ـ نبض روحى يتسلل فى هدوء من بين لمسات سن القلم الجرافيتى على سطح الورقه فيثير سكونها ويبث فيها ديناميكية تحيلها من الواقع العينى الملموس إلى دائرة كهربية صوفية النزعة.
ـ هذا هو ما ندركه حينما نتأمل أعمال `سناء موسى` التى تعرضها اليوم فى مركز الجزيرة للفنون .... حيث تقدم مجموعة من البورتريهات ( فن الوجه) منفذة بالقلم الرصاص، يتأكد لنا من خلالها، أن علاقة الفنانة بالخامة ليست مجرد علاقة سطحية مع أداة تستخدمها، إنما هى علاقة حب وتأمل عميق فى تلك الأداة المتقشفة التى تعتبر من أدوات التعبير الفنى الرهيفة، فهى تدرك تلك العلاقة السحرية بين الرؤية VISION التى تعتمل فى رأسها وبين تمثيل تلك الرؤية على السطح والقلم الرصاص بين أنامل ` سناء موسى` يصنع من هذه الخامة البسيطة على الورق أبجديات للغة بليغة وقادرة على البوح بما لا يستطيع أن تبوح به أبلغ اللغات .. لغة غير تقليدية، ولا هى بالمستعارة .. ولكنها ـ رغم بساطتها الظاهرة ـ تسترجع ذكريات ، وتنغرس فى زمن بعيد، فصورة الوجه (البورتريه) عند `سناء موسى` ليست سوى مسقط من مساقط أفكارها ووجداناتها، فالوجوه ليست لأشخاص بعينهم والأمر ليس تسجيلا للواقع العينى .. إنما هى بمثابة عيون تكشف عن نداءات داخلية تحملها همهمات الخطوط الرقيقة المتداخلة ، الهامسة أحيانا والعنيفة أحيانا أخرى .
ـ هناك فى تلك الوجوه ما هو كامن فى الأعماق .. إن خلف الوجوه حزن مقدس نبيل ، وغامض.. هناك شىء (بعدى) نابض وراءها .. هناك همس خافت شفيف يشحن أعمالها بقوة جذب وقابلية للتأمل.
ـ وتبدو الرسوم على رهافتها وشفافيتها متماسكة البناء فى الفراغ مشبعة بطاقة من الحركة النابضة التى تذكرنا بالنزعه التعبيرية الجياشة لدى `كمال خليفة` فى الخط المتوتر وفى استجابة الأصابع المثقفة للترديد الذبذبى والتجاوب الموجى المحسوب لما تطلقه النفس عبر قنوات التعبير.
محمد رزق