عقيلة عبد القادر محمد رياض
- من خبيئة الموروث ومن قيمة الماضى ومن وعتيق اللون والمعنى.. من قلبها المفعم وميولها الصادقة .. من القديم تصنع جديداً .. ففى لوحاتها لون ثرى ذهبى الوهج وضاح الألق زادته العواطف دفئا أسطورياً.. فتبدو جدارياتها حوريات تسبحن فى بحر القصد وكأنهن اجتمعن فى روح إيزيس التى تهيم عشقاً لتلملم حروف محبتها التى تشكل اسم حياتها المسمى أوزوريس .. إنها تستدعى العريق لتجعل منه لك ولها وللدنيا صديقا وفى قاعة الصاوى بالزمالك أعمالها تعزف موسيقى الهارب الأصيل .
الناقد /إبراهيم عبد الملاك
مجلة صباح الخير 2007
استدعاء الجد الفنان
- كثيراً ما شغلنى سؤال.. هل نحن فعلا ورثة الفراعين؟ هل نحن أحفاد تلك الحضارة الهائلة بحق؟ ماذا حدث لفنانينا فتركوا إرثهم الحضارى العتيد ليصبح ماضيا ؟
- لماذا لا يتعلم فنانونا من الأجداد ؟ لماذا تركوا فنوننا المصرية الخالصة لتصبح وسط غزو التغريب من جهة والعرينة من جهة ؟ من المسؤول عن عدم تدريس حضارتنا المصرية بشكل جاد فى كلياتنا الفنية ؟
- كل هذه التساؤلات تدور بخاطرى ولا أجد لها إجابات شافية سوى عدد قليل من الفنانين الذين استطاعوا أن يصلوا أواصر الجذور لينبتوا نبتا جديدا روى من ماء مصر منهم حامد ندا والجزار وعبد الرسول وآخرهم صبرى منصور وجاء معرض الفنانة عقيلة رياض ليضيف وينبئ باسم جديد على طريق التواصل لا ينقصها سوى الإصرار والعمل الدؤوب فقد استطاعت الفنانة التقاط الخيط الذى قد يصل بها إلى خصوصية وتفرد يرقى بها إلى مستوى الصفوة يأخذها بعيداً عن مجموعات كثيرة ضلت طريق المصرية .قدمت عقيلة رياض مجموعة منتقاة من أعمالها منذ تخرجها فى السبعينيات خرجت للعرض متصلة كحبات العقد الواحد متناغمة الأحجام حتى وصلت فى إنتاجها الجديد لتلك الصورة المصرية الخاصة فى لوحات العازفات اعتمدت عقلية فى أعمالها على تقنية الماضى وحس الحاضر فى الأداء توقفت كثيراً أمام العديد من الأعمال التى راحت خطوطها تذوب فى المساحات ذوبان خطوط رسوم المعابد بفعل الزمن ومساحات اللون المعبأة بعبق التاريخ ولم تعبأ بالمعارك الشكلية التى يقع بها الفنان فريسة الشكل مبتعدا أو متجاهلا للمضمون. فقدمت لنا تيمة شكلية مضامينه مكتملة الأرجاء فى معظم الأحيان عدا أعمال قليلة وقعت بها الفنانة فريسة التقنية القديمة فغابت منها المعاصرة .
د. رضا عبد الرحمن
مجلة بورتريه - ديسمبر 2007
عقيلة رياض والبحث فى أغوار المصرى القديم
-الفنانة د.عقيلة رياض أقامت أحدث معارضها بساقية الصاوى بالزمالك وضم مجموعة من أعمالها المتميزة والتى تعتمد فيها على سير أغوار الفن المصرى القديم مع استخدام القيم التى يحرص عليها الفن الحديث، وقد وجدت عند الاقتراب من هذا الفن والبحث فى تفاصيله أنه يوحى بتكوينات تبدو بعد معالجاتها الفنية الخاصة منتمية إلى التفكيرالحداثى فى فن التصوير ويحمل فى الوقت نفسه روح البساطة والتجريد، ولهذا فالعلاقة بين الأشكال والمساحات التى تحكمها علاقات خطية تبدو تجريدية إلى حد بعيد وكذلك تبسيط الأشكال واختزال البعد الثالث للطبيعة، فتبدو العناصر على اختلاف مستوياتها ومواضيعها وكأنها تقع فى مستوى النظر . - وباستخدام الخط والأشكال ومعالجة ملامس الأسطح التى تبدو مستوحاة من شكل الجدران القديمة باستخدام العجائن اللونية مما يضفى على العمل الفنى قدرا من الغموض والإيهام وقد استفادت الفنانة من قيم التكوين فى الفن الحديث الذى ينظر إلى اللوحة التصويرية على أنها وحدة واحدة، حيث تتحرك عين المشاهد على سطح اللوحة وتنتقل من عنصر إلى آخر داخل إطار لا تخرج عنه. - عقيلة رياض تخرجت فى كلية الفنون بالإسكندرية وحصلت على الماجستير عن رسالتها ` التحول الدينى وأثره على فن التصوير فى عهد أخناتون ` ثم الدكتوراة عن رسالتها `القيم الفنية للرسوم على القطع الحجرية والفخارية فى الفن المصرى القديم ` .
د/ محمد الناصر
مجلة نصف الدنيا 2 /12/ 2007
عقيلة رياض.. وإجترار عبق المشهد
- تأتى أعمال الفنانة عقيلة رياض كواحدة من أعمال التصوير المميزة من حيث تلك السمات البارزة الخاصة بها. والتى تجعل أعمالها تنتمى إلى مدرسة السهل الممتنع . لما تحمله من أضداد الصفات . فإبداعها وصنعتها جاءت بالأمس لقريب وأتى وقعها داخل المتلقى ليدفعه نحو قراءة ما كان عليه الماضى سواء كان سحيقا أو قريب . تلك الأضداد التى تصب جميعها فى صالح العمل ومفهوم فاعله ومبدعه فقد نجحت عقيلة رياض بأن تصنع لنا جوا يحاكى تلك الأجواء التى تمر بخواطرنا عند صدامنا بحكايات الذكريات. ولم تجد صعوبة فى صناعة تلك الأجواء بمفردات حديثة فعند متابعة أعمالها ومشاهد تصويرها لم أجد صعوبة فى إدراك أن غالبية أعمالها فى زمن الماضى والذكرى والتى تأرجحت عندها بين ذكريات أصالة التراث البعيد وبين تاريخ الماضى القريب وحرصت على أن تتناول فى كلاهما ممارسات واجتماعيات شخوص الواقع ومفرداته.
- وربما قد نما إلى فهمى وأنا أتجول فيما طالته عينى من أعمال عقيلة رياض إلى انتمائها إلى نادى محبى الزمن الجميل فهى تحمل للماضى عرفانا بجميل ما صنع داخلها عالما حالما ذو دفئ هي أكثر الناس قربا له وإحساسا به وأمنيات ربما افتقدت الوسيلة إلى تحقيقها وربما تكون قد فقدت الأمل فى تكرارها وأنعكس ذلك من خلال تغلب تلك الموضوعات التى تناولت المرأة على كثير من أعمالها والتى غلفتها بتلك الرائحة العبقة تلك الرائحة التى حملت لنا كثيرا من مفهومها وذاكرتها البصرية والتى كونتها من خلال تصفح آثار التاريخ البعيد إما بالزيارة والمشاهدة الفاحصة وإما بما تكون لديها من معاصرة للطفولة والصبا والشباب عن بعض تلك الممارسات الدافئة والحالمة والمرحة كاللوحات التى مثلت العازفات وكذلك التى مثلت الراقصات ولوحات الفتيات الممارسات للرقص للترويح عن أنفسهن وانطباعها عن هيئة الرجل والمرأة فى التاريخ البعيد ..
وجاءت ألوانها وصبغاتها لتؤكد وتحاكى ذلك وقد جمعت عقيلة رياض فى مشهدها خليطا من العناصر التى مزجتها معا فى تمكن لتخرج لنا ذلك المشهد المميز والذى يرقى ويضاهى ما تركه لنا السلف وما سجلوه ووثقوه بأساليب عصرهم ومواده وتقنياته والذى ابتدأته بتلك الملامس التى حاكت فيها الأسطح العتيقة وجدران الكهوف والسطوح المطموسة جزئيا تلك المشاهد التى أستقينا منها خيالنا الدقيق ووصفنا المقترب بدرجة كبيرة ومتلامسة فى بعض الأحيان عن شكل الحياة ومذاقها وقد أحدثت ملامسها بحرفية صنعة أوجدت فى أسطح لوحاتها ذلك العمق فى تضاريسه وذلك البعد فى تاريخه ووازنت بين مفهومها عن الأصالة وبين تلك الحساسية فى طمس ما تريد من مشاهد أعمالها وبين ما تريد تركه كأثر سمحت له عوامل التعرية بالبقاء .
- لقد أتت أعمالها بشكل عام والتى مثلت مفهومها وفكرها متأثرة تأثيرا كاملا بمصريتها الشديدة ومعلنة انتمائها لحضارة لهث العالم بأسره لينهل من مجرد الاستمتاع والمشاهدة لها وعلى الرغم من تأثرها الشديد بتلك المناظر المسجلة على أطلالها وخاصة البدائية منها والتى تناولت عصورها الأولى بعفويتها وصدقها وبساطة مشهدها الذى لا يعرف الزيف .
- جاءت حلول عقيلة رياض غاية فى عمق التناول وإعادة الصياغة التى اتسمت بمغايرة التناول دون الإخلال بنفس درجة الصدق والعفوية ومشبعة بمهارة وصنعة نشعر معها باقترابها من محاكة الأصول إن لم تكن تحاكيها فى بعض الأعمال ولا اقصد هنا محاكاة النقل بل أقصد محاكاة المذاق والحس والرائحة وقد ظهر ذلك فى لوحات المحاربين الأوائل واللوحة التى تمثل ما يشبه المحارب أو الصياد والتى إن افترضنا امتداد مساحتها لتخيلنا فرار أحد الأعداء من أمامه أو هروب إحدى الفرائس من رمحه..
- إلا أن أفضل ما صورت فى تلك المرحلة من وجهة نظرى هى لوحة الأحصنة الثلاثة والتى نجحت الفنانة عقيلة رياض فى صياغتها وإبداع جوها العام بصورة جعلتنى أعيد مرارا وتكرار النظر إليها وتفحص تفاصيلها التى غورتها فى جو من الغبار وهياج الأتربة .لقد أشعرتنى فيها بسنابك الأحصنة الثلاثة وضربات حوافرها وجموح بريتها فقد صنعت فى مشهدها حالة من الحركة لتلك المخلوقات الجامحة والتى تودى فعل التصدير لذلك الإحساس بالعنفوان والقوة والجموح ونجحت فى تغيب أبطال المشهد الممثلين فى تلك الأحصنة الثلاثة فى عاصفة الغبار التى أحدثتها حوافر قطيعهم إلا أنها لم تستطع أن تخفى رغبتها فى إظهار التعبيرية التى مارست دراستها من خلال المشهد الجانبى والذى يمثل اثنان من الوجوه النسائية والتى ركزت تعبيرية وجهيهما عند التعامل مع عيونهما التى أتت عاكسة لهدوء نفس كلا من هاتان السيدتان كما جاءت مجموعة اللوحات المطموسة والتى تناولت فيها بعض الوجوه غير المكتملة والتى أجبرت عين للمتلقى على استكمال تخيل الوجوه وتفاصيلها بل وتحديد مركزها الاجتماعى من خلال خياله .
- وجاءت مجموعة لوحات العازفات وقارعات الدفوف من أجمل ما أبدعت عقيلة رياض فهى لم تصنع فى كل لوحة مجرد مشهد لعازفة لآلة وترية أو آلة إيقاع مصنوعة من رق جلود حيوانات بل أضفت على العازفة حالة النشوة والاستمتاع بما تمارس من فعل العزف وإصدار النغم فالموسيقى الصادرة عن الوتر والإيقاع تأتى دائما بتلك الرومانسية والرخامة التى تطرب داخل النفس وتصنع السكينة والاسترخاء ولم تغفل أن تظهر جمال العازفة لتكمل طرب الآذان باستمتاع العين بالوجه الحسن ذو الدلال .
- أما لوحاتها والتى أعطتنى انطباع مشاهدتى لمجموعة من الفتيات فى ستينيات القرن الماضى وهو ما نطلق عليه مجازا للتميز ( زمن الفن الجميل ) فقد أظهرت من خلالها تلك الأناقة التى كانت تميز فتيات معظم الطبقات الاجتماعية فى مصر فى تلك الفترة والتى اتسمت بالرقى والهندام رغم ما فى أزيائها من بساطة وعدم تكلف .
- وقد نجحت عقيلة رياض فى أن تضيف ألوانها إلى مشاهدها بعيار دقيق وأدركت متى تبخل باللون ومتى تفرط فيه وجاء إحساسها بالمشهد من موازين نسب اللون فى أعمالها وإن غلب على مشاهدها ذلك المزيج الناتج عن خلط ألوان ثلاث هى الأصفر والأحمر والبنى . وما لثلاثتهم من تدريجات تعبر عن دفئ أحاسيسها أثناء صناعة مشاهدها وان كانت أزياء نساء مشاهدها وإكسسواراتهم قد أتاحت لها فرصة ممارسة التلوين خارج ذلك المزيج وحدوده لتعكس غرام نسائها واستمتاعهم بأناقتهم من خلال بقية الألوان.
- لقد برعت الفنانة عقيلة رياض فى إجترار ما تشاء من مشاهد ووثائق بصرية . حاكت بها ما يجيش فى أحاسيسها وخلجات نفسها وعبرت عن أمنياتها ولم تغفل أن تسمعنى صدى موسيقى عازفاتها بل ولم تجعل مشهدها جامدا فأضفت عليه رائحة الزمن وعبقه وسنواته فأطلقت رائحة عطور نسائها وصلصلات ما تقلدوه من عقود وقلادات وأقراط وأساور فأثرت مشهدها واستحضرته أمام متلقيه دون أن تغفل تزكى أنفه برائحة سنوات الماضى الجميل فكانت أعمالها التى اتسمت ببساطة التفاصيل وعمق الإحساس نوعا من ....... إجترار عبق المشهد .
ياسر جاد
صفحة الناقد على الفيس بوك
|