`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
إحسان خليل جرجس
الهوية المصرية فى الفنون الجميلة
- العالمية.. والمحلية.. والتراث. المعاصرة والثقافة والغزو الثقافى: مصطلحات يرددها مثقفو العالم العربى وتعقد من حولها المؤتمرات وتنظم اللقاءات وتدار المناقشات وتوضع الأبحاث والدراسات. لعله نوع من.. الدفاع.. ضد هجوم يهدد الهوية العربية . يفرض هيمنة الثقافات الأقوى، التى تنزل مركبات الفضاء على الأجرام السماوية بالتحكم من بعد. بل يهدد ثقافات كل الشعوب التى تحيا فى ظروف اجتماعية مختلفة. إلا أن هذه الشعوب لن تتقدم بالإذعان لتلك الهيمنة الثقافية.. بل من خلال تراثها الذى يمكنها من الإحتفاظ بكيانها كقوى مجددة لثقافة الجنس البشرى التى تشبه النهر الكبير، روافده ثقافات الشعوب المختلفة. لذلك عقد ... مركز دراسات الوحدة العربية بالقاهرة... ندوة ما بين 14، 27 سبتمبر 1984، موضوعها... التراث وتحديات العصر فى الوطن العربى - الأصالة والمعاصرة. شارك فيها قرابة المائة مفكر عربى وكاتب، قدموا ثلاثة عشر بحثا ليس بينها واحد من الفنون الجميلة. ولعل تعاليم فيلسوف الفن : حامد سعيد... تسد جانبا من هذا النقص وتلقى ضوءا على بعض القضايا التى أثيرت. خاصة لو تناولناها من خلال... التطبيق العملى فى إبداع الرسامة: احسان خليل.. تلميذته وزوجته وشريكة مسيرته لأكثر من ربع قرن.
- نبدأ بما جاء فى ` لسان العرب` عن كلمة ` تراث` فى مادة ` ورث` جاء أن الورث والإرث والوارث والتراث واحد. و` التراث` أصل التاء فيه ` واو` والورث والميراث ما ورث. وقيل الورث والميراث فى المال والإرث فى الحسب. وفى حديث الدعاء: ` إليك مآبى ولك تراثى`.
- نسوق تلك التفاصيل التى قد تبدو مملة لتقترب من ` مفهوم` التراث الذى يتحدث عنه الفنانون ويظن بعضهم أن التمسك به واستلهامه من التخلف، مع أنه عتادنا فى مواجهة الغزو الثقافى الرامى إلى حرماننا من هويتنا المصرية والعربية وحرمان الثقافة العالمية من إسهامنا فى إثرائها كما سبق أن فعلنا فى عصور المبادرات الخلاقة عبر التاريخ. تراثنا هو كل ما وصل إلينا من حضاراتنا الماضية منذ ما قبل الأسرات حتى الآن مرورا بالعصور الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية. ما فيه من آثار مادية على شكل فنون جميلة كالعمارة والتماثيل والصور، أو تطبيقية كالمقاعد والمناضد والنسيج وأدوات الطعام. وآثار فكرية كالأدب والفلسفة والأبحاث العلمية فضلا. عن ` السمات` الموروثة من حيث أننا مصريون نعيش فى منطقة جغرافية بذاتها، تنفرد بصفات لا تتوفر لمكان آخر من العالم، بعد ذلك يوجد التراث العلمى للأمم الأخرى ولنا فيه حق مثلما لهم فى تراثنا . نتعلم منهم كما يتعلمون منا.
- قد يختلط الأمر بين ` التراث` و`الثقافة` كما حدث فى بعض الأبحاث التى قدمت للندوة لكن ` الثقافة ` من حيث هى` أسلوب حياة ` تختلف عن ` التراث ` من حيث هو ` ارث وميراث`- أى` حسب ومال ` . كما أن الثقافة تتغير بتغير الحضارة - إن تقدما أو تخلفا. أما ` التراث ` فهو ماض فى ذمة التاريخ لا سبيل إلى تغييره إلا بالإضافة إليه. يختلف نوعيا وكميا من شعب إلى آخر. والإنسان يحمل تراثه على كتفيه وفى داخله مهما تنكر له واصطنع الحجج. يولد بلغة معينة لا يستطيع أن يحس بغيرها مهما أتقن الأخرى وتعلمها. لكلماتها في جوانحه تاريخ. وكما أن له لغة شفهية منطوقة له ` لغة شكلية ` مرسومة ومنحوتة ومشيدة على هيئة عمائر وقد أوضح مهندسنا العبقرى: حسن فتحى (1900 - 1989) لغتنا المصرية فى ` فن العمارة ` وتكلم بها فى بلاغة من خلال منشآت ` القرنة ` الشهيرة. ومن أجمل إبداعه فى هذا المضمار ` البيت ذو القباب` الذى تسكنه الرسامة ` إحسان خليل` مع زوجها المفكر `حامد سعيد` فى ضاحية المرج بالقاهرة حيث ينقبان عن ` الهوية المصرية `.
- فى الفنون الجميلة والتطبيقية من خلال الدراسات المستفيضة للتراثين المحلى والعالمى .
- تصوير الكتب أو ما يسمى بالرسوم الإيضاحية هو الاهتمام الأول للرسامة ` إحسان خليل` له بوادر منذ فجر حياتها الفنية حين تخرجت سنة 1945 فى ` معهد معلمات الفنون` بعد مشوار طويل مع الرسم بالألوان المائية. كما سافرت إلى والدها - مهندس الرى - لتقضى شهور الصيف فى الزقازيق مع الألوان والأوراق. إزداد إحساسها بالحياة.. والأرض.. والسماء.. والأشجار.. والترع والحقول والناس وكل الكائنات. أعدها للتكيف مع تلك الحياة البسيطة فى مظهرها ومحتواها، إنها لم تنشأ فى القاهرة رغم أنها ولدت فى حى ` الفجالة ` تركته وعمرها شهور لتطوف مع والدها - الموظف الحكومى - أنحاء الوادى من قنا إلى أسيوط إلى الفيوم، حتى حصلت على `الشهادة التوجيهية - علمى` من مدرسة التوفيق القبطية بشبرا تلك الرحلة عبر الوادى فى سن الطفولة هيأتها للإحساس بجذور الحياة وساعدت على إكسابها الأفكار الصوفية فيما بعد. وربما دفعتها للعكوف فى يفاعتها على دراسة التوراة والإنجيل والقرآن باحثة عن سر الوجود، حتى وقر فى نفسها إيمان راسخ عميق يستشعره الذواقة فى لوحاتها بعد لحظات من التأمل. فليس أقدر من `الصدق` على احتواء وجدان المتلقى وإحساسه.
- لا تعتبر `إحسان` رسومها مكملة وموضحة للكلمات المكتوبة بل ابداع مواز يؤدى نفس الدور ويحمل نفس المضمون ` تقول` بالخط واللون ما ` تقول` الكلمة بالرمز المكتوب توظف كلمات الإبداع التصويرى المسطح فى ` تجسيد الخيال والأفكار` التى قصد إليها واضع الكتاب. لذلك ترسم لوحاتها لمؤلفات بعينها تتفق مع أيدلوجيتها الصوفية. الأمر الذى يفسر لنا تصويرها ملحمة `منطق الطير` التى وضعها الشاعر الإيرانى ` فريد الدين العطار` و` صور من صلاة إخناتون`: أشعار منتقاة من ابتهالات الفرعون المصرى الشهير، أول الموحدين. ثلاث عشرة لوحة بالألوان المائية. أناشيد مرئية تكشف عن الإحساس الصوفى المرهف الذى تحيا فيه الرسامة والمناخ الروحانى الشفيف والإيمان الصافى والصلة الوثيقة بينها وبين عناصر الطبيعة. صلوات بدورها ودعاء وابتهالات وترانيم جماعية تسهم فيها عناصر التكوين من أشخاص وأشجار وآزهار وأطيار وحيوانات. سرعان ما تحتوى المتلقى فيقرأ فيها ما أراد إخناتون أن ` يقول `.
- ليس ثمة عناء فى مشاركة ` إحسان خليل` عالمها الشاعرى الرومانسى. لوحاتها كالسيمفونيات. كلما تأملناها اكتشفنا وتبينا وعشنا حياة أكثر نقاء وأوفر قوة . خاصة ` صور من صلاة إخناتون` التى هى ` تفاسير تصويرية لتسابيح إخناتون` على حد تعليق `حامد سعيد` فى مقدمة الكتاب - و` إدراك عن طريق المضمون غير المحسوس` . ابداع بالخطوط والألوان مواز لمختارات من النشيد الكبير` الذى وضعه أول الموحدين واستهله بقوله ` أنت يا من يشرق بجماله في آفاق السماء.. أنت أيتها الشمس الحية.. التى وجدت منذ الأزل ` إفتتحت ` احسان لوحاتها الثلاث عشرة بتصوير مضمون هذه العبارات فى تكوين رمزى يكاد يكون تجريديا. وصفه حامد سعيد بأنه عالم من الهندسة والنور الأبيض وألوان الطيف والسحب`.
- بالرغم من أن الطباعة الملونة ترتفع إلى مستوى الأصل المرسوم. فإنها تنقل إلينا بعض ما أرادت الفنانة أن تجده من معان خطرت فى نفسها وصور ارتسمت فى خيالها ونغمات عزفت على أوتار مشاعرها فى أسلوب لا يضل العارفون تبين صلاته الوثيقة بالمنمنمات الإسلامية بمختلف مدارسها كذلك `الموتيفات` المصرية التى تظن النظرة السطحية أنها منقولة من المعابد والمقابر القديمة، ومع أنها اجتهادات تؤكد أن الفنانة ` تستلهم` ولا `تنقل` تنقب عن الهوية المصرية / وتضيف إلى التراث` ولا تكرره تستند فى إبداعها على `علم وإيمان` نستشفهما من سلسلة الأبحاث والدراسات التى ألقتها أثناء إدارتها مركز الفن والحياة فى قصر المانسترلى بجزيرة الروضة بالقاهرة. تولت ادارته سنة 1969 بعد إنشائه بعامين وأوضحت لأعضائه كيف تتنوع الرؤية الفنية بتنوع البيئات والشعوب. كما تنوع التراث الإسلامى فى مشارق الأرض ومغاربها من حدود الصين إلى أسبانيا مرورا بالهند وايران والعراق ومصر والشام وشمال أفريقيا. إرتكز هذا ` التراث` على فلسفة مشتركة ومنطلق فكرى واحد ، لكن الرؤية الفنية ضربت بجذورها فى التقاليد المحلية الموروثة فى كل من تلك الأمصار، فشاهد التاريخ هذا التنوع المذهل فى الإبداع الفنى الإسلامى.
- ستة كتب أخرجتها ` احسان` خلال ثمانى سنوات إمتدت منذ اللقاء الأول مع أستاذها سنة 1955، حتى عام 1963 الذى انتقلت فيه إلى `التصوير الحائطى` على القماش - أى الرسم على مساحات كبيرة من قماش أبيض يثبت على الجدران بدلا من الرسم بألوان الفريسك أو استخدام الفسيفساء أو بلاطات الخزف. أستاذها هو الذى أعطاها ` تسابيح إخناتون حينذاك باللغة الإنجليزية وطلب أن تعد لها الرسوم المناسبة لم تفترق عنه عن يومها كتلميذة ومريدة حتى تم قرانها سنة 1976، فأقامت معه فى صومعته وخلوته ومسكنه فى ضاحية ` المرج` كانت تنتظم فى لقاءاته كل خميس مع حوارييه فى `مجمع التحرير` بالدور الثامن في `إدارة الدراسات الخاصة فى الثقافة الفنية` قبل أن تنشأ وزارة الثقافة سنة 1958. عرضت عليه إبداعها مع من يعرضون من حوارييه الذين مازالوا يلتقون به حتى اليوم. أخرجت ورسمت ولونت كتب ` إخناتون` و - منطق الطير - وإيزيس وأوزوريس - وأغانى الحب المصرية القديمة. ومؤلف عن ` التصوف فى المسيحية والإسلام` عرضت فيه لمسيرة وفلسفة كل من ` ابن الفارض` - وسانت أنطونيوس- مؤسس الرهبنة في عصر الاستشهاد. ومؤلف آخر بعنوان ` الرؤية عالية القيمة` يعالج مسألة `الرؤية الفنية` فى التصوير السينمائى. وهو مجموعة من المقالات تتصدرها مقدمة توضح ` القيم الفنية ` التى ينبغى رؤيتها شفعتها بصور فوتوغرافية تبين قيم الجلال والجمال وحيوية الحياة.. والإشراق. والبناء. من بينها صورة تمثال `نفرتيتى` ثم وضعت كتابا مستقلا عن هذا التمثال بعنوان `نفرتيتى والنور` بعد أن احتفظت بنسخة منه فى بيتها ثلاث سنوات، عايشته خلالها وتأملته كلما سقط عليه الضوء من مختلف الزوايا وبمختلف الدرجات، حتى تكشفت لها `القيم` التى عاشها الفنان المصرى القديم مع معنى `الأنوثة` وأودعها تمثاله : قيم الجمال.. والدلال.. والرقة.. والأنفة.. والكبرياء.. والعظمة والغموض والرفعة - مجموعة من المشاعر والأحاسيس كاد التمثال أن ينطلق بها خلال الفترة من التأمل المخلص، التقطت له ستا وثلاثين صورة تنبض كل منها بواحدة من معانى ` الأنوثة ` التى عنى النحات المصري القديم بتضمينها ابداعه. عرضت `احسان خليل` مجموعة لوحاتها الفوتوغرافية تلك فى باريس 1978 فأثارت موجة من الترحيب فى الأوساط الثقافية.
- إنتقلت من ` فن الكتاب` إلى الرسوم المسرحية على القماش، حين أيد أستاذها الرأى القائل بتكبير بعض الصور الإيضاحية بمساحة الجدار. تصادف ورود ألوان إيطالية للرسم على القماش دون التأثر بعمليات التنظيف والغسيل شاقتها التجربة فانتخبت رسما نقلته على قماش النايلون بمساحة 110 × 160 سنتيمترا. أعادته بعد ذلك على قماش القطن حين تبينت أنه والحرير أشد مقاومة وأطول عمرا. شاركها `حامد سعيد` تجربة الرسوم المسرحية التى تستغرق زمنا طويلا فى إنجازها وتتسم بالجدة. ففى كل من: الاستخدام... والأسلوب أو التكنيك.. والصياغة. لا تصلح للجدران الخارجية كالفسيفساء وبلاطات الخزف والخامات البلاستيكية لأنها تبلى سريعا بعوامل التعرية، أما داخليا فهى ليست نسيجا مرسما `جوبلان` تتألف رسومه من خيوط ملونة، بل لوحة بيضاء مشدودة على إطار صلب ومرسومة بألوان رقيقة هامسة باهتة، يتبينها المتلقى ذو البصر الحاد بعد كثير من التأمل المتفرغ اذكر أننى زرت `حامد سعيد` مع بداية التجربة سنة 1964 فى المرج وشاهدت في مرسمه لوحة من هذا الطراز الفريد تعثرت فى تتبع خطوطها وألوانها لفرط رقتها ورهافتها. وحين هممت بالاستفسار بعد لحظة من التأمل أسكتنى بإشارة من أصبعه مغمغما أن اللوحة تتكلم.
- لو زينت هذه اللوحات جدران قاعة ما لفتت أنظار روادها وتخيلوا للوهلة الأولى أن الجدران خالية. وهذا هو الإحساس الذى قصدت إليه الرسامة الباحثة. ففى الأماكن الرحبة حيث يلتقى مجتمع ما للحديث والتشاور تنتظم الجدران فى تواضع وحياد ولا تتدخل فى الوعي العام. ليست صارخة فتشغل الناس عن أمورهم لكنها تمنحهم فى نفس الوقت قيما جمالية وروحية تضفى على المكان جوا إنسانيا خاليا من التوتر. إستلهمت أفكارها من طبيعة النحت المصرى القديم: البارز والغائر الذى يتسم بالخفة والرقة ونكاد نشعر بوجوده. كذلك لوحاتها الجدارية ليس لها `حضور` قائم بذاته. يظن زائر المكان أنه رآها من قبل أن يكتشف فيها جديدا كلما تأملها وعايشها.
- هكذا تستشف `إحسان خليل` تراثنا المحلى فى بحث دءوب عن الهوية المصرية المفقودة فى تيار `الغزو الثقافى` الذى يرفع أعلامه بعض الفنانين عن وعى أو غير وعى لكن ينبغى أن نذكر أن ` البحث فى جذور التراث فى الفنون الجميلة والتطبيقية فى بلادنا يرجع إلى توجيه ` حامد سعيد` وتأسيسه ` مركز الفن والحياة ` فى ` قصر المانسترلى` لاستكمال رسالة ` البحوث الفنية ` التى بدأت قبل ذلك بعشر سنوات فى `بيت السنارى` بالسيدة زينب نفس المنزل الذى اتخذته الحملة الفرنسية مركزا لبعثتها التى وضعت المرجع التاريخى النادر `وصف مصر` مركز البحوث الفنية سنة 1959 بإدارة `خميس شحاتة` وإشراف وتخطيط `حامد سعيد` استهدف إجراء دراسات وأبحاث لفنوننا التقليدية، ومعايشة الفن المصرى عبر التاريخ لاكتشاف أجرومية اللغة التشكيلية المحلية من بداياتها الأولى. مراقبة نموها وكيف بلغت تلك الآفاق الرفيعة واتخذت مفهوما قدسيا فى العصر الإسلامى. ثمة خيط غير منظور يؤكد ` الوحدة ` بين العصور الفنية التى مرت بمصر. ينبغى أن يبحث مهمة الفنان الحديث ويهضمه ويتكلم به. فيه تكمن اللغة الفنية و` الهوية المصرية ` كانت مهمة `بيت السنارى` إكتشاف اللغة التشكيلية المصرية التى سعى فنانو `المانسترلى` إلى التحدث بها.
- تعتبر رسوم لوحات ` احسان خليل` نماذج جادة تطبيقية لإبداع فنى ذى `هوية مصرية `. تختلف عن إبداع `خميس شحاتة` الذى نرى فى قماشه المطبوع نوعا آخر من التطبيق العملى للغة التشكيلية المستقاة من التراث المحلى .
-` احسان خليل` تشكل تيارا فريداً فى حركة الفنون الجميلة فى بلادنا والمجتمع العربى بوجه عام. قد تنقل أحيانا وحدات برمتها من الفن المصرى القديم - كما حدث فى بعض لوحات ` تسابيح إخناتون` لكنها فعلت ذلك عن وعى بغرض الاقتراب الشديد من أفكار الفرعون الفيلسوف. بعد إدخال كثير من التعديلات على تلك الوحدات وما يحيطها من عناصر التكوين لكى تناسب العصر الذى نعيش فيه. ومن المعروف أن الكثيرين من كبار مشاهير الفنانين لم يكتفوا بنقل وحدات تراثية، بل نقلوا لوحات بعضهم البعض، ولم ينتقص ذلك من قدرتهم وعظمة مكانتهم فى التاريخ، كما حدث فى لوحة `معركة آلهة البحار` التى صورها أندريا مانتنيا (1431 - 1506) سنة 1943، ثم رسمها فى العام التالى: ألبرخت دورر (1471 - 1528) بنفس العناصر والتكوين مع الاحتفاظ بالأصالة والطاقة الابداعية.
-` الصدق` هو السمة الغالبة فى رسوم `إحسان خليل` العامل الأساسى فى الإثارة والجاذبية والطرافة. صدق التعبير عن أفكار صوفية آمنت بها وعكف على دراستها منذ عام 1958 فى تراث مختلف شعوب العالم، خاصة الصين والهند وإيران والبلاد العربية بطبيعة الحال. حين تتأمل عناصر الطبيعة أو ترسمها تراها أدلة وبراهين على وجود الخالق العظيم - لا ترى فى `المسميات ` أشكالها السطحية الشائعة فى عيون الناس بل تتبين المضمون الخفى من خلال الرؤية الموضوعية العميقة... وتحاول تجسيده.
بقلم :مختار العطار
من كتاب رواد الفن وطليعة التنوير فى مصر والعالم العربى
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث