نزيه .. بين الممكن والمستحيل
- ذكرنى نزيه حين رأيته لبضع لقاءات قصيرة، بتلك الشخصيات الشكسبيرية المعذبة بين الجوّانى ، وبين الظاهر .
- منتظرا فى تلك المسافة المتوترة بين السؤال وبين الجواب ، مشدوداً على همس الصراخ فى حركة المجىء والغدو . حائرا بين ذلك الواقع الذى يستهويه فى لعبة الجمال الحى، وبين الممكن ، ومصاعب الغوص فيه وبين ( المستحيل ) الذى هو غاية الفن الفاعلة .
- فى السنوات الاخيرة أخذ نزيه يذرع المدينة واحيائها الفقيرة بحثاًً عن تلك الرزم الضوئية النابتة فى ألوان البسطاء والفقراء والباعة والمشترين وعالم الأسواق الشعبية، عن تلك الحركة الجسدية المعبرة فى حاملات الجرار، وباعة الحبوب، عن ذلك الفيض من الكبرياء القديم فى الملابس الشعبية المسدلة وقد حفلت بألوان الطيف الشرقى .
- استطاع نزيه أن يجمع الأنظمة البنائية فى مساحاتة، وأن يعيد توظيف ما يراه، وأن يخضع الواقع لنسقه الخاص وأن يحتفظ بتلك الشفافية الكاشفة عن النسيج المتواتر لعملية التلوين، وعن صكوك واضحة لفرشاة عفوية ومتأملة وأياً كان الامر ، فإن نزيه قد نجح فى اجتياز تلك المسافة الهامة التى تفصل بين السوقى وبين الرصين ، بين الابتزاز العمومى للأذواق، وبين التركيب العشوائى المباشر للعمل الجميل .
- واستطاع أن يكون حياً وصافيا حين جمع بين القرينين على نهج ، ونسيج متحد من غير خطوط فاصلة بين لواصق الأسطح .
- لون على سجيته المرسلة يحمل علة الطفل ، ومنظومة لبناء الطرح تحمل علته هو ذاته .
د / يوسف عصر