- حين نلتفى بلوحات الرسام الملون ( منير مرقس ) لا يعوزنا جهد كبير لنعرف أنه تخرج فى مراسم الرواد الاوائل ( يوسف كامل وأحمد صبرى ) ، وأنه واحد ممن شفوا نهر الثقافة المصرية الحديثة ، يوم كانت الحركة الفنية تناضل من اجل هذا التواجد العريض المزدهر الذى يعيشه اليوم شباب فنانينا . أنه يمضى على نفس الطريق الذى رسمه هؤلاء الرواد نحو : الفن والحياة .. يستلهم أعمالهم وتعاليمهم ويضيف اليها ما طرأ على لغة العصر من حداثة . لا يعنيه الى أى أسلوب بنتمى ، لأن ثقافته الواسعة وخبراته المتعددة ومهاراته المنوعة ، علمته أن الحداثة أسلوب يقول ولا يقف عند حد الشكل ، وانها ( تلبية لاحتياجات المجتمع الفكرية والعاطفية والجمالية ) .
- هكذا تتراوح اتجاهاته بين الواقع والتجريد . ملمس تنويعاتها متفرقة أو مجتمعة .. لكنها فى كل الاحوال تقول .. لأنه يبدعها للناس كافة ولا يخص فئة دون أخرى . فهو موضوعى واقعى اجتماعى يعبر بلغة تصويرية حديثة وليس بعيدا عن التراث بل امتدادا واستلهاما . يستطيع المتلقى فى كثير من اللوحات ان يمسك بطرف الخيط الذى يقوده الى الصوفية القبطية والاسلامية . أما الفن الفرعونى فقد عاش فى رحابه فى صدر شبابه سنتين فى تخوم مدينة الاقصر ، لا يبارح المعابد والمقابر بما فيها من كنوز ثقافة الفراعنة : أول من وضعوا أسس القيم الفنية للابداع الانسانى .
- كما ان عشرات السنين التى قضاها مصمما منفذا للديكورات الداخلية والخارجية ، اضفت على قدراته مزيدا من الحساسية والرهافة ، حتى أصبحت لمسات فرشاته تحمل عمق السنين وكثافتها . ونراه بعد هذا المشوار الطويل منفتحا للحياة يتغنى بمشاهدها ومظاهرها ويتذوق مباهجها ويعبر عن نشوته بتكوينات محكمة متناهية البساطة كأنها تشكيلات هندسية مجردة .
- هذه المجموعة الفريدة من اللوحات الزيتية ، منتقاة من ابداع منير مرقس خلال اربعين عاما كاملة . يتغير الشكل أحيانا والاسلوب .. لكن المضمون يبقى دائما اجتماعيا وانسانيا .
مختار العطار