فى أعمال الفنانة لبنى زكريا سحر البدوية .. و ` نسائم الصحراء `
** لأكثر من 20 عاما والفنانة لبنى زكريا تحتفى بالطبيعة المصرية .. تتأملها وتتوحد معها وفى النهاية تشكل هذا الحوار الشاعرى الأخاذ والذى ينساب فى لوحاتها .. بلا حدود أو قيود.
وفى معرضها الذى أقيم بقاعة المركز المصرى للتعاون الثقافى الدولى بالزمالك وحمل عنوان نسائم الصحراء .. قدمت إطلالة جديدة على صور الحياة اليومية التى تدور بصحراء مصر .. هذا العالم الممتد بالرهبة والغموض والتألق الصوفى والذى تتنوع عناصره ورموزه من النخيل والأشجار والزهور والكثبان الرملية مع سحر المرأة البدوية والتى جعلت منها لوحات داخل لوحات بتلك الجلاليب التى تمثل قمة الابداع الشعبى والتى تحفل بالنقوش والمطرزات وجمال التشكيل من الزخارف بهيئة الزهور والورود والهندسيات **
* روح الحضارة المصرية
- وتعد أعمال الفنانة مزيجا من الفن الشعبى وروح الحضارة المصرية الفرعونية .. فهى تقدم وجوها تتألق بالاشراق فى نظرة جانبية وعيون لوزية تأخذ ملامحها من جمال كليوباترا ونفرتيتى لكن فى أداء عصرى وبتلخيص شديد .
- وما أجمل تلك اللوحة التى تتحاور فيها فتاة بلمسة الاشراق مع هديل حمامة بيضاء وكأنها تحكى لها عن أحلامها وتصغى إليها .. وهنا تتوحد جدائل شعرها مع صفحة الماء فى موجات زرقاء بين الأزرق الفيروزى والأزرق الداكن .
- ويمثل النخيل فى أعمالها ملحمة تصويرية .. أغنية بصرية صامتة مسكونة بالأناقة والشاعرية حيث تتعانق تيجان النخيل مع زرقة الأفق وتمتزج بالسحاب الأبيض .. وتتنوع الأشجار والشجيرات .. تتجاذب وتتقارب فى ألفة ومودة .. ويبدو قرص الشمس معلقا فى الأفق .. يضفى على الأشياء دنيا جديدة من الشجن والسكينة .. تتدرج من الأضواء الباهرة أعلى اللوحة .. إلى الظلال الناعسة تتخلل سيقان النخيل فى أسفلها .
- وفى لوحتها ` سوق العطارة ` تنقلها الفنانة لبنى إلى آفاق من التنوع والثراء اللونى مع قوة التعبير حين تصور النساء البدويات مع العطارة والتوابل يقمن بهذا النشاط هناك .
* نساء حالمات
- وتتعدد صور الحياة اليومية بالصحراء .. بين الشروق والغروب من الليل الذى يضفى السكينة والظلال على الأشياء والنهار الذى يملأ الحياة ببهجة النور وهالات الضوء والاشراق .. والبطل هنا نساء حالمات .. كل لوحة تعبير وكل تعبير ينقلنا إلى مساحة جديدة من هناك .. من عالم الصحراء .. وفى أعمالها تؤكد الفنانة على تلك الثنائيات من البدويات .. ولا شك أن لوحتها والتى تصور فيها امرأتين .. امرأة قادمة إلينا تبدو فى مقدمة اللوحة وأخرى تعطى ظهرها للمشاهد متجهة إلى عمق اللوحة .. إلى همسات النخيل والذى يشبه راقصات البالية .. يمتزج مع خفوت الألوان بزرقة الأفق التى تتوحد مع الأصفر الداكن فى الكثبان الرملية .
- وتستمد الفنانة لبنى زكريا عالما جديدا من وحى النقوش والزخارف التى نطالعها على أطباق القش وأغطية الرأس والجلاليب .. عالم من النقوش والزخارف ينتمى للإيقاع الهندسى .. يجمع بين التشخيص والتجريد وبين التلخيص الشديد والتنوع عناصره وحدات هندسية للمربع والمثلث مع تيجان النخيل التى تتعانق وتتنارى وتتقارب .
- لقد نقلتنا فى أعمالها إلى سحر الحياة .. وسحر المرأة بالصحراء وجسدت لوحات تموج بالسيمفونيات اللونية التى ما إن تهدأ حتى تتصاعد من جديد .
- ولبنى زكريا دكتوراه فى الفنون التطبيقية .. وأقامت العديد من المعارض الخاصة بمصر وباريس مع مشاركتها فى المعارض الجماعية بكل من مصر وإيطاليا وفرنسا والإمارات العربية .
تحية إلى لمسة النور والبهاء والاشراق .. فى لوحات جاءت أغنية بصرية طويلة تشدو بصحراء مصر .
بقلم : صلاح بيصار
مجلة حواء - 2007