صلاح عبد الخالق : مصر رائدة استخدام الخط الكوفى فى العالم الإسلامى
* تشكيل إسلامى ..علاقة قوية بين الموسيقى والحروف العربية :
-عشق صلاح عبد الخالق فن الخط منذ الحادية عشر من عمره حين اكتشف أستاذ التربية الفنية فى المرحلة الإعدادية إتقان تلميذه للخط، فبدأ تعليمه أصوله وقواعده، إلى جانب أساليب الزخرفة، ونصحه بالاستمرار فى ذلك الطريق لتفوقه فيه، وبعد إتمامه المرحلة الإعدادية، بدأ يتردد على أساتذة الخط العربى بالقاهرة وعلى رأسهم شيخ الخطاطين محمد عبد القادر وخضير البورسعيدى اللذان شجعاه على الحصول على دبلوم الخط العربى من مدرسة تحسين الخطوط بباب اللوق، ثم دبلوم التخصص والتذهيب، وتخصص فى الخط الكوفى .
- يقول صلاح عبد الخالق إن الخط الكوفى أقدم أنواع الخطوط العربية، ويعتبره أساس الحروف العربية، حيث كان أول خط يكتب به القرآن الكريم، وأن العلاقة بين فن الخط العربى وفن الموسيقى هى علاقة ترابط روحى وفنى لدى العرب، كما أنها تميزهم عن غيرهم من الشعوب، باعتبار أن الخط العربى موسيقى ترى
* انحسار :
- ويوضح أن الخط الكوفى رغم قوته إلا أن دوره انحسر فى مقابل الخطوط الأخرى، خاصة خط الثلث، بعد أن ظل مزدهراً لفترة طويلة وتميزت به فنون العصر الفاطمى، فحمل نفسه مسؤولية إعادة الاعتبار له، وقال إنه اندثر منذ سنوات وأن أخر من اشتغل عليه كان المهندس أحمد يوسف رئيس هيئة الآثار المصرية الأسبق إبان حكم الملكين فؤاد الأول وفاروق، ومنذ تاريخ وفاته انتهى الخط الكوفى، حتى بدأ الخطاط الراحل محمد عبد القادر يأخذ عن يوسف أحمد، ويكمل عليه واستطاع أن يخرج لنا مشقاً للخط الكوفى، وبدأت معه عودة جديدة أو إحياء للخط الكوفى.
- بعد أن طوره وأضاف إليه قواعده التى نزال نسير على نهجها حتى الآن كمشتغلين بهذا النوع من الخط، وأن أعمال يوسف أحمد من كتابات وتكوينات تنزح إلى طريقة فنان فى الأداء، أما أول من وضع قواعد للخط الكوفى للتعلم منها فهو الراحل محمد عبد القادر، وتلك القواعد تخص نوعى الخط الكوفى المصحفى القديم والخط الكوفى الفاطمى الحديث، وبعد موته انتهى الخط الكوفى مرة أخرى، ثم بدأت رحلة استعادته من جديد، وأنه أخذ على عاتقه ظهور الخطوط الكوفية القديمة مثل القيروانى والمصحفى والنيسابورى، حيث أن الخط الكوفى الفاطمى يكتب به الكثيرون، حتى أضحى مادة سهلة للخطاطين .أما الخطوط الأخرى، فقد أصبحت غير موجودة، ولذلك أهتم أن يطورها ويظهرها بأن أخرج قواعدها. فى شكل مشق يخص الخط القيروانى القديم، وهو واحد من أصعب أنواع الخط الكوفى، وقد جمع من حروفه وكلماته ما أتم به قواعده، أما الخط النيسابورى فلم تكتمل حروفه لديه بعد، حيث أن لوحاته قليلة نسبياً.
- وأضاف أن قضيته إظهار الخط الكوفى الذى تم إهماله، مشيراً إلى أن هناك عدداً من تلاميذه من الخطاطين حصلوا على العديد من الجوائز فى مسابقات الخط التى تقام فى تركيا، وقد أصبح بذلك للخط الكوفى جيلان من كتبته يعملون على تطويره ثم المحافظة عليه، وقد أصبحت مصر مشتهرة بالخط الكوفى من دون غيرها، حيث لا يوجد فى تركيا خطاطون للخط الكوفى لأنهم يهتمون بالخطوط اللينة مثل الثلث والفارسى والديوانى، حتى أنهم فى معظم المعارض لا يعيرونه اهتماماً، وقد شهدت مسابقة العام الماضى تبنيها برغبة القائمين بأن تكتب لوحات الخطوط الكوفية بالقلم، حتى تلغى الهندسة فى الخط الكوفى، ويعتقد أنه نوع من الأحياء للخط الكوفى القديم الذى كان يكتب بقلم الباست مباشرة من دون استخدام الأدوات الهندسية، حيث جمع المصحف بالخط الكوفى غير المنقوط بالقلم، ولكنه لا يرغب فى إلغاء نوع فى مقابل تنشيط نوع آخر، وآن يسير النوعان متجاورين، مؤكداً أن مصر تعد معقل ورائدة الخط الكوفى، ويتضح ذلك جلياً فى كتابات مسجد السلطان حسن الذى يزينه الخط الكوفى المملوكى.
* إعادة قراءة :
- ويعتقد عبد الخالق أن الخط الكوفى لن يعود إلى حالة الموات السابقة بعد أن تعلمه جيل كامل، معللاً أسباب اختفائه بصعوبته وبذل الجهد والوقت فى إخراجه، حيث إن إخراج لوحة خطية من الخط الكوفى يحتاج إلى أدوات هندسية، وتقاسيم وحسابات فى الوقت الذى يمكن أن يكون الخطاط المشتغل بالخط الثلث قد أنهى لوحته قبل أن ينهى الكوفى نصف لوحته من تصميم وتحديد بالقلم الرصاص ثم تحبير.
- وأكد ضرورة إعادة قراءة فنوننا الإسلامية والتعمق البحثى فى مفاهيمها وقيمها الفنية وتوضيحها للعالم الغربى والعربى أيضاً، والسعى نحو نشر جماليات الخط العربى وتدعيم القائمين عليه، فى شكل توفير الخامات اللازمة للإنتاج الفنى، إضافة إلى التعليم والصقل والتعرف على التقنيات الحديثة فى مجال الخط العربى على مستوى العالم، وطريقة العرض بالمعارض المختصة بالخط العربى، والدفع بفكرة تنمية المواهب الجديدة. وأوضح عبد الخالق أن هناك الكثير من التطور والتحديث فى الخامات والأدوات والورق وطرق الابتكار فى الكتابة، حتى أن مشكلة إيجاد الورق المناسب تم حلها من خلال جهد خطاط دمياط محمد جمعة بعد أن استطاع أن `يقهر` الورق، حيث كانت تركيا هى المصدر الوحيد لشرائه وكذلك الأحبار التى يتم استيرادها من إيران وتركيا، وهما أفضل الدول التى تهتم بالخط العربى وتعتبرانه الفن الأول لديهما رغم أن الاثنتين لا ينطقان اللغة العربية .
*عظمة الخط العربى وجمالياته :
- أكد عبد الخالق أنه لدينا فنانين معروفين فى جميع دول العالم، ويحصدون جوائز متميزة فى معظم المسابقات التى تجريها بعض الدول لفن الخط العربى، وليست هناك جهة رسمية تعمل على رعاية وتبنى تلك المواهب. وأن ذلك ربما كان السبب الرئيسى فى الاهتمام بفكرة إنشاء نقابة لفنانى الخط العربى، بغية الدفاع والمطالبة بحقوق فنانى الخط العربى وتوفير احتياجاتهم، وايجاد المكان المناسب لعملية الإبداع الفنى، والسعى نحو تأكيد عظمة الخط العربى وجمالياته بعد أن أصبح مهمشاً بفعل الإهمال. وعدم اعتباره فنا خالصا وليس تزيينا ً خطياً.
مجدى عثمان
دنيا الاتحاد - 16 /8 2011