لوحة `القدس` أبجدية روحانية تأسر العيون وتهز المشاعر
* تحفة فنية تحكى تاريخ زهرة المدائن ..
-فى مدخل جامعة الدول العربية فى القاهرة توجد لوحة هامة للقدس الشريف تلفت نظر كل زائر للجامعة، ويقف أمامها متأملاً روعتها، وهى من ابداعات الفنان الدكتور أحمد خليل الأستاذ بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية .
-قصة اللوحة كما يقول د. أحمد خليل : بدأت فى التاسع من شهر نوفمبر عام ` 1996`عندما تلقيت دعوة شخصية مرسلة من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية للمشاركة فى الحملة الشعبية التى يعيشها وطننا العربى والاسلامى من اجل إنقاذ مدينة القدس الشريف. كما وصلتنى دعوة من الدكتور عصمت عبد المجيد الأمين العام لجامعة الدول العربية وقتها للمشاركة الفنية فى الحملة لإنقاذ مدينة `القدس الشريف` فى عام `1997` وخلال ثلاثة أشهر من البحث والدراسة قمت بتصميم وتنفيذ لوحة `القدس الشريف` وبادرت بالاتصال بالدكتور عصمت لتأكيد رغبتى العارمة فى إهداء لوحتى إلى الجامعة العربية. وقد اقترح سيادته مكاناً فى مواجهة اللوحة التأسيسية للجامعة، وهو ما لم اكن احلم به ثم قام بدعوتى الرسمية لحضور احتفال الدورة السابعة بعد المائة بمجلس جامعة الدول العربية.
- ويضيف الدكتور أحمد خليل : أن مدخلى فى التعبير عن القدس كان من خلال أن القدس مهد الأديان السماوية الثلاث، وفيها الصخرة المقدسة قبلة المسلمين الأولى وهى أرض المسيح، وأرض القيامة والحساب، وقد تسابق الخلفاء المسلمون على تجديد عمارتها وتزيينها، بداية من عهد عبد الملك بن مروان، ومرورا بالخلافة العباسية والطولونية والإخشيدية والفاطمية والأيوبية والعثمانية.. ولن ينسى المسلمون قصة الجهاد العظيم للناصر صلاح الدين الأيوبى عندما استردها عام 1178م .
- لقد أسس `اليبوسيون العرب` القدس قبل خمسة آلاف عام، وقاومت الغزاة على مدى خمسة آلاف عام، وبقى العرب يعيشون فيها باستمرار، وبعدها دخلها عمر بن الخطاب فى عام `15` هجرية مع أبى عبيدة بن الجراح وعدد من الصحابة الكرام، واستمر الوجود الاسلامى فيها إلى اليوم رغم الحكم الصليبى الذى استمر `88 `عاماً، كما أن معالمها الإسلامية بقيت إلى يومنا هذا خصوصا المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة والمدارس الإسلامية التاريخية التى يبلغ عددها نحو ` 56` مدرسة .
- ومن هذا المدخل بدأت فى تصميم اللوحة، فقمت بافتراش أمامية مدخل اللوحة بالسجاد الاسلامى الممتد للتعبير عن أن `القدس الشريف` مدينة للصلاة الجامعة، حيث فرضت الصلوات الخمس على المسلمين فى هذه البقعة الطاهرة من العالم ليلة الاسراء والمعراج، وفى يمين اللوحة المنبر، منبر صلاح الدين الأيوبى الذى أنشأه فى المسجد الأقصى بعد استرداد القدس الشريف من الصليبيين عام ` 1178` ميلادية، حين حقق الانتصار بعد أن جمع شمل العرب المؤمنين، وتم تدمير هذا المنبر عمدا عندما حرق المسجد الأقصى عام `1969`. وفى يمين اللوحة تفصيلية لقبة الصخرة قابعة على السجاد أمام المنبر تعلوها القبة وتتردد حولها آيات من سورة الاسراء.. وفى منتصف اللوحة قبة الصخرة التى بناها عبد الملك بن مراون عام `72 ` هجرية `691 ` ميلادية بهيئتها المعمارية المميزة وقبتها المذهبة وقد أحاط بها بهو الحرم الشريف، وفى اللوحة النخلة العابدة المواجة لباب القبلة التى تحيا بقدرة خالقها مسبحة بحمده، وأيدى العابدين تعبر عن الصلوات الخمس التى فرضت على المسلمين تستنجد وتصرخ وتدعو إلى رب السماوات وتتجه إلى ذوى العقول والافهام ومحبى القيم الإنسانية أن تتكاتف بحق آيات الله المنسوخة على جدران المسجد وتحت قبابه أن تعيد إلى القدس قدسيتها وطهارتها.. وأعلى بؤرة اللوحة نصف دائرة تعلو القبة المواجهة للمسجد الأقصى أحد أبواب قبة الصخرة الأربعة كتب عليها الآية رقم `143` من سورة البقرة والتى تأمر المسلمين بتغيير اتجاه القبلة - بسم الله الرحمن الرحيم - `قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون`. ويتكون نسيج اللوحة من أبجديات روحانية تتردد فيها صوتيات وتكبيرات تسمعها الأحاسيس ليطرب لها الوجدان .فالأحرف العربية لخط الثلث تهيم هنا وهناك وتتصدر قمة بيت المقدس الآية الكريمة `سبحان الذى آسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله ` ويصرخ الوجود كله بالموقع الطاهر الشريف بصرخات الرفض والصراع والمقاومة من خلال الألوان الساخنة .
السياسة - 11 /2/ 2003