى والعكس ولكن بنفس الدرجة من الرغبة فى تحقيق نوع من التوازن الحقيقى بين كفتى الميزان مع الحرص الدائم على تفعيل دورهما الإيجابى فى المجتمع.
- وفى إطار من الصياغات التعبيرية التى يحرص الفنان من خلالها على الإنفلات من واقعية الشكل والتخلص من قيود السائد والمألوف يصر` سيد هويدى ` على التركيزعلى بساطة الطرح وغعادة بناء المرئيات بصياغات لا تشبه غيرها وتحظى بالصدق وعمق المضمون وفق قناعاته الخاصة ومن ثم امتلاك القدرة على إثارة تحث المشاهد لمزيد من التعاطى الجاد مع عطيات سطح اللوحة وتأكيد متعة المشاهدة .
- وتجتمع فى أعمال المعرض مجموعة من الصفات المعززة لعوامل تميزها وتفردها ومنها : -
- عندما جسد الفنان مجاميع من المبانى المعمارية التراثية فى بعض الأماكن المقدسة فجاءت مصفوفة ومترابطة فى إيقاع بصرى ولونى جميل شكل علاقة بنائية معمارية الطابع يلعب الخط المستقيم أفقى كان أو رأسى دوراً هاماً فى تشكيل تلك المجاميع التى تمثل السهل الممتنع حيث حرص الفنان على منح أعماله نوع من المرجعية التاريخية التى تؤكد ملكية تلك المبانى للأرضالتى أقيمت عليها هذا إلى جانب براعة الفنان فى تحليل فضاءات اللوحة فى تلك الصياغات البنائية التى حققت نوع من التكامل الجميل بين الشكل واللون .
- وجاءت الصياغات البصرية لمجموعة من المناظر الطبيعية فى لوحات ( شواطىء المصايف) لكشف المستور خلف تلك العلاقة الحميمية المتبادلة بين الفنان وجاليات المكان حيث أكدت سطوتها على ذاكرته وبالتالى تمكنت من الانتقال من عالمها الفعلى إلى عوالم أخرى متخيلة ومن ثم سكنت تلك الأماكن فضاءات أعمال تلك المجموعة التى حظيت ببساطة الطرح والحرص على تحقيق بعض التوازنات البصرية بين الفراغ والطابع الحركى للمفردات التى تعرضت لبعض التحويرات الشكلية ناهيك عن جماليات الألوان التى جاءت مبهجة ومثيرة ودافعة لمزيد من التأمل فى جماليات المكان.
- لعب استدعاء ملامح وصور من حياة المصرى القديم دوراً هاماً ضمن عناصر بناء العديد من الأعمال الفنية حيث استخدم الفنان تقنية الكولاج لتأكيد فلسفته الفكرية التى يسعى من خلالها لدعم وصدق المضمون البصرى لأعماله .
- أما مجموعة ( الخيل ) فيغلب عليها طابع التجريد الشكلى واللون حيث جاءت فى أجواء تعبيرية الطابع تعرضت خلالها لبعض التحوير الشكلى بالإضافة لتنوع التقنيات الفنية والوسائط التلوينيه لأحداث ملامس وتأثيرات لونية غرائبية عن طريق سكين البالت والفرشاة العريضة.
بقلم الناقد : على فوزى
من مطوية معرض ( التعويذة 110 ) نوفمبر 2019