نجاة فاروق إبراهيم
عروسة ورق: من طقوس الجدة إلى قاعة العرض
تظل العروسة علي تنوع أشكالها واحدة من أكثر الأشكال الفنية التي وظفها العديد من الفنانين التشكيليين بمختلف الدلالات والتي تنوعت كثيرا بين عروسة المولد الشعبية والعرائس الماريونت والعرائس القفاز، بل إن الفنان عصمت داوستاشي اشتهر بتوظيفه العرائس البلاستيكية في كثير من أعماله المركبة التي عبر بها عن الكثير من المعاني وأهمها نبذ العنف.
انضمت الفنانة نجاة فاروق بمعرضها الفردي الثاني الذي أقامته مؤخرا بجاليري الكحيلة بالمهندسين إلي قائمة الفنانين المغرمين بفكرة العروسة حيث قدمت معرضها بالكامل تحت عنوان `عروسة ورق` .. إلا أن اللوحات تضمنت العديد من أشكال العرائس الأخري لتبدو المرأة في كثير من اللوحات متحكمة بعروسة أو بأخرى.
ويبدو ارتباط فكرة العروسة الورقية بالفنانة نجاة منذ طفولتها حيث تقول: كانت جدتي تصنع لي عروسة ورق ثم تقوم بثقبها من أعين الحاسدين وتتمتم لها ببعض الكلمات، ثم سرعان ما تلقي بها إلي جمر مشتعل فتحترق مع البخور، وعبر صعود الدخان لأعلي كانت تحلق معه روحي وأحلام طفولتي التي تتلاشي في زرقة السماء.. أري أشخاصا تتحرك وتسكن.. تتكلم وأحيانا تلوذ بالصمت كنت أري بعد اشتعال العروسة الورق اللون الرمادي وهو يتطاير مع زرقة السماء .
وللعروسة الورقية الكثير من الدلالات التي عبرت عنها الفنانة قائلة: وكأن `العروسة الورق ` ساحرة أليفة، تترجم حقيقة المجتمع وضوابطه ومعاييره الثقافية والتراثية التي قد تجنح إلي الأسطورة أحياناً، وتحتل مكانها في الحكايات.. إنها تميمة الخائفين من حسد وشرور الآخرين، وكأن هذه الضعيفة الشكل قادرة علي أن تسحق الشر ذا الجسد الضخم، والحسد بعيونه المخيفة.وهي أيضاً تمنح المتعة للبسطاء، وهم منشغلون في تشكيلها، ولو أنني تمكنت من الدخول إلي وجدان أحدهم في تلك اللحظة، لوجدت عروسة أخري من شحم ولحم، تجلس في انتشاء، لكنها ليست لها ملامح محددة في الوجه، إنها جسد تعلوه ابتسامة، ولو أنني تسللت إلي عقل طفل ينظر إلي من يكبره سناً وهو يشكل تلك العروسة، لوجدته يراها الأم في عطفها، أو الأخت في حنوها، وهي قادمة لتنقذه من براثن الخوف والرهبة.
إن مما لا شك فيه أن العروسة الورق هي أشهر أساليب التغلب علي السحر، وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بالفلكلور الشعبي الذي اتضح كثير من مفرداته في لوحات نجاة فاروق من خلال الزخارف التي احتشدت بها أعمالها.
ضم المعرض 34 لوحة تصوير بألوان الإكريلك والزيت علي ورق وكانفاز.. وإذا كانت العروسة هي متنفس الباحثين عن الخلاص من الحسد فإن الفن هو أيضا سبيل الخلاص إلي نجاة فاروق التي تقول: الورق والفرشاة هما طوق نجاتي، ألوذ إليهما لأبث لهما شجوني، وما أشعر به من خوف وغموض، وتظل ذكريات الطفولة هي النوستالجيا التي تجعلني قادرة علي الاستمرار في مسيرتي التي قد أكون مسيرة فيها أو مخيرة.. لا يهم .. ولكنني مضطرة لاستكمال الطريق.. المؤكد أن لوحات هذا المعرض، ما هي إلا نتاج حوارات، ومداعبات، ومودة، وغضب، ورضا، وسخط، وصمت، وحديث، ونأي وقرب .. بيني وبين `عروستي الورق `.
رغم تخرج الفنانة نجاة فاروق من كلية تربية فنية عام 1987 ، إلا أن هذا هو المعرض الفردي الثاني لها بعد معرض` ذات النجاة ، كحيلة ` الذي أقامته العام الماضي بقاعة كمال خليفة بمركز الجزيرة للفنون.
وتمارس نجاة فاروق الفن منذ وقت بعيد إلا أن سفرها خارج مصر وانشغالها بتربية أبنائها الأربعة قد شغلها لفترة عن تقديم معارض خاصة بها رغم وجود عدد من المشاركات الجماعية لها. وقد حصلت نجاة فاورق علي درجة الماجستير في التصميم عام 2014، وهي حاليا تقوم بإعداد رسالة دكتوراه، وهي تشغل منصب المشرف علي إدارة الفنون التشكيلية بصندوق التنمية الثقافية.
بقلم : منى عبد الكريم
أخبار الأدب 2016/10/23
خطوات .. والتحليق بعالم الطفولة للحرية
- تحلق الدكتورة نجاة فاروق من خلال معرضها (( خطوات )) الذى أقيم مؤخرا بجاليرى جرانت إلى الحرية المستمدة من عالم الأطفال وأجوائه التى مازالت تسيطر عليها حتى اليوم وهو ما تعكسه تجاربها الفنية الأخيرة بشكل أو بآخر .
وقد أبدعت الفنانة فى تجسد الطفولة ذلك العالم الذى لا يجف . الطفولة عالم يتحرك بدون حسابات وقواعد والأولوية هنا للعب والشقاوة والأحلام المفتوحة .
تنشغل الفنانة بخطوات الحياة حيث البداية بمرحلة الطفولة والحساسية تجاه ما يحيط بها من عالم كبير وغريب ويشكل حبها للحياة من خلال متعة اللعب . وهى حيلة البسطاء بصناعة المراكب والطائرة الورق . تلك التى لا تحتاج الى شئ سوى الدقة فى المقاسات واختيار الألوان الصريحة والمبهجة مثل (( الأحمر والأصفر والأخضر والبرتقالى )) .
هو عالم تنشد به الحياة والطيران من أجل الحرية بعيدا عن الأرض بكل مشكلاتها وضغوط الحياة فضلا عن عشقها الشديد للطفولة لأنها خطوة فى تشكيل وجدانها والمحتوى التعبيرى لأفكار ترسبت فى ذهنها ومن ثم تنتقل منه إلى التوال .
تنقل نجاه فاروق كل ما تشعر به فى هذه اللحظات بحب شديد ومتعة حقيقة فى اللعب بالألوان معتمدة على المخزون البصرى وما تلتقطه عيناها من العابها الجميلة . فالطائرة الورق ليست بلعبة فقط أو هواية . هنا انت القائد تلعب وتلهو بكل حرية بدون خوف . أما المركب الورق عبارة عن قطعة صغيرة من كراسة المدرسة أو الجرائد . تلك هى الألعاب البسيطة التى تحمل معنى السفر ورؤية البعيد والجديد وماذا بعد الرحيل والبعد ، تذكرها دائما بأصدقائها والتجمع فى الصيف من خلال الألعاب المتاحة والممتعة حيث استعادة التفاصيل الدقيقة والألوان فى كل شئ سواء الاشجار والبيوت والملابس الجميلة وغيرها من ألوان البنات والمزينة والأكسسوار من عُقد ملون تتحلى به الفتيات فى هذه الفترة . والشعر المتطاير والمائل بدون ترتيب جميل يعبر عن الانطلاق والخيال والحلم بالمستقبل القريب وتحقيق كل الأمانى المستحيلة .
كما تتبع فى معرضها ((خطوات )) منطق الطفل فى التلوين باعتباره لا يضيف الوانا على بعضها لاكتشاف الوان ،أخرى لكنه يحب الألوان الصريحة والمباشرة والبراقة .
يعُد (( خطوات )) المعرض الشخصى الرابع للفنانة والذى جاء فى إطار التأكيد على هويتها الفنية وعالمها الخاص وهو (( عالم الطفولة )) وهى المرحلة الأهم لديها ربما لتأثيرها فى تكوين شخصيتها الفنية .
سماح عبد السلام
القاهرة : 9/ 1/ 2018
نجاة فاروق... الفنانة
- صندوق التنمية الثقافية.. أحد قطاعات وزارة الثقافة المهمة.. أنشأه وزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسنى.. بقرار من رئيس الجمهورية سنة 1989.. وكان يقول عنه: `إنه غرفة عمليات وزارة الثقافة`.. فهو يتولى إدارة وتمويل مجموعة كبيرة من الأنشطة الهامة والفعاليات الثقافية الدولية والمحلية.. ورغم قلة عدد العاملين فيه.. إلا أن الصندوق فى وقت المهرجانات يتحول إلى خلية نحل.. ونفر قليل من العاملين فيه قد يجافيهم النوم لليالى متتالية حتى تتم الفعاليات بنجاح.. وقد تعاملت مع فعاليات الصندوق بحكم علاقتى بوزارة الثقافة كصحفى.. منذ إنشائه عام 1989.. مذ كان مدير الصندوق الصديق والناقد التشكيلى سمير غريب.. حتى الرئيس الحالى لقطاع صندوق التنمية الثقافية الصديق الفنان الدكتور فتحى عبد الوهاب.
فإذا دخلت الصندوق فكلهم بحكم العلاقة التاريخية (1989 - 2019) أصدقاء.. نلتقى بالأحضان.. والود الجميل.. وكانت الأستاذة نجاة فاروق مثلها مثل كل نشطاء الصندوق.. ألتقيها دائما وهى فى حالة استنفار دائم.. متدفقة بالحيوية المفرطة.. والاندفاع الحميم نحو انجاز ما اوكل إليها من مهام.. فمنذ أن رأيتها فى مركز طلعت حرب الثقافى.. وهى كتلة نشاط.. فنجاة فاروق تعمل فى صمت.. يشوبه التحدى.. وتحدى ممتلئ بالإصرار.. وإصرار يضمر الأمل فى النجاح.. إلى أن تعاملنا عن قرب عندما توليت رئاسة اللجنة العليا لملتقى الرسوم المتحركة.. ثم قوميسير عام ملتقى القاهرة الدولى لفنون الخط العربى.. وحدث كل ذلك فى فترة تولى الصديق المهندس محمد أبوسعدة رئاسة صندوق التنمية الثقافية.. ومنذ ذلك التاريخ ضاقت المسافات بينى وبين عدد كبير من العاملين بالصندوق.. لأن هذه الفعاليات لها لجان تنفيذية.. ولجان فنية وإعلامية وعلاقات عامة.. فأخذت العلاقات تزداد عمقا.. وتقاربا.. بينى وبين الجميع.. وكانت نجاة فاروق قد أصبحت المشرف على إدارة الفنون التشكيلية بقطاع صندوق التنمية الثقافية.. وكلما رأيتها فى الاجتماعات الدورية لهذه الفعاليات التى شرفت بمسئوليتها.. أجدها عائدة من قصر الأمير طاز لأنها تشرف على تنسيق معرض ملتقى الكاريكاتير.. أو تشرف على معرض للخطاطات فى يوم المرأة العالمى ببيت السحيمى.. أو معرض للحلى بمركز الفسطاط.. أو معرض لذوى الاحتياجات الخاصة بمركز طلعت حرب..... أو....أو... وهكذا هى دائما تحمل أربع (بطيخات كبار بيد واحدة).. مثلها مثل كل العاملين بالصندوق.. كل واحدة أو واحد منهم يقوم بسبع مهام فى وقت واحد.. وأشفق عليهم جميعا.. ولكنى أتابع دائما نجاة فاروق فإجدها تعمل فى صمت.. وهى تتنقل كالفراشة من هنا لهناك.. وتحمل معها (شاكوش.. وربطة سلك.. ولفافات من اللصق.. وبراويز مكسورة فى سبيلها للإصلاح.. ومجموعة لوحات تنتظر الإطار المناسب... و...).. وتراها مبتسمة دائما.. إلى أن فجأتنا منذ أربع سنوات فى مايو عام 2015 بأنها تدعونا لافتتاح أول معرض خاص لها بعنوان: `ذات النجاة كحيلة` بمركز الجزيرة للفنون.. وبعد عام.. دعتنا لمعرضها الثانى.. `عروسة ورق` سبتمبر 2016 جاليرى الكحيلة.. وبعد أشهر معرض ثالث بعنوان.. `مجرد خطوط ` مايو 2017 مركز الهناجر للفنون.. وفى نفس العام أقامت معرضها الرابع.. `خطوات` فى نوفمبر 2017 جاليرى جرانت/عابدين.. وبعد عام جديد أقامت معرض `أسرار مؤجلة` فى ديسمبر2018 الجريك كامبس/ الجامعة الامريكية.. وفى إبريل الماضى أقامت أخر معارضها.. `ألعاب بنى حسن` بجاليرى قرطبة.. هذا بخلاف عدد لا يحصى فى مقال من المعارض الجماعية المحلية والدولية.. وعضوية عدة لجان للتحكيم.. ونجاة فاروق التى تلتقى بها يوميا هنا وهناك.. سألتها وأنا أشاهد أحد معارضها.. من أين لك بهذا الوقت لإبداع كل هذه اللوحات الرقيقة.. قالت لى: `إذا لم أرسم شيئا كل يوم لا أعرف النوم.. فاللوحة ملاذى الأخير بعد الجهد المضنى طوال اليوم`..
لهذا تابعت بشغف لوحات نجاة فاروق الفنانة.. فوجدتنى أمام فنانة من طراز خاص فهي تعيش داخل لوحاتها.. ولا ترسمها عن بعد.. ولوتأملت شخوصها بعناية فستجدها فى كل أعمالها.. ولن تبذل جهدا كبيرا للبحث عن مفرداتها.. وعناصر لوحاتها المتناثرة بانتظام منمق داخل إطار كل لوحة.. فخطوط الفنانة نجاة فاروق رقيقة لا تخطئها العين.. والخط يلعب دورا رئيسيا فى كل أعمالها.. وألوانها ذات شفافية مضيئة.. وموتيفاتها الدقيقة أشبه بالمنمنمات الشعبية.. فهى مغرمة بهذه التفاصيل.. وكانها طفل صغير يستدعى من الذاكرة كل مفرداته التى حرم منها يوما ما.. ليعيد صياغتها بوعى جديد أكثر نضجا.. ولكنه أكثر شوقا واحتياجا لها.. ربما لأنها افتقدت هذه البهجة الطفولية يوما ما.. وتحاول أن تستدعيها فى لوحاتها.. وتعيد تركيبها وترتيبها كل مرة بشكل جديد.. والفنانة نجاة التى تخرجت من كلية التربية الفنية.. وحصلت على الماجستير.. وعلى وشك الحصول على الدكتوراة.. يستهويها هذا العالم الساحر الذى يفصح عما بداخلها من حزن شفيف.. تحاول جاهدة أن تخفيه فى إنخراطها الدؤوب فى العمل اليومى.. ولكنها فى أخر الليل تذهب إلى لوحاتها لتبثها أشجانها وأحزانها الخاصة.. فهى تقول عن الساعات التى تقضيها فى إبداع لوحاتها: `لا أوقات محددة لديّ في ممارسة الفن التشكيلي.. وأعتبره هواية لدي وعالمي الخاص المثير الذي أدخل إليه في أوقات أسرقها.. ويحرضني الواقع عندما يأتي أبطالي.. وأذهب بهم حيث أشاء إلى البحر.. أو السماء.. نلعب سوياً مع النجوم وسط تراكم بصري للمفردات`.. إنها نجاة فاروق الفنانة التى لا تنفصل عن نجاة فاروق الإنسانة.
بقلم: محــمد بغــدادى
جريدة القاهرة: أغسطس 2019
نجاة فاروق: الطفولة عالمى الأثير الذى لا يخضع لأى قوانين
- فى إطار معارضها الفنية المتنوعة قدمت د/ نجاة فاروق معرض `خطوات` بجاليرى جرانت وعنه تقول: أقصد خطوات الحياة والبداية دائماً بمرحلة الطفولة والحساسية تجاه من حولى من عالم كبير وغريب و تشكيل حبى للحياة من متعتى باللعب و ذلك من خلال حيلة البسطاء بصناعة المراكب و الطائرة الورق والتى لا تحتاج إلى شئ سوى الدقة فى المقاسات و أختيار الألوان الصريحة و المبهجة مثل الأحمر و الأصفر و الأخضر و البرتقالى. أقصد بهذا العالم به الحياة والطيران من أجل الحرية بعيداً عن الارض بكل مشاكلها و ضغوط الحياة. وتكشف عن أن الولع الشديد للطفولة يعد خطوة فى تشكيل وجدانها و المحتوى التعبيرى لأفكار ترسبت فى ذهنها وانتقلت إلى التوال. حيث تقف عقارب الساعة عن التحرك لنقل كل ما تشعر به فى هذه اللحظات بحب شديد ومتعه حقيقة فى اللعب بالألوان. وتضيف: كما أعتمد على المخزون البصرى و ما تلتقطه عيناى من العابى الجميلة لكسر الملل فى ليالى الصيف. ترسم د. نجاة بعض الألعاب التى تحمل بعُد رمزى هام ومنها الطائرة الورق حيث تكشف عن سر ذلك وتقول: ليست بلعبة فقط أو هواية. هنا أنت القائد تلعب و تلهو بكل حرية بدون خوف. أما المركب الورق فهو قطعة صغيرة من كراسة المدرسة أو ورق الصحف هى من العابى البسيطة التى تحمل معنى السفر و رؤية البعيد و الجديد وماذا بعد الرحيل و البعد. أما عن لعبة ` نط الحبل ` فهى تذكرنى دائماً بأصدقائى والتجمع فى الصيف من خلال الألعاب المتاحة و الممتعة. تحضرنى التفاصيل الدقيقة و الألوان فى كل شئ. الأشجار و البيوت و ملابسنا الجميلة المنقطة بالأحمر و البرتقالى وغيرهما من ألوان البنات و المزينة و الأكسسوار من عقد ملون تتحلى به البنات فى هذه الفترة، و شعرنا المتطاير و المائل بدون ترتيب جميل فى دلالة تعبر عن الانطلاق والخيال والحلم بالمستقبل القريب و تحقيق كل الامانى المستحيلة. وتتابع يعد `خطوات` المعرض الشخصى الرابع، هو تاكيد على هويتى الفنية من خلال عالمى المتعلق بالطفولة وهى المرحلة الأهم فى حياتى لتأثيرها فى تكوين شخصيتى كما ترجع أيضا لأهتمامى بدراسة سيكلوجية رسوم الأطفال فى الماجستير و دراسة الدكتوراة. وتوضح: عالم الطفولة مشع ومبهج وخيالى يحمل كل المعانى الإنسانية وأيضا أجد فيه الذوق الجمالى الواسع و أستخدام الألوان بعفوية و إيجاد الحلول ببساطة و قدرة على السعى فى طريقى. وهذا العالم هو ما يحفزنى على المضى قدما إلى الأمام و المثابرة للوصول للأفضل و رغم كل مهامى الوظيفية الثقيلة الكثيرة و الأرهاق أخصص يوميا ساعتين للرسم للترويح عن نفسى المتعبه اجدنى بعدها فى قمة استمتاعى وكأن حياتى هنا بين الفرش و الأقلام و التوال و الورق. فالرسم بالنسبة لى حياة و عن أهم مميزات هذه التجربة تقول:هى الرموز و التلخيص و تحميل الرموز المعانى الكبيرة التى لا أعرف التعبير عنها بوضوح. هناك اسرار و حكايات موجودة فى كل خط و لون يشعرنى بالأمان و الأطمئنان عندما أراه موجود فى اعمالى اعرف انى بخير. سبق معرض `خطوات` معرضاً أخر للفنانة منذ عدة أشهر بعنوان ` مجرد خطوط ` حيث تشير إلى أن الخط يعتبر من أهم عناصرها فى اللوحة. و توضح : عندما ابدأ فى الشروع بالرسم تأخذنى الخطوط فى عالم مثير و غامض ولكنه واضح ومحدد، كما تتولد الحكايات و المحادثات اللانهائية بينها و بين الخطوط . وتستطرد: كلما أضفت خطاً تزيد علاقتى بالعمل، لأن كل خط بالنسبة لى هو رسالة أو أمل أو حكاية تخرج لى قبل المتلقى، ومن خلال الخطوط أرى نفسى بماذا أفكر وأحلم. خطوطى هى علاقات أحياناً فى حالة حب و تناغم و أحيانا أخرى فى حالة صراع و انقسمات وقلق و أمنيات الخطوط هى حكاياتى و أسرارى تخرج من خلال القلم و الفرشاة الدقيقة أشيائى المحببة وهم أصدقائى يغلب على معارض الفنانة الطابع الشعبى الفلكلورى حيث ترجع ذلك إلى أن الفلكور من الفنون القديمة و به العديد من الحكايات والقصص وهو نشاط إنسانى فيه تلقائية المتحدث و سذاجة و براءة الأطفال فى التعبير و التزاحم فى العناصر و الرموز و تسجيل لحياتنا اليومية يقرأها المارة فى يسر منها رسوم الجدارن فى بيئتنا الشعبية الجميلة الأصيلة. وتستكمل: ونظراً لأننى أهتم و أمارس فن الرسم ففى فترة من حياتى كنت أرسم فقط بالأبيض والأسود فأجده قريباً إلى قلبى فضلاً عن أن تخصصى ` التصميم ` و هو عالم خاص خليط بين الواقع و الخيال و الأنفعال و الأحلام و القلق و الخوف ويشرح فى يُسر رقة المشاعر الأنثوية الإنسانية فيما اتمناه أو ارغب واحلم به، استلهم من الرموز الشعبية التراثية فى تعبيرى الزخارف الرمزية والتراث الشعبى يعتمد على الخط فى التعبير فهو فن مزدحم و زاخر بالمفردات و العناصر و الرمزية الزخرفية. للمرأة حضور قوى بالمعرض. فهل ربما ما يعُد أنحياز أنثوى لها وهنا تؤكد: نعم المرأة هى الحياة والمايستر و لهذه المنظومة الدنيوية ، لكل فنان تشكيلى تجربة فنية ورحلة، فتجربتى الخاصة هى المرأة فهى الأم، الأخت، الصديقة، الأبنة.. أنا. أعتمد بشكل أساسى على العنصر الإنسانى و تظهر بناتى و أطفالى فى علاقات تعبيرية حوارية، وبداخل البنات دائما أسرار لا يترجمها إلا من يحاول قراءة ما بين السطور ولأنها فتاة شرقية فهى تلتزم بالعادات و التقاليد فنرى بشكل مباشر أنها صامته و لكنها تحمل الصخب و الشقاوة التى تخشى أن تظهرها ليترجمها المجتمع بأنها فتاة متحررة وتتابع: عشت فى بيتى الأول و حولى الكثير من البنات و بيتى الثانى لى بنتين و دائماً البنات مسكونة بالحكايات و القصص و العديد من الأسرار الخاصة و الأحلام البرئية البسيطة الفتيات تهتم التفاصيل و يمكن ان تصل لحد العشق هكذا نحن ..... و هناك مفردات غاية فى الروعة مثل الملابس، الشعر، الحلى ، وكل أشيائها و يدفعنى ذلك إلى رسم التفاصيل لانى عاشقه لادق التفاصيل و الخطوط بانواعها و الزخارف المحببة إلى قلبى و دائما تشعرنى انى مازالت طفلة جداً. - تتصف المرأة بالجرأة فى الفترة الأخيرة من أجل التعبير عن إبداعها، وهنا ترى د/ نجاة أن مفهوم الجرأة يختلف عند كل فنان..تتساءل: ما هو المقصود بالجرأة رسم المرأة عارية أو تناول موضوعات سياسية أو بعض العادات و التقاليد فى القرية من زواج القاصرات أو الختان؟. بالنسبة لى الرسم سواء المرأة أو الرجل هى دراسة لجسم الإنسان مثل رسم الطبيعة ، بمعنى أن الطبيب يرى المرأة و الرجل وهنا نقول (لا حياء فى العلم ) وعن الجديد لديها تكشف: يشغلنى حالياً دراسة التراث الفن المصرى القديم فهناك التعبير عن المجتمع و رصد بعمق لحالات الحزن و الفرح و النصر و الحياة و المرأة تأخذ نصيب كبير فى العديد من الجداريات مثل العازفات. والمرأة الحاكمة و المحبة و الأم و يظل عالم الطفولة مفتوح بأشكالى و مفرداتى الدائمة من العروسة و الطيارة الورق و البالون و العجل بصياغات جديدة .
بقلم : سماح عبد السلام
مجلة كل الأسرة : 23 -1- 2018
`الفرح` معرض تشكيلي يحتفي بزخم الحياة في النوبة
- نجاة فاروق تتتبّع مراسم الزواج لتشكّل عبر الألوان المُبهجة فرحا جديدا.
- يُعدّ المكان بخصوصيته الثقافية منبعا رئيسا يستلهم منه الفنانون العديد من الأعمال الإبداعية والفنية ذات الصبغة المُتميزة بما يحمله من وهج الحياة وتلقائيتها وبساطتها المُتخفّية في ظل إيقاع سريع للمُجتمعات الراهنة، من هنا جاء استلهام الفنانة التشكيلية المصرية نجاة فاروق للبيئة النوبية بكل خصوصيّتها وجمالها الاستثنائي في معرضها الأخير بدار الأوبرا المصرية والذي حمل عنوان `الفرح`.
- القاهرة - تتكئ الفنانة التشكيلية المصرية نجاة فاروق في معرضها `الفرح`، على الجمال الاستثنائي في النوبة، جنوب مصر، المكتظة بالبساطة والدفء والألفة والمحبة، والتي تعكسها المنازل البسيطة بزخارفها المميزة، وأجواء الدفء التي تبعثها بخصوصيّتها، ويأتي الفرح الذي هو عنوان المعرض ليُشكّل لوحات فنية متكاملة العناصر.
- وتتعدّد مشاهد ومظاهر الفرح في لوحات المعرض البالغة 22 لوحة (أكريليك على توال)، ما بين ليلة العرس بكل ما تحمله من مظاهر البهجة والفرح سواء على وجوه الحاضرين من أقارب وأهل العروس أو على ملامح العروسين اللذين يستقبلان حياتهما الجديدة، وليلة الحنة التي تشهد زخما في منزل العروس من قبل الصديقات لمساعدتها في التزيّن، فضلا عن احتفاء العروس الخاص بلحظة زفافها بوجه مُشبع بالسعادة والمرح في عدد من اللوحات.
** مفردات الفرح
- تستلهم الفنانة المصرية أعمالها من الجمال النوبي الاستثنائي، وتشير إلى أنها اهتمت بتصوير المشاهد المبهجة المُتضمنة في ليالي العُرس، ومنها ليلة الحنة التي تجالس فيها العروسة صديقاتها وغير ذلك من المشاهد المرتبطة بالفرح، وعلى رأسها الفستان الأبيض الذي هو حلم أيّ فتاة منذ طفولتها، فتلك اللحظة فرحة للبيوت المصرية كافة، وما زالت حلما أساسيا لكل بيت مصري مهما تغيّرت الظروف أو اختلفت الطموحات، فزواج الفتاة المصرية هو الحلم الأكبر والأهم للأسرة المصرية، وهو ما تولي الاهتمام به في لوحاتها؛ الفرحة بمختلف تجلياتها.
- الأزهار كان لها عامل رئيسي في المعرض، فهي مفردة أساسية في `العرس` والفرح عموما، حسبما تُلفت فاروق، إذ تدخل في تزيين العروس ومقعد الزفاف وفي الهدايا المُقدّمة لها، ومثلما هي تقليد مرتبط بمظاهر الفرح فهي مفردة أساسية في لوحاتها بمختلف ألوانها وأشكالها.
- تتصدر المرأة لوحات معرض `الفرح` بشكل جلي، سواء كانت هي العروس نجمة العُرس، أو هي الصديقة والقريبة والأم والجارة، فمن خلال المرأة يأتي التعبير عن مختلف أشكال المحبة والتآزر والدفء والود، ويظهر بوضوح عمق العلاقات الإنسانية في الفرح. وهنا توضّح نجاة فاروق أنها تهتم بشكل أساسي بالمرأة منذ أول المعارض التي أقامتها، وهو اهتمام يشترك فيه العديد من التشكيليين، بدءا من الرواد مثل محمود سعيد وبيكار وحتى المُعاصرين، فالحركات الأنثوية تستهوي أي فنان وتعبّر عن مظاهر الحياة وزخمها، حتى أبسطها على مستوى تعبيرات الوجه والحركات المعتادة اليومية، فهي تعبير فني عن الحياة وتفاصيلها.
** تقدير الجمال
- تضيف الفنانة المصرية `الاهتمام بتلك التفاصيل ليس محاولة لإعادة الضوء إلى ذلك التراث المهمل بقدر ما هو اهتمام خاص بالجمال الذي عاينته وقت زيارتي للنوبة، فهناك تكوّن لديّ فائض من الإحساس بهذا الجمال بكل تفاصيله، الزهرات المتدلية على البيوت الزرقاء والبيوت ناصعة البياض، والاهتمام بنظافة المنازل وجمالها رغم بساطتها، واهتمام السيدات بالأزياء والإكسسوارات بمختلف أعمارهنّ. ما وجدته هناك هو تقدير للجمال في كل شيء وهو ما حاولت أن أنقله عبر تفاصيل اللوحات`.
- وتعبيرا عن حالات البهجة والفرح تأتي الألوان مُفعمة بالحيوية والدفء وهو ما يظهر في استخدام الدرجات اللونية الساخنة مثل الأحمر والأصفر والبرتقالي، فضلا عن الألوان التي تزخر بها الطبيعة مثل الأخضر والأزرق والأبيض، وهو ما حاولت من خلاله الفنانة المصرية أن تجعل لوحاتها مفعمة بالحياة، علاوة عن مساحات التجريب التي حضرت في التعبير عن المصابيح بدائرة، فيما يظهر اهتمامها الخاص برسم نقوش الملابس والمثلثات المتقابلة والزخارف المتنوعة وإظهار نقوش لطيور وأسماك، والتي تقول عنها `النقوش موجودة بالفعل على البيوت النوبية، فمن عاداتهم أن تزيّن كل امرأة واجهة منزلها بزخارف شعبية بسيطة، وكلها تحمل معاني الخير والرزق مثل السمكة والطيور، وهذه الزخارف مكملة لوحدة الخط الذي اهتم به`.
- ومثلما تعبّر اللوحات عن مراحل الاستعداد لليلة الزفاف وما بعدها، فثمة اهتمام تعبيري بحركات الوجه ونظرات الأعين لم تغفلها الفنانة في لوحاتها، فثمة أعين مُغلقة وأخرى تنبض بالفرح والحياة، وهي تعبيرات لحالات مختلفة بين الاستعداد والفرح وترقب الحياة الجديدة، فضلا عن عناية خاصة بتفاصيل زينة المرأة من الأقراط الضخمة والقلادات والأساور والأزياء المميزة بطابعها الخاص وجمالياتها المتفردة.
- يُذكر أن نجاة فاروق قد أقامت العديد المعارض الخاصة كمعرض `أسرار مؤجلة` في ديسمبر 2018، و`ألعاب بني حسن` في أبريل 2019. كما شاركت في عدد من المعارض الجماعية المحلية مثل معرض `من وحي مصر`، و`روح أفريقيا`، أما أحدث المعارض الدولية التي شاركت بها فكان `معرض ملتقى الثقافات الدولي` ببلجيكا 2019.
بقلم : حنان عقيل
جريدة العرب نوفمبر 2019
«الفرح»... لوحات تنبض بالبهجة اللونية عبر استلهام روح «النوبة»
- معرض يضم 22 عملاً يعكس تقاليد الجنوب المصري .
- «الفرح لذة تقع في القلب»... ليس ذلك مجرد تعريف، بل حالة فنية يمكن معايشتها ولمسها على أرض الواقع، مع زيارة معرض الفنانة التشكيلية المصرية نجاة فاروق، الذي تحتضنه دار الأوبرا المصرية حالياً، فلوحات المعرض تسمو بإحساس الفرح، وتشع حالة من الفرحة والبهجة اللونية، حيث تصل تلك الأحاسيس قمتها مع مراسم وعادات الزفاف.
- اختارت الفنانة المصرية أن يكون إيقاعها هو الفرح، بعكس ما هو معتاد تشكيلياً من محاولة تجسيد حالات المعاناة والألم، واختارت «الفرح النوبي» على وجه الخصوص لتعبر من خلاله عن رؤيتها، في إطلالة فنية تأخذ المتلقي إلى هذه المنطقة من أرض مصر، الواقعة جنوباً على ضفتي نهر النيل، وإلقاء الضوء على عاداتها وتقاليدها وملامح ثقافتها الخاصة بالزفاف والأعراس.
- «هذا المعرض دعوة للسعادة ودعوة للبهجة والأمل في الحياة»، وفق صاحبة المعرض التي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «الفرح وما يرتبط به مثل الزغرودة وفستان الزفاف والورود وغيرها يعطي إحساساً قوياً لنا بالسعادة والبهجة، كما أنه بداية لحياة جديدة ليس للزوجين فقط بل للعائلتين أيضاً، فالتفوق الدراسي وتقلد أعلى المناصب وتحقيق النجاح أمنيات تتمناها الأسرة لأبنائها خاصة الفتيات، لكن أجمل سعادة هي لحظة ارتداء الفستان الأبيض، حيث تتولد معها حالة من السعادة تعم الجميع، فالجميع يسعد خلال العرس، لذا اخترت التعبير عن هذه الثيمة، لأنقل رسالة تقول إن أقصى سعادة لنا تتمثل في الفرح».
- إلى النوبة، أرض الذهب، اتجهتْ التشكيلية المصرية لترسل هذه الرسالة من هناك. تقول: «أسافر إلى النوبة كل عام تقريباً، فالهوية أجدها دائماً تتمثل في الريف والصعيد، وفي النوبة كل ما هنالك يؤكد على الأصالة، ويعكس الروح المصرية، خاصة تلك المشاهد الجميلة التي تمتزج فيها الألوان، حيث الوجوه السمراء والملابس البيضاء ومن خلفهما الأزرق لون مياه النيل، وهذا العام كانت رحلتي إليها في شهر مارس (آذار) الماضي، لأصادف وقتها أفراحاً وأعراساً نوبية، وأحضر كثير من طقوسها، لذا عكفت على نقل مشاهد اللون وملامح الفرح بطريقتي الخاصة».
- عبر 22 لوحة، يضمها معرض «الفرح»، يمكن للمتلقي أن يطوف في جولة نوبية «تسر الناظرين»، فالمرأة النوبية حاضرة بزينتها المميزة وإبداعها اليدوي من الحلي، والمنازل النوبية البسيطة والنظيفة تطل على الشوارع، تزينها الزخارف المميزة على حوائطها البيضاء.
- كما ترتكز اللوحات على تواجد الموتيفات والرموز المستلهمة من البيئة النوبية، التي تشير إلى الأصالة والهوية المصرية، مثل السمكة والطيور والنجوم والهلال والزهور والأشكال النباتية والنقوش التراثية، وهي العناصر التي تركز عليها الفنانة في أعمالها دوما، وفق قولها.
- أما الفرح فهو الأقوى حضوراً بصرياً، حيث ينفرد النوبيون بطقوس زفاف يغلب عليها الطابع الفلكلوري المبهج، فمنذ القدم يتميز أهالي النوبة في عادات وتقاليد الزواج التي تكون ذات طابع خاص، وإن كانت تشترك مع نظيرتها في الدلتا والصعيد بملامح متشابهة، فأعمال المعرض تنقل تقاليد الرقص النوبي في الأعراس، وطقوس ليلة الحناء التي تسبق ليلة الفرح، حيث مظاهر إعداد وتزيين العروس، وفستان العروس الأبيض وملابس الصديقات والأقارب، وعادات يوم «الصباحية» حيث يحضر الأهل الطعام والشربات والحلويات والمخبوزات للعروسين، وغيرها من المشاهد التي لا يخلو منها الفرح، والتي تعبر من خلالها صاحبة اللوحات عن مظاهر الفرحة والسعادة.
- تنبض اللوحات بالبهجة اللونية، مع استلهام فاروق ألوانها من روح المكان. فسحر اللون الأبيض، لون الفستان والطرحة، يسيطر على مساحات واسعة، تجاورها مساحات أخرى تمزج بين الأحمر والأصفر والأزرق النيلي والبرتقالي والفيروزي، التي جاءت قوية لتعكس البهجة والتي عايشتها الفنانة بأرض النوبة.
بقلم : محمد عجم
جريدة الشرق الاوسط أكتوبر 2019
نجاة فاروق ..نسجيات الجمال ..وزهور النور والإشراق
- استطاعت الفنانة نجاة فاروق فى ظل مانعيشه ويعيشه العالم معنا ..أن تحول القلق والخوف وأحزان الكورونا إلى طاقة فن ..بل طاقة مفعمة بالنور والإشرق من تلك الزهور التى تتنفس فى فضاءات التصوير ..وأن تحول القصاقيص النسجية مع شلالات الخيوط إلى دنيا من الجمال تهتف بروح الحياة وقوة التعبير وتفيض بالنغمات من مسارات الخيوط ، وتلامس القطع الصغيرة بألوانها وملامسها من النعومة واللمعان وقدمت فى النهاية عالماً من البهجة فى الصورة البصرية عالم يحنو ويسخو ويهمس وينساب بالتفاؤل.. يعلو على واقعنا الحالى الذى تحول فيه الإنسان إلى كائن منزلى دون إرادته .
- ورغم ماحدث لنا جميعاً ..إلا انها خرجت على رتابة الحياة ..وملل الإقامة الجبرية بالبيوت وعكفت فى عام 2020 وبداية 2021 على لوحة التصوير، فجاءت تلك المساحات النابضة من التصوير الزيتى فى مزيج مع الكولاج ، واللوحة النسجية .
- وإذا كانت الفنانة فى بحثها الدؤوب بين الفن والفكر فى رسالة الدكتوراه التى إختارتها حول `الأسطورة فى الفن المصرى القديم` فقد كشفت عن عالمها الذى يحمل روح الأجداد بلمسة عصرية ، يعلن بقوة وطاقة تعبيرية عن معنى المصرية.. التى تالقت فى معارضها السابقة أيضا ومن بينها `أسرار مؤجلة `و `العاب بنى حسن `.
- إلا ان أعمالها فى معرض 2021 ..جاءت تتويجا وانتقاله آخرى فى معنى الفن ..ومعنى ان نوقد شمعة ..ليس فقط وسط هذا المناخ الرمادى فى زمن الكورونا .. بل نضىء على الحياة بالإبداع ، ونجعل من الواقع المعاش خروجاً الى أفاق ورحابة مرافىء الحلم والخيال .
- فى شهر مارس من عام 2019 كانت الفنانة نجاة فاروق على موعد معها ..مع النوبة أرض نفرتارى جميلة الجميلات ..وهناك اضافت إلى عالمها لمسة تعد إيقاعاً أخر ومساحة جديدة فى لوحاتها .. وامتزجت الروح الفرعونية بتلك الوجوه السمراء ذات القلوب البيضاء فى تعبيرية جديدة وجوه أمامية تشرق بالتفاؤل ذات رقاب طويلة وجدائل سوداء وبنية وملامح شديدة المصرية.
- وأعمال الفنانة تنتمى إلى التعبيرية التى تعد بمثابة تجسيد لعاطفة يظل فيها نبض الفنان فى فضاء الصورة باحاسيسه ومشاعره ..يرسم مايستشعره لامايراه بتعبير` بيكاسو` ..وهنا جاءت لوحاتها فى معرض 2021 إشراقة ودعوة للتفاؤل والخروج مما نحن فيه تبتسم فيها الطبيعة فى أهم ملامحها : زهور ..فى أصص أو مزهريات محفوفة بسحر النقوش تنتشى بالزخارف تزحف بسطوتها الحالمة على المفارش والمناضد والكراسى ، وتنساب فى مقدمة اللوحة وخلفيتها وقد تنتقل الى فنجان وطبق الشاى وحتى سطح المنضدة .. تمتزج فيها تلك الشرائح الكولاجيه من كتابات ونقوش ووحدات زخرفية ..مايساهم فى ثرائها وتوهجها..والجميل هنا هذا الانسجام والتناغم فى التكوين والتصميم والتلوين ..فى غلبة من مجاميع الأحمر الصداح والأبيض البرىء والأصفر الناعس والروز أو الوردى الهامس مع التركواز ..تنقلنا فى زهورها من الواقع الى الحلم فى تعبير يعانق الخيال حين نرى باقة زهور فى مزهرية محفوفة مع فتاة تمتطى دراجة، فتقترب المسافة ويتجدد الحوار بين حركة البشر ودنيا النبات ، كما تنساب الزهور فى طلاقة بلا حدود أو قيود مع تشكيلات الكولاج فى شرائط أفقية ورأسية ..بمثابة واجهات وبوابات ، ويظل هذا الوجه الجانبى لأمراة بروح الفراعنة وعيون لوزية ..تطل بإشراق الزهور وقوة الروح ..ما نرى فيها رحابة الحياة .
- فى لوحات النسيج للفنانة ..تنقلنا إلى إيقاع آخر ومساحة تعبيرية تشدو فيها الخيوط ومزقات القماش تبدو أقرب إلى المنمنمات من فرط الدقة والرقة ..وخاصة فى احتفائها بحواء أصل الحياة جسدت فيها وجوهاً للمرأة ..مفعمة بالمشاعر مابين الناعسة ذات العيون اللوزية السوداء والمعتدة الواثقة ..والتى تبدو بهيئة ملكة متوجة ..أقرب إلى كليوباترا ونفرتيتى وحتشبسوت وميريت ..لكن تعد رمزا للمراة فى كل زمان .
- وما أجمل تلك الحوارات من مسارات الخيوط وشرائح الكولاج من قصاقيص القماش فى همس القطيفة ونعومة الحرير .
- تحية إلى الفنانة نجاة فاروق بعمق.. ماقدمت من بهجة وتفاؤل وإشراق ..ولمسة فن فى لوحة التصوير .
بقلم : صلاح بيصار
قراءة فى معرض الفنانة نجاة فاروق ...
- طفلة دقيقة الحجم ، لها نصيبٌ من اسمها، نجاة، تصحبنا إلى عالمها البريء المزدهر وهي تنجو بنا وتجتاز الرحلة عبر بوابات تنتمي لعالم قديم، تلك الطفلة التي تتسامى و تتحول كمقامات فراشة رهيفة تصدح بألوانها العفية و كأنها من خلاصة تلك الأشجار والزهيرات التي ترسمها، تنطلق منها رائحة الحناء ويتدفق لون القرمز ،ونبض أحمر الرمان في لوحات نجاة بمعرضها (موعد البهجة) ترسم المرأة في هيئات عدة ؛ فقد تكون إيزيس و هي تختفي بوليدها في أحراش الدلتا ، حيث حتحور وبيتِها المزهر البعيد و هي مليكة ترتدي تاجاً من عقيق ، وهي طفلة تلعب بدراجتها، وهى فتاةٌ باسقة، تنبض اللوحات بمشاهد السكن والونس، اليمامات والعصافير، عتبات البيوت الخشبية ودرجات السلم القديمة.
- تلك العتبات المجللة بالزهور التي تتسلق الجدران وتحتضن عتباتها والنوافذ، فيما يشبه أقواس النصر المفعمة بالبهجة ، تحتفل نجاة معنا بالحياة والسلام الذي يرفرف حول المكان ،وترسم نساءها السامقات وأشجارها وهى ترقبُ عزائم التحليقِ البديع، تتردد فى اللوحات كثيراً شرفات البيوت في ونس العصارِي،ريثما يعود الغائب الجميل، وهى تزين المدى بالوردات والدويرات الحمراء مثل حبات الياقوت، تدثر البيوت بالزنابق و تتنزل من السماء كؤوس اللوتس وشذرات الياسمين، تلك الصلوات المخلصة للبهجة تتلو بخشوعٍ ترانيمها المضيئة بالاحتفال ، ترسم نجاة عالمها وقد شفي بالزهور من الآلام والفقد والخذلان ، ترسم نجاة مواطن الألفة في المناضد الخشبية عليها آنية الزهور والمقاعد القديمة كما في بيوت الجدات، تبثَّ فيها خلقاً كثيراً وزحاماً من الحروف والنجمات والشموس والرموز النوبية والمصرية القديمة، تبدو الأقمار في سكينة وهي تلوح بين شواشي النخيل،وتلاعبُ ضفائر الصفصاف الميالة إلى النهر.
- تحتفى نجاة بفكرة النموذج القديم -كما أطلق عليها يونج- وهي تصنع أعمالها كتلك المخطوطات المموهة القديمة أو ما يسمى بالرق الممسوح ) والتي كانت تصنع قديماً من جلود الماعز بعد معالجتها و ربما كانت عليها كتابات وزخارف سابقة فيقوم الكاتب بإزالتها بالجير والأحجار أو الزلط حتى تتلاشى الشفرات القديمة والكتابات والرموز من عليها ويتبقى بها آثار خفيفة تبدو كظلال من الماضي السحيق، فهي تصوغ ألوانها الأكريليك و أقلامها بحيث تبدو وكأنها ألوان قديمة طبيعية المصدر ،وتظهر لنا كما لو كانت بها آثار للرطوبة أو الأملاح تتجلى فيها صفاتنا كبشر وهوياتنا المختلطة الممتزجة ، تلك الصفحات التي يكتبها الزمن و تزيحُ التصاوير بعضها البعض و تحل محلها علامات جديدة وآثار لعمرٍ جديد و هويات حائرة، في صحائف وكتب متموضعة بشكل له تكوين إيقاعي ، كمخطوطات بقيت من هذا الزمن القديم الذى تستحضره لنا.
- فالإنسان في جوهره صانع للرموز ومانح للرموز ،وتاريخ الرمزية يكاد يكون هو تاريخ الإبداع الإنساني في كافة المجالات . على هذا يمكننا أن نتصور حضور النماذج الثقافية القديمة في خضم هذا الكرنفال مكوناً شكل وعينا واستقبالنا للعمل الإبداعي التشكيلي في ظل هذا الفضاء الرحب الممتلئ بالتمثلات الباقية العابرة للزمان ،فالصورة لا تموت ربما انقضى العقل البشري الذى أنتجها ، لكنها تستمر تومض عبر كلِّ متلقٍ جديد.
بقلم د. هبة الهوارى
جريدة : القاهرة 2021
نجاة فاروق تكشف عن `موعد البهجة` بالرسم وقصاقيص القماش
- تسعى الفنانة التشكيلية الدكتورة نجاة فاروق لبث الأمل والتفاؤل، والدعوة للخروج من النفق المظلم الذى تلقى بنا إليه ظروف الحياة وتبعاتها أحياناً، وذلك من خلال لوحاتها الفنية التى تعبأها بمشاعرها وأحاسيها الفنية لترسل وتنسج خلالها عالماً موازياً يحمل فى طياته طاقة نور جديدة.
- حول تجربتها الفنية الجديدة `موعد البهجة`، التى يستضيفها مركز الهناجر غداً الخميس، تحدثت نجاة فاروق لـ`بوابة الأهرام` وقالت:`على الرغم من الظروف القاسية حاولت الانشغال خلال العام الماضى 2020 عن فترة القلق وأحزان الكورونا وتباعتها من المرض والعزل إلى الرسم بقصاقيص الورق بتقنية الكولاج من خلال الزهوروالورورد التى تتنفس حياة وأيضا قصاقيص القماش مع الخيوط والألوان لأعيش فى عالم آخر من الخيال والجمال يهتف بالتفائل والبهجة مع اختيار الألوان الفرحة من الأحمر والأصفروالبرتقالى التى تفيض بنغمات الحياة`.
- وتستكمل:` تناولت الأصيص أو مزهريات الورود محفوفة بالزخارف على المفارش والمناضد والكراسى، وقد تضمن المعرض 31 لوحة متباينة الأجحام`.
- وتواصل:` فى رسالة الدكتوراه كنت قد أخترت موضوع حول `الأسطورة فى الفن المصرى القديم` وهناك بعض اللوحات تحمل روح المصرى القديم من خلال المرأة مع الزهور والورد بأسلوب عصري حيث تنتمى أعمالى إلى المدرسة التعبيرية`.
بقلم : سماح عبد السلام
جريدة الأهرام : 13-10-2021
` عندما كنت صغيرة `
- بين حميمية الأصالة ومغامرة المعاصرة
- مــا أجمــل أن نعــود أطفــال صغار.. مهما كبرنا يســكننا دائمــا هــذا الحنـيـن .. حين أُقلِبُ تلك الصفحات المدهشة من سجل حياتي أراها أياماَ ضَاحكة، ُمشرقةً ممتلُئةً بالعُنفوان، ممُزوجةً ببساتين الدهشة والصدق، مع رائحة ياسمين فجرِ وليد تتجدد فيه براءة الروح النقيّة. هذه الروح التي تملكتني أمام لوحات الفنانة التشكيلية الدكتورة ` نجاة فاروق` في معرضها الفردي التاسع ` عندما كنت صغيرة ` والمقام بمركز الجزيرة للفنون، وافتتحه الدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية.
- تصحبنا الفنانة من خلال خمسة عشر عملا فنيا، لنطل من نافذة أمل وطاقة نور على مجموعة أعمال مدهشة لفن اتسم بالنزعة النسائية على مر التاريخ ، يعتمد بالأساس على الخيط والإبرة والأقمشة الملونة ، ويندرج تحت مسمى فن النسيج أوالنسجيات.
- تسترجع فيه الفنانة ذكريات طفولتها وصباها لتسعد بالأحلام الجميلة و الخيال الواسع، وتفتح فيه أبواب الطفولة على مصراعيها ، لتهرب من حالة الحزن والاكتئاب خلال فترة العزل والغلق بسبب جائحة كورونا ،ببذل مجهود كبير استنفذ كل طاقتها لتكون هذه الأعمال بمثابة علاج بالفن ،ولتنتج أعـمالا فنيـة ثريـة في تفاصيلها، خطوطهـا هي خيوطهـا، مفعمة بدفء ألوانهـا، تخطفــك تفاصيــل العمــل وتكوينـاتـه البريئة التي تدخل قلبك بلا استئذان تحــت تأثـيـر ســلطة الفــن وجمالياتــه التعبيريــةوالتشـكيلية.
- وتشكل المرأة العنصر الرئيسى والمهم فى معظم أعمال الفنانة نجاة فاروق،فهى محور السرد للفكرة والتعبير برؤية خاصة تحقق صدق مشاعرها ، وهى مزيج من التراث الشعبى ومفردات الفن المصرى القديم من عناصر وموتيفات في محاولات للوصول إلى صياغات بصرية تعتمد على هذا المزج،وهو مايتضح في أبطال وخلفيات لوحات عروستي، وأنا وأختي، وعروسة البحر، ولعب عيال ،وعندما كنت صغيرة .
- وعن مفهوم المعرض تقول الفنانة : يدفعني دائما البحـث عـن الـذات .. داخـل هـذه المسـاحات البيضـاء والتحـرك مـن خلالها للسعي وراء الفكرة المترسخة داخل عقلي،أنقل كل ما كنت أشعر به في هذه اللحظات بحب شديد ومتعة حقيقية في اللعب بالألوان والقماش والخيوط معتمدة على المخزون البصري ، ألهو بكل حرية بدون خوف وأتخذ من خيالي والأفكار التي تراودني ` عندما كنت صغيرة` عناصر هامة ومحركا رئيسيا في أعمالي من خلال الشخوص التعبيرية ،وقدرتي على إيجاد عالم افتراضي خاص بي ، يحوي عناصر ومفردات تجمع بين حميمية الأصالة ومغامرة المعاصرة محملة بالقيم التشكيلية والانطباعات التأملية بتسجيل الشعور واللاشعور.
- والفنانة نجاة فاروق من مواليد القاهرة، حاصلة على درجة دكتوراه في الفلسفة عن ` القيم الجمالية والرمزية في الأسطورة المصرية القديمة كمدخل لاستحداث تصميمات لفن خيال الظل فى مسرح الطفل` ، من كلية التربية الفنية - جامعة حلوان .
- وهى عضو نقابة الفنانين التشكيليين ، وجمعية محبى الفنون الجميلة ، والجمعية الأهلية للفنون الجميلة، وأقامت8 معارض خاصة ، كما شاركت فى كثير من المعارض والفعاليات المحلية والدولية للفنون التشكيلية من 2008 وحتى الآن ، لها مقتنيات رسمية بوزارة الدفاع والطيران بالمملكة العربية السعودية ، وقطاع الفنون التشكيلية، والهيئة العامة لقصور الثقافة ، ووزارة الثقافة .
بقلم :أماني زهران
جريدة : الأهرام 25-2-2022
نجاة فاروق : رسمت الأمل والربيع
- هي فنانة تشكيلية، ربيعية الهوى، ألوان ريشتها مشتقة من قوس قزح، رسوماتها حيّة، تعكس وجوهاً ووروداً، أحلاها إلى قلبها زهرة الأقحوان. ننظر إليها فتأسرنا، نرمي أحزاننا، كما تفعل هي، ونستمتع بخطوط ووجوه وورود وأشكال قادرة على أن تقلب مزاجنا في لحظة، في أقل من لحظة، وتحوّل البوصلة إلى مكان أفضل، وأجمل، منتشلة الناظر من أحزانه، آخذة إياه إلى عالمٍ مليء بالشحنات الإيجابية.. إنها نجاة فاروق، التي كلما غدرت بها الدنيا حملت ريشتها وألوانها، وتوجهت إلى أسوان والأقصر، العاصمة المصرية التاريخية، وناجت البحر وألوان التراب ووجوه نساء أسوان، وعادت بأجمل اللوحات.
- حتى في أسماء معارضها كثير من السعادة: معرض الفرح، معرض البهجة، عندما كنت صغيرة، خطوات، مجرد خطوط، عروسة ورق، وذات النجاة، ذاتها هي، فلنقتحم ذاتها عالمها، ونحن ننشد الربيع والأمل والمحبة والعنوان والقمر والشمس والنجوم.
بقلم : نوال نصر
مجلة : زهرة الخليج ( 21-4-2023 )
|