أحمد عطية : الصدفة تلعب دوراً مهماً فى العملية الإبداعية
تأثر بالمدرستين الإسلامية والحديثة فى فن الخزف
تأثر عطية بالعناصر الزخرفية المكررة الموجودة على الخزف الإسلامى فى العصر الفاطمى .
تكشف أعمال فنان الحرف التقليدية أحمد عطية عن رؤيته فى تطوير فن الخزف ، خاصة شكل القطعة الخزفية وتوظيف التصميم عليها ، حيث استخدم الشبكة الهندسية لتوزيع الزخارف النباتية المختلفة فى اتجاهات مدروسة ، أدت إلى استنباط فكرة جديدة فى تطبيق الزخرفة الإسلامية بأسلوب الحفر على شريحة الطين ، بعد أن درس أسلوب الزخرفة التركية القديمة وجدد فيه ، ويوضح أن طريقة الشريحة هى إبداع إيطالى تأثر به أثناء مشاركته فى ورشة عمل فنية بدعم من مركز تحديث الصناعة فى مصر ، والاتحاد الاوروبى ، ومنظمة اليونيدو العالمية وأشرف عليها المصمم الإيطالى جونيو ، كما أبدع فكرة القطع العشوائى للتصميم ، حيث ينتخب جزءاً من التصميم ويسقطه على القطعة الخزفية.
الآنية الفخارية
وأوضح أن تأثره بالفن الإسلامى بدأ منذ دراسته فى مدرسة الصنايع قسم الزخرفة والإعلان ، حيث تعلم طرق الزخرفة وتقسيماتها ،ثم اتجه بعد إتمام الدراسة إلى الإبداع فى خامة الطين لقدرتها على التشكيل والتجسيم وإمكانية تطبيق الرسم عليها ، مما يوحى بالكثير من الأفكار المختلفة التطبيق والتنفيذ .
حيث بدأ بطريقة بناء شرائح متراصة فوق بعضها وأخرى مخروطية الشكل ثم قام بالرسم على الأطباق وكانت الزخرفى الاولى التى زين بها تلك الأطباق لشكل الغزالة الموجودة فى الزخارف الإسلامية .
وقال إنه لم يرغب فى العمل على الآنية الفخارية المصنعة سلفاً بالمركز آنذاك ، فقام بتشكيل الإناء بنفسه ، ووضع عليه التصميم الزخرفى الذى يتناسب معه دون استخدام الفرشاة، وإنما بطريقة الكشط للون الأعلى، حيث وضع طبقتين من الألوان ، كما استخدم الطينة الخضراء التى تستخرج من الواحات وهى الوحيدة بين الطينات المختلفة التى تعطى تأثيراً أفضل بدون وضع طبقة الجليز ، كما يمكن التحكم فى إحداث تأثيرات أخرى بها عن طريق تغيير درجة حرارة الفرن أثناء عملية الحرق .
وأضاف أنه تعلم على يد الراحل الدكتور محمد أنور حسن فى مركز الخزف بالفسطاط التابع لوزارة الثقافة من خلال دورة إعداد لمدة عام ضمن المشروع التدريبى لمجلس الوزراء المصرى كما تعلم طريقة التفريغ من أحد اكبر الحرفيين وهو ( محمد الضو ) الذى كانت أيضاً له طريقة مميزة فى إحداث تأثير التشققات العشوائية غير المنتظمة على القطعة الخزفية حيث كان يخرج القطعة ساخنة من الفرن ويغمسها فى حوض الطين ، وطبق تلك الطريقة على أعماله الإبداعية مستبدلاً الطين بالألوان المختلفة ثم يحرقها مرة أخرى .
وعن علاقته بالزخارف الإسلامية الهندسية قال إن تلك العلاقة جاءت بعد تعامله مع بلاطات القيشانى ، وعمل الزليج المغربى ، وهو عبارة عن أشكال هندسية لبلاطات صغيرة منفصلة تجمع مع بعضها لتكوين الشكل الهندسى المربع ، ثم طورها بعد أن قام بالحفر البارز على بلاطة واحدة من الجبس ، صب عليها فيما بعد الطينية ليأخذ شكل الزخارف المحفورة ، التى لونها وأحرقها داخل الفرن فى درجة معينة ، وأعقب ذلك استبداله لنوع الطينة بالبورسلين لما له من مميزات خاصة ، مثل شدة البياض والصلابة.
كما كانت زيارته لجامع أحمد بن طولون ذات تأثير خاص على أعماله ، لما يمتاز به هذا الجامع من زخارف ذات أسلوب متفرد جعلها تنسب إليه وتسمى بالزخارف الطولونية ، فبرغم بساطة شكلها إلا أن الشبكة الهندسية التى تشكل أساس التصميم فى الوحدات الزخرفية خاصة التكرارية منها كانت معقدة جداً وأنه أخذ عن تلك الزخارف بطريقة الحفر ، واستطاع توظيفها فى تصاميم لأكثر من عمل وأنتج منها لوحات ورقية .وأضاف أنه تأثر أيضاً بالعناصر الزخرفية المكررة للعصافير والأشكال المجنحة ، خاصة الموجودة على الخزف الإسلامى فى العصر الفاطمى ، كما أوضح أن التعامل مع الأشكال الزخرفية يكون بالحذف أو الإضافة ، وأن هناك الكثير من الأخطاء التى وقع فيها الحرفى القديم خاصة فى البلاطات خلال عملية التجميع للأشكال التكرارية ذات الزخارف النباتية ، والتى تحدث نوعاً من الاهتزاز أو الذبذبة حيث لا تعطى شكلاً محددا ، مثل تكرار الشكل ثم وضع بلاطة مخالفة فى المركز ، وذلك أن الأشكال التكرارية تكون عبارة عن شريط ليس له مركز ، أو مستطيل طولى أو عرضى مركزه من أسفل فقط ، أما الأشكال الهندسية فلها نقطة تلاق .
الصدفة
وأكد أن الصدفة أحياناً تلعب دوراً مهماً فى العملية الإبداعية ، حينما تتم إعادة التجريب عليها من جديد بشكل مقصود ، ومنها اختلاف درجة الحرارة ارتفاعاً أو انخفاضا عند حرق القطع الخزفية ، مما يؤدى إلى تغيير فى شكل المنتج الفنى ، وأيضاً هناك بعض العيوب أو الصدف التى لا يمكن إعادة حداثها عن قصد، مثل الفقاعة التى تظهر على سطح الخزف ، ويكون سببها وجود بعض ذرات التراب التى تعزل طبقة الجليز عن الطينة ، وتلك الأخطاء جعلته يطلق على الخزف ` فن المتعة ` .
وقال إنه يفضل الأطباق الخزفية لانتاج أعماله الإبداعية والتى تستوعب أى تصميمات زخرفية هندسية أو نباتية أو خطوط عربية ، خاصة الخط الكوفى الذى تأثر به لوجود تأثيرات نباتية به إضافة إلى عنصر الحركة ، كما أنه خط لا يحتاج إلى الدراسة كباقى الخطوط وإنما إلى كثرة رؤيته والتمعن فيه ، وقد طبقه مع اللون البنى بعد إدخال عناصر عضوية ونباتية معه ، كما يفضل استخدام الألوان الخضراء والزرقاء لأنها كانت أشهر الألوان فى الخزف الإسلامى ، وهى ألوان يمكن إنتاج الكثير من الدرجات اللونية منها ، كما استخدام اللون الأحمر المسمى ` دم الغزال ` وهى درجة تختلف عن تلك التى استخدمها الخزاف المسلم وتسمى تجارياً أحمر طماطم ، وأيضاً هناك اللون المشمشى الذى قام بالتجريب عليه بدرجات متفاوتة تختلف عن اللون الأوسط لتلك الدرجة الموجودة على قطع الخزف الإسلامى .
خبرة ودراية
أوضح أحمد عطية أن الآنية الخزفية نالت عناية كبيرة فى عهد الدولة الإسلامية ظهرت فى النقوش والزخارف التى تتطلب خبرة ودراية بأساليب التنفيذ المختلفة وما يلزم ذلك من خامات ، ورغم أن بعض هذه الزخارف نفذ على طينات رخيصة المستوى ، إلا أن الخزاف المسلم استطاع أن يحدث تبايناً فى النتائج المختلفة بمهارة فائقة تدل على انطلاق الفنانين فى التعبير على الأسطح الخزفية عن مختلف موضوعات الحياة ومعتقداتهم وقصصهم الرمزية ، مما يعد سجلاً تاريخياً حافلاً بالخواطر والأحاسيس .
وأشار إلى أنه بصدد الحصول على دبلومة من جامعة ويلز بلندن فى تصميم الحرف التقليدية من خلال العلاقات الثقافية المتبادلة بين مصر ومدرسة الأمير تشارلز ضمن مشروع اختار له الأمير اسم ` باب رزق جميل ` .
بقلم / مجدى عثمان
جريدة دنيا الاتحاد - أغسطس 2010