`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
محسن مصطفى حمزه

- يتبنى الفنان تطبيق مفهوم ` الارتجال` فى فن التصوير , والارتجال كما هو موجود فى مختار الصحاح- معناه ` الخطبة أو الشعر دون سابق تهيئة ` ، `وفى مادة ` رجل ` وهذا يعنى ان الشاعر يقابل موقفا يتفاعل معه حسيا فيقول قصيدته دفعة واحده .
- اما بالنسبة للابداع فى فن التصوير والذى اتبناه فكرا واداءا فهو أننى أبدا فى الممارسة الفنية دون اية فكرة مسبقة سوى اننى أشعر برغبة شديدة ودافعة فى ممارسة الابداع الفنى ، فاقوم بترجمة الانفعالات الداخلية فى صورة علاقات لونية على سطح اللوحة فتصبح خمائر للشكل بمعنى اننى اقوم بتشكيل هذه العلاقات اللونية وبالتالى فأننى أنتهى الى فكرة اللوحة اى اننى استخلص فكرة العمل الفنى من خلال الانفعالات التى وضعتها صادقا فوق سطح اللوحة ، ولا ابدأ بفكرة مسبقة على الاطلاق وهذا يتطلب فهماً واعياً للموروث الفنى فكرا واداءا . حيث اننى لا اخضع الفكرة الى الأسلوب الفنى بل العكس هو الصحيح فالاسلوب يخضع للفكرة هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فأن الفنانين التعبيريين خاصة `فان جوخ` كان يبحث فى الطبيعة عن شكل يتواءم وانفعالاته الداخلية فيقوم برسمه فورا ودفعة واحدة اذن فالهدف عنده كان انفعالاته وليس المنظر ، وما المنظر بالنسبة له سوى مطيه للتعبير عن انفعالاته . فتحولت أشجار السرو عنده الى ما يشبه اللهب. اى انه اصبغ المنظر بانفعالاته وما اقوم انا به هو اننى قد حررت اللمسة التصويرية `لمسة الفرشاه` من قيد الرؤية البصرية . حيث اننى ارسم ما بداخلى وبصدق شديد أصبحت اللمسة ` لمسة الفرشاه ` هدف لذاتها سعياً وراء جمالياتها الخاصة . وليست وسيلة للتعبير عن شكل مرئى او لبناء صورة بصرية مستقاه من الواقع . بل هى تعبر عن الانفعالات الداخلية فى صورة أشكال . ايا كانت هذه الاشكال لذلك فاللون بالنسبة لى هو الموصل للمشاعر والاشكال هى مرادفات للمشاعر ايضاً وهذا بإيجاز شديد جداً .
- ملحوظة : توجد معلومات هامة ودقيقة عن اسلوبى ومفهومى فى الابداع الفنى فى رسالة الدكتوراه الخاصة بى فى مكتبة الكلية.
د. محسن حمزة


رؤيتي الخاصة للإبداع في فن التصوير
تحت شعار من اجل مزيد من الحرية
- الاَنية-
نشوء الفكرة وتطورها
*هذه رؤية مختصرة جدا وينقصها الكثير من التفاصيل الشارحة
- المقدمة
أثناء سنين الدراسه كنت أهتم بدراسة قوانين النماذج والعناصر لإستخلاص جماليات الشكل وقوانينه وقيمه الواقعية بعد فهمه وادراكه سعياً لمحاكاته بأساليب تصويرية مختلفة من أجل إكتساب الخبرات الادائيه التي تمثل المخزون البصري قياساً بقيم فن التصوير الموجوده في المتاحف العالمية عبر إنكبابي على الكتب الفنية التي تحتوي على لوحات فن التصوير باتجاهاته ومدارسه المختلفة.
- التعرف علي الدوافع وبداية الرؤية:
بعد تخرجي عام 1973 كان المجتمع يموج بأمواج متلاطمه من المشاكل الإجتماعيه والإقتصاديه ..إلخ. شكلت مدخلات الى نفسي لم استطيع بعدها ان اتجاهل ما يحدث من حولي وفي داخلي مع مدخلات ومعطيات أخرى قديمه كوفاة والدتي منذ كنت صبياً وضياع احلامي بعد هزيمه 1967 مما أدى الى إنكسار القلب والنفس وضياع الحلم وضبابيه المستقبل مما أدى لإعاده النظر في كل ما تربينا عليه ثقافيا وإعلاميا منذ خمسينيات القرن الماضي.
المهم انني لم أستطع ان أنفصل عن ذاتي ومشاعري وإنفعالاتي المتأججه واقوم برسم المرئيات قياسا بالواقع حتى وإن رسمتها بلمسات حره وسريعه وهذا ما فعله مصورون كثيرون وأبدعوا لوحات عظيمه ولا زال الكثير من المصورين يبدعون لوحات رائعه وفق هذه التقنيات الادائيه الحره ولكنني لم استطع ان انتهج هذا النهج، ومن هذا المنطلق وجدتني مهتما بلوحات `فان جوخ` الموجوده في الكتب فهممت بتأملها ودراستها وفهمها وإدراكها واستقراء دوافعه وخاصة النفسية منها التي شكلت ابداعه بهذا الأسلوب من وجهة نظري الخاصه فلم اقم بتقليد أسلوبه ولكني اهتميت بإنفعالاته وتأثيرها على مخرجاته الابداعيه لكل مرئياته التي قام برسمها او بتصويرها وكيفيه تفرده في عصره بهذه الإبداعات بين اقرانه من المصورين العظماء وأرى أن `فان جوخ` كان يسعى للخلاص من مكنونه الداخلي عبر ما هو مرئي بصرياً خارجه، إني لن أتحدث تفصيلاً عن حياته أو كم المشاكل والإحباطات والإخفاقات التي عاشها على المستوى العاطفي والمهني والاجتماعي ولن أتحدث عن حادثة قطع أذنه ولا عن علاقته بأخيه ثيو.. إلخ.
- ولكني هنا فقط أهتم بتأثير كل هذا عليه وكيف أجبرته إنفعالاته القوية أن يبدع لوحات تصويريه بهذا الأسلوب، فهذه اللوحات شكلت محوراً مهماً من محاور الفكر للتصوير الحديث والمعاصر.
`أثر الدوافع الداخلية علي إبداع فان جوخ:
حينما كان `فان جوخ` طفلا كان يرسم وحينما كان يشجعه أبواه ويثنوا على رسمته كان يقوم بتمزيق الرسمه وعادة كان يرسم جسراً ويعتبر من وجهة نظري رمزاً للتواصل الذي أفتقده طوال حياته في علاقته بالمجتمع حيث كان هناك كثير من الشوائب لا تتناسب مع تركيبته ومزاجه الشخصي، وتمزيقه للرسمة بالنسبة لي تمثل سمة مهمة في شخصيته وتعبر عن رفضه لما هو مألوف فتشجيع والديه له يعني ان رسمته مالوفة وهو يريد ان يأتي بغير المألوف لذا كان يمزقها فهذا ملمح مهم في بناء شخصيته ظهر لديه منذ الطفولة وأراه دافعاً من دوافع ابداعه أو رافداً يصب في فوران مشاعره وإنفعالاته، من وجهة نظري يوجد دافعين رئيسيين مع دوافع أخرى أثرتا فيه وأجبراه ان ينتهج أسلوبه الفني وهما رغبته الفطرية بأن يبدع إبداعا غير مألوف وأن يعبر عن فشله ويحول إنفعالاته السالبة الناتجة عن هذا الفشل لتوجه أسلوبه التصويري الى ما نراه في لوحاته ولكن من خلال عناصر مرئية أي انه كان يبحث من خلال ما يراه عن العناصر المرئية التي تستطيع أن تحمل وتعبر عن انفعالاته أو أن يصبغ ما يراه بصبغته الإنفعالية، إذاً إنفعالات زائد عناصر مرئية والناتج إبداع لوحة محسوسة مفعمة بالمشاعر وتم إخراجها بعد مرورها عبر بوتقة الإنفعالات لنراها على هذه الهيئة ولنتذكر لوحة اَكلوا البطاطس فقد كان يمارس حريته في التعبير ويتضح ذلك من خلال اسلوبه التصويري فهو لم يسعى لمحاكاة النماذج ولكنه عبر عنها بحرية ادائية كي يركز على انفعالاته حتى وإن انحرفت خطوط الأشكال قليلاً تلبيةً لتأثير الإنفعال فهو غايته ولم يكن غايته المحاكاة الواقعية.
فالرؤية البصرية للواقع الخارجي تتطلب قياسات ذهنيه واَليات عقلية من أجل السيطرة والتحليل للمراد رسمه ومحاكاته وهذا يتطلب وقتاً وزمناً أطول من أجل قياس المرسوم بما تم رسمه وهكذا، لكن `فان جوخ` لم يسعى لذلك، فقد كان بصره يخطف سريعاً ما يراه بصرياً ليحيله إلى داخله المشحون بإنفعالاته الفوارة لتخرج على اللوحة في صورة لمسات مغموسة بهذه الإنفعالات التي تحمل قدراً من حرية الاداء فتنحرف الخطوط قليلاً استجابة لهذا الصدق في التعبير، فاللوحة هي موضوعه أما المضمون فإنه الكيفية التي ينفذ بها موضوعه، وهذا ما ركزت عليه المضامين الكامنه خلف موضوعاته في لوحاته وقدر الحرية التي اتاحها لنفسه للتعبير عن مكنونه الداخلي.
` الأسس الداخلية والفنيه لممارسة الحرية الإبداعية:
من هذا المنطلق سألت نفسي ولماذا لا أحرر نفسي من الرؤية الواقعية الخارجية لأنها تتطلب قياسات ذهنية وأتعامل مع إنفعالاتي لذاتها وأقوم بتشكيلها وفقاً لهذه الإنفعالات وتعبيراً عنها، وهنا جاء شعاري من `أجل مزيد من الحرية` منذ سبعينيات القرن الماضي.
الحرية في عملية الإبداع في فن التصوير التي عشتها ومارستها تطلبت إعداداً مبنيا على أسس داخلية من أجل تأهيل نفسي للتعامل مع ما هو خارجي وأهمها كيفيه التعامل مع أجهزتي العضوية والمعنوية مثل بعض الحواس (البصر، السمع، اللمس) وكيفية الإرتقاء بها وتنمية ثقافتها المتوازنة وإختياراتي الذهنية والحسية للمدخلات التي تعمل على تنمية هذه الثقافه إلى الارقى بالنسبة لي ومحاولة التعامل بوعي مع العقل الباطن الذي يمثل حقيقة الإنسان دون كذب من خلال رموزه الفنية الدالة عليه كما انه يمثل مردوداً داخلياً لا إرادياً لكل ما يمر به الإنسان من مواقف وأحداث على المستوى الذهني والعاطفي ليشكل دافعية لا إراديه لتحديد ملامح الشخصية ومواقفها وذلك من أجل استكشافه والتعرف على محتواه ومخزونه الكامن فيه منذ الطفولة بكل ايجابياته وسلبياته لعمل جسر تواصل بينه وبين العقل وكيفية تنمية روافده عبر الحواس وذلك من خلال التعرف على رموزه الشكلية التي تتولد داخل اللوحة بإعتباره المنبع الأساسي لعملية الإبداع بالنسبة لي.
لقد دربت نفسي أن أحلل بصرياً قوانين الأشكال من ناحية الأضواء والظلال.. الخ. لحظة رؤيتها ولكل ما تقع عليه عيناي، وأصبح ذلك سلوكاً حياتياً أعيشه بشكل بصري يومياً سواء كنت في الشارع أرى المباني والوجوه وكل ما تقع عليها عيناي بهذه الطريقة وبشكل تلقائي دون معاناة، يكفيني لحظات فقط لإستكشاف الشكل وتحليله ومعرفة قوانينه فإذا تكلمت مع أحد فإنني على الفور أرى قوانين الضوء والظل الساقطة على ملامحه في لحظات، إنني أعيش هكذا بعد أن تدربت على هذا الأمر سنين طويلة، إنها بالنسبة لي ثقافة رؤية قوانين الأشياء التي تمثل رافداً مهماً للمخزون البصري المتنامي دائماً حتى لا ينضب لأنه المنبع الحقيقي الذي أستقي منه أشكال إنفعالاتي بجانب رؤيتي ودراستي لفن التصوير بمدارسه وإتجاهاته المختلفه والمتنوعه للتعرف على قيمه الفنية والجمالية التي اسكنته المتاحف حتى أحمل لوحاتي هذه القيم لأعطيها حق المواطنة في المتاحف أيضاً .
إن ثقافة التحليل البصري وإستقراء ما وراء الشكل إنعكست على ثقافة السمع أيضاً وبقية الحواس وثقافة العقل وقدرته على التحليل والإستقراء للمواقف والاراء والافكار.. إلخ، وإنعكس ذلك على عمق المشاعر وذكائها قياساً بالقيم الانسانية الرفيعة مثل الحب والرحمه والتعاطف.. إلخ ومشاركة المشاعر مع الاخر سواء كان إنساناً أو حيواناً أو أي كائن حتى لو جماد، ألا تحب جدران بيتك أو سريرك.. الخ، فكلما إبتعدت عن بلادة وبرودة المشاعر كلما إرتقيت درجة في ثقافتها حتى نصل الى ثقافة الإحساس بكنه الحيوات والعناصر والاشياء.
كل ذلك مع التفاعل العقلي والحسي مع ما يموج به الواقع سواء المحلي او الدولي من أحداث جسام كل هذا يمثل مدخلات الى النفس تعمل على بلورة ما أسميه الموقف الإنفعالي الكلي الذي يمثل دافعاً قوياً لأقوم بتشكيله وتصويره أي أجعل له شكلاً يمثل مردوداً لكل ما هو حاصل في الحياة من حولي وفي داخلي، والوجه البشري أهم عنصر وأحبها الى نفسي وأرسمه دائماً من الذاكرة اي إجتراره من داخلي محملاً بإنفعالات ومشاعر تحدد ملامحه، والأستاذ الفنان والناقد الكبير `حسين بيكار` عبر عن هذه المعاني في مقال بجريدة الأخبار يوم الجمعه 23 مارس 1984 حيث كتب `الفنان محسن حمزه بلوحاته `الإرتجالية` المرسومة بالطباشير الملون تحت شعار `من اجل مزيد من الحريه` ويقصد الفنان `بالإرتجالية` انه يسقط مشاعره بشكل دون سابق تخطيط وحيث تأتي عملية البناء التشكيلي بعد أن تأخذ المشاعر مكانها من اللوحة كخمائر للشكل كما أنه يعني من `مزيد من الحرية` رفض القيود التقنية والقواعد الثابتة التي تفرض على الأحاسيس لكي تنطلق بكامل حريتها في رحاب الإبداع والتعبير النقي الخالص، ولقد أثار إعجابي إصرار الفنان على تسمية `الباستل` الذي يلون به لوحاته بهذه التسمية العربية المتواضعة `طباشير` فكلنا تفتحت أعيننا على أصابع الطباشير التي يكتب بها أساتذتنا على السبورة السوداء وكانت هذه الأصابع الطباشيريه عنصراً هاماً في توصيل العلم والمعرفة الى عقولنا الصغيرة وهذا درس يلقيه الفنان على اولئك الذين يحتقرون لغتنا العربية من فنانينا المتفرنجين وهناك درس اَخر يلقيه الفنان على اولئك الاستعراضيين الذين يوارون ضعفهم وراء المساحات الهائله اذ إقتصرت لوحاته على ما يشبه المنمنمات الصغيرة سعياً وراء الكيف قبل الكم ولكننا عندما نتأمل محتويات هذه اللوحات غير المسرفه نكتشف عوالم بلا حدود بين الرؤى الانسانية وأبعاداً سحيقه من المشاعر الجوانية يترجم بها الفنان الشاب ما يدور حوله وفي داخله، فهو يصهر رؤيته الدرامية في قوالب اَدمية يبتدعها لعالمه الخاص لتفصح بلغة الشكل واللون عن أحاسيس وهمهمات شاكية او متأسية تستجيب لها البصائر قبل الأبصار .
-`الانية:
أقمت أول معرض عام 1979 تحت شعار `من اجل مزيد من الحرية` وعنوانه `التجربة الارتجالية` وقد تم العرض من خلال المركز القومي للفنون التشكيلية، وكلمة `الارتجال` تعني الخطبة والشعر دون سابق إعداد فكان هذا المفهوم هو الأقرب لتجربتي الفنية التي بدأتها قبل ست سنوات من إقامة المعرض، وهو مفهوم يعتمد على الإجترار من الداخل عبر الإنفعالات والمشاعر، وقد كانت مرحلة تتسم بالسعي المكثف لملء فراغ اللوحة بالأشكال وفق ضرورة داخلية والحقيقة أن هذا الجموح للضرورة الداخلية لم يكن إلا بحث وتأمل لإفرازات اللاوعي عبر المشاعر المتمثلة في صورة علاقات لونية على سطح اللوحة وقد كان ذلك بمثابة نافذة أطللت منها على الداخل للتعرف على كيفية التعامل بشكل إيجابي مع `محتواه الحسي`، وقد قادتني هذه الارتجالية إلى ما أسميه `الاَنية` وهي إشتقاق من كلمة الاَن وتحمل مدلولاً فلسفياً للتعبير عن مضمون هذه الرؤية وهو تصوير المردود الداخلي لمعطيات العصر وفقا للمشاعر والتعبير عن الاَنية الحالية مرتبط بمعطيات العصر الحالية كما أن التعبير عن معطيات العصر في المستقبل سيكون من خلال اَنيته المستقبلية.
ولأن مشاعرنا المتباينة تختلف من شخص لاَخر ومن وقت لاَخر فإن تصويرها سينتج عنه مرادفاً شكلياً يمثل مردوداً رامزاً للعصر وسينتج عنه أيضاً خصوصية متنوعة ومتنامية على المستويين الفردي والجماعي.
والاَنية تعمل على ربط مفهوم التطور في الفن بذاتية الفنان ليصبح التطور متنامياً بشكل أسرع ومواكباً لسرعة التطور في النواحي الحياتية الأخرى كما تعتمد على اَلية الإستدعاء من الذاكرة لتشكيل وتصوير إفرازات اللاوعي من خلال المشاعر.
إن معطيات العصر وسرعة التطور فيه، علاوة على ذلك التقارب البشري الحاصل الاَن عن طريق وسائل الإتصال قد فرض على الواقع أنماطاً حياتية معقدة خاصة في الدول الأقل تقدماً نظراً لأن واقعهم الثقافي والإجتماعي والأكاديمي لم يكن مؤهلاً للتعامل مع هذه المعطيات المتطورة وسوف يستمر هذا وقتاً من الزمن يحتوي صراعات دولية على المستوى السياسي والفكري والوجداني والروحي إلى أن تهدأ الأمور فيتقارب الفكر وتتقابل الوجدانات وتتهادن العقائد، فيتطور العالم شكلاً ومضموناً ويتخذ أنماطاً وطرزاً مختلفة عما هو موجود الاَن، هذه التطورات السريعه في نواحي الحياة قد فرضت علي التفكير في الكيفية التي يحتوي بها فن التصوير هذه التطورات ويعبر عن شكل تأثيرها علينا وليس رسمها بصرياً ليصبح العمل الفني بمثابة مردود حسي لذلك التأثير وهذا هو الأصوب حسب ما أزعم.
وما يهمني في هذا المجال هو التعبير عن تأثير معطيات العصر على أساس أن هذه المعطيات تمثل مدخلات الى النفس تعمل على بناء الفكر والمشاعر وفق قدر التأثر بها، فحين نصور مشاعرنا تجاهها فالناتج سيكون من طبيعة مختلفة عنها لأننا سوف نحيل ما هو معنوي (مشاعرنا) الى ما هو مرئي (شكل المشاعر)، وبالتالي نحرر الشكل مما هو مألوف، ولأن المشاعر في حالة تغير وتنوع ونماء بإستمرار، فإن تصويرها سيتسم بالتغير والتنوع والنماء أيضا وبشكل نسبي وفقاً للخبرات الفنية المكتسبة، وسوف يحتوي العمل الفني الرموز الخاصة الدالة على هذه المعطيات (المدخلات) وليس بالضرورة أن تكون رموزاً فنية متعارف عليها، فلكل عصر رموزه الدالة عليه.
`محاور الانية:
`الشكل مرادف للمشاعر:
نعني بالمرادفة أن المشاعر وهي شيئاً معنوياً قد أصبحت شكلاً مرئياً، وتنبني عمليه البناء الشكلي كمرادف للمشاعر على أساس عدم السعي لنقل أي صورة بصرية للواقع الخارجي، بل هي عملية غوص وإجترار من المخزون البصري، ويتكون المخزون البصري من رافدين اساسيين، أولهما: إدراك بصري للموروث الفني بصفة عامة، وثانيهما: الإدراك البصري لمعطيات الواقع، كما يمثل التفاعل الصادق مع العمل الفني ضروره لتحقيق الشكل فيه.
وقد يقترب الشكل من الواقع ولكن هدفنا لم يكن محاكاة نموذج واقعي خارجي بل أن الهدف هو محاكاة التصور الداخلي الذي لم افترضه سلفاً بشكل ذهني، بل هو نتاج للتفاعل اللحظي والمباشر أثناء الرسم، حيث أنني أضع مجموعه من الالوان بشكل حسي تلقائي فوق سطح اللوحه لتصبح خمائر للشكل، أي أن الشكل يأخذ هيئته النهائية تبعاً لهذه الخمائر، وتتأكد المرادفه بتأمل الخمائر بعين التخيل حتى تصير اشكالاً تم استدعائها من المخزون البصري.
إن مشاعرنا وإنفعالاتنا تنعكس على رؤيتنا، بمعنى أننا قد نصف مكاناً بأنه مريح مثلاً وأحياناً أخرى نصف نفس المكان بأنه غير مريح، والحقيقه فإن المكان ثابت والمتغير هو ما بداخلنا من مشاعر، والمشاعر في هذه الحالة هي التي تحدد الكيفيه التي تتأمل بها العين، والفرق بين الرؤية البصرية والتأمل البصري هو أن الرؤيه البصرية تتم بشكل تلقائي دون عناء، أما التأمل البصري فهو السعي بالخبرة لتعميق الرؤية من أجل إكتشاف وتحليل الشكل المرئي، وبما أن المشاعر تنعكس على تأمل خمائر الشكل فإن الشكل الناتج في هذه الحالة يكون مرادفاً لهذه المشاعر، وتتم هذه العمليه بحرية وصدق في التفاعل مع اللوحة بهدف إستدعاء الشكل الملائم للخمائر.
` اللون كموصل للمشاعر:
حينما نتكلم عن فن التصوير فإننا في الحقيقه نتكلم عن اللون بصفته موصلا للأفكار والمشاعر، وقد تنوعت الإستخدامات اللونية فكراً واداءً عبر العصور تبعاً للمفاهيم الفنية التي سادت كل عصر، وتتعمق قيمة ودلالة اللون حينما يحمله الفنان إحساسه وفكره، ولن يتحقق هذا إلا حينما يتوصل الفنان للكيفية التي يستخدمه بها، هذه الكيفية تتنوع من حيث العمق والتسطيح تبعاً للخبرة الفنية والحياتية والثقافية، فكلما زاد الفنان من خبرته وأدركها إدراكاً فعالاً ومتنامياً كلما تعمقت الدلالة الحسية والفكرية للون وأصبح أعمق تاثيراً.
والمشاعر لها أعماق ومنتهى العمق فيها قد يصل إلى حد الفطرة التي تجمع البشر جميعاً، فحينما تعمق `ليوناردو دافنشي` في مشاعره واقترب من فطرته المفطور عليها وهي حبه لأمه، فقد حمل لوحته الشهيره `الموناليزا` هذا الحب، ولأننا جميعاً مفطورين على حب أمهاتنا فقد أحببنا هذه اللوحة، وهذا ما وضحه الفنان من خلال دراسته لهذه اللوحه، لذلك فكلما تعمق الفنان بخبرته في فهم مشاعره، كلما تعمقت الكيفية التي يستخدم بها ألوانه ويصبح اللون في هذه الحالة موصلاً للمشاعر، فبقدر التعمق يحدث قدر التوصيل.
ويتحقق توصيل المشاعر من خلال اللون عن طريق رافدين أساسيين أولهما: تتمثل في الخطوة الأولى للممارسة الإبداعية وهي ترجمة المشاعر إلى علاقات لونية دون رسم أي شيء على الإطلاق، فقط توخي أقصى درجات الصدق في وضع الألوان على سطح اللوحة دفقة واحدة وبشكل حسي لا ذهني حتى تاخذ الألوان أماكنها كخمائر للأشكال، والرافد الثاني يتحقق من خلال وضع قوانين الأضواء والظلال المناسبة لخمائر الأشكال حتى تبدو في صورتها النهائية، والضوء والظل يعملان على تأكيد عملية التوصيل بإعتبار أن قوة تأثير اللون تتعمق بما يبثه من ضوء وبإعتبار أن الضوء هو المسؤول عن تحميل اللون المعاني المراد التعبير عنها .
`ثقافة ودور اللمسة:
إذا كان `فان جوخ` قد طوع (لمسته) لإنفعالاته ومشاعره إلا أنه ظل مرتبطاً بما هو مرئي أما `الاَنية` فهي تحرر اللمسه مما هو مرئي وتتعامل معها بإعتبارها وحدة حسية وجمالية في ذاتها جديرة بالإهتمام.
وتكمن أهميه اللمسة في إعتبارها البصمة الحقيقية التي يضعها الفنان على سطح لوحته، واللمسة بالنسبة للفنان كالكلمة بالنسبة للشاعر، فجماليات القصيدة ومعانيها تتحقق من خلال الكيفية التي يستخدم بها الشاعر مفرداته اللغوية، كذلك المصور فاللمسة بالنسبه له هي الكيفية التي يضع بها اللون على سطح لوحته، هذه الكيفية تتعدد وتتنوع وتختلف من فنان لاَخر، فقد تكون واضحة عند فنان ومستترة عند فنان اَخر حسب الهدف من إستخدامها.
وتتحدد سمات وخصائص اللمسة من حيث الشكل والحركة بدافع من المكونات المتنوعة التي ساهمت في بناء شخصية الفنان، كما تتضمن مردود الحياة بالنسبة له، وعندما يرسم الفنان لمسة تلو اخرى فإنه بهذا يسعى إلى تحقيق النمط او الأسلوب الفني الذي يبتغيه لبلوغ هدفه، ومن خلال الرحلة ما بين إستخدام اللمسه وبلوغ الهدف فإننا نتعرف على الجماليات والمضامين التي سعى الفنان إلى تحقيقها سواء كان ذلك مقصوداً منه أو غير مقصود، فالمقصود منبعه العقل والغير مقصود منبعه العقل الباطن، وكلاهما لهما أهميتهما في إستقراء العمل الفني للربط بين ما يبثه العقل من أفكاره وما يفرزه العقل الباطن من مشاعر بشكل تلقائي حسي.
مما سبق فإن جماليات اللمسة تتضح بدوافع إستخدامها سواء كانت دوافع ذهنية أو دوافع وجدانية، والفرق بين ما هو ذهني وما هو وجداني أن الفنان حينما يرسم ما يبثه عقله من أفكار فإن وجدانه يصاحب تقنيته المقصودة أثناء الرسم، أي أن العقل له الدور الأساسي في قيادة الممارسة الإبداعية، أما ما هو وجداني فالمقصود به أن يخضع الأسلوب في الأساس إلى ما هو تلقائي وحسي ولكن برقابة العقل.
فحينما أمسك بالفرشاة لتكوين اللون حسياً أشعر بتوحد كامل يجمع بين المشاعر والعقل والعقل الباطن وأنني أسمو فوق الذهنيه العقلية إلى ما أسميه الذهنية القلبية - إذا جاز التعبير- التي تحتوي كل هذا لتشكل حالة جامعة مفعمة بالمشاعر والحب الشديد وتسيطر على حركة الفرشاة الهفهافة مع كتم الأنفاس لوضع اللمسة سعياً لتحويل جزء من نور القلب الجمالي الى ضوء مرئي في اللوحه.
إن ثقافة المشاعر والحواس وثقافة اللمسة والصدق في التعبير عما يدور في داخلي ومن حولي منبعه تلك الحالة الجامعة وقدر الحب المتاح فيها للتعبير عن الشكل المرادف لها .
إن العمل الفني يتحقق من خلال دوافع متعددة منها ما هو ذهني وما هو نفسي، وقد يتقارب الشكل مع الدوافع وقد لا يتقارب ولكنهما لن يتكاملا.
ويجب أن نفرق بين تحقيق الهدف الشكلي في العمل الفني وبين تكامله مع الدوافع، فقد يتكامل مع دافع الفكرة ولكنه لن يتكامل مع بقية الدوافع خاصة النفسي منها، فالعمل الفني الناشئ بفعل الدوافع الذهنيه سيظل غير متكامل مع الدوافع النفسية، فالتقارب والتباعد بين الشكل والدوافع يمثل في حقيقة الأمر الفرق بين فنان واَخر بل وإتجاه فني واَخر لأن التكامل بين الشكل في العمل الفني وجميع الدوافع الذهنية والنفسية يعني ثبات التطور الفني وهذا لن يحدث، فتاريخ الفن بمثابه سلسله تترابط حلقاتها وكل حلقه فيها تمثل اتجاها فنيا يعتبر رد فعل لما قبله في بعض الاحيان، فالكلاسيكية فرضت قيوداً على حرية الفنان من أجل أن يكون فناناً كلاسيكياً، صحيح أن هذا قد تم بإرادة الفنان، ولكن هذا لا يعني أن فكرة التكامل التامة بين الشكل في اللوحة الكلاسيكية والدوافع جميعها قد تحققت، فالذي تحقق أن الشكل قد تكامل مع دافع الفكرة الذهنية فقط (فكرة العمل الفني) بدليل أن الفنان تمرد على الكلاسيكية لتظهر الرومانسية كرد فعل لها ومن المعروف أن الرومانسية أفسحت المجال للدوافع النفسية والوجدانية لأن تأخذ المقام الأساسي في العملية الإبداعية وهذا يعني أن الحرية تمثل عنصراً مهماً في عملية الإبداع الفني، فالفنان في حقيقة الأمر باحث عن الحريه، فبقدر التحرر يحدث قدر التكامل والاَنية تسعى لتحقيق هذا الهدف.
هذه رؤيتي الخاصة للإبداع في فن التصويرأقدمها للمجتمع وللثقافة ولأبنائي المصورين الشباب ولمن يريد منهم ان يصوروا لوحاتهم بهذا الفكر ان يقرأوا ويدركوا جيداً كل المعاني الوجودة فيه، فسواء كنت تشعر بالضغوط المجتمعية الموجودة الان او تشعر بالرفاهية فإنك تستطيع ان تشكل مشاعرك وفق مدخلاتك، فيقوم كل فنان بتشكيل مشاعره التي تمثل مردوداً شكلياً لهذه المدخلات، فنحيل الطاقة الداخلية الي طاقة إبداعية خلاقة. هذه أفكاري لعلها تكون مساهمة في افكار الاخرين انطلاقا من ايماني بأن الافكار تتوالد من بعضها البعض، فإصبروا فالأمر ليس هيناً فأنت تسعي لتشكيل انفعالاتك الخاصة بك انت فقط.


 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث