- يحتاج الفنان الناضج إلى شجاعة كافية لكى يعرض إنتاجه ، لأنه بعد أن يفرغ من هذا الإنتاج ، يجد نفسه غير راض عنه ، ويود أن تتاح له الفرصة كى يستطيع أن يحقق نجاحاً أكبر مما حققه لذلك تجده يحيد عن العرض حتى يستوثق تماماً من أن ما سيعرضه يمثل فكرته وما يؤمن به .
- أما الفنان الناشئ فحماسه لا حد له ، وهو ما أن يفرغ من تجربه حتى يريد الناس أن تراها ، ولا يهتم كثيراً بدرجة الكمال التى استطاع أن يحققها ، أو لم يحققها .وعلى ذلك تجد لديه دائماً الشجاعة ليعرض تجاربه ، وفى ظل هذه الشجاعة يتعدل ، وينمو ، ويتطور ، ويصل إلى الأفاق بطريقة طبيعية، لا احتراس ، ولا افتعال أو خوف فيها .
- والمعرض الذى نشاهده ، يضم تجارب عديدة لفنان ناشئ آماله عريضة، وأفكاره غزيرة ، وتجاربه لا حدود لها ، فهو تارة يغرق فى بناء الشكل والعناية بمساحاته ، وتارة أخرى يجمع بين الشكل والرمز ليستثير معانى حول موضوعاته . وهو جرئ حين يجرد فلا يلتزم بأى أصل طبيعى . والتجارب التى يعرضها تحمل أملا كبيراً فى النضج والتبلور ، وتجعل الشخص المتفرج يتخيل بثاقب ذهنه ما يستطيع هذا الفنان الناشئ أن يحققه فى مستقبل الأيام ، لو أتيحت له الفرصة للاستمرار فى الإنتاج . فكل ما تراه اليوم وراده فكر الفنان الحديث الغارق فى التجريب ، والذى يحاول دائماً أن يكشف قيماً جديدة ولا يقنع بشكل واحد مما يصل إليه . وإذا كنا نحاول أن نحدد نوع الاتجاه السائد ، فهو أقرب إلى التجريد منه إلى الناحية البصرية وإلى الرمز منه إلى الصورة الفوتوغرافية ، ولابد أن نسمع حول ما ينسجه بيديه ، إلى قصص يؤلفها حولها ، لكى ندرك المغزى الذى ينشده ، فإن لم تجده ليحكى لك قصة ما حول رسمه فيجب أن يكون خيالك فسيحاً ليتصور ما يمكن أن تفسر به تجاربه .
- إننا نزكى هذه الروح الفنية فى الإنتاج، ونرجو لها اطراداً فى النمو، وغزارة أكبر فى المستقبل .
د./ محمود البسيونى
عميد المعهد العالى للتربية الفنية