عمر أحمد عبد الظاهر
فـن الجنوب
- مصبوغ هذا الفنان ببصمة الشمس الأسوانية، وبطيبة أهل أسوان ودماثتهم .. التشكيلى (عمر عبد الظاهر )، تخرج فى قسم الجرافيك سنة 66، يهتم بفن الحفر أو الجرافيك وهو من الفنون الصعبة، التى تحتاج كثيراً من التؤدة والصبر، وهذا النوع من الفن يتصل بأنواع الطباعة المختلفة، ولصيق أيضاً بالتطور التكنولوجى الحديث . - أما الانطلاق فى العالم الرحب للفن التشكيلى فيتأتى من خلال لوحاته الزيتية التى تحمل عنده عبء البوح بما يعتمل فى نفس هذا الفنان الهادئ، من انفعالات وهموم عصرية وتراثية. - حكايته مع الفن منذ نعومة أظافره، طفل فى الخامسة من عمره، إذ كان يأتى (بقفص) من الجريد، ويضع بداخله قطعة من الشاش، ثم يرسم موضوعاً، على ورقة خارجية، به مفردات مختلفة، مثل جاموسة، فلاح ، شمس، حقول، طيور إلى آخر تلك المفردات التى تدور فى خياله. ويقوم بقص تلك المفردات، وتحريكها، وراء قطعة الشاش التى بالتالى وراءها شمعة، وهو ما يسمى فن ( خيال الظل ) ـ ولكن طفلنا لم يكن يدرك له مسمى فى ذاك الوقت ـ ثم يقوم (عمر ) بسرد القصة على أقرانه الصغار من خلال تحريك العناصر المختلفة بيده. كان يشجعه كل من حوله كباراً وصغاراً على هذا الفن.. وحين وصل إلى المرحلة الثانوية، انقلب عليه (الكبار) واتهموه بالسرحان ـ برغم أنه كان الأول دائماً فى الدراسة - وأصبح لا يسمع من الأهل إلا كلمة واحدة: ( ذاكر ) فكانت هوامش الكتب مرتعة الوحيد للرسم ..! - فى قرية صغيرة اسمها ( كرم الديب ) ( بكوم أمبو ) كلهم أقارب، أعمام، وأخوال وأولاد أعمام ، القرية هى العائلة، الأبواب مفتوحة هنا يوم الخبيز، وهناك البنات يمشطن شعورهن بعد الحمام، يوم فرح يعم القرية بأكملها، وآخر صراخ وولولة على من مات .. هناك تمر الحياة وتعطى دائماً انطباعاً بالطازج، الفطرى، والأصيل. - بالتأكيد، الحياة فى ( أسوان ) والنوبة، تدفع الفنان، بإرهاصاتها القوية، النفاذة، وزخمها الشديد فى تفرده، إلى أن يتمسك بهذا النبع الأصيل، الذى لا ينضب، ونحن حين نتأمل .. نجد أن ما يقدمه عمر عبد الظاهر فيه كثير من الشبه من رسوم الفنانة التشكيلية ( تحية حليم ) بعد رحلتها إلى النوبة ويعلق: ( نعم بالطبع تأثرت برسوم ( تحية حليم )، فى بداية حياتى، و ( حامد ندا )، و (عبد الهادى الجزار )، و ( راغب عياد ) ـ بحبه للبيئة ـ ولكن فى نفس الوقت تأثرت بفنانى الحركة التأثيرية الغربيين ، مثل ماتيس ، وجوجان ، وفان جوخ، ثم إننى أحب الفن الهندى فى بساطته..! - ويضيف ( عمر ) : ( أرى أن الفنان ( حامد ندا ) تأثر كثيراً برسوم الكهوف فى رحلته إلى إسبانيا ، وبالتالى أجد أنه حين يكون المنهل واحداً ، يصبح الإنتاج متشابهاً ، ولكن هناك دائماً روح الفنان الخاصة التى تعطى نكهة بعينها .. ولا يمكن تقليدها ، فمثلاً حينما قدم الفنان حسن سليمان، معرضه عن الطبيعة الصامتة ، كانت اللوحات ذات طابع موحد، ولكنها فى نفس الوقت ، تحمل كل منها نكهتها الخاصة .! ، وقد حاول تلامذته تقليده، ولكن الفن الحقيقى يفرض نفسه ) . - لقد أثار هذا الفنان عدة مواضيع تنم عن تلك الحيوية، والتطور ، والأمل ، الذى يخبو فى صدور الشباب ، وربما لا يجد متنفساً للتعبير إلا من خلال قنوات محدودة، ويجد أن ممارسة المهنة بكفاءة لا تكفى فى مناخ بعيد تماماً عن التقييم الموضوعى والعلمى الذى يجب أن يتعامل به فى مجاله. - ويؤكد عمر عبد الظاهر، أهمية إيجاد نقاد جادين، دارسين ومحايدين، وهذا النوع من النقد قليلاً ما يوجد، ويضيف : أرى على (الدش)، الناقد التشكيلى فى البلاد الغربية، يتكلم عن العمل الفنى لمدة ساعة، ويعدد أخطاء الفنان ومميزاته، وهذا لا يفسد للود قضية، إذ يجب على الناقد أن يظهر الأخطاء قبل المزايا حتى يستفيد ويتعلم الجيل الجديد. - ولكننى أجد أحياناً النقد مضللاً فى تلك الأيام، .. ويستطرد : اللوحات التى تفوز بالجوائز الكبرى أليس من باب أولى أن تنقد نقداً موضوعياً، وأن يشرح لنا الناقد العمل من كل جوانبه التشكيلية، حتى نفهم ونتذوق العمل بشكله التشكيلى والعلمى فى آن واحد ؟، أتمنى أن أرى فى هذا المجال ثورة، وغلياناً، واحد يكتب، والآخر يرد عليه، ويجادله، فى مجال النقد، حتى تزدهر الحياة الفنية الأكاديمية. - ودور قاعات العرض فى الحركة التشكيلية ؟ - لقد أصبحت قاعات العرض هى أمل الفنان التشكيلى الجاد، إذ أن على هذه القاعات كثيراً من الأعباء المادية، من إرسال الدعاوى، إلى تنظيم المكان والإنارة، إلى آخره. لذلك فهم يختارون الفنانين فى منتهى الدقة، حتى يتأكدوا من إقبال الجمهور على الشراء .. وقد أضاف ظهور هذه القاعات نشاطاً وحيوية للحركة التشكيلية، كما أن تلك القاعات أصبحت تتميز بنوع من الفن، فمثلاً هناك قاعة ( تاون هاوس ) تعرض الفن التجريدى، و ( قاعة سلامة ) الفن الأكاديمى، أو الأعمال البيئية، وهكذا.. - من وجهة نظرك هل هناك بورصة للفن..؟ - للأسف، لا توجد بورصة للفن التشكيلى، المسألة متروكة للعرض، والطلب، وتحكمها الحالة الاقتصادية فى البلد ، ولكننى أجد أن هناك مبالغة فى الأسعار ثم إن سعر العمل أكبر من قيمته الفنية، واللوحة ليست بالحجم ولكنها بالموهبة، وهناك لوحات منقولة من فنانين أوروبيين، إذن الفيصل هو ثقافة المتفرج. - ويفضل عمر عبد الظاهر، ألا نضيف لقب دكتور لاسمه، فهو فنان أولاً وأخيراً، وكان قد حصل على درجة الماجستير فى موضوع ( أثر الفنون على الجرافيك )، ثم حصل على الدكتوراه، عن (أثر العدوان الصهيونى على فن الجرافيك العربى) - هو فنان فى بؤرة مشاكل العصر ، يهتم بفن الطباعة ( الجرافيك ) وتطوره باعتباره من أهم الفنون المعاصرة، حيث ترجع أهميته لارتباطه الوثيق بشتى الشئون العملية ، والإعلامية ، والفنية ، كما تعود أهميته من الناحية التشكيلية، إلى كونه يتيح للفنان الانتشار من خلال تعدد النسخ، وقد تجاوب معه كثير من الفنانين على مر العصور، منذ القرن الخامس الميلادى، إلى يومنا هذا، وقد طوروا فى مجالاته وظهرت فيه معظم المدارس الفنية، بدءاً من الكلاسيكية ومروراً بالتأثيرية ، والانطباعية، حتى السريالية فى القرن العشرين، ومن أشهر الحفارين فى القرن العشرين بيكاسو وماتيس وفان جوخ وجيمس نسور، وإدوارد مونسن. - ويؤكد عمر عبد الظاهر : ( إن عمل لوحة من الحفر تتكون من 8 زنكات، وهى بعدد الألوان، تستغرق جهداً دقيقاً ووقتاً يعادل عمل ثلاث لوحات بالزيت ! ) - ما هو الموضوع المفضل لدى عمر عبد الظاهر؟ - دائماً أتذكر طفولتى، فى أعمالى، وهى فترة مهمة جداً بالنسبة لى، فأنا داخلى طفل، عندى ذكاؤه، وصفاته، وأكره الخبث، وأتعامل مع الحياة ببساطة.. - وحين نجلس مع هذا التشكيلى الصعيدى القح، تجد أنه يتنفس الجنوب الذى يتملك ويسيطر على كيانه . فهو فى القاهرة نتيجة عمله كأستاذ زائر فى الفنون الجميلة، ولكن روحه ووجدانه فى بيت هناك تحت السقف النصف برميل .. بيت يتنفس مثل جلد بنى آدم- كما يطلق عليه - هناك جو رطب يأخذ شكلاً دائرياً نتيجة الفتحات المتقابلة ، يطير الهواء بشكل دائم . لذا نجد فى لوحات (عمر عبد الظاهر ) الشمس القوية التى تؤكد الظل والنور بحدة الألوان الصريحة، ترتفع فى لوحاته ، ولكن دائماً هناك خطوطاً سوداء تحميها من الشطط والتداخل، فهو يستخدم اللون الأحمر، فى بعض الأحيان فى البعدين الأول والثالث على حد سواء مثل لوحة العرس. - من وقت لآخر يشد عمر عبد الظاهر رحاله ويذهب إلى أسوان ، حتى ينهل من النبع الأصيل.. هناك البساطة، والراحة ، هناك الطعام الذى يحبه البامية مع العدس ، وطبق السخينة والجراس ، وهو عبارة عن لحم مكعبات مع البصل وعيش صغير الحجم ، والشعرية باللبن ، وعيش الدوكة. - إضافة إلى لون النيل والسماء الزرقاء وملابس الناس البيضاء مثل الحمائم ، وأزياء النساء الزاهية الألوان يقول : ( أنا فى القاهرة أرى أن ألوان فساتين النساء ميتة لا حياة فيها، فهى بين الرمادى والبيج والأسود والبنى. وأحب أن أرى المرأة فى الألوان الزاهية الصريحة ) . - وعبد الظاهر يعيش النبض اليومى لحياة أصيلة فى أسوان، جعلت التعبير الفنى عنده أكثر جرأة وتلقائية، وقد يكون نابعاً من عدم دراسة أكاديمية عميقة ..! ولكن نابعاً من كونه ( ابناً ) ترى عينه وتمتصه وتضع إحساسه النقى على اللوحة، فى حس طفولى ساذج، وتلك السذاجة هى التى تضيف هذا الوهج الساخن الذى يميز لوحة عمر عبد الظاهر، فهو لا يخاف من ألوان متضادة، ومتنافرة ولا زخارف متداخلة ومتجاورة. ثم إن الشخصية عند عمر عبد الظاهر تبدو فى مجملها [ فى بعض لوحاته ] جزءاً من الحس الزخرفى، وبه تتداخل شخصيات فى الأبعاد الثلاثة ، وهناك لوحة من أروع لوحاته صور فيها امرأة (حامل )، ورسم الجنين داخل تجويف البطن المنتفخ، فنجد الأم والجنين متداخلين متآلفين، متساويين فى الأهمية والوجود، فقد جعلهما بهذا الحس الطازج والفطرى فى مستوى واحد للمتلقى ، إذ لم يصبح الجنين فى البعد الثانى أو الثالث فى عمق البطن - بل ظلا على نفس المستوى من الوجود التشكيلى، وأخيراً يضيف : ( كل هذا بدون أن أقصد.. هى بتطلع لوحدها ) .. !!
نجوى صالح
مجلة البيت
- إعجابى بالفنان الشاب عمر عبد الظاهر بعيد وعميق .. لأنه ببساطته الشديدة .. وتلقائيته الصادقة استطاع أن يخاطب وجدانى من داخل الداخل . - وربما كانت تلك العصارة التى تقطر من أعماله هى المفاعل السحرى الذى يوقظ المشاعر الدفينة ويصاحبه فى تجولات أسطورية المذاق .. نابعة من أعمق الأعماق .. من تراب مصر .. وخاصة جنوب مصر .. أهنئ نفسى بتعرفى على هذه الموهبة الأصلية وأدعو لها بدوام التوفيق .
حسين بيكار
ليلة الدخلة .. معرض يعلن زفاف الشعر والألوان
- تجربة تشكيلية فريدة قدمها الفنان المصرى المعروف عمر عبد الظاهر عن مظاهر الحياة الشعبية فى النوبة، وذلك من خلال أحدث معارضه المقامة حاليا فى القاهرة، يتناول فيها موضوعات مثل `ليلة الحنة ` و`ليلة الدخلة ` و` الصباحية ` مازجا فى تجربته بين الألوان والشعر الفلكلورى والموروث الشعبى . - عبر حوالى 15 لوحة طرح عبد الظاهر تجربته التى من خلال صور بسيطة وعميقة للفولكلور الشعبى والحياة الريفية فى جنوب مصر، إذ تبرز الأعمال فى مجملها معالم `ليلة الدخلة `فى بلاد النوبة مثل استعدادات العروس من وضع الحنه ومجئ الماشطة التى تزين العروس في ليلة الزفاف، وصور العروسين وهما في غرفة العرس، ليختتم الفنان معرضه بصورة ` الصباحية ` حيث يأتى الأهل لمباركة العروسين، ورغم تكرار هذه المشاهد إلا أنها قدمت تنوعا لافتا على الفكرة الأساسية، ونجحت فى حفر مكان لها في الذاكرة. وقد برع الفنان عمر عبد الظاهر فى تجسيد ملامح الحياة النوبية ، كونه يعد امتدادا للفنان حسين بيكار والفنانة تحية حليم والفنان راغب عياد في الإهتمام بالأجواء النوبية والريفية في إطار من التجديد والتنويع . - استخدم عبد الظاهر فى لوحاته الألوان الزيتية الزاهية وبخاصة الأحمر تعبيرا عن حالة الفرح السائدة في ليالي العرس وتأكيدا علي الحالة العاطفية التي يتطلبها المشهد، كما استخدم الأشكال الشعبية من هلال ونجوم ، وأبيات من الشعر الفولكلورى التى تتماشى مع موضوع لوحاته مثل : `فى ليلة الدخلة عريس لعروسته سلم ...نور الكهربا من نور خدودها ضلم `وهى أبيات تتناغم مع الصورة وفكرتها حول مغازلة العريس لعروسه .
حسن حافظ
الجريدة - 2009
عمر عبد الظاهر
- هو مندوب الواقعية كحدث والتخيلية فى الأداء لمجتمع ساحر هو ` النوبة ` وفى معرضه الحالى بالزمالك يقدم أحداث البهجة فى ليالى الخطوبة والزفاف .. إنه يعيد للذاكرة ولنا هذه اللحظات السارة فى حياة أبناء النوبة .. هؤلاء الناس الذين تتلاقى في لياليهم الآمال والأحلام .. والأغانى مع الرقصات .. يغنون كل لحظات العمر ويرقصون فى كل المناسبات بل أيضا يدونون على جدران البيوت أفراحهم كما أجدادهم .. وعمر عبد الظاهر يقدم لنا لوحات عن ليلة الزفاف وهدايا العروس ومناجاة الأحبه وأحلام البنات ورقص الرجال ، إنها حالة بهجة فى شكل لوحات ومشاعر ملونة .. و.. مبروك القاعة الجديدة ` لوت 17 ` بالزمالك .
إبراهيم عبد الملاك
صباح الخير - 2009
لوحات عمر عبد الظاهر تعيد اكتشاف حسن ونعيمة
- بعنوان `حسن ونعيمة ` افتتح الفنان عمرعبد الظاهر معرضه الذى تضمن مجموعة رائعة من اللوحات الفنية التى استلهام فى بعضها كثيراً من الشخصيات التراثية وأبطال السير الشعبية فى الحب والرومانسية مثل حسن ونعيمة ،عنتر وعبلة وغيرهم ..الجديد فى تناول عبد الظاهر لهذه التيمات الشعبية ،أنه لم ينقلها كما هى بل صنع التزاوج بينها وبين وجوه وأشخاص أهالى النوبة الذين تعايش معهم منذ ولادته .
- هذا المعرض ينتقل عمر عبد الظاهر إلى مرحلة لونية جديدة فى مسيرته الفنية حيث تغلب اللون الأحمر عن باقى الألوان وكأنه يتأسى بكبار الفنانين العالميين مثلما يؤكد هو أن اللون الأزرق على سبيل المثال كان مرحلة مهمة من مراحل الفنان الكبير بيكاسو .
- فى لوحات معرضه الأخير تتبدى بعض الرموز الحيوانية من قطط وطيور مثل الأوز والسمك حيث يقوم بتوظيف هذه الرموز فنيا باعتبارها مدلولات لمعانى أعمق فالسمك يرمز للخير والقطة ترمز للجنس الناعم والورود ترمز للبهجة والسرور وأيضا يتميز معرضه بوجود بعض الحلى الشعبية مثل الخلخال وهو من أساسيات التزيين لدى بنات النوبة فى فترة ماضية وما تزال بعضهن يتحلين به حتى الآن .
- والفنان فى لوحاته يضاهى الواقع فى النوبة بصورة مفرطة حيث يظهر ملامح الوجوه الشعبية والبيوت والغرف والسرائر وجدران البيوت التى تقادمت والعادات التقليدية فى البيئة النوبية وآثارها على المجتمع الذين اشتهروا بالدقة فى تصوير الطبيعة الساحرة ، كما اشتهروا بتصوير المرأة فى الألوان البيئية المختلفة فى مراحل عمرها .
- كذلك استطاع عبد الظاهر استلهام بعض المأثور الشعبى من التراث الشعرى ونجح فى التضفير بينها وبين اللوحة مثل قصيدة نعناع الجنينة ومنها ( جميلة من البنات أحلى الصفات جمعتها) ونعناع الجنينة ليست فقط الأبيات التى غناها محمد منير بل إنها تتجاوز اكثر من أربعة آلاف بيت .
- ولعل ما يميز لوحات عمر عبد الظاهر ذلك الانسجام والإنسانية فى الرسم من خلال رؤيته للرجل والمرأة فى السابق وكيفية جلوسهما على الكنبة فى ضوء القمر وتألق الأوز فى حالة سكون على سور البيت وهو ما يوحى بالطمأنينة والهدوء .
- وأراد الفنان عمر أن يستخدم فى لوحاته المساحات المربعة فقلما تجد المساحات المستطيلة على الرغم من أن مساحة المربع من الصعب الرسم عليها والأصعب أنه رسم لوحاته بالزيت على القماش ويعتبر الرسم بالزيت على الأقمشة تكنيكاً خاصاً يتميز به الفنان عمر عبد الظاهر.
محمد عارف
مجلة أكتوبر - 2010
عمر عبدالظاهر: يحمل لفحة الشمس الأسوانية مصبوغ ببصمة الشمس الأسوانية.. بطيبة أهلها ودماثتهم
-التشكيلي «عمر عبدالظاهر» تخرج من قسم الجرافيك سنة 66 يهتم بفن «الحفر» أي الجرافيك والرسوم الزيتية. فن «الحفر» من الفنون الصعبة، التي تحتاج إلي الصبر والتؤدة.. نوع من الفن يتصل بأنواع الطباعة المختلفة، لصيق أيضا بالتطور التكنولوجي الحديث، أما الانطلاق في عالم الفن التشكيلي فيأتي من خلال لوحاته الزيتية التي تحمل عنه عبء البوح بما يحتمل في نفس هذا الفنان الهادئ من انفعالات.. وهموم عصرية وتراثية. خيال الظل حكايته مع الفن منذ نعومة أظافره ابن الخامسة يأتي بقفص من الجريد، ويضع بداخله من الشاش ثم يرسم موضوعا علي ورقة خارجية، به مفردات مختلفة، جاموسة، فلاح، شمس وحقول وطيور إلي آخر تلك المفردات التي تدور في خياله، ويقوم بقصها وتحريكها، وراء قطعة الشاش التي بالتالي وراؤها شمعة، وهو ما يسمي «بخيال الظل» ولكن طفلنا لم يكن يدرك المسمي في ذاك الوقت، ثم يقوم عمر بسرد القصة علي أترابه الصغار من خلال تحريك العناصر المختلفة بيده. كان يشجعه كل من حوله كباراً وصغارا علي هذا الفن، وحين وصل إلي المرحلة الثانوية انقلب عليه «الكبار» واتهموه بالسرحان- برغم أنه كان الأول دائما في الدراسة - وأصبح لا يسمع من الأهل، إلا كلمة واحدة: «ذاكر»، فكانت هوامش الكتب مرتعه الوحيد للرسم! في قرية صغيرة اسمها «كرم الديب» «بكوم أمبو» كلهم أقارب، أعمام، وأخوال وأولاد أعمام، القرية هي العائلة، الأبواب مفتوحة ليوم الخبيز، وهناك البنات يمشطن شعورهن بعد الحمام، يوم فرح يعم القرية بأكملها، وآخر صراخ وولولة علي من مات! بالتأكيد إن الحياة في أسوان والنوبة وتلك الإرهاصة القوية النفاذة وزخمها الشديد في تفردا تدفع الفنان أن يتمسك بهذا النبع الأصيل، الذي لا ينضب. علي وجه المثال حين تتأمل رسوم الفنانة التشكيلية «تحية حليم» بعد رحلتها إلي النوبة نجد أن الفن الذي أفرزته فيه الكثير من الشبه بما يقدم «عمر عبدالظاهر» ويعلق «نعم بالطبع تأثرت برسوم «تحية حليم»، في بداية حياتي، و«بحامد ندا»، و«عبدالهادي الجزار»، وراغب عياد - بحبه للبيئة، ولكن في نفس الوقت تأثرت بفناني الحركة «التأثيرية الغربيين، مثل مايتس، وجوجان، وفان جوخ، ثم إنني أحب الفن الهندي في بساطته! ويضيف «عمر»، أري أن الفنان «حامد ندا»، تأثر كثيرا برسوم الكهوف في رحلته إلي إسبانيا، وبالتالي أجد أنه حين يكون المنهل واحدا يصبح الإفراز متشابها ولكن هناك دائما روح الفنان الخاصة التي تعطي نكهة بعينها، ولا يمكن تقليدها، فمثلا حينما قدم الفنان «حسن سليمان»، معرضاً عن الطبيعة الصامتة، كانت اللوحات ذات طابع موحد، ولكنها في نفس الوقت، تحمل كل منها نكهتها الخاصة! وقد حاول تلامذته تقليده، ولكن الفن الحقيقي يفرض نفسه». أين النقاد؟ لقد أثار هذا الفنان عدة مواضيع تنم عن تلك الحيوية، والتطور، والأمل، الذي يجيش في صدور الشباب، وقد لا يجد متنفسا للتعبير إلا من خلال قنوات محدودة، ويجد أن ممارسة المهنة بكفاءة، لا يكفي في مناخ بعيد تماما عن التقييم الموضوعي والعلمي الذي يجب أن يتعامل به في مجاله. ويؤكد عمر عبدالظاهر، علي أهمية إيجاد نقاد جادين، دارسين ومحايدين، وهذا النوع من النقد لا يوجد حاليا، ويضيف: «أري علي «الدَّش»، الناقد التشكيلي في البلاد الغربية يتكلم عن العمل الفني لمدة ساعة، ويعدد أخطاء الفنان ومميزاته، وهذا لا يفسد للود قضية، إذ يجب علي الناقد أن يظهر الأخطاء قبل المزايا حتي يستفيد الفنان ويتعلم الجيل الجديد. ولكنني أجد أن النقد مضلل في هذه الأيام، خاصة إذا كان الناقد صديق الفنان! ويستطرد: «ثم اللوحات التي تفوز بالجوائز الكبري أليس من باب أولي أن تنقد نقدا موضوعيا، وأن يشرح لنا الناقد العمل من كل جوانبه التشكيلية، حتي نفهم ونتذوق العمل بشكله التشكيلي والعلمي في آن واحد، أتمني أن أري في هذا المجال ثورة، وغليان، وواحد يكتب والآخر يرد عليه ويحاوره في مجال النقد حتي تزدهر الحياة الفنية الأكاديمية، ولكن للأسف الموجود حاليا علي الساحة، التقاذف بالشتائم، والنقد الجارح غير الموضوعي بين الفنانين القدوة، مع الأسف الشديد، أما عن جيل الوسط فعليا أن نحفر بأظافرنا في الصخر، ونعلم أنفسنا، والفصل في القيمة للجمهور وهذا يضيف للفنان الرخاء والمادة، وهذا لا يكفي، النقد يضيف البعد الفكري العميق. وما عن لجان التحكيم؟ - كان زمان، لجان التحكيم تكون من كبار الفنانين مثل «بيكار» و«أحمد نوار»، و«صبري منصور»، و«فرغلي عبدالحفيظ»، وكانت هذه اللجان تتسم بالنزاهة، والخبرة وعدم التحيز، إلي آخر، هذه الصفات المحايدة ولكن أجد الآن أن المحاباة عيني عينك من لجنة التحكيم لأنه صديقه، أو لأنها زوجته! والدليل أن الأعمال التي نالت تلك الجوائز في منتهي الضعف، وقلة الخبرة! وأضيف أنني أتمني أن يتركوا المشاكل، ويتجهوا إلي الموضوعية في الحكم، لأن الشباب هم مستقبل مصر التشكيلي. ودور قاعات العرض في الحركة التشكيلية؟ - لقد أصبحت قاعات العرض هي أمل الفنان التشكيلي الجاد، إذ إن علي هذه القاعات الكبري كثير من الأعباء المادية، من ارسال الدعاوي، إلي تنظيم المكان والإنارة، إلي آخره، لذلك فهم يختارون الفنانين في منتهي الدقة، حتي يتأكدوا من إقبال الجمهور علي الشراء، وقد أضاف ظهور هذه القاعات نشاطاً وحيوية للحركة «التشكيلية» وأري أن كل قاعة أصبحت تتميز بنوع من الفن فمثلا «تاون هاوس» تعرض الفن التجريدي، وسلامة الفن الأكاديمي، أو الأعمال البيئية وهكذا. من وجهة نظرك هل هناك بورصة للفن؟ - للأسف لا يوجد بورصة للفن التشكيلي، المسألة متروكة للعرض، والطلب، وتحكمها الحالة الاقتصادية في البلد، ولكنني أجد أن هناك مبالغة في الأسعار ثم إن سعر العمل أكبر من قيمته الفنية، واللوحة ليست بالحجم ولكنها بالموهبة، وهناك لوحات منقولة من فنانين أوروبيين، إذن الفيصل دور ثقافة المتفرج. دكتور.. ولكن! يفضل عمر عبدالظاهر، ألا نضيف لقب دكتور لاسمه، فهو فنان أولا وأخيرا، حصل علي ماجستير في موضوع «أثر الفنون علي فن الجرافيك» ثم حصل علي الدكتوراه عن «أثر العدوان الصهيوني علي فن الجرافيك العربي». فنان في بؤرة مشاهير العصر يهتم بفن الطباعة «الجرافيك» وتطوره ويعد من أهم الفنون المعاصرة، وترجع أهميته لارتباطه الوثيق بشتي الشئون العملية، والإعلامية والفنية كما ترجع أهميته من الناحية التشكيلية، فيما يتيح للفنان الانتشار من خلال تعدد النسخ، وقد تجاوب مع فن الحفر كثير من الفنانين علي مر العصور، منذ القرن الخامس الميلادي، إلي يومنا هذا، وقد طوروا في مجالاته وظهرت فيه معظم المدارس الفنية، بدءا من الكلاسيكية ومرورا بالتأثيرية، والانطباعية، حتي السيريالية في القرن العشرين، ومن أشهر الحفارين في القرن العشرين بيكاسو ومايتس وفان جوخ وجيمس نسور، وإدوارد مونس. ويضيف عمر عبدالظاهر: «إن عمل لوحة من الحفر تتكون من 8 زنكات، وهي بعدد الألوان تأخذ عملا دقيقا، ووقتا يعادل عمل ثلاث لوحات بالزيت! يعيش النبض اليومي لحياة فنان صعيدي «مُحّْ» جعلت التعبير الفني عند عمر عبدالظاهر، أكثر جرأة وتلقائية، قد يكون نابعا من عدم دراسة أكاديمية عميقة، ولكن نابع من «اين» ما تري عينه ويمتصه إحساسه النقي، يقوده إلي حس طفولي ساذج، فهو اسير لطفولته، عبر أصيل لمنبت الرأس، بكل ما يحيط بها من زخم يصل إلي حد التعلق برائحة الطعام الذي لا يستغني عنه البامية مع العدس بجبة، - طبق السخينة- عيش بلدي محمر بالعسل الأسود - الجراس قطع لحم بالبصل والعيش الدوكة - هذا التعلق بالجزر يضيف هذا الوهج الساخن، فهو لا يخاف الألوان المتضادة المتنافرة فتجد البني بجانب الأحمر والبنفسجي والأصفر، مع زخارف متباينة النقوش متداخلة متجاورة بلا خوف أووجل. الحس الزخرفي في لوحات يتداخل مع الشخصيات في الأبعاد الثلاثة بنفس الوضوح والقوة. من أروع لوحاته «الأم» ورسم الجنين داخل تجويف البطن المنتفخة للأم والجنين متداخلين متآلفين، متساويين في الأهمية والوجود وقد جعلهما بهذا الحس الطازج والفطري في مستوي واحد للمتلقي إذ لم يصبح الجنين في البعد الثاني أو الثالث- في عمق البطن - بل ظلا علي نفس المستوي من الوجود التشكيلي. «عمر عبدالظاهر» مثل أي صعيدي يقدس الشمس القوية التي تؤكد الظل والنور عبر الألوان الصريحة، ولكن هنا دائما خطوط سوداء تحمي هذه الألوان من الشطط والتداخل، في لوحته «العرس» من مقتنيات هيئة التفرغ، يستخدم اللون الأحمر القاني، في أبعاده الثلاثة علي حد سواء. إنه يتنفس الجنوب وتملك عليه كيانه، هو في القاهرة نتيجة عمله كأستاذ زائر في الفنون الجميلة ولكن روحه ووجدانه تحت السقف نصف البرميل ببيت يتنفس مثل البني آدم هكذا يقول: سئم من ألوان نساء القاهرة بين الرمادي والبيج والبني والأسود هناك يري الزوجة في ألوانها الزاهية من منابعها «الأصيلة».
الوان وضلال القاهرة : 10 - 01 - 2012
عمر عبد الظاهر .. يداعب السمك وزوجات الصيادين
- اللون معجون بالدهاء ، ورغبات النساء ، ودفقات من الحب والوضوح .. ألوان تصهد مع التفاصيل .. مبالغات فى التشكيل تفتح المجال للإبحار فى حوارات كثيرة .. لا تتوقف النظرات الصامتة عن ملاحقتك .. رغم وضوح التكوين الظاهرى إلا أن الفنان يدخلك فى تأويلات جمالية تنسيك التفاصيل لتعيش مع حوارات لونية وتشكيلية مدهشة .
استضاف جاليرى خان المغربى معرض ` هبة النهر والبحر ` للفنان عمر عبد الظاهر ، ليقدم لنا 20لوحة زيتية تصور رحلته فى أسوان وبحيرة البرلس بكفر الشيخ ، والتى استوحى فكرتها من نشأته فى أسوان وتواجده فى بحيرة البرلس التى صدرت له نفس الإحساس بطيبة الناس وبساطتهم فتأثر بهما، وتفاعل مع الحياة هنا وهناك ليقدم لنا رؤيته عن الصيادين من خلال ` الواقعية الاجتماعية ` بأسلوب به قدر من المبالغة فى البناء والتفاصيل .
صور عبد الظاهر حركة النساء والرجال أثناء سعيهم للرزق المتمثل فى السمك الموجود بنيل أسوان وبحيرة البرلس . واستلهم الحالة الرمزية من الموروث الشعبى ، واستقر على تناول أعماله بالتشكيل الفطرى الذى تظهر فيه المبالغات والبساطة المتجاوزة للنسب فى العلاقات والنسب ليضيف رؤيته الخاصة التى يصدرها للمشاهد بفكر يحتاج لفك شفراته فى كل المناحى التشكيلية .
لا تخلو لوحات الفنان من الدافية التى تحقق معادلا تشكيليا متوازنا مع الألوان الباردة التى تظهر البحر والسماء ، وملابس النساء الجالسات على شط البحر أو النهر ينتظرن الصيادين حاملين الخير على مراكبهم الصغيرة . هذا الحوار التشكيلى الذى يحققه فى البناء والتلوين الذى يتميز به والذى يحقق بدوره تناغمات وإيقاعات فنية متميزة .
وتتحقق الحركة بقوة من الفعل الذى يقوم به الصيادون أثناء الإبحار بمراكبهم وعند رمى الشباك ولمها . إلا أن هناك حركة لا تقل قوة عن هذا وهى النظرات المتبادلة والحورات التى تدور بين الناس وتأثيرات الانفعالات التى تظهر بملامح الأشخاص ، كل هذا يعلى من قيمة أعمال الفنان ويملأها حيوية وصخبا .
ولد عمر عبد الظاهر سنة 1966 وتخرج فى كلية الفنون الجميلة قسم جرافيك شعبة التصميم المطبوع جامعة المنيا 1991 . وحصل على الدكتوراة فى فلسفة الفن من كلية الفنون الجميلة بعنوان (الموروث الشعبى وأثره على الطبعة الفنية المعاصرة فى مصر والعراق ــ دراسة مقارنة ) 2006. أقام العديد من المعارض الخاصة وأهمها معرض بأتيلية القاهرة 1988 ، ومعرض بقاعة أخناتون بمجمع الفنون بالزمالك 2000 ، ومعرض بمجمع الفنون بالزمالك 2003ــ2004.
كما شارك فى العديد من المعارض الجماعية وله بعض المقتنيات الرسمية فى متحف الفن الحديث وصندوق التنمية الثقافية وأيضا لدى أفراد فى مصر والخارج .
د. سامى البلشى
الإذاعة والتليفزيون : 2018/1/20
|