سامح إسماعيل محمد توفيق
سامح إسماعيل وخطوط نابضة
* يرى الفنان سامح إسماعيل الحروف كعناصر مليئة بالطاقة .. لها روح مثل الإنسان، روح حرص على إبرازها فى أعماله .
- ابتكر لنفسه طريقة خاصة فى الكتابة تختلف عن الأنماط الأخرى التى تكتب بها الحروف العربية، وهى طريقة لا تعتمد على أى أداة سوى القلم وحده.
-علاقة سامح بالخط ترجع إلى سنوات الطفولة، صقلها بعد ذلك بالدراسة لفن الخط العربى قبل أن يلتحق بكلية الفنون الجميلة لدراسة فن الجرافيك، وبعد تخرجه قام بتصميم خطوط وزخارف فيلم المصير، ثم عمل كمصمم جرافيك فى التليفزيون المصرى، غير أن خبرته وتميزه فى استخدام الخطوط العربية لفتا انتباه العديد من شركات الدعاية والإعلان فصاغ بأسلوبه العديد من العلامات التجارية ككلمة تشيكلس، وأضاف لمؤسسات كبيرة- منها مجلة البيت - أسلوبه، فوضع الحرف فى تصميم، وتلخصت رؤيته فى تفكيك الأشكال الجامدة لفكرة الفن الإسلامى ويقول عن ذلك : أعمل على الحفاظ على تراث الخط بطرح رؤى جديدة نفتت بها هذا الجمود ونجعله معاصرا، فالغرب ونقاد الفن رأوا أن الفن الأصلى هو الفن الإسلامى بحروفه وزخارفه، وهناك فنانون كبار مثل كاندنسكى وبيكاسو استفادوا من الفن الإسلامى من حيث أشكاله التى تمثل قمة المفاهيم،فأصبح الخط العربى قادرا على أن يستوعب كل الأساليب الحديثة وأن يتعايش معها بسهولة.
- وقد استطاع سامح أن يفوز برهانه على الخط العربى حيث صاغ أسلوبا جديدا ينفرد بعصريته واتجه إلى توظيف أسلوبه فى أشكال فنية أقرب إلى التصوير منها إلى الخط، تتسم بالعمق والروحانية وهو الآن فى سياق تجربة جديدة حيث يستعين لأول مرة بالعنصر البشرى داخل لوحاته، وقد اختار المرأة لما لها من تكوين أجمل من الرجل، ولكنه فى نفس الوقت يحضر أيضا لعمل يحتل فيه الرجل دور البطولة، ويقول : أنا أعمل بطريقة الاستفادة من الديناميكية، فنجد حرف الألف يشبه الإنسان، والباء تشبهه وهو نائم، فكل من الحرف والعنصر البشرى له روح وطاقة، والتقاء هذه الطاقات على اللوحة فى غاية الصعوبة والمتعة .
- يرى سامح الخط فنا فريدا له مقوماته الجمالية ولذلك يدخل فى حوار مع اللوحة فيصغى لها ويقول أشعر بأننى انتهيت منها عندما أشعر بأن أى تفاصيل زائدة ستفسدها كما أننى أترك أذنا لى وأخرى للوحة وأصفى نفسى ليبدأهذا الحوار المتفاعل الذى يدور مباشرة دون أن أرسم `اسكتش` مسبقاً لها فأستفيد من المفاجآت .
- إنه خطاط على درجة مفكر كما قال عنه هانى جويدى، تعلم وتأمل وتأثر بالخالق العظيم وبمجرد مشاهدته للبشر بنظرة الفنان يشعر بأنه ضرير أمام عظمة الخالق.
مروة السنوسى
مجلة البيت -عدد شهر نوفمبر
الفنان الشاب سامح إسماعيل.. عيـن على الخـط وعيـن على التشكيل
- للخط العربى جماله ورونقه وقدرته على التعبير عن هويتنا العربية ولكن المشكلة التى يقع فيها معظم الخطاطين المعاصرين أنهم مستمرون فى تجويد القديم والاكتفاء به وتوقفوا عن الابتكار وآخر تطوير تم ابتكاره فى مجال الخط كان منذ أكثر من 300 عام ولايزال الفنانون الخطاطون المعاصرون على تلك الوتيرة باستثناء القليل من الفنانين الذين يحاولون الاستفادة من طاقة الخط فمثلما يقول الصوفيون وعلماء الكلام أن للحرف طاقة ولكل حرف مراتب ومقامات يمكن استغلالها وعمل إبداعات لا حصر لها منه.
- ومن هؤلاء الفنان الشاب سامح إسماعيل خريج كلية الفنون الجميلة وأيضا دارس لجميع أنواع الخطوط بمدارس تحسين الخطوط، وهو يجمع بين الفن التشكيلى وفنونه والخط العربى وقواعده وقد استطاع سامح إسماعيل فى سنوات قليلة أن يصبح واحدا من الفنانين التشكيليين الذين يستخدمون الخط فى أعمالهم بطريقة مختلفة وجديدة، وفى معرضه الجديد الذى نظمته له قاعة الفن بالزمالك يعكف سامح على تقديم عشرات الأعمال الفنية التى تستلهم شكل وروح الخط العربى دون أن تتقيد بالشكل التقليدى للخطوط العربية المتعارف عليها وتصور أعماله أجواء تجريدية ملونة بشكل جيد وتستفيد هذه اللوحات بصورة متميزة بتجريد الحروف ومعظم اللوحات غير مقروءة باستثناء لوحات قليلة مقروءة مثل اللوحة التى تتحدث بشكل غير مباشر عن أجواء ثورة 25 يناير وتقرأ فيها بوضوح عبارة «الدستور أولا» على جدران أحد المقاهى.
- ويقول سامح أنه يتعامل مع الخط كموضوع ومضمون للعمل التشكيلى الذى ينتجه وهو عبارة عن لوحات فنية تتناول الخط العربى بأسلوب مختلف وأغلب اللوحات غالبا مستطيلة أو مربعة لتتيح له حلولا غير تقليدية خاصة بالكتلة والفراغ، ويضيف أن دراسته للفن التشكيلى وقواعد الخط العربى جعلته قادرا على تطوير رؤيته الفنية لمراحل أبعد، حيث بدأ العمل على فكرة الكتلة والفراغ اللذين يوفرهما الخط العربى بأبعاد تشكيلية فيها حرية أكبر ويسعى من وراء ذلك إلى اكتشاف مناطق جديدة فى الخط العربى تتيح له فنا تشكيليا يوازى ما يقدم من فنون تشكيلية لا تستفيد من الخط العربى.
- ويؤكد سامح أنه بدأ يتحرر فى أعماله من قواعد الخط العربى ويذهب بها إلى قواعد الفن التشكيلى ويتعامل مع الخط باعتباره موضوعا مثل المناظر الطبيعية والموديل ويحاول توظيف هذا الخط مع قواعد العلاقات التشكيلية كالنسب والتوازن والتكوين فينتج عن كل هذا رؤية تشكيلية بصرية.
- وهو يريد من المتلقى أن يتعايش فى أعماله مع الخط والتشكيل وأن يبتعد عن فكرة اللافتة أو محاولة التعامل مع اللوحة على أنها لوحة خط عربى فقط خاصة أنه يستفيد من جميع أنواع الخطوط العربية وغير العربية لأن هدفه هو جماليات هذا الخط والاستفادة من قواعده الجمالية والتشكيلية وهو هنا غير مقيد بأى شىء مادام يخدم العمل الفنى مبتغاه الحقيقى.
زين ابراهيم
صباح الخير - روز اليوسف - 8 /11 /2011
سامح إسماعيل .. الخطوط العربية الكلاسيكية تجريد لجسم الإنسان
- توطدت علاقة الفنان سامح إسماعيل بمدرس اللغة العربية، الذى كان خطاطاً، فتعلم منه خطى النسخ والرقعة، وبدأ يتنازل له عن مهمته مع بداية كل عام دراسى، حيث كان مدرسة `أحمد ياسين` يضع قطعة من إصبع الطباشير ويكتب بها البسملة بالخط النسخ، والتاريخين الهجرى والميلادى بخط الرقعة، فاشتد اهتمامه وتعلقة بفن الخط العربى قبل أن يدرسه لمدة عامين فى مدرسة الخطوط العربية بشارع نوبار باشا.على أيدى الخطاطين الكبار أمثال الشيخ محمد عبد القادر وغزال وحمام وعبود وعيسوى وخضير البورسعيدى .
- ترك سامح إسماعيل مدرسة الخطوط كرغبة عائلية للتفرغ للشهادة الثانوية، والتحق بكلية الفنون الجميلة، وتخرج فيها عام 1997 من شعبة فن الكتاب والرسوم المتحركة فى قسم الجرافيك، على أمل أن يكمل دراسة الخط ، إلا أن كثافة المناهج الدراسية بالكلية جعلت الخط يتحول حسابات تشكيلية وتصميمية، يطبقها من خلال الخلفية الكلاسيكية للخط إلى تصاميم كتاب وشعارات وعناوين وأغلفة.
* السينما :
- وأضاف : أنه ترك الخط فى الخلفية وبدأ العمل على الفن، حتى جاءت إجازة العام قبل النهائى بالكلية عام 1996، وإذا باثنين من أصدقائه كانا فى موقع مساعد أول ومساعد ثان مع مهندس الديكور الراحل حامد حمدان فى فيلم المصير ليوسف شاهين، يطلبان من شاهين تواجد شخص له علاقة بالخطوط والزخارف، فطلبا منه كتابه صفحتين من مخطوط قديم من خط الكوفى المغربى، وبعد عدة أيام استقبلاه، وقابل حامد حمدان، الذى أخبره بأن الاختيار وقع عليه، ثم تمت مقابلته مع يوسف شاهين، وإذا به يعطيه كرتونتين بهما مراجع وكتب عن تاريخ الأندلس فى الفن والأزياء والحلى والأثاث والألوان والمخطوطات والموزاييك والإكسسوارات، والتى استفاد منها فى فنه فيما بعد.
- وقال إنه تعلم كثيراً من العملية الفنية، وكان التوجه الظاهر يقوده إلى الاشتغال بالسينما،إلى أن تخرج ونجح مشروعه للتخرج، ولقى فيلمه للرسوم المتحركة صدى كبيراً، فاختارته إحدى الشركات الكبرى للعمل بها كمساعد مخرج، فاشتغل بالرسوم المتحركة لمدة عام، إلا أن ذلك لم يلب طموحاته الفنية، فبدأ يحترف صناعة الشعار العربى، وإذا بالفن يتصدر المقدمة ويحدث الإصرار النفسى على هذا التوجه، وكان أول شعار عربى معروف وذو شكل جديد، هو شعار مجلة `البيت` عن مؤسسة الأهرام عام 2000، ثم شعار مجلة عين، والكثير من الشعارات حتى عام 2005، وقبل ذلك عام 1998 كان قد اشتغل بالرسوم المتحركة عند افتتاح القنوات المتخصصة فى التليفزيون المصرى .
* تيمة الخط :
- ويرى سامح إسماعيل أن الحرف العربى تيمة فريدة تحمل سرها فى داخلها ولا تعطيه إلا لمن أخلص لها موجها ذلك لمن يريد من الفنانين التشكيلين الاشتغال بالخط العربى فى أعماله، والذى يعد من المثيرات الحافزة للتعامل معه فيما يعتقدون أنه لا غبار عليهم إذا نقلوا الحرف العربى أو طبعوه، فى حين أن الحرف لا يعطيك أسراره وطاقاته قبل أن تكون على دراية بكيفية كتابة الحرف، لما به من مسحة صوفية، تجعله جامعاً مانعاً لأصول الفن التشكيلى كلها، فهو ذو شكل واضح فى تصميم قوى، محسوب العلاقة بين الكتلة والفراغ، وترديده أو قلبه أو عكسه سوف يعطى شكلاً جديداً متوافقاً مع تلك الحسابات، كما لا يتوقف نموه أبداً، لكن إذا أردت أن تضيف إليه أو تخرج منه فكراً أو رؤية، وجب عليك أن تكثر من مذكراته والوعى بالقواعد والمدلول لكل حرف.
* شخصية الحرف :
- وأوضح أن الحرف العربى له شخصية، وعند القراءة فى علم الكلام وعلم الحروف عند ابن العربى وجلال الدين الرومى، وغيرهما من المشتغلين بتحليل الحروف تجد أن الحرف فى كل أنواع الخطوط العربية الكلاسيكية هو تجريد لجسم الإنسان، فى أوضاع أو حالات معينة من الركوع والسجود، والحرف فى الأصل آدمى يشبهنا، وبه روح وعلاقة متفردة مثل التنوع فى الكائنات، فليست الواو كالعين أو الميم .
- وهو يحس رابطة بصرية فى شكل الجسد الإنسانى وخاصة المرأة، فعند مشاهدته للخط الديوانى وتركيباته، يجد سيدة كاملة أمامه بجسدها أو شعرها المنسدل أو القماشة التى تعلو رأسها، فيحس أن الحرف العربى يشبهها ؟ - ولذلك يحاول طوال الوقت إيجاد علاقة غير مفتعلة بين الحرف والجسد، لأن معظم الفنانين الإيرانيين حينما بدأوا العمل على تلك العلاقة كان ذلك من خلال الحشو، كما قام الأتراك بتجسيد الحرف العربى فى أشكال حيوانية وطيور وخيول.
- وكانت تلك الطريقة التى اعتمد عليها الفنان أحمد مصطفى فى بداياته، خصوصاً أن الخط العربى كانت فكرته فى البداية أن الإسلام كان لديه تحفظ على التجسيم والشكل الآدمى، ولذلك كان استخدام الفنان المسلم للخط كمبتكر عبقرى حاول من خلاله إظهار شكل يسد الفراغ الفنى الموجود بعد الحضارات الأخرى السابقة له، وهو كيف تعبر عن سطح أو تكوين من دون اللجوء إلى استخدام الشكل الذى يحتوى على الروح.
* الحرف العربى قيمة تشكيلية .. وجامع لأصول الفن التشكيلى :
- ليس أجل ولا أقدس من النص القرآنى ليكتب به الخط العربى، إلا أنها طريقة للخروج بالحرف من هالة القدسية للنص إلى اللعب به وتشكيله بصرياً، وأنه من خلال دراستة ومشاهداته لأعمال الحروفيين العرب أمثال المهداوى، والقرشى، والمسعودى، وجد أن المجتمعات الغربية لا تشغلها الحرف العربى أكثر مما هو قيمة تشكيلية، لكن ثقافة المجتمعات العربية تؤكد عنصر القراءة للنص البصرى بمعنى لزوم إيجاد مفردة مقروءة للتعامل معها، ويمكن للمتلقى أن يستقبلها ويستوعبها، ويكون تحرر الفنان فقط فى استخدام الأسلوب التكنيكى والخامة، أما التعامل مع روح الحرف أو شكله فهى إشكالية كبيرة. ولذلك فالجمهور الأكبر لأعماله هو المتلقى الغربى الذى لايبحث عن المعنى داخل اللوحة، حيث يستمتع بموسيقى الحرف العربى .
مجدى عثمان
دنيا الاتحاد - 6 /8 /2011
|