حول رؤية الفنان - السيرة الذاتية - قطاع الفنون التشكيلية

- على بوابة الأهرام الرئيسية وقف للحظات ، تسمرت قدماه وكأنه يجتر من ذاكرة الماضى شريط ذكريات لم تفارقه لحظة ، غلبت عينياه دمعتان خرجتا رغم أنف الثائر بداخله وهو الكاره للدموع، وكأنه يقلب فى برهة من الوقت صفحات أكثر من أربعة عقود ليعود إلى الصفحة الأولى من سبعينيات القرن الماضى حيث كان يعمل بقسم الميكروفيلم بالأهرام إلى جانب عمله كمعيد بكلية التربية الفنية بالزمالك ،وبمجلة الطليعة التى أغلقت بقرار من الرئيس الراحل أنور السادات، وبعدها بأيام وكأن المصائب لا تأتى فُرادى أوصد فى وجهه باب القناة الثانية فى التليفزيون المصرى التى كان يقدم فيها بالاشتراك مع الصحفى والفنان والمخرج الراحل يوسف فرنسيس برنامجهما الناجح `صورة وفنان`، وطالت الحرائق المتتالية مرسمه بالكلية بفعل فاعل ، وبعدها خرج من أرض الكنانة دارسا بأكاديمية روما للفنون للحصول على دبلومه أصول النقد الفنى منها متتلمذاً على يد البروفيسور الشهير كارلو أرجان، ثم طائفاً بعواصم أوروبا وكأنه رحالة حمل زاده من ألوان وفرشاة ليبدع مئات اللوحات الفنية.
- وكان لقائى بالفنان التشكيلى الدكتور مصطفى مهدى مؤثراً للغاية ، وأحسست بأنه يغوص بما أبدعته فرشاته فى أعماق تاريخ الفن المصرى قديمة وحديثة، ومن يمعن النظر فى ابداعاته يستشعر أن فرشاته سيف تمرُد وصرخة معارض مدوية وصيحة ثائر رافض لكل ألوان التكبيل والظلم وتكميم الأفواه ، ولم ينحصر تمرده داخل حدود الوطن الأم مصر بل صحبه معه فى كل مكان انتقل إليه فى غربته التى امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً ، وكان أول فنان يتمرد على أكاديمية روما التى كانت تحصر مشاريع تخرجها فى الفنون الإيطالية وروادها أمثال دافنشى ورافائييل ومايكل أنجلو وغيرهم وأقنعهم واحترموا رغبته فى مشروع يبرز الفنان المصرى الفرعونى القديم `سن نجم `أبو فن التصوير فى العالم ، وكان مشروعه الأول الذى يخرج عن نطاق فنون وفنانى إيطاليا من أكاديمية روما على مدى تاريخها الذى يربو على خمسمائة سنة .
- ويتحدث المبدع الطائر عن مسيرته الفنية فيقول :- حصلت على بكالوريوس فنون وتربية الزمالك عام 1968 بتقدير ممتاز وعينت معيدا بالكلية ، وخلال مسيرتى الفنية رسمت ما يربو على خمسة ألاف لوحة صغيرة، واكثر من 200 جدارية كبيرة، وشاركت فى 35معرضاً عالمياً بعواصم العالم المختلفة خاصة الأوروبية والأمريكية وموسكو، ولى العديد من اللوحات بمتاحف إيطاليا والبعض الاخر لدى الأفراد ولى لوحة ` الانفتاح ` التى رسمتها عام 1975 معروضة بصفة دائمة بمتحف واشنطن ، ولوحات أخرى بمتاحف ديرزن بألمانيا وبلجيكا واسبانيا.
- وعن دراسته بأكاديمية روما يضيف : وجدت فى كل حارة وشارع وميدان بروما كما هائلا من التماثيل والجداريات واللوحات الفنية، ورغم هذا الزخم استشعرت بداخلى عظمة وروح الفن المصرى الأصيل، وبلغ ذلك ذروته وأنا طالب يدرس بأكاديمية روما للفنون، وطلب منى أستاذى البروفيسور أفينالى وهو من أشهر فنانى إيطاليا بحثاً عن التشريح فى فن دافنشى ، إلا أننى ناقشته مفضلاً أن يكون التشريح من منظور الفن المصرى الفرعونى القديم لأنه تشريح روحى وعقلى وليس تشريحاً سطحياً ، وقدمت له أمثلة لنماذج من تماثيل الفراعنة العظماء ونسبها الهندسية وفلسفة تلك النسب، وكان قبول ذلك بمثابة الحدث الأكاديمى الذى يحدث لأول مرة عبر تاريخ أكاديمية روما الذى يزيد على 500 سنة ، فمنذ افتتاحها لم تقبل فنا غير الفن الإيطالى ، وللعلم البحث الذى تقدمت به يعد أهم مصوغات التخرج ويعادل درجة دكتوراه، فالفن الفرعونى، فهو أبو الفنون خاصة الفنان `سن نجم` أبو الفن فى العالم، وكنت محظوظاً عندما ذهبت للأقصر وزرت مدينة هابو ومقابر الفنانين الفراعنة لأكتشف أنه أول مصور فى التاريخ يضع قواعد وكلاسيكيات الفن، وأنا أعتبر نفسى الابن الشرعى لهذا الفنان العبقرى الذى تعلم من ابداعاته أعظم فنانى العالم ومنهم دافنشى ورافائييل وكارفاجيو وأخذوا عنه البناء والتكوين الهرمى ومقدمة الصورة وخلفيتها ، ولم تغب عنى مصر بإقامتي بإيطاليا ثلاث سنوات واسبانيا سنتين وثلاثة بإنجلترا وأربع سنوات بالكويت وسبعة عشر عاماً.